دخل التلفاز إلى الأسرة من بابها الواسع، مسيطرًا على أفرادها سلبًا وإيجابا ببرامجه المختلفة، لما له من ميزة الجمع بين الصوت والصورة والحركة والألوان، الأمر الذي جعله يحتل المرتبة الأولى من حيث المتابعة والمشاهدة خاصة مع فئة الأطفال الذين احتواهم بسحره وسيطر على عقولهم قبل قلوبهم، فكثرت الدراسات التى اهتمت بالدور السلبي للتلفاز وتأثير الإدمان عليه في جوانب الحياة الإنسانية العقلية والوجدانية والعقدية والاجتماعية وفي المنظومة القيمية بصفة عامة.
وفى دراسة بعنوان: «الإعلام التربوي والتعليمي- قناة طيور الجنة أنموذجًا»، للباحثة كريمة بوخاري، جامعة 20 أوت 1955-سكيكدة بالجزائر، اهتمت بتتبع الإعلام التربوي والتعليمي- قناة «طيور الجنة» أنموذجا؛ لمناقشة الأدوار الإيجابية التي يؤديها التلفاز في الساحة الاجتماعية للفرد والجماعة، من خلال مساهمته في تطوير المناهج الدراسية وترسيخ قيم اجتماعية إيجابية ترقى بالفرد والمجتمع، تأكيدًا منا على أن التلفاز وسيلة تربوية وتعليمية مهمة يمكن استثمارها واستغلالها في التنشئة الاجتماعية للطفل/التلميذ، لكن وفق خطط ممنهجة ووسائل محددة وغايات مبرمجة.
التلفاز بين السلبية والإيجابية
لقد سيطر التلفاز على الأسرة وأحكم سيطرته عليها ببرامجه المتنوعة، فأصبح هو المؤنس لجميع أفرادها بلا منازع ولا منافس، وأكد سيطرته على عقول الأطفال بدرجة أصبح معها يشكل أحيانا خطرًا على سلوكهم وانفعالاتهم وقدراتهم العقلية أو التحصيلية، إذ يقوم بأدوار تتراوح بين السلبية والإيجابية:
يعمل التلفاز على نشر بعض- إن لم نقل الكثير- المفاهيم والتصورات التي تتعارض مع العقيدة والأخلاق والقيم والعادات، كأفلام مصاصى الدماء والمتحولين والفضائيين، إضافة إلى مكوث المشاهد الساعات الطوال جالسًا دون حركة مما يكسبه عادة الخمول والكسل، ويشغله عن إنجاز أعماله وأداء واجباته، كما يؤثر على حاسة البصر بما يصدر عنه من إشعاعات تضعف البصر أو تسبب انحرافات له، وفي مجال آخر يدفع التلفاز المشاهد إلى العنف والقسوة وعقوق الوالدين والانحراف الخلقى، من خلال تلاعبه أيضًا بعواطف المشاهد وانفعالاته، إضافة إلى حرمان مشاهد التلفاز من ممارسة هواياته العقلية أو الجسدية، وانخداع الأطفال بمشاهد وهمية وخدع تصويرية كالطيران والسقوط دون أي خدش أو جرح، إلى غيرها من التأثيرات السلبية للتلفاز في الحياة الخاصة والعامة للأفراد والمجتمعات.
يجمع هذا الجهاز العجيب بين الصورة والصوت واللون والحركة، وهذا يعطيه فرص إضافية للتأثير في المتلقي، ويغني الناس عن الذهاب إلى أماكن أخرى قد تكلفهم جهودًا بدنية ومالية ووقت ربما لا يقدرون عليها، كالذهاب إلى السينما أو الملعب، هذا ويزود الناس بالثقافة والمعرفة والتعليم والوعي الاجتماعي والسياسى، إضافة إلى مناسبة برامجه لجميع المستويات الثقافية والبيئات الاجتماعية والمراحل العمرية، كما يوفر للمشاهد التسلية، ويثري أفكاره بأفكار جديدة ويجمع أفراد الأسرة في مواقع محددة من البيت، ويوفر محطات فضائية مختلفة الثقافات والاتجاهات مما ييسر حرية الاختيار والمشاهدة من البرامج الكثيرة المتنوعة.
الطفل العربي والانسلاخ الثقافي
يعيش الطفل العربي انسلاخًا ثقافيًا بين مواجهة ثقافات وحضارات وأنظمة فكرية تمرر عبر البرامج الإعلامية كالرسوم المتحركة والأفلام والمسلسلات الموجهة لمن هم في سنه أو في مرحلته العمرية، انطلاقًا من كون معظمها نتاج لثقافة غربية تختلف عن ثقافتنا أصولًا ومبادئًا وأهدافا وطرق حياة، والحل- يكمن بين أيدينا- يتمثل في إيجاد البديل ولا بديل لنا عن تربية ثقافية وطنية للنشء بصورة تكفل لهم ولاءهم لثقافتهم وتنميتها وتجديدها وفقا لمقتضيات العصر؛ ولترسيخ هذا البديل لا بد من استثمار الوسيلة نفسها لتحقيق هذه الغاية النبيلة استثمارًا لخصوصية التلفاز الفريدة بوصفه عالمًا حيويًا يجمع بين الصوت والصورة في أجواء حركية تفاعلية تسلب العقول قبل القلوب والألباب، من خلال تمرير خطابات تربوية تعليمية هادفة تؤثر في باني مستقبل الأمة، هذا المتلقي الذى يثق ثقة عمياء بوسائل التكنولوجيا الحديثة.
التلفاز التربوي والتعليمي- قناة طيور الجنة أنموذجًا
ترتبط التربية والتعليم عادة بفضاء المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية بالأساس، ومركز خبرة وتعليم أنشطة تشبع احتياجات التلاميذ المختلفة معنوية ومادية، بالإضافة إلى منحهم الفرصة لممارسة الأساليب الديمقراطية التي تساعدهم على أن يكونوا في المستقبل رجالًا ونساء أحرارًا، وتتشارك المدرسة في أداء هذه الوظيفة مع مجموعة من المؤسسات التربوية، تعمل جميعها متفرقة أو مجتمعة على إعداد التلاميذ وتشكيلهم وتطبيعهم بالصورة المثلى التي تخلق منهم مواطنين صالحين، وبالتالي فالمدرسة خطوة لا بد من تطويرها وتخطيط برامجها وأهدافها بما يتماشى والفضاء العام للدولة وطرق سيرها في ركب التطور والنمو.
يأتي التلفاز على رأس هذه القائمة المؤسساتية بمتابعة جماهيرية مستفيضة، سحرها بأبجدياته وخصائصه الجاذبة للطفل خاصة، وهو الذي يمضي الكثير من وقته أمام الشاشة الصغيرة من الصباح إلى المساء يستقبل عالمًا مختلطًا تتعدد ثقافاته ومشاربه، ويتفنن القائمون عليه في اختيار البرامج وعناوينها ومحتوياتها وصيغتها البصرية اعتمادًا على الصورة المرئية والحركية وإضافة إلى تعدد الألوان والأشكال والعوالم الداخلية بحثًا عن جذب هذا المشاهد/الطفل، إذ يقف التلفاز كوسيلة إعلام فاعلة وذات أثر شديد على الأطفال وهم ذخر الأمة وعدة مستقبلها، مما يدعو إلى رسم مستقبلهم لتعزيز إيجابيات التلفاز في حياتهم وتجنيبهم آثاره السلبية، وما يهمنا هو استثمار التلفاز كوسيلة تعليمية بامتياز لما يمتاز به من خصائص تجعل تأثيره أكثر قوة وأشمل تأثيرًا في بابه، بوصفها- الوسيلة- جزءًا من المنظومة الإعلامية العربية الموجهة للطفل قبل سن التمدرس وفي سن المرحلة الابتدائية أيضًا في قالب تربوي هادف وإن اختلفت وسائلها كما سنرى.
مفهوم التلفاز التربوي
لقد اهتمت الحكومات والمؤسسات الخاصة بالتعليم لأنه من مقتضيات التطور الاقتصادي والتنمية الشاملة لكل أمة، كما حرصت على تطوير آلياته ووسائله، فاستثمرت وسائل الإعلام من أجل تحقيق الصالح العام للفرد والمجتمع يأتي التلفاز كأبرز وسيلة تربوية تعليمية، حيث اتجهت الفضائيات العربية والغربية نحو هذا التوجه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فأما الطريقة المباشرة فتمثلت في تخصيص قنوات خاصة متخصصة تقع ضمن ما يسمى بالتلفاز التربوي.
وكما قلنا سابقًا فإن المدرسة لم تكن الوحيدة في مجال التربية والتعليم، بل شاركت التلفزة التربوية كوسيلة إعلامية في تحقيق هذا الهدف، بوصفها مجموعة من البرامج المتخصصة التى يعرضها التلفاز على الشاشة مباشرة أو من خلال أشرطة الفيديو، والتى تهدف إلى دعم المنهاج الدراسي المقرر لمختلف المراحل الدراسية، مما يساهم في التجارب العلمية عبر برامجه التى يمكن أن تعدها جهات مختصة وتبث على الشاشة ويشاهدها الطالب لمرة واحدة أو من خلال قيام المعلم بنقل الخبرات بواسطة أشرطة الفيديو التى يمكن أن تستخدم أكثر من مرة؛ وقد ساهم في اعتماد التلفاز كوسيلة تربوية تعليمية لأنه يعتمد على حاستي السمع والبصر بما يقدمه من صورة وصوت مما يؤثر على الناس ويجذب اهتمامهم له لأن الصورة والصوت يثيران مشاعرهم ويؤثران عليهم، وخاصة أن الحاستين اللتين يعتمد عليهما هما أهم الحواس التى يمتلكها الإنسان، إضافة إلى قدرته على توظيف الوسائل التعليمية من رسوم وصور وإخراجها على شكل برامج تعليمية متكاملة يتم عرضها على شاشة التلفاز.
وتجدر الإشارة إلى أن القنوات الفضائية التعليمية العربية تكاد تُعَدّ على أصابع اليد الواحدة تقف على رأسها القنوات التعليمية المصرية والتربوية السورية والتربوية العراقية، التى تقدم دروسًا على الهواء بصفة مباشرة أو مسجلة يقدمها المعلم أو الأستاذ شارحًا الدروس المقترحة في المناهج النظامية في المدارس والثانويات والجامعات بالتفصيل والتمثيل مستغلًا في ذلك الوسائل التعليمية التقليدية كالسبورة والطباشير والأدوات الهندسية المسطرة والكوس... الخ، فتعتمد مثلًا القناتين التربوية السورية والتربوية العراقية التواصل بين الأستاذ والطالب أو التلميذ عبر الهاتف في شكل سؤال وجواب، وشرح مفصل لما موجود في الكتاب المدرسي، وتعتبر قناة (طيور الجنة) من القنوات العربية ذات الملامح التعليمية وليست تعليمية بالأساس، فهي لا تقدم دروسًا ولا تشرح تمارين صعبة على الفهم، وإنما تقدم هذا في قالب مغاير لما عهدناه في المدارس أو في القنوات التعليمية العربية مستغلة دسامة الأنشودة وطواعية الرسوم المتحركة كما سنرى.
الدور التعليمي للأناشيد في قناة (طيور الجنة)
لقد عشنا مع الأناشيد منذ المراحل الأولى لطفولتنا؛ فكانت تسلينا وتمتعنا وفي الوقت نفسه تثري خيالنا وتنفعنا ونتعرف من خلالها على عوالم طبيعية وأخرى خيالية تسعفنا بمعلومات ومعارف كثيرة، وهذا ما ينطبق على ما تقدمه قناة (طيور الجنة) من أناشيد تقع ضمن ما يسمى بالأدب الهادف والشعر التعليمى الذي كتب فيه العديد من المبدعين العرب، يقف على رأسهم الشاعر سليمان العيسى بقصائده الموجهة للأطفال المتعلقة بمواضيع قومية ووطنية ومعرفية، فما السر الذي يقف وراء اعتماد هذه القناة الفضائية على الأناشيد، وفيما تتمثل فعاليتها؟ وآثارها على هذا المشاهد/المتلقي الطفل الذي سحره التلفاز وسلب عقله وقلبه معا؟ وما الذي أهل هذه الأناشيد أن تكون من بين أهم الوسائل التعليمية التى تحقق الفائدة وتثري وعي الطفل والتلميذ على حدٍ سواء؟
ليس جديدًا البحثُ في البعد التعليمي للأناشيد أو للقصائد الموزونة، فهي موجودة في التراث اللغوي والفقهي العربي مع ألفية ابن مالك والأرجوزة وغيرهما من القصائد التى تقدم علم النحو والصرف والفقه في قالب موزون مقفى يسعف المتعلم على سرعة وسهولة حفظ القواعد، مما ييسر عملية التعلم والتعليم، أما عن علاقة الأناشيد بالطفل فلأنها تعد (الوسيلة المثلى للوصول إلى عقول الصغار بغية تنمية القدرات، وصقل التفكير والتعبير وتحسين الأداء، وتنمية ملكة الإبداع والإحساس بالجمال والارتقاء بالمشاعر...)، لأجل كل ذلك اعتمدت الأناشيد كوسائط تعليمية تتيح للمتعلم /الطفل التعرف على العالم وتعلمه القيم وتشجعه على الاتصاف بها واعتمادها كسلوك مادي محسوس يظهر للعيان.
ومن أجل ترسيخ محتوى هذه الأناشيد قُدِّمت في قالب موسيقي، ذلك أنه مع التنغيم يجد الطفل في نفسه هوى وقبولًا، مما يحسن معه استغلال قناة (طيور الجنة) لهذا الميل الطفولي للموسيقى وتزويده برصيد معرفي ولغوي متنوع يوفر للمادة اللغوية والمعرفية المقدمة عنصر الجاذبية والتشويق من وجهة نظر الطفل، وعليه فقد تم استثمار الموسيقى لتنمية الحصيلة اللغوية للطفل وللتلميذ واكتسابه لقاموس لغوي متنوع، يتيح له فيما بعد الفهم والإفهام في المراحل المدرسية النظامية؛ فالطفل تهفو نفسه إلى حيث المتعة الوجدانية المتحققة من الموسيقى والإيقاع والمضمون والانسجام بين الأفكار بأهداف لغوية تربوية واضحة، وكلها آليات القصد منها هو التأثير في وعي الطفل /التلميذ.
نماذج تطبيقية من قناة (طيور الجنة) الفضائية
تؤثر الأناشيد وتجذب اهتمام الأطفال، وعليه يمكن استغلالها كمحفز للفعل وامتلاك القيم والأخلاق وإشاعتها بين هذه الفئة المهمة في المجتمع، لذلك اتكأت قناة (طيور الجنة) وقنوات عربية أخرى من بينها (كراميش وبراعم ومحبوبة) على تقديم الأناشيد الهادفة مشاركة منها في تربية الطفل العربي وتعليمه وتوجيهه الوجهة الراشدة من خلال المحتوى الذي تقدمه للأطفال:
- تعلم المعارف اللغوية: من خلال تعليم الطفل لمهارتي القراءة والكتابة مع أناشيد أهمها: أنشودة الحروف.
- تعلم المعارف العلمية والجسمية: أنشودة (الحواس الخمس) في لهجة / لغة شامية للبنان وسوريا والأردن،
// بطلع في عينيا وبتسمع بدينيا/ بشم الورد بأنفي وبذوق الطعم بلساني/ وبإيدي لمس لمسة هيدي الحواس الخمس. معتمدة على الصوت والصورة في تشكيل بصري ساحر في قالب صور متحركة.
- أناشيد تعلم القيم والأخلاق الإسلامية الصحيحة: مثل أنشودة (تحية الإسلام) لتعليم الطفل إلقاء تحية الإسلام، وأنشودة (سم الله) لتعليمه تسمية الله على الطعام والأكل باليمين؛ وأنشودة (ليش بتكذب يا وليد) للتوعية بحرمانية الكذب وخطورته وعواقبه، وأنشودة (بابا تلفون) لتوعية الطفل بخطورة الكذب كذلك؛ وأنشودة (حميدو) كعينة لطفل يسيء إلى الحيوانات، من خلال تقديم القط كنموذج عن الحيوانات الأليفة التى تعيش مع الإنسان، فقد مارس عليها (حميدو) العنف والضرب بالحجارة، لتنتهي بمقولة أمه (إرحم بيرحمو الله) إشارة إلى حديث الرسول ﷺ الذي رواه البخاري ومسلم عن حادثة الأقرع بن حابس التميمى، وهي دعوة إلى الرفق بالحيوان.
قناة (طيور الجنة) والرسوم المتحركة
اعتمدت هذه القناة على الرسوم المتحركة تبعًا للشكل المعهود لها، مثل إدخال عالم الحيوان والطبيعة بكل تفاصيلها كتشكيلات بصرية تتكلم وتتحاور، منها البطل الطيب ومنها العدو الشرير، لكن وفق رؤية تربوية هادفة تقف على مقاصد وغايات، فهى قدمت صورة الطفل الطيب الذي يلتزم بآداب أكل مثلًا كالبسملة والحمدلة وصورة الفتاة الشطورة، وأخرى للطفل المتهور الذي يسيء إلى غيره من البشر والحيوانات كالطفل (حميدو) الذي أساء إلى القطة وأذاها بالضرب، وأخرى للأرنب الذي لم يسمع كلام أمه في أنشودة (الأرنب والذئب)، وهي نموذج للطفل الذي لا يسمع كلام الكبار.
قيمة العمل في الرسوم المتحركة (النملة والصرصور) (النحلة):
تجدر الإشارة إلى أنن الرسوم المتحركة تحمل قيمًا ترتبط بأصول منتجيها ومبدعيها، وبالتالي فخطرها على أطفالنا كبير، لأنها تمرر هوية غربية مغايرة لهويتنا، فالكثير من الرسوم المتحركة الأجنبية أشاعت العنف البدني واللفظى بين الأطفال، إضافة إلى الهوية الجنسية والعلاقات بين الشباب ومفاهيم الآلهة وتعددها وقضية التحول من بشر عادي إلى كائن خرافي خارق للغاية له أسلحة فتاكة يقهر بها الأعداء والظالمين، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: المحقق كونان، ساسوكي وغريندايزر وسوبرمان الكابتن رابح وسندريلا وفلة والأقزام السبعة...الخ.
الرسوم المتحركة (الأرنب والذئب)، فتروي هذه الرسوم حكاية على ألسنة الحيوانات، ومن أجل التأثير في الطفل جعلت الأرنب يعيش مع أسرته في بيت مؤثث بأثاث البشر، والأم منهمكة في إعداد الطعام وهو يريد أن يخرج للعب لكنها تنهاه عن ذلك وهي تدرك السبب، لكنه لم يسمع كلامها ولم يأخذ برأيها فخرج فوجد الذئب بانتظاره وحاول أن يفترسه، ونجا الأرنب وعاد إلى حضن أمه باكيًا، والغاية منها احترام رأي الأكبر منه سنًا.
الرسوم المتحركة (النملة والصرصور)، وفيها دعوة إلى العمل والاجتهاد فتقدم شخصية النملة كنموذج للعامل المجتهد والصرصور للكسول المتخاذل، والطفل يختار بين الاثنين (العمل/ الكسل) من يكون إما نملة وإما صرصور إضافة إلى الرسوم المتحركة التي قدمت بها أنشودة (سم الله) فهي تشرح للطفل أوقات البسملة والحمدلة وآداب أكل بالصوت والصورة، فيحصل النفع والاقتداء ونستنتج من هذا أنه من اليسير أن نعلم الطفل قبح الأفعال كالكسل وعدم الإنصات لرأي الكبير من خلال رسوم متحركة بقص حكاية الأرنب أو الصرصور، فهذا البعد الأخلاقي الموجود في الرسوم يستطيع جل الأطفال استيعابه، فصورة بكاء الأرنب أو خجل الصرصور ستبقى في ذاكرة الطفل، وتبرز فيما بعد في سلوكياته إما سلبًا أو إيجابًا. وتعتمد الرسوم المتحركة في قناة (طيور الجنة) ما يسمى بالمعجم المصور في الكتب المدرسية، إضافة إلى تلك الرسوم المتحركة التى تحمل قيم حب الوطن واحترام الوالدين وفعل الخير...الخ
خِتَامًا نخلص إلى:
- الإقرار بأهمية الإعلام في حياة الفرد والمجتمع، خاصة إذا استخدمنا وسائله بتخطيط ومنهجية تفيد في تحقيق فعالية منتظمة عبر الصحافة والإذاعة والتلفاز والمواقع الإلكترونية.
- أن الإعلام التعليمى في الوطن العربي يكاد يعد على أصابع اليد الواحدة، أما في الجزائر فغير موجود إطلاقًا في صيغته المباشرة والمحددة كقناة إذاعية أو تلفازية قائمة بذاتها.
- أن التلفاز يمكن استغلاله كوسيلة تعليمية في المدارس ورياض الأطفال أو كقنوات تعليمية خاصة كقناة التربوية السورية.
- تجنب سلبيات التلفاز في مجال نشر القيم الاجتماعية السلبية من خلال ايجاد البديل، ذي الملامح الإسلامية الهادفة التى تستثمر هذا الشغف التلفازي عند الناس وعند الأطفال خاصة لتصحيح بعض القيم وترسيخ وتطوير بعضها الآخر.
- بإمكان قناة طيور الجنة الانتقال من تقديم مادة تعليمية بطريقة غير مباشرة إلى اعتماد الوسائل التعليمية المعروفة في سبيل تقديم محتوى تعليمى محدد المعالم والأهداف في لغة عربية يفهمها الجميع، عبر استغلال هذه المشاهدة الجماهيرية (من الأطفال) الواسعة.
- فيما يخص الرسوم المتحركة في قناة طيور الجنة، تبقى أفضل من غيرها تقدم للطفل العربي جزءًا من هويته الثقافية والإسلامية في أجواء حركية مفعمة بالألوان والإيقاع الجذاب.
- وإذ نتحدث عن الدور التعليمى لوسائل الإعلام لا يمكننا لأي سبب كان أن نغفل أهمية الوسائل التقليدية في التعليم فقيمة الكتاب المدرسى والمعلم لا تضاهيها قيمة هذه الوسائط البديلة.
.