Business

أولادنا في العشر الأواخر من رمضان

ألا إن لله في دهره لنفحات، فليست الساعات ولا الأيام ولا الشهور سواء، فبين الساعات ساعة الإجابة يوم الجمعة، وليس الليل سواء فثلثه الأخير تُجاب فيه الدعوات وتعطى فيه المسائل والحاجات، وبين الأيام يوم عرفة من كل عام، ويوم الجمعة من كل أسبوع، وبين الشهور شهر رمضان، وبين الليالي العشر الأخيرة من رمضان.

وها هي العشر الأواخر تأتى بعد عشرين يومًا انقضت من رمضان، خير الشهور، حيث يكون أبناؤنا قد عاشوا أجواء الصيام والقيام والإفطار والسحور، وتعرضوا لنفحات رمضان وعلموا عنه بالمعايشة ما كانوا يجهلونه وعاشوا أجوائه الطيبة، وتنفسوها وتشبعوا بروائحها الطيبة، ورأوا حرص الجميع على الصيام والصلاة في المساجد، وطقوس الإفطار والسحور وتواصل الأقارب والخلان، واستمتعوا بطيب الدعاء وعمق التعلق بالله والرجاء، واستشعروا قيمة أيام رمضان ذات النفحات الخاصة والمحببة إلى قلوب المسلمين، فتعلموا حبه بالمعايشة والعمل والمشاركة الفعالة.

قبل الأيام العشر الأخيرة من الشهر الكريم، على الأسر الانتهاء من شراء ملابس العيد وتجهيزاته، وتِبيان ذلك للأطفال بأنه لا ينبغي أن تضيع دقيقة من الأيام العشر الأخيرة فيما هو ليس بعبادة، وإن كان الأفضل هو أن يتم الشراء مِن قبل رمضان وهذا ما تفعله كثير من الأسر.

وعلى الأسر خلال تلك الأيام العشر أن تتبسط في طعامها كي تتفرغ النساء للعبادة وتقل الإفطارات الجماعية، حيث في الأغلب يفضل الاعتكاف الجسدي والروحي، وهو أجواء معايشة، تخلق الوعي والشعور والاحساس بخصوصية تلك الأيام ولياليها المباركة لدى الطفل بشكل أعمق مما نتخيل.

ومن الضروري عمل توعية مسبقة للأبناء عن تلك الأيام وخصوصيتها، خاصة وأنه من الملاحظ أن كثيرًا من الأسر المسلمة تحرص على عمل توعية رمضانية لأطفالهم قبل قدوم رمضان، ويجلسون يتباحثون خطة رمضان والجديد الذي يرغبون في إضافته لجدول العام الجديد، لكن في الحقيقة قليلٌ مَن ينتبه إلى ضرورة عمل جدول للعائلة في العشر الأواخر، وبين القليل قلة من تنتبه إلى ضرورة تحديد برنامج خاص للأبناء في العشر الأواخر.

وبالنسبة للأبناء الكبار فإنهم نوعًا ما يشاركون في الاعتكافات، ويحددون اختياراتهم بأنفسهم بعد استئذان الأهل، وبعض الأولاد يحب أن يشارك الأب معتكفه كي يكون قادرًا على قضاء احتياجات الوالد من الخارج، والبعض يختار معتكفًا مع الأصدقاء بعيدًا عن الأب.

أما الأطفال الصغار، والذين قد اعتادوا الذهاب إلى المسجد مع الأب في الصلوات الخمس وصلاة القيام، فإنهم فجأة وجدوا الأب قد انقطع عنهم، وصنع لنفسه خلوة في المسجد لكي يتفرغ للعبادة، هنا الأطفال حتمًا يتساءلون وعلى من حولهم أن يشرح لهم ويبين لهم لماذا ترك الأب عمله وبيته ومعترك الحياة واعتكف في المسجد؟ وماذا يعني الاعتكاف؟ وكيف كان يعتكف الرسول ﷺ وأصحابه والتابعين؟ وما هي آدابه وأفعاله وأحكامه؟ وما ثواب ذلك عند الله؟

وهنا وعبر الحديث المباشر وعبر المعايشة، فإن الأطفال يتعلمون أن أيام رمضان غالية لكن الأيام العشر الأخيرة لها خصوصية، حيث تضاف إلى الصلوات الخمس وصلاة القيام- صلاة جديدة اسمها صلاة التهجد؛ وهي صلاة تسبق السحور وصلاة الفجر، وهي صلاة يمكن أن يشارك فيها الأم أو الإخوة الأكبر قليلًا، والذين يتحركون بين معتكف الأب وبين البيت.

في العشر الأواخر لا بد أن نكلمهم أن فيها ليلة القدر، خير من ألف شهر، ونحدثهم عن فضائل الليلة، وأنها ليلة يبحث عنها المؤمنون ويترقبونها بين الليال العشر الأخيرة، وأن الليال العشر الأخيرة لعظمتها ومكانتها عند الله أقسم بها الله تعالى في مطلع سورة الفجر في القرآن الكريم، وأن ليلة القدر خير الليالي على الإطلاق؛ لأن فيها أُنزل القرآن لأول مرة على رسولنا الكريم، أنزله الروح الأمين بأمر ربه على قلب نبينا الكريم ضياءً ونورًا وهدى؛ ليهدي البشرية ويُخرجها من ضلالها وظلماتها بعد أن كانت تائهة في الشرك والكفر والظلام.

علِّموهم أن خير الدعاء ما كان في تلك الليالي، وعلموهم الأدعية الموصى بها في تلك الأيام، ولا بأس بعمل رسائل يومية في مظاريف خاصة بالأيام العشر، ويكون في كل يوم دعاء ومعلومة جديدة عن ليلة القدر أو نزول القرآن أو أحداث حدثت في تلك الأيام.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم