Business

التقويم التربوي بين الواقع والمأمول

إن المتعلم هو محور العملية التربوية، حيث أثرت وجهة نظر علماء النفس في توجيه التربية إلى الفهم الصحيح لنفسية المتعلم ودراسة شخصيته، والفروق الفردية بين المتعلمين في القدرات والمواهب والعوامل المؤثرة في تكوين الشخصية من جميع نواحيها.

يحتل التقويم مكانة كبيرة في المنظومة التعليمية بكافة أبعادها وجوانبها في مؤسسات التعليم العالي النوعي، نظرًا لأهميته في تحديد مقدار ما يتحقق من الأهداف التعليمية المنشودة، والتي يتوقع منها أن تنعكس إيجابيا على الطالب والعملية التربوية سواء، وفي إطار ما نسعى إليه وننشده من إصلاح التعليم من خلال تحسين مدخلاته وتجويد مخرجاته، فالأمر يتطلب ضرورة إعادة النظر في أساليب تقويم الطلاب كمدخل أساسي وضروري لأجل تحقيق الإصلاح التربوي والتعليمي في مؤسسات التعليم العالي النوعي، حتى يتفاعل المتعلم مع كل ما حوله من خلال محاولة اكتشافه وإعادة تركيب الصور الذهنية للمعاني مع محاولة فهم المعلومات.

وفى دراسة بعنوان «التقويم التربوي بين الواقع والمأمول في مؤسسات التعليم العالي النوعي»، للباحثتين د/خديجة عبد الله على بصفر، ود/عزة عبد النبي إبراهيم خليل، استعرضتا نظريات وأساليب لقياس وإدارة الأداء، فى محاولة لتغيير الفكر التقليدي في التقويم التربوي حيث أصبح التعليم قائم على مركزية المتعلم الذي يختلف عن المنهجية التقليدية في التدريس.

 

أهمية وأنواع التقويم في مؤسسات التعليم النوعي

يعتبر التقويم إحدى الفعاليات الأساسية في نشاط النظم والمؤسسات التعليمية، لضمان التأكد من سيرها في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافها، مما يزيد من فاعليتها وكفاءتها مع البيئة الخارجية، ويؤدي إلى تطورها واستمرارها، حيث يعتبر التقويم ظاهرة إنسانية فردية قبل أن تكون مؤسسية، ويعد التقويم كمفهوم عملي من المفاهيم الحديثة التي تعني «تحديد قيمة أو جدارة الشيء» ويتضمن الحصول على المعلومات اللازمة للحكم على قيمة البرنامج أو المنتج أو الإجراءات أو الأهداف أو الاستخدامات الممكنة لمجموعة الطرق أو البدائل المصممة لتحقيق أهداف محددة، ويعتبر التقويم هو الاتجاه الصحيح لتحقيق الجودة، وتعرف النوعية «بالجودة الشاملة» أي أنها أسلوب أو نظام إداري يهدف إلى زيادة فاعلية الأداء والإنتاج من خلال تطوير وتحسين العمليات والنظام القائم والمكون من مدخلات وسلسلة خطوات، ومخرجات مستخدما أسلوبًا علميًا مميزًا، بحيث يتم ذلك بمشاركة جميع العاملين في مؤسسات التعليم العالي النوعي.

إن إدخال مفهوم النوعية في مؤسسات التعليم العالي النوعي حدث غير عادي في مجال التعليم، فالتميز الأكاديمي في المخرج التعليمي، هو ما يسعى إليه الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لتحقيق الجودة، ولكن هذا لا يعني وجود اتفاق تام حول المقصود بمصطلح النوعية في مؤسسات التعليم العالي وقد تباينت نظرة العلماء حول طرق التقويم ونماذجه، حيث استفادت مؤسسات التعليم العالي من هذه الاتجاهات التقويمية التي يمكن استخدامها لتطوير التقويم الأكاديمي في الجامعات السعودية، كما أشارت خطة التنمية الضرورة لوضع المعايير العلمية الدقيقة والتقويم المستمر، من خلال تطبيق نظام التقويم العلمي العالمي بواسطة مؤسسات عملية عالمية معترف بها، وكذلك وضع بعض المعايير الدقيقة لتقويم أداء ونوعية أعضاء هيئة التدريس، فقد عرف أندروز التقويم بأنه العملية التي عن طريقها تعطي درجات أو معان ذات دلالات خاصة بالنسبة للبيانات المتجمعة من تطبيق وسائل القياس المستخدمة.

وعرف أيضًا بأنه عملية تخطيط للحصول على معلومات أو بيانات أو حقائق عن موضوع معين بطريقة عملية لإصدار حكم عليه بغرض التوصل إلى تقديرات كمية تسهم في اتخاذ أو اختيار القرار الأفضل، لأجل التطوير والتحسين ويتصف التقويم بالتعديل والتغير نتيجة لعمليتي القياس والتقييم رغبة في الوصول إلى الأفضل. هناك مصطلحان في اللغة أحدهما التقييم  والآخر التقويم وبهذا يمكن أن نحدد المعني الأول: التقييم على أنه تحديد القيمة والقدر، أما المعني الثاني: إجمالي المعني السابق بالإضافة إلى معاني التعديل والتحسين والتطوير، وفي إطارها هذا المفهوم تصبح وظيفة المؤسسات التعليمية، ليست قاصرة على الحكم على المتعلم بالنجاح أو الفشل، من خلال نظام الامتحانات التقليدي، لذا يمكن القول بأن التقييم هو مجرد إصدار أحكام، أما التقويم فيتضمن إصدار الأحكام مقترنة بخطط تعديل المسار وتصويب الاتجاه في ضوء ما تسفر عنه البيانات من معلومات، ولقد عانينا تربويًا من الاقتصار على التقييم كما يتمثل في الامتحانات النهائية التقليدية، والأصح أن نسعى إلى تحويل الوجهة إلى التقويم التربوي بمعناه الشامل وأن نهتم بالتدخل للعلاج والتطوير والتحسين.

إن إصلاح النظام التعليمي على مستوي برامج ومؤسسات التعليم العالي أصبح ضرورة ملحة الآن، وقد قام أبو حطب في عام 1998 في ندوة التعليم الجامعي والقرن الواحد والعشرين بجامعة عين شمس بطرح عدد من التحولات اللازمة في قطاع التعليم منها: ضرورة تحول التعليم من الجمود إلى المرونة، ومن التجانس إلى التنوع، ومن ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الإتقان والجودة، ومن ثقافة الاجترار إلى ثقافة الابتكار، ومن ثقافة التسليم إلى ثقافة التقويم، ومن السلوك الاستجابي إلى السلوك الإيجابي، ومن القفز إلى نواتج المرور بالعمليات ومن الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، ومن التعلم محدود الأمد إلى التعلم مدى الحياة، حيث إن مبادئ مؤسسات التعليم النوعي مرتبطة بفلسفة المؤسسة الخاصة، وبثقافتها التي تستخدم أدوات عملية لقياس المخرجات، إضافة إلى الآليات الإدارية المنظمة، فيتعاون الجميع لتحقيق رسالة المؤسسة، للوصول إلى إجابات جديدة للمشاكل التي يعانون منها، وإن تحقيق التعليم النوعي في المؤسسة الأكاديمية ليس عملًا صعبًا، ولكنه يحتاج إلى رؤية واضحة للتطوير من قبل جميع العاملين فيها من أعضاء هيئة تدريس وإداريين، فيعتبر ذلك جزء من المشاكل القائمة في المؤسسات التعليم النوعي يمكن تلخيصها، بأن أعضاء هيئة التدريس لا يعملون معًا لتحقيق أهداف المؤسسة الأكاديمية، ولا يعطون أهمية لعملية تقويم مخرجات النظام على كافة المستويات (المساق، البرنامج، الجامعة)، ولا يستخدمون البيانات التي تجمع باستمرار داخل المؤسسة لتطوير عمليات النظام وخاصة على مستوي الجامعة، ولإحداث تغير نوعي في مؤسسات التعليم العالي، لا بد من تغيير الثقافة السائدة في المؤسسة لتصبح ثقافة داعمة للنوعية ولمبادئها، إضافة إلى تغيير طريقة التفكير حول عمل المؤسسة لتحقيق الأهداف المرجوة.

أولًا: أهداف التعليم النوعي:

  1. إعداد مربٍ وفنانٍ ذو وعي بالتراث الإنساني القديم والمعاصر.
  2. إعداد خريج ناشط متمرس على القيادة التربوية والثقافية والاجتماعية.
  3. إعداد خريج لديه القدرة على الإنتاج الفني والتقني بما يخدم سوق العمل وتحقيق مردود تنموي واقتصادي.
  4. إعداد خريج ذو الخبرة في الحياة المعاصرة ثقافيًا واقتصاديًا.

ثانيًا: تعريف القياس والتقويم

القياس عرّفه ويستر بأنه: التحقق بالتجربة أو الاختبار من الدرجة أو الكمية بواسطة أداة قياس عيارية، فالقياس عمليةٌ نَصِفُ بها الأشياء وصفًا كميًا، أما التقويم فهو: العلمية التي تستخدم في نتائج القياس وتؤكد الباحثتان أن القياس والتقويم الفعال لتعلم الطلاب يحتاج إلى:

  • تبني استراتيجيه للتقويم تقوم على التكامل، الشمول، التنوع، الاستمرارية.
  • نشر ثقافة جديدة مناهضة للثقافة القديمة، لإقناع أولياء الأمور والمعلمين والطلاب بأهمية تطوير وتحديث نظام التقويم.
  • الحرص على تحديد نواتج التعلم والمهارات التي يجب على المتعلم إتقانها في نهاية كل صف دراسي أو مرحلة تعليمية، وتحديد علامات مرجعية ومؤشرات يمكن في ضوئها الحكم على نواتج التعلم ووسائل التقويم.

حيث أصبحت العلاقة والقياس تشتمل على أن القياس سابق للتقييم وأساس له، كما أن التقييم أوسع من القياس بكثير، فالقياس يتم باستعمال اختبار واحد فقط، أما التقييم فيلجأ إلى أساليب أخرى مثل السجلات القصصية، الاستجواب، قوائم التقدير، السجل التراكمي لآراء المدرسين وأدوات أخرى، ويعتبر من الأهداف الخاصة للتقويم وضع درجات للطلاب، ثم تقييم هذه الدرجات أي الحكم على مدى كفايتها لترفيع أو ترسيب الطلبة بموجبها، وتشخيص تعلم الطالب أي اكتشاف ما يعترضه من مشاكل وعقبات وذلك بواسطة الاختبارات التشخيصية، مع معرفة قدرة الطالب على التعلم، وكذلك اختيار الطلاب أو توزيعهم على مختلف أنواع الشعب المناسبة لقدراتهم وقابليتهم، وأيضًا تقييم المدرسين من قبل الإدارة، ثم تقييم المؤسسة التعليمية ككل لمعرفة أين يجب أن يحدث التحسين والتطوير، حيث يذكر أحيانا اصطلاح «التقويم» مرتبطًا مع اصطلاح «القياس» حتى يكاد يتبادر إلى ذهن السامع أنهما مترادفان، أو أنهما يؤديان إلى مفهوم معنوي واحد، مع أن بينهما فرقًا واضحًا، والتقويم التعليمي يمكن تعريفه بأنه تحديد التقدم الذي يحرزه الطلاب نحو تحقيق أهداف التعليم، وهذا التعريف يرتكز على محورين أساسين هما أن الخطوة الجوهرية في عملية التقويم هي تعيين الأهداف الجوهرية، وأن برنامج التقويم يتضمن استخدام إجراءات كثيرة، أما القياس التعليمي فهو وسيلة من وسائل التقويم، وهو يعني مجموعة مرتبة من المثيرات أعدت لتقيس بطريقة كمية، أو بطريقة كيفية بعض العمليات العقلية، أو السمات، أو الخصائص النفسية، والقياس يقيس الجزء بينما التقويم يتناول الكل.

فإذا كان القياس يهتم بنتائج التحصيل، فإن التقويم يتناول السلوك والمهارات والقدرات والاستعدادات وكل ما يتعلق بالعملية التربوية مرورًا بالمنهج والمعلم والتوجيه الفني... الخ، والقياس وحده لا يكفي للتقويم لأنه ركن من أركانه، فلا بد أن يكون التقويم عملية شاملة بينما القياس عملية محددة، فتقويم التلميذ يمتد إلى جميع جوانب نموه من قياس ذكاء وتحصيل وتعرف على عاداته واتجاهاته العقلية والنفسية والاجتماعية وجمع معلومات كمية أو وصفية لها علاقة بتقدمه أو تأخره سواء كان ذلك عن طريق القياس أو الملاحظة أو المقابلة الشخصية أو الاستفتاءات أو بأية طريقة من الطرق المستخدمة، حيث يهدف التقويم إلى التشخيص والعلاج، ويساعد على التحسن والتطوير، أما القياس فيكتفي بإعطاء معلومات محددة عن الشيء أو الموضوع المراد قياسه، وأيضًا يرتكز التقويم على مجموعة من الأسس مثل الشمول والاستمرارية والتنوع والتكامل... الخ، بينما يرتكز القياس على مجموعة من الأدوات أو الوسائط يشترط فيها الدقة المتناهية.

ثالثًا: أنواع التقويم في مؤسسات التعليم العالي

يصنف التقويم إلى الأنواع التالية:

  1. التقويم المبدئي أو القبلي، يقوم التقويم المبدئي على تعلم الطلاب لمحتوي منظومة تدريسية أو مقرر، أو وحدة لتحديد ما يتوافر لدى المتعلم من معارف ترتبط بموضوع التعلم بهدف الكشف عن حاجة المتعلم إلى تعلم مهارات أو متطلبات قبل البدء في دراسة موضوع ما، ومن أنواعه الاختبارات التشخيصية، القبلية... الخ.                    
  2. التقويم التكويني البنائي، يعنى التقويم التكويني البنائي استخدام التقويم أثناء عملية التدريس ويستهدف تحديد مدى تقدم الطلاب نحو الأهداف التعليمية المنشودة، وتقديم تغذية راجعة للمعلم عن سير تعلم الطلاب بهدف إعطاء مزيد من الاهتمام إلى تعديل في أداء المتعلم ويضم ثلاثة مراحل هي: جمع بيانات، تحليلها، ثم المراجعة والتنقيح خلال التغذية الراجعة.
  3. التقويم التجميعي، ويعنى الحكم على إحراز نواتج التعلم بهدف اتخاذ قرارات مثل نقل المتعلم إلى مستوى أعلى أو تخرجه، ويتم عادة في نهاية تدريس محتوى أو برنامج تعليمي أو في نهاية مرحلة ومن أهم أدواته المستخدمة ما يعرف بالاختبارات الختامية.
  4. التقويم البعدي، يكون التقويم البعدي بعد انتهاء البرنامج التعليمي وانقضاء فترة زمنية، قد تطول أو تقصر على انتهائه ويهدف إلى التحقق من مدى احتفاظ المتعلم وتطبيقه لما حصل عليه من تعلم وتتبع كفائتة والتعرف على مدى احتياجه إلى برامج تجديدية أو علاجية وتنموية... الخ.

رابعًا: تصنيف معايير التقويم

تصنيف معايير التقويم إلى الأنواع الرئيسية التالية:

  • قياس جماعي المرجع؛ يهتم قياس جماعي المرجع بتقويم أداء الطلاب على مقياس ما في ضوء أداء أفراد آخرين على المقياس ذاته.
  • قياس محكي المرجع؛ يستخدم قياس محكي المرجع لتحديد مستوى الفرد بالنسبة لمحك ثابت بمعنى تقويم الطالب وإنجازاته وفقًا لما يحققه من مستوى على المقياس دون مقارنته بنسبة تحصيله بزملائه.
  • قياس فردى المرجع؛ يقوم قياس فردى المرجع أساسًا على تقويم الفرد في مواقف متباعدة لقياس التغير الذي يحدث في بعض خصائص الفرد ومدى تقدمه من بداية التعليم إلى الوقت الحالي هناك إعداد كثير من أساليب القياس أو التقويم التي يمكن استخدامها لتقدير تحصيل الطلاب في المراحل المختلفة، ومنها الاختبارات مثل اختبار المقال، اختبار الصواب أو الخطأ، اختبار التكميل أو ملء الفراغ، اختبار المزاوجة، اختبار إعادة الترتيب، اختبار التصنيف الاختبار من متعدد، الملاحظة، مقاييس التقدير، سلامه التقدير والمراجعة، المقابلات، عينات العمل، ثم سجلات الحوادث القصصي، ومن أهم سمات التقويم الجيد: التنسيق مع الأهداف الشمول، الاستمرارية، التكامل، التعاون، لكي يبني التقويم على أساس علمي، أن يكون اقتصاديًا وأيضًا أن تكون أدواته صالحه.

 

واقع التقويم الحالي بمؤسسات التعليم العالي النوعي

إننا جميعا نقوم بتطبيق نظام التقويم الحالي للمتعلم الذي يقتصر على الامتحانات النهائية أو الاختبارات والحكم عليه بالنجاح أو الرسوب، وهذا النظام يخضع لمنظومة خطية تكون العلاقة بين المكونات علاقة التتابع أو التوالي، فالمكون الأول وهو الأهداف التعليمية يتلوه مكون تنفيذ العملية التعليمية ثم مكون الحكم على نجاح العملية التعليمية بالنجاح أو الفشل، فالمتعلمون الذين ينجحون قد ينتقلون إلى مرجع أو يتوقفون عن الدراسة بسبب الانتهاء منها، أما الذين يرسبون فقد يعيدون العام الدراسي نفسه مرة أخرى أو يتوقفون عن الدراسة بسبب استنفاد مرات الرسوب، لذا فنظام التقويم الحالي لا يصل إلى درجة التقويم بل التقييم ونظم الامتحانات الحالية أصبحت آلية وقديمة، حيث أنها تقيس قدرات الطالب في لحظة معينة أو تقيس قدرة واحدة من قدراته، أو جانب واحد من جوانب التعلم المعرفي وتتجاهل أنواع وجوانب وقدرات أخرى لدي المتعلم، والامتحانات الحالية (التقييم) هي امتحانات الفرصة الواحدة والوحيدة التي نحكم بها على الطالب، وهى أشبه بعملية فرز للطلاب أو رصد بهدف التسجيل ولا تسعى إلى تنمية أو علاج أو تعزيز للمتعلم، وهي تمثل محنة ومعاناة تصيب الطالب وأسرته بالتوتر.

أولًا: انتقادات التقويم التقليدي

قد وجه الخبراء المتخصصين عديد من الانتقادات إلى التقويم التقليدي من أهمها:

  • أنه يركز على مستويات معرفية (تذكر وحفظ) ويهمل المستويات المعرفية العليا.
  • عدم قياس قدرة المتعلم على تطبيق فهمه ومعارفه ومعلوماته في مواقف حياتية.

ثانيًا: أهم الانتقادات التي واجهت التقويم:

  • قلة الأدلة فيما يتعلق في أن هذا التقويم يحقق تمايزًا في قياس قدرات التفكير العليا.
  • المعلمين غالبًا ما يرفضون استخدام هذا النوع لما يتطلبه من جهد ووقت.
  • توضح نتائج استخدام هذا النوع من التقويم حدوث تفوق في المستويات العليا.
  • قد ظلت قضية الموضوعية تمثل صعوبة أساسية في هذا النوع من التقويم وأن تقويم المقومين لملفات الإنجاز للطالب تفاوتت درجاتهم حول الملف الواحد.
  • صعوبة عقد مقارنة بين أعمال الطلاب نظرًا لأن كل طالب يختار الأعمال التي يفضلها ولذا فالأعمال غير موحدة، ونتيجة لذلك لا تتحقق الموضوعية في تقدير الدرجات أو في عقد مقارنات بين مستوى الطلاب.
  • انشغال المعلمين بعمليات هذا النوع من التقويم يؤثر على اهتمامهم بالتدريس كما أن الوقت المستقطع في عمليات التقويم، يؤثر على عمليات التدريس بالإضافة إلى زيادة الأعباء على عضو هيئة التدريس دون مقابل أو معاونة.

ثالثًا: أسس التقويم

التقويم يقوم أساسًا على:

  • إجراء التقويم في ضوء الأهداف التربوية.
  • وضع البدائل والمقترحات لتطوير الجوانب المختلفة للمنهج، مع بيان وجهة النظر في البديل المفضل لمساعدة متخذ القرار.
  • الاهتمام بتقويم عمليات التفكير واستخدام حل المشكلات.
  • التأكيد على التطبيق في العالم الواقعي لما يحصل عليه من معارف ومعلومات.
  • التركيز على العمليات التي يستخدمها المتعلم لأجل الوصول إلى أفضل النتائج.
  • المتعلم ينبغي أن يكون نشيطًا وفعالًا في عملية التعلم ومشاركًا في عملية التقويم، مدركًا مدى ما يحققه من تقدم خلال عملية التعلم والتقويم هو العملية التي تستخدم في نتائج القياس.

عند نقد التقويم من خلال «الأسلوب التقليدي» استخدام الاختبارات الكتابية هو الأسلوب السائد في تقويم تحصيل الطلبة، ورغم كثرة استخدامه إلا أنه مازال قاصرًا على تقويم تعلم الطلبة الحقيقي، وهذا يرجع إلى أنه يقدم صورة ضيقة وسريعة عن تعلم الطلبة، فهو لا يبين ما يستطيع أن يقوم به الطلبة في الحياة العملية، إضافة إلى أن طريقة التقويم تضحي بخاصية الأصالة لأنها تختلف وبشكل ملحوظ عن الطرق التي يطبق بها الناس أشكال المعرفة في الخارج، ويقدم المعلومات عن تقدم الطلبة في شكل درجات، كما أنه يقتصر على مقارنه الفرد بغيره وإهمال معيار التقويم الذي يتحدد في الهدف التعليمي، والذي لا بد أن يحققه الطالب ويكون مضمونه بشكل عام يتركز في قياس قدرة المتعلمين على التذكر والاستيعاب وقليلًا جدًا ما يهتم بقياس المستويات العليا للتعلم «كالتفكير والتحليل والتقويم وحل المشكلات» كما أنه نادرًا ما يركز على قياس مستوى تقدم الطلبة في المجالات الوجدانية والنفس حركية والاجتماعية، وإضافة إلى ذلك فإن هذا النظام التقويمي قاصر عن إعطاء مؤشر حقيقي عن سير العملية التعليمية، فالتغذية الراجعة الجيدة مفقودة إضافة إلى وجود نقص كبير في المعلومات المستمرة المتعلقة بمتابعة تقدم الطلبة.

 

التقويم المأمول للمتعلم في مؤسسات التعليم العالي النوعي

واجه التقويم التقليدي بعض الانتقادات كرد فعل في ضوء العديد من المبررات التي تستوجب إعادة النظر في هذا النظام التقليدي للتقويم التي من أهمها ترسيخ ثقافة الإتقان والجودة مع التأكيد على الجودة الشاملة بالإضافة إلى التأكيد أيضًا على الشخصية المتكاملة للمتعلم ليكون التعليم متمركز حول المتعلم.

أولًا: مخرجات التعلم

تضم عملية تقويم مخرجات التعلم تحديد بعض العبارات لمخرجات التعلم المقصودة التي يجب أن تصف العبارات ما نريده للطلبة أن يعرفوه وأن يفهموه ويكونوا قادرين على تطبيقه عند التخرج، ومن المهم أن تحدد المخرجات على مستوى المساق، وعلى مستوى البرنامج، وعلى مستوى الجامعة وتكون مترابطة مع بعضها البعض، مع ملاحظة أن مخرجات تعلم الطلبة على مستوى البرنامج تضم مخرجات تعلم الطلبة على مستوى المساق، ومخرجات تعلم الطلبة على مستوى المؤسسة أعم وأشمل من التي هي في مستوى المساق والبرنامج في مهارات التواصل الكتابية والشفوية وهذا يعنى أنه لحدوث تعلم فعال ذو معنى لا بد من عضو هيئة التدريس أن يراعي ما يلي:

  اشتراك الطلاب في العملية التعليمية بصورة فعالة تتعدى كونهم مستمعين سلبيين والتركيز على تطوير مهارات الطلبة الأساسية وتنميتها من خلال ربط ما يتعلمه الطالب بما يعرفه، والتأكيد على مشاركة الطلبة الفاعلة في النشاطات والفعاليات الصفية من خلال النقاشات والحوار وطرح الأسئلة والإجابة عليها، واشتراك الطلبة في عملية التنظيم والتخطيط لعميلة التعلم، والحرص على إدراك الطلبة للأهداف المراد تحقيقها مع التركيز على المستويات العليا بالإضافة إلى ربط عملية التعلم بالبيئة المحيطة وبالطالب وبحياته، يسمى هذا النوع من التعلم «بالتعلم المرتكز على الطالب» والفرق بينه وبين التعلم المرتكز على المدرس كبير، فالتعلم المرتكز على الطلبة عبارة عن عملية ديناميكية نتائجها غير ثابتة وواحدة لجميع المتعلمين، فهي تتضمن معنى شخصي وغير موضوعي لكل متعلم، إنها ليست عملية قاصرة على جمع الحقائق وتخزينها لاسترجاعها لاحقًا لأنها عملية بناء للمعرفة الموجودة أصلًا وليست عملية تعبئة أوعية فارغة، إنها بكل بساطة العمل بين المتعلم وعضو هيئة التدريس معًا بدلًا من أن يعمل كل من عضو هيئة التدريس والطالب بمفرده، وترى الباحثتان أن النظرة الجديدة لتعلم الطلبة تتطلب نظرة شمولية ومتوازنة لعملية تقويمهم، فالشمولية هنا تعني أن تغطي عملية التقويم مدى التقدم الذي يحرزه جميع الطلبة من جميع النواحي كالأكاديمية والشخصية والاجتماعية، ولا بد لعملية التقويم الجيدة من أن تقدم معلومات شاملة عن تقدم الطلبة في كافة المجالات ولا تقتصر على تقديم معلومات مجزأة عن بعض الأنشطة والمهارات التي يقومون بها، وهذا معناه لا بد لعضو هيئة التدريس من استخدام أدوات متنوعة أثناء عملية تقويم الطلبة كاستخدام تقويم الأداء واستخدام ملفات الإنجاز أو حقائب العمل، والاختبارات بأنواعها المختلفة، وأدوات التقويم الأصلية.

ثانيًا: تطوير مؤسسات التعليم العالي النوعي

إن عملية تطوير الكليات النوعية في أي مؤسسة، تعتبر من مسئولية جميع العاملين في المؤسسة تحت قيادة داعمة، حيث ترتكز على بعض المخرجات أساسها الارتباط الواضح بين رسالة المؤسسة ورؤيتها، من خلال عمليات النظام ومدخلاته وبالمخرجات التي يمكن قياسها. إن إمكانية قياس المخرج وتقويمه باستخدام الطرق العلمية الدقيقة يساعد في تحديد المشاكل وتشخيصها، ووضع البدائل المناسبة واتخاذ القرارات الصائبة، ويعمل على تطوير مدخلات وعمليات النظام بشكل مستمر لتتلاءم مع رسالة المؤسسة المرتبطة بتحقيق التوقعات المرجوة من قِبل أفراد المجتمع والعاملين في المؤسسة، ولم يكن إدخال مفهوم النوعية في مؤسسات التعليم العالي حدثًا غير عاديّ بالنسبة لها، فالتميز الأكاديمي في المخرج التعليمي هو ما تسعى إليه الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في كل مكان.

هناك بعض الخصائص تميز التعلم المتمركز حول المتعلم على ما يلي:

  • إن المتعلمين يشاركون مشاركة فعالة لكي يتعلموا المفاهيم ويطبقوا المهارات ويتلقوا باستمرار تغذية راجعة بخصوص أدائهم.
  • إن المتعلمين يدمجون معارف المجالات المعرفة والمهارات العامة.
  • إن المتعلمين يطبقون المعارف والتغلب على المشاكل التي تواجهم.
  • إن المتعلمون يتحولون على نحو متلائم إلى متعلمين وأصحاب معارف يتميزون بالحنكة.
  • إن الأساتذة يقومون بالتدريب وتيسير الأمور تداخل عمليتي التدريس والتقويم.
  • إن الأساتذة يقرون بأنهم أيضًا متعلمون.

ثالثًا: جودة التقويم التربوي للتعلم المتمركز حول المتعلم

إن جودة التقويم التربوي لا بد أن يتجه إلى توضيح مدى تحقيق الأهداف المنشودة عن طريق قياس نواحي النمو العقلي والوجداني والاجتماعي للمتعلمين، وأن يزيد التقويم في إمكانية تحديد مشكلات التدريس والتحصيل ومن ثمة إدراك مواطن القصور ونواحي النجاح فيهما وأن يسهم التقويم التربوي في تحديد الآليات والإجراءات الوظيفية العاملة على تحقيق الأهداف باعتبار أن في التقويم علاقة بجميع عناصر المناهج لكي يكون التقويم التربوي شاملًا للموضوع المقوّم، حتى يتناول جميع عناصره المكونة وبيئته التي أوجدته، حيث يبدأ التقويم منذ تحديد الأهداف التربوية ويستمر مع كل درس ونشاط وتدريب، لتلافي نواحي القصور في العملية التعليمية، تؤكد الباحثتان إن النظرة الكلية لموضوع تعلم الطلبة في المؤسسة الأكاديمية متطلب أساسي لتطوير نوعية تعلمهم. فاهتمام أعضاء هيئة التدريس بمخرجات تعلم الطلبة على مستوى المساق، سيؤدي إلى تطوير مخرجات تعلم الطلبة على المساق ومستوى البرامج وعلى مستوى الجامعة، تؤكد الباحثتان لتعزيز عملية تعلم الطلبة وتحسين نوعية مخرجات التعلم، لا بد من البدء في عملية التحسين على مستوى المساق، ثم على مستوى البرنامج الأكاديمي، يليه مستوى الجامعة. إن ربط عمليات التحسين بعضها ببعض من خلال تقويمها بشكل مستمر سيؤدى حتمًا إلى تغير نوعي في المخرج التعليمي. ويطلق على هذه العملية مسمى عملية تقويم مخرجات التعلم أو التقويم المرتكز على تعلم الطلبة، بأنها عملية ربط ومناقشة المعلومات التي يتم جمعها من أكثر من مصدر لتطوير فهم عميق لما يعرفه ويفهمه الطالب ويستطيع أن يقوم به بالمعرفة التي تعلمها كنتيجة للخبرات التربوية التي مرّ بها، وتكتمل العملية عندما تستخدم النتائج لتحسين عملية التعلم اللاحق.

تضم عملية تقويم مخرجات التعلم بعض العبارات المقصودة التي يجب أن تصف ما نريد للطلبة أن يعرفوه وأن يفهموه ويكونوا قادرين على تطبيقه عند التخرج، ومن المهم أن تحدد المخرجات على مستوى المساق، وعلى مستوى البرنامج، وعلى مستوى الجامعة وتكون مترابطة مع بعضها البعض، مع ملاحظة أن مخرجات تعلم الطلبة على مستوى البرنامج تضم مخرجات تعلم الطلبة على مستوى المساقات، ومخرجات تعلم الطلبة على مستوى المؤسسة أعم وأشمل من التي هي في مستوى المساق والبرنامج، والمثال التالي يوضح العلاقة بين مخرج تعليمي على مستوى المؤسسة ومستوى البرنامج ومستوى المساق في مهارات التواصل الكتابية والشفوية.

إن عملية تطوير النوعية في أي مؤسسة تعتبر من مسئولية جميع العاملين في المؤسسة تحت قيادة داعمة، وتركز على المخرجات، أساسها الارتباط الواضح بين رسالة المؤسسة ورؤيتها، بعمليات النظام ومدخلاته وبالمخرجات التي يمكن قياسها. حيث إن إمكانية قياس المخرج وتقويمه باستخدام الطرق العلمية الدقيقة يساعد في تحديد المشاكل وتشخيصها، ووضع البدائل المناسبة، واتخاذ القرارات الصائبة، ويعمل على تطوير مدخلات وعمليات النظام بشكل مستمر لتتلاءم مع رسالة المؤسسة المرتبطة بتحقيق التوقعات المرجوة من قبل أفراد المجتمع والعاملين في المؤسسة.

إن العقبات التي تحد من فاعلية تطوير البرامج الأكاديمية للتعليم العالي وهي على النحو التالي:

  • عدم التوازن بين النمو الكمي والكيفي.
  • ضعف الصلة بين برامج التعليم الثانوي وبرامج التعليم العالي.
  • تداخل مساقات بعض خطط الأقسام الأكاديمية.
  • عدم تنويع أساليب التدريس في التعليم العالي.
  • انخفاض الكفاءة الداخلية لنظام التعليم العالي.
  • ضعف نظام التوجيه والإرشاد لطلبة التعليم العالي.
  • قصور الارتباط بين البحث العلمي وقضايا المجتمع.
  • ضعف الترابط بين التعليم العالي ومؤسسات المجتمع.
  • افتقار عضو هيئة التدريس للإعداد التربوي.
  • عدم تغطية الدورات التدريبية في مجال التقويم لجميع أعضاء هيئة التدريس.
  • بعض مقترحات لعملية تقويم البرامج الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي، يبغى أن تنطلق من أسس عامه تشمل على مكونات البرنامج لأهداف، المحتوى، التدريس، أساليب التقويم، وتتضمن أيضًا عناصر مدخلات البرنامج ومخرجاته ودور البحث العلمي في خدمه المجتمع.

ترى الباحثتان أن الأسس العامة للقويم المأمول بمؤسسات التعليم العالي النوعي يجب أن تشتمل على ما يلي:

  • ضرورة اشتقاق الأهداف العامة للبرنامج من أهداف المجتمع وتطلعاته المستقبلية، وان تعكس هذه الأهداف سياسة الدولة وتوجهاتها للفرد داخل المجتمع.
  • ضرورة اشتقاق الأهداف الإجرائية السلوكية من أهداف البرنامج العامة لمؤسسة التعليم العالي النوعي.
  • أن يخضع محتوى البرنامج الأكاديمي إلى المراجعة الدورية المستمرة عن طريق اعتماد أسلوب التقويم البنائي المرحلي من أجل الجودة بمؤسسات التعليم العالي النوعي.
  • أن تتسم خطط الأقسام الأكاديمية بالمرونة، مع توصيف كل مقرر دراسي وتحديد عدد وحداته ومفرداته وأهدافه واعتمادها رسميًا من أصحاب القرار.
  • توفير الكتب المقروءة والمراجع والدوريات العلمية المناسبة لأهداف المقررات الدراسية ومراجعتها باستمرار بغرض تحديثها لمواكبة المستجدات.
  • أن تتيح الأقسام الأكاديمية لطلابها فرصة الاستزادة من المعارف والخبرات والمهارات التي تقدمها الأقسام الأخرى في الجامعة.
  • أن يكون عضو هيئة التدريس مؤهلًا علميًا ومهنيا لتدريس المقررات المسندة إليه، ومهتمًا بالبحث العلمي والتأليف والترجمة، ولديه مشاركات فاعلة في اللجان والتطوير والمشاركات في الندوات والمؤتمرات العلمية.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم