الفكر التربوي الإسلامي هو نتاج لفهم الدين الإسلامي، وهذا النتاج هو عبارة عن تفاعل بين الإنسان وبيئته بمختلف صنوفها، وفهمه لواقعه وانعكاس ذلك في عصفه الذهني إزاء هذا التفاعل، وإلى ذلك أشار الأثر: «لكل مقام مقال ولكل زمان دولة ورجال»، والفكر التربوي الإسلامي زاخرٌ بآراء وأفكار الأعلام التي تفيد في الكيفية التي تمت بها معالجة الموضوعات الحياتية المتصلة بالتربية، وقد ظهرت هذه المعالجات في الكم الهائل من التراث الفكري المتصل بهذا السياق
وفى دراسة بعنوان: «معالم التربية في حياة الإمام مالك بن أنس وانعكاس ذلك على منهجه في التعليم»، للدكتور الشبلي محمد أحمد محمد الدرويش، أستاذ أصول التربية المساعد بجامعة غرب كردفان السودان، حاول الوقوف على حياة الإمام مالك وتتلمذه واجتهاده في طلب العلم، وسلوكه مع مشايخه من ناحية، ومن ناحية أخرى تحليل انعكاس هذه التربية على منهجيته في التعليم.
كما هدفت إلى تحليل سلوك الإمام مالك وأبرز القيم التي كان يؤمن بها في مسيرته بوصفه عالمًا عارفًا؛ وكيف أنه لم يجلس لتعليم الناس إلا بعد أن استوثق من علمه وتمت إجازته من قِبَلِ مُعَلِّمِيهِ؛ فهذه تعتبر رسالة في أصول التنشئة الاجتماعية ومواصفات المعلم التي تفيد من يسير على نهجها.
الإمام مالك
يعتبر الإمام مالك حجة في علم الفقه وعلم الحديث، وخير شاهد على نبوغه في علم الحديث سِفْرُه «المُوَطَّأ» الذي يعتبر من أصح الأسانيد؛ فقد أخذ الإمام مالك على عاتقه في تأليف هذا الكتاب ألا يأخذ الحديث إلا عن الثقاة من الرجال، يقول الإمام مالك: «لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول الله عند هذه الأساطين- وأشار إلى المسجد- فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لوِ اؤتمن على بيت مال لكان أمينًا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن».
فقد كان الإمام مالك شديد الحذر في أخذ وتدوين حديث رسول الله ﷺ، كما أنه كان شديد الحرص على اغتنام الوقت لتعلم الحديث؛ كيف لا والسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
وفي علم الفقه حسبه أنه الذي قيل فيه: «لا يفتى ومالك في المدينة»، وقد حدث أبو موسى الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: «يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة أو عالم أهل المدينة».
يعتبر الإمام مالك أحد أصحاب المذاهب الأربعة في التراث التربوي الديني الإسلامي، وبالرجوع لتأصيل هذه العبارة يلاحظ أنها تدل على جملة الأحكام والمسائل التي ذهب إليها إمام من الأئمة واستخلصها أتباعه من خلال قواعد الإمام وأصوله. فهو لم يصل إلى هذه المرتبة إلا بمجاهدة النفس والصبر على المشاق في سبيل التعلم والاجتهاد وصحبة العلماء لسنوات طويلة، فقد كان حضوره لمجالس العلم حضورًا جسديًا وذهنيًا؛ وكان يحفظ كل ما يُلقى عليه من حديث، والمتأمل في سيرته يلحظ أنه كان يعي كل ما يسمع أو يحفظ وقد اتضح ذلك في دروسه وفتواه.
إذن فقد وضع الإمام مالك لنفسه منهجًا منذ أن كان متعلمًا وقد سار عليه والتزمه حتى بعد أن صار عالمًا، وقد كانت له منهجيته في تربية الأجيال، فكل من كان يحضر مجلسه كان يتأدب بآدابه مهما علت رتبته ومكانته في المجتمع، وقد أوردت كتب التراجم وتلك التي تناولت الإمام مالك الكثير من المواقف التي تعضد ذلك؛ ومن الشواهد أنه جاءه فتًى من قريش يطلب الحديث، ولم يلتزم حدود الأدب في مجلس الشيخ، فقال له الإمام: «يا بني: تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم».
فعلى الرغم من أن الإمام كان فقيهًا وعالمًا بالحديث إلا أنه لم يغفل الأدب؛ فقد جعله مقدمًا على تلك العلوم، ولعل هذا يدل دلالة واضحة على أن الإمام مالك قد مزج بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية والتربية، بل إنه جعل السلوك التربوي أساسًا في تلقي العلوم الشرعية والدينية.
وبالنظر للتحول الكبير في الثقافة في عصرنا الحالي وما تعيشه الأجيال الحالية من غزوٍ واستلاب فكري؛ صار من الواجب وجود أرضية صلبة للانطلاق منها في تأكيد هوية الإنسان المسلم لئلا يذوب في ثقافة الغير، فلا بد من المزج بين الأصالة والمعاصرة وضرورة إيجاد استراتيجية للتكيف مع الثقافة الكونية، فهذا لا يتم إلا بالرجوع للتراث الفكري والتربوي الذي خلفه أولئك السلف، فلا بد من إعادة بعث للإرث التاريخي الفكري والديني والإفادة مما يحوي من جوانب إيجابية.
أصول مذهب الإمام مالك في التربية الاجتماعية
هنا لا بد من الإشارة إلى الأصول التي اعتمدها الإمام مالك في سبيل الفتوى، وإضافة أبعاد جديدة في نشر الفقه واستخلاص الأحكام الشرعية، فهو لم يصل إلى تلك المرتبة من الثقة في أقواله ونقله للحديث والافتاء في المسائل الفقهية إلا بالاعتماد على أوثق المصادر والمتمثلة في:
أولًا: القرآن الكريم؛ فهو يمثل الأصل ومنبع أحكام الدين الإسلامي، وقد جعل الإمام منزلة القرآن فوق كل الأدلة.
ثانيًا: السنة النبوية؛ فقد جعل منهجه فيها بتدرجٍ، فابتدأ بالمتواتر ثم المشهور فأخبار الآحاد التي توافق عمل أهل المدينة.
ثالثًا: عمل أهل المدينة؛ فقد قدمه على أخبار الآحاد لا سيما العمل المنقول عن الرسول، فهم بمثابة شاهد عيان على سلوك الرسول الهادي والمربي.
رابعًا: القياس ثم الاستحسان؛ وهو الاعتداد بالمصلحة الجزئية على حكم القياس. ثم يله المصالح التي لا يقوم عليها دليل.
خامسًا: سد الذرائع؛ وهو يشير إلى أن الذي يؤدي إلى الحرام يكون حرامًا، وأن الذي يؤدي إلى المصلحة يكون مطلوبًا.
كذلك من الأصول التي اتبعها الإمام في أخذه للسنة ما يلي:
- أنه كان يتحرى الدقة في رواية الحديث، فهو قد دأب على نفسه ألا يأخذ هذه الأحاديث إلا عن الثقاة فقط.
- تحرى الصدق في رواية الحديث، ودليل ذلك أنه قد صحب عددًا كبيرًا من العلماء ولكنه لم يأخذ عنهم.
- تعظيمه لحديث الرسول ودفاعه عنه، والشاهد على ذلك أنه كان يظهر بأحسن ما عنده من ملابس ويجلس لتعليم الناس حديث رسول الله ﷺ، إضافة إلى أنه كانت له قوانينه الخاصة في أخذ الحديث النبوي؛ فقد كان لا يأخذ الحديث إلا وهو جالس وفي هيئة تمكنه من وعي ما يسمع.
- تَحَرِّيهِ تمام العلم بما يفتى فيه من مسائل، ومن الشواهد على ذلك: أن رجلًا من أهل المغرب سأله عن مسألة كلفه بها قومه، فأجابه مالك: «ما أدرى؛ ما ابتلينا بهذه في بلدنا وما سمعنا أحدًا من أشياخنا تكلم فيها، ولكن تعود غدًا»، فلما رجع الرجل من الغد قال: «يا أبا عبد الله: تركت خلفي من يقول: ليس على وجه الأرض أعلمُ منك»، فقال مالك: «لا أحسن». فالإفتاء عنده بلاء وامتحان للعالم لا يقدم عليه إلا لإرشاد الناس في أعمالهم، وجعلها بقدر الإمكان مسايرة لتعاليم الدين الحنيف؛ فقد كان دستوره في الإفتاء الاعتقاد الراسخ، فهو القائل: «من أحب أن يجيب على مسأله فليعرض نفسه على الجنة والنار ثم يجيب».
- تجنب أصحاب الفرق والأهواء، بل وإن الإمام مالك طعن في آرائهم.
- نقل العلم عن طرق الرواية والاجتهاد في شرحه.
- إطالة التفكير وإمعان النظر في المسائل التي تعرض عليه، فهو الذي يقول: «إن هذا العلم دين، فلينظر الإنسان عمن يأخذ دينه».
القيم التربوية عند الإمام مالك
من خلال مراجعة الأدبيات التي كتبت عن الإمام مالك، يلاحظ أن هناك كثيرًا من القيم التي كان يعتد بها وقد تَطَبَّعَ بها فصارت تمثل المعيار الأخلاقي له، وهناك صفات أسهمت في أن يتشرب الإمام بتلك القيم، وأهم الصفات الشخصية للإمام مالك كما أوردها عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه (الإمام مالك بن أنس):
- السكينة والوقار.
- العكوف على الدرس.
- كره الجدل والصخب.
- كره المناظرة.
- ملازمة العلماء في سفره طلبًا للعلم.
- شدة الاعتناء بمأكله وملبسه ومسكنه؛ فهو على عكس ما يرى بعض الناس في هذا العصر أن ترك الأكل الطيب واللباس الأنيق والمسكن الحسن هي من باب الزهد، والرسول الذي يُحتذى به في الزهد كان يتخير أطيب الطعام، والأمر في كل ذلك لا لشهوة مادية في ابتغائه وإنما لأجل الروح.
- ملازمة الجماعة والتزام الحياد.
- الورع والتقوى.
ومن أبرز القيم الأخلاقية التي كانت تميز الإمام مالك بوصفه عالمًا ومربيًا الآتي:
- العمل بالعلم؛ فهو لا يخالف قوله علمه، وقد أثبتت هذه الحقيقة كل الكتابات التي تناولت التربية الأخلاقية للإمام مالك.
- صون نفسه عن الشبهات والمكروهات.
- التواضع.
- الاقتداء بالسلف الصالح.
- التحفظ من طلب التزكية والنعوت.
- المبادرة بأداء العبادات.
يلاحظ على هذه القيم أنها عينها القيم التي نادت بها التربية الإسلامية، وقد فصلها المربين إلى آداب لكل من العالم والمتعلم، وممن تناولها الإمام الغزالي في سفره «إحياء علوم الدين»، وابن جماعة وابن سحنون ومن المتأخرين ساطع الحصري كما تناول علماء المتصوفة هذه القيم في تربيتهم الأخلاقية.
معالم الفكر التربوي عند الإمام مالك
- تعظيم حديث الرسول ﷺ، فقد كانت للإمام مالك منهجية خاصة في التعامل مع أحاديث الرسول، ومن ذلك أنه كان إذا أراد أن يخرج ليحدّث الناس توضأ وضؤه للصلاة ولبس أحسن الثياب واعتمر قلنسوة ومشط لحيته. وعندما سئل عن ذلك قال: «أوقر به حديث رسول الله، ﷺ»، فهو يسلك هذا السلوك من باب التقوى المشار إليها في قوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}. وفي نفس السياق قيل إن الإمام مالك كان يغتسل ويتبخر ويتطيب عندما يخرج ليحدّث الناس بحديث رسول الله ﷺ وإذا رفع أحدهم صوته زجره.
- التعقل والتثبت في الحديث؛ قال أحد السلف ما رأيت أحدًا أعقل من مالك، فقد كان يلقب بِالثَّبْتِ؛ أي الدقيق في حفظه وروايته العدل في أخلاقه.
- إخلاص النية في نشر العلم؛ يرى الإمام مالك أن طلب العلم أفضل من سائر الأعمال شريطة أن تكون النية فيه حسنة، فقد قال مالك لابن وهب لما أن قام من مجلس الإمام لصلاة ركعتي سنة: «ما الذي قمت إليه بأوجب من الذي قمت عنه».
- لا يفتي إلا بما يعلم؛ فقد قال أحد السلف: سمعت مالكًا سئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري.
- اتصف مجلس الإمام مالك بأنه مجلس تربوي أصيل؛ فقد كان مجلس وقار وحلم، وكان مالكٌ رجلًا مهيبًا نبيلًا ليس في مجلسه من المراء واللغط ورفع الصوت، وقد كان إذا سئل أجاب سائله.
- تعلم الأدب عنده مقدّم على تعلم العلم؛ فقد أورد صاحب حلية الأولياء أنه جاءه يومًا فتًى من قريش يطلب الحديث ولم يراع الأدب المطلوب في مجالس الإمام وحلقاته الدراسية، فقال له: «يا بني تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم»
من ذلك نرى أن الإمام مالك قد استخدم أنجع أساليب التربية الفعالة التي توصل الرسالة التعليمية بين العالم والمتعلم ومن أمثلة ذلك:
- التربية بأعمال القلوب كالصبر والصدق والمحبة؛ فقد كان هذا نهج النبي في الدعوة.
- استخدم أسلوب البيان العملي في تربية طلابه كما استخدم أسلوب الحوار والمناظرة.
- استخدم أسلوب التربية بالموعظة الحسنة.
- استخدم أسلوب التربية بالأحداث، ومن خصائص هذا النوع من التربية الاستفادة من تجارب الغير.
- الربط بين العلم والعمل.
- استخدم أسلوب الترغيب والترهيب.
كيفية الإفادة من منهجية الإمام مالك في التربية لتنشئة أبناء المسلمين
لقد رسم الإمام مالك لنفسه منهجًا تربويًا غاية في الدقة مما جعله يكون أنموذجا في التأدب مع حديث رسول الله، فهو في منهجه اعتمد على أصول ثابتة قوامها الكتاب والسنة وعمل أهل المدينة ثم القياس. فهذه الأصول تمثل المنطلقات الأساسية التي يصلح من خلالها الإنسان المسلم دينه ودنياه، وقد وجدت هذه الأصول الاستعداد الفطري والفكري الذي ساعده على الاستفادة منها أقصى فائدة.
فالإمام في صغره كان يكره الجدل والمناظرة، ويحب السكينة ويعكف على الدرس المطمئن، وقد أخذ أدب التهيؤ للدرس منذ صغره؛ ومن ذلك ما يرويه الإمام مالك أنه قال: «قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم؟» فقالت: «تَعَالَ فَالْبَسْ ثياب العلم»، فألبستني ثيابًا مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها، ثم قالت: «اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه».
وقد كانت للإمام مالك همة في طلب العلم، فقد قال عنه ابن عيينة: «ما رأيت أحدًا أجود في أخذ العلم من مالك».
يمكننا أن نخرج من هذه المقتطفات ببعض الفوائد للعالم والمتعلم على النحو التالي:
أولًا: لا بد أن يعرف المربي صفات المتعلم ويشرع في تعليمه على أساسها.
ثانيًا: على ولي الأمر أن يشجع المتعلم على إجادة المساق الذي يدرسه.
ثالثًا: الأدب مقدم على العلم، وقد مرّ بنا أن والدة الإمام مالك قد أوصته بأن يأخذ من العالم أدبه قبل علمه؛ وهذا النوع من التعلم لا يتم إلا بالصحبة، وهي أسلوب من أساليب التربية كان وما يزال يثبت أنه الأنجح في نقل التربية عبر الأجيال.
رابعًا: لقد صحب مالك العلماء لسنين طويلة وهذه دلالة واضحة أن الإمام لم يُطِل صحبة هؤلاء العلماء إلا ليأخذ منهم أكبر جرعة من الأدب قبل العلم، ولو كان الأمر قاصرًا على العلم فقط لأخذه الشيخ في فترة وجيزة، وقد مرّ بنا في ثنايا هذه الدراسة أن الإمام مالك كان يحفظ كل حديث يُلقَى عليه، إذن يظل الأدب هو المحور الذي تدور حوله كل العلوم.
خامسًا: لقد أخذ الإمام مالك العلم من أكثر من مدرسة، فقد درس العلم على كم هائل من العلماء، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإنسان كلما جلس كلما عظمت فائدته، وكلما نَوَّعَ المعلمين كلما كانت حصيلته المعرفية والثقافية أكبر، بل ويتعرض لخبرات مختلفة تعينه على التصرف بحكمة في المواقف المختلفة؛ بمعنى أنه يستطيع أن ينقل أثر التعلم وتنشط في نفسه ملكة القياس والاجتهاد إذا لزم الأمر.
سادسًا: لقد التزم الإمام مالك بمتلازمة العلم والعمل معًا، فقد كان عالمًا عاملًا بعلمه، كما أنه كان يتمثل ما يعلمه للناس.
سابعًا: عدم القطع في الأمور، فقد عُرِفَ عن الإمام مالك أنه لا يقول هذا حلال وهذا حرام، وإنما يقول أكره وأستحسن في الأمور التي لم يرد فيها نص صريح، وقد ورد في ثنايا هذه الدراسة أن الإمام مالك يرى أن الذي يؤدي إلى المصلحة يكون مطلوبًا أو مستحسنًا، والعكس الذي يؤدي إلى الحرام يكون مكروهًا.
ثامنًا: مما تميز به منهج الإمام مالك تحري الدقة في رواية الحديث، وهنا رسالة تربوية لكل الأجيال مفادها أن نتحرى الدقة في أخذنا للعلوم بمختلف أنواعها.
نتائج هامة
- لكي يصل الإنسان إلى مبتغاه فلا بد أن يتحلى بالصبر، وقد اتضح ذلك في صبر الإمام على الفقر، وحدة بعض شيوخه، وصعوبة الأوقات التي كان يذهب فيها لتلقي العلم وتَحَيُّنِ الفرص للتحدث إلى شيخه منفردًا.
- كان الإمام مالك يعظم الحديث النبوي الشريف؛ فقد عهد على نفسه ألا يأخذ حديثًا من شيخ وهو واقف، فهو يؤصل لقيمة تربوية في غاية الأهمية.
- المتتبع لسيرة الإمام مالك يلاحظ أنه كان يدير وقته بدقة ووعي، فقد كان للدرس زمنه الخاص وللعبادة زمنها، وتذكر الشواهد أن الإمام مالك كان يقوم الليل وقد كان كثير الصلاة، ومع ذلك ملتزمًا بوقت درسه.
كانت للإمام مالك قيمه التي يؤمن بها والتي شكلت التربية الأخلاقية بالنسبة له ومن هذه القيم ما يلي:
- ملازمة الجماعة والتزام الحياد.
- الورع والتقوى.
- تجنب الجدل والمناظرة.
- الاعتناء بمأكله وملبسه ومسكنه، فهو يقتدي بالرسول في كل أمره.
توصيات
- لا بد من تركيز المناهج التربوية القائمة في المدارس على سيرة السلف الصلح، وضرورة قراءة ما وراء السطور في حياتهم.
- أن تقدم حياة الإمام مالك على وسائل التقنية الحديثة وفي صورة تتماشى وروح العصر؛ حتى تجد الأذن الصاغية والقلب الواع.
- عمل دراسة مقارنة للزهد عند الصحابة والتابعين وحال الزهد في العصر الحالي.
- أن يتم التركيز في العملية التعليمية على الأدب قبل التعليم، وهنا لا بد أن يكون المربي قدوة.
.