رمضان

رمضان على مائدة القرآن في بلاد الغربة

تحكيها حنان عطية

قبيل رمضان الماضي جاءتني جارتاي التركيتان فاطمة وكونجا، يطرقان باب البيت لدعوتي لحفل إفطار صباحي مفاجئ.. لحقت بهما ووجدت عددًا كبيرًا من الجارات بالحفل.. وكنت ضيفة الشرف.. وقد بدا الشوق لديهن لمعرفة طريقة تفكيري وحياتي.. وكنا غالبًا نتعامل بلغة الإشارة أو نلجأ إلي مترجم الهاتف.. حتى عرفت أن إحداهن وهي تركية من أصل أذربيجاني تعرف الإنجليزية؛ فلعبَت دور المترجم بيني وبينهن.

في الحفل حضرت زوجة جارنا عدنان.. وهي تركية مسلمة لا تعرف عن الإسلام أي شيء .. لكنها طيبة جدا ورقيقة بشكل غير عادي.. وكانت جاراتي التركيات يُعَلِّمنها بعض المعارف الأولية عن الإسلام وعن الله، وماذا يفعل لنا ولماذا علينا أن نعبده؟ وبدت أنها تستمع لهذه المعلومات للمرة الأولى وتتلقاها بكل ترحاب.. وكانت طيبة جدًا معي، وكلما مرت بجانبي ربتت علي ظهري وكتفي

أما فاطمة فقد كانت الأقرب.. شقتها بجواري.. زوجها أول من رحب بنا وهو تاجر يعرف مصر وليبيا جيدًا حيث تتوزع تجارته فيهما.. وهي أيضًا متدينة تلبس الحجاب الأسود الذي كانت المرأة المصرية تلبسه قبل ثورة 1919م.. وهي من القرية.. تعتني بتربية أبنائها تربية إسلامية جيدة، وهي وزوجها وأطفالها يحبوننا جدًا، وقد قال يوسف ابنهم يومًا لأحد الإخوة وكان صاعدًا معه في الأسانسير أنه يحبنا.

البيت كله يحمل الطابع العائلي، يحبون بعضهم، ويتعاونون، ويتبادلون أطباق الطعام الدوارة، أمهرهم في الطعام كونجا، لا حلّ لها، هي أمُّ الجميع رغم أنها ليست كبيرة، تعتني بهم وكأنها الأم.

لكن المهم، لماذا أنا في الحفل؟ في الحقيقة الحفل كان من أجل رمضان، إنهن يردن الاتفاق على برنامج لإحياء أيامه ولياليه؟ وقد كنت من حيث لا أدري جزءًا من خطة رمضان التي يعدونها.. فقد اتفقن علي ختم المصحف قراءة معًا في رمضان.. اتفقن أن يكون الجمع في شقة كونجا يوميًا في رمضان في الثانية عشرة ظهرًا، وأكون أنا القارئة، سألنني هل لديّ ما يمنع أن أكون معهم في تلك المقرأة؟ بالطبع لم يكن لي أن أقبل التواجد علي مائدة الطعام، بينما أتخلف عن مائدة القرآن، وهل يمكننا أن نتخلف عن هذا الشرف؟!

فعلا، الأتراك لديهم شغف كبير لمعرفة الإسلام والاقتراب، ويحسنون الظن بالعرب، وهذا يلقي علينا تبعات كبيرة إذ يجب أن نكون صورة مشرفة عن الإسلام بأن نصبح مربين رغمًا عنا، وهذا يلزم منه أن نكون أكثر حرصًا في تصرفاتنا فقد صرنا العنوان.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم