لما كانت السنوات الست الأولى من حياة الطفل تعد من أهم فترات الحياة الإنسانية وأخطرها، كان اهتمام معظم دول العالم في إنشاء مدارس للأطفال قبل سن المدرسة وقد سميت برياض الأطفال، وهي مؤسسات تربوية تنموية لها دور هام في تنشئة الطفل وإكسابه فن الحياة باعتبار دورها هو امتداد لدور الأسرة، فالروضة توفر للطفل الرعاية بكل صورها وتحقق مطالب نموه وتشبع حاجاته وتتيح له فرص اللعب المتنوعة ليكتشف ذاته.
وقد سبق الغرب في العناية العلمية بتربية طفل ما قبل المدرسة بصورة فاعلة ومؤثرة أثمرت في تربية أجيال تلك المجتمعات وظهرت ثمارها يانعة بارزة، وربما تأخرت معظم المجتمعات العربية بعض الشيء في مضمار رياض الأطفال (أي من سن 3 أو 4 إلى سن 6) وهنا تعرض الباحثة زينب العريمية- أخصائية نفسية – ماجستير في الإرشاد النفسي، لتجارب تلك الدول في ذلك المضمار.
طفل ما قبل المدرسة في الولايات المتحدة الأمريكية
إن الاهتمام بتعليم أطفال ما قبل المدرسة في المجتمع الأمريكي مر بعدة مراحل تاريخية وخاصة فيما يتصل بالفلسفة التي تتحكم في تحديد أهداف هذه التربية التي تقدم لأطفال ما قبل المدرسة.
وإذا تتبعنا تلك الفلسفة وخاصة مع بداية القرن العشرين نجد أن التأثير الإنجليزي كان سائدا وهو الاهتمام الأساسي بالصحة ومراعاة قواعدها في كل ما يتصل بالطفل ابتداء من نظافته الشخصية وملبسه وغذائه وعاداته وراحته ولعبه، ثم تطورت الأهداف وتم إضافة بعد جديد لدور هذه المؤسسات في النمو الجسمي ومراعاة حاجات الأطفال مع وجود نظام تتابعي لنمو المهارات الحركية عند الطفل. ثم جاءت هاريت جونسون منادية بأن يكون الاهتمام بجسم الطفل أكثر من مجرد العناية بصحته والمحافظة عليها وإكسابه عادات صحية مناسبة.
وقد تأثرت مؤسسات تنشئة أطفال ما قبل المدرسة في الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية القرن الماضي بآراء العديد من المفكرين التربويين والفلاسفة الأوروبيين، أمثال جان جاك روسو، وفروبل، ومنتسورى وخاصة فيما يتصل بما قدموه من آراء فلسفية عن تربية الطفل والتي ركزت على أن الأطفال يتعلمون بالاحتكاك المباشر بعناصر البيئة، أو بمرورهم بخبرات يخرجون منها وقد اكتسبوا معلومات وعادات بأنفسهم ولم تعط لهم أو تلقوها من المدرسات أو غيرهم أي أن الخبرة المباشرة لها الأهمية بالدرجة الأولى.
وبعد مضي أكثر من ثلث القرن العشرين نجد أن جميع الأفكار والفلسفات تبلورت في فكرة واحدة وهي أن الطفل ينمو ككل، هو وحده، وهو كائن حر تام، له جسم وعقل ومشاعر، له أسرة وأصدقاء، وله اهتمامات وميول ورغبات. وعلى المدرسة في رياض الأطفال أن تتفهم كل هذا، وأن تعرف على وجه اليقين أن لكل طفل فرديته الخاصة به.
ويمكن أن نوجز أهم لاتجاهات السائدة للتربية في الولايات المتحدة في مرحلة ما قبل المدرسة فيما يلي:
- هناك تنوع واختلاف واضح في تربية طفل ما قبل المدرسة سببه الحرية التي تمنحها اللامركزية في التعليم.
- تعتمد تربية الطفل على قدراته، وما يتعلمه يعتمد إلى درجة كبيرة على ما يعرفه وما لديه من خبرات سابقة.
- التعليم فاعل ومؤثر، يراعي الفروق الفردية بين الأطفال، فكل طفل هو فرد مستقل بذاته وبشخصيته وبقدراته ومهاراته، له اهتماماته وميوله ومخاوفه ورغباته.
- كلما زادت دافعية الطفل ورغبته كان تعلمه أفضل.
.