Business

اقرأ وقم.. ثنائية بين العلم والعمل

  • دراسة خاصة للمنتدى الإسلامي العالمي للتربية

كانت انطلاقة هذه الأمة بـ{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق 1)، فأصبح العلم حجر الأساس الذي قامت عليه الإنسانيَّة، وهو ذلك السلاح الذي لا يمكن لأيِّ شيءٍ آخر مواجهته أو الحدِّ من مدى وقوَّة تأثيره، ثم لحقت بها: {قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (المدثر 2- 7) متتابعات علمية وعملية حُصرت هذه الأمة بينهما، حتى تعتني بالعلم أولًا ثم العمل، ولا يصلح علم دون تعزيزه بالعمل، فاستحقت هذه الثنائية التي أمر الله بها سبحانه نبيه محمد ﷺ.

إنَّ العلم هو بوَّابة المجد لما يحمله معه من رُقيٍّ وتغيير، ولما يحمله معه أيضًا من نهضةٍ يمكن لها أن تُحقِّق السُّلَّمينِ الاقتصادي ثم الاجتماعي لأيِّ جماعةٍ كانت ومهما كانت.

فالعلم في الإسلام لا يُراد مجردًا عن العمل منفصلًا عنه، إنّما العلم والعمل أمران متلازمان لا ينفكان أبدًا.

ولذا لا بُدّ من تنظيم العلاقة بين العلم والعمل؛ لأنّ التقصيرَ في أحدهما يسبّبُ الفساد، فالعلم والعمل كلٌ منهما سببٌ ونتيجة للآخر، والطريقة المثلى لتثبيت مفاهيم العلم وتطبيقها وإخراجها إلى النور هي العمل، فالمهندس، والطبيب، والمعلم، والمحامي وغيرهم يتلقّون العلم والمعرفة، ويجتهدون في فَهْم تخصّصاتهم، ثمّ يطبقون ما تعلّموه في ميادينِ العمل كي يبدعوا فيه وينفعوا البشريّةَ.

 

أمة العلم

إنّ العلم في نظر الإسلام ليس مجرد حشو للرؤوس بالمعلومات مهما تكن قيمتها، فلا يكفي فيها محض اكتسابها وتحصيلها بل لا بد لصاحبها من الالتزام بالعمل وبالقيم الخلقية التي يفرضها العلم على أهله، والتي جعلتهم أهلًا لأن يكونوا ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إنه يجب أن يتحول الإيمان والخلق الإسلامي إلى واقع حي يمارسه الناس وينتفعون به في صلاح أنفسهم ومجتمعهم، والعلم النافع هو الذي يُهيِّئ الإنسان الصالح لاكتساب المهارات التي تعينه على المساهمة في عمارة الحياة وكسب عيشه، ولذا استعاذ الرسول الكريم من علم لا ينفع، ويجب على كل من تعلم علمًا أن يعمل به فلا يكذب قوله فعله، ولهذا وجب على الفرد المسلم الاهتمام بالتعلم، فللعلم أهمية في حياة الأمة ومنها:

  1. جعل الإسلام طلب العلم فريضة على كل مسلم، وذلك لأن العلم أحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها الدولة القوية وبالطبع فالدول التي يتسلح أبنائها بالعلم أقوى، وأفضل بكثير من غيرها.
  2. له دور فعال في زيادة إيمان الفرد بالمولى عز وجل، وتدبره في كل ما يدور حوله.
  3. الإنسان بحاجة إلى العلم لكي يقوم بتعمير الأرض كما أمرنا الله سبحانه وتعالى، ومن الضروري أن يكون على دراية كاملة بجميع العلوم المتعلقة بالاقتصاد والزراعة، والإدارة، وغير ذلك من العلوم، ولذلك نجد أن الإسلام لم يدعونا للاهتمام بدراسة العلوم الشرعية فقط بل دراسة مختلف العلوم الأخرى بما يعود في النهاية بالنفع على الإنسان، وعلى الدولة الأمة بأكملها.

 

يا أمة العمل

حث الله سبحانه الأمة المحمدية بالعمل فقال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 105)، كما رُوى عن النبي ﷺ أنه دخل المسجد يومًا فرأى رجلًا يتعبد إلى الله، ودخل مرة ثانية فوجده يتعبد إلى الله، فسأل ﷺ: «من هذا؟»، فقالوا: هذا فلان ولا يكاد يخرج من المسجد عبادةً وتقربًا إلى الله، فقال عليه الصلاة والسلام: «فمن يطعمه؟ من ينفق عليه؟»، قالوا: أخوه فلان يعمل ويطعمه، فقال النبي ﷺ: «أخوه خيرٌ منه» [رواه مسلم في الصحيح].

ولقد دعانا الإسلام إلى العمل، وأوضح ضرورته بالنسبة للإنسان، وللمجتمع بأكمله كونه هو الوسيلة للكسب الحلال، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بالسعي لطلب الرزق، وعدم التكاسل، والاعتماد على الغير، وللعمل أهمية منها:

  1. مساعدة الإنسان على قضاء حاجاته، وعدم الحاجة إلى الغير.
  2.  انشغال وقت الإنسان بكل ما هو مفيد، وهذا ما يحميه من ممارسة الأنشطة، والعادات الغير مستحبة التي قد تضر بمستقبله.
  3. مساعدة الدولة على تحقيق الرخاء الاقتصادي، ورفع مستوى المعيشة.

ولذا حث الإسلام على إتقان العمل التمسك باللوائح، والقوانين الخاصة به، والحرص على عدم مخالفتها.

ومن ثم تجلت الثنائية بين العلم والعمل في علاقة الترابط والتكامل، حيث أن العلم هو الحجر الأساسي الذي يعتمد عليه الفرد لكي يتقدم في عمله، وذلك لأن الإنسان كلما نجح في تعلم، واكتساب مهارات جديدة سيساعده ذلك على الترقي في العمل وهذا ما يكسبه مكانة مميزة، ويسهم أيضًا في بناء الأمم لأن الدول التي استطاعت الاستفادة من العلم، والعمل بشكل صحيح نجحت في تحقيق تقدم هائل في شتى المجالات.

 

واقع يحتاج علم وعمل

يعيش المسلمون اليوم واقعًا مريرًا، حيث تتهافت عليهم الذئاب وهم كالأيتام على موائد اللئام.

فأصبحت النعرات العرقية والقومية هي السمة العامة للأمة، وأصبح القوي والغني يكسر شوكة الضعيف والفقير، وأصبح شباب الأمة لا بين علم وعمل لكن بين مراقص وسهر.

أصبحنا كما قال سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: «مثل الذي يحمل العلم ولا يعمل به، كمثل الأعمى يحمل سراجًا ليستضيء به غيره».

ولذا حَرص السلف الصّالح عند العلم أن يكون العمل قرينه ورفيقه وقالوا: «غاية العلم العمل.. وإنّ العمل نتيجة لازمة للعلم».

 

أهمية العمل للفرد والمجتمع

  1. العمل يغني كل إنسان عن سؤاله الآخرين، ويجعل الإنسان أكثر اعتمادًا على ذاته دون حاجته لأحد.
  2. العمل يقوم بإكساب الفرد مهارات عديدة منها الحوار، والاستماع للآخرين.
  3. العمل هو السبيل نحو تحقيق الهدف فإن الفرد يقوم ببذل مجهودات قاسية، ولكن في النهاية سيجد أمامه ثمار ما بذله من مجهود عندما يشعر بأن له قيمة.
  4. العمل يحمي الإنسان من مشكلات عديدة ممكن أن يقع فيها بسبب البطالة.
  5. العمل يساعد الفرد على توظيف كل طاقته بطريقة صحيحة، وأيضًا هو يساعد في تنمية المهارات للفرد، وتنمية قدراته.
  6. العمل يقوم بالمساعدة في تنشيط الاقتصاد والعملة الشرائية داخل البلد.
  7. العمل يساعد في تحقيق النهضة، وتساعد في تقدم البلاد فإن السبب في رقي الشعوب ونهضتها هو أن الأفراد يقومون بالعمل بإخلاص باستمرار لارتقائها.
  8. العمل يساعد في نشر قيم سامية بين الناس فإنه يعزز من روح التعاون، ويساعد على الاندماج بين أفراد المجتمع.
  9. يساعد العمل في تخفيض نسب البطالة في البلاد، وبهذا نضمن خفض نسبة الجريمة، وكل المشاكل الأخرى.

 

غرس تربوي

الأمة لا ينقصها مقومات القوة، لكن ينقصها العزيمة التي تجعلها تخلع العبودية والتبعية من ربقتها، ولن يتسنى ذلك إلا بثنائية العلم والعمل، ولذا:

  1. العلم والعمل حَجَرَا الأساس لتطور المجتمع.
  2. العمل هو المصباح والمفتاح لتطور الإنسان.
  3. العلم هو الوسيلة لإتقان العمل.
  4. يعتبر العلم مقياسًا للحكم على العمل.
  5. العلم والعمل هم أدوات البحث العلمي الصحيح
  6. العلم والعمل هم سمات المجتمع الراقي المتقدم

 

للمزيد:

  1. عبير أحمد: عن أهمية العلم والعمل بالنسبة للفرد والمجتمع، لحظات، فبراير 2018م.
  2. محمد راتب النابلسي: العلم والعمل في ميزان الإسلام: موقع سيدنا محمد ﷺ، 21/6/2008م.
  3. أهمية العلم والعمل في الإسلام: المرسال، 4 مارس 2017م
  4. هناء ثابت: أهميّة العِلم والعمل لخدمة الإنسانية، الوعي الإسلامي، العدد 566، أغسطس-سبتمبر 2012م.
  5. عبد الحليم عويس: العلم والعمل دعامتا العمل الإسلامي، الألوكة، 25/4/2014م.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم