أكد د. نواف تكروري رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج أن الحرية أول عدة التحرير، وهي من أهم أسسه وأركانه؛ ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه.
وأوضح تكروري في كلمته تحت عنوان «آليات غرس قيمة الحرية وأثرها في صمود الفلسطينيين» والتي ألقاها بندوة «الإسلام والحرية» التي عقدها موقع المنتدى الإسلامي العالمي للتربية بمدينة اسطنبول أمس الأحد، أن القادة التابعين والمسيطر عليهم من أعدائهم لا يجلبون لشعوبهم حرية، لأن حرية شعوبهم تناقض مقاصد أعدائهم أصحاب الأمر والنهي عليهم.
وأشار أن الشعوب المستعبدة والمهانة والمحكومة بالنار والحديد والقهر لا يمكن أن تحرر أرضًا ولا تدفع عدوًا، ولذلك لا بد للتحرير من الحرية ورفع الضيم وهذا ما يفسر وضع الربيع العربي وسيبقى خيره غالبًا.
واستدل بعبر من التاريخ؛ فعندما قال سيد عنترة له: «كرّ يا عنترة» قال له: إن العبيد لا تعرف الكر، وإنما هي للحلب والصر، فقال: «كرّ وأنت حُرّ» قال: الآن أكرّ. ولذا فحرية الإنسان وإحساسه بوجوده هو أعظم ما يمكن أن يكون عدته في تقديم الخير لغيره أرضًا وبشرًا وفكرًا ودينًا.
وبين أن رسول الله ﷺ ربى أصحابه على أن يكونوا أحرارًا، يقدموا ما لديهم بجرأة.. وقصة سواد في إحدى الغزوات خير دليل.
وأوضح أن الناظر من غير بحث طويل يرى صمود أهلنا في غزة في هذا الصراع الطويل دليل على أنهم عاشوا شيئًا من نسائم الحرية، الحرية قيمة من مجموعة قيم ساهمت بمجموعها بصمود غزة وانتصارها عدة مرات.
وأضاف أن الحرية في غزة لها مستويات متنوعة تتجلى فيها جميعا فهي تبدأ من رفض الاحتلال وتنتهي ببذل الروح، ومن مجالاتها في غزة:
- حرية دينية «مسلمون ومسيحيون يقاومون الاحتلال معًا ويحمون ظهر المقاومة».
- حرية فكرية «أفكار في حلبة الثقافة ولم تتحول إلى أعمال عنف إلا في حالات حاول فيها البعض فرض أفكار بالقوة».
- حرية سياسية «تنوع فصائلي كبير في جغرافيا صغيرة مثل غزة».
- حرية إعلامية «نقد علني للحكومة وإجراءاتها دون اعتداء على الصحافة والإعلاميين».
وأوضح أن أهم مظاهر الحرية التي عاشها الفلسطينيون:
- القرب من القيادة وعدم وجود فاصل بين القاعدة والقيادة.. بل الشعب والقيادة.
- عدم وجود منهج التقديس للشيخ والعالم مع وجود الاحترام والتقدير.
- تحرك الدعاة والعلماء إلى الناس وقربهم منهم باب من أبواب الحرية واسع.
- وجود إمكانية المعسكرات ووسائل التدريب للشباب مبكرًا تشعره بعزة القوة وتبني في نفسه رفض الضيم وقدرته على محاربة أسبابه.
- الجامعات وحلقات النقاش والحوار فيها ما فيها من الأفكار المختلفة ما يساعد الشباب أن يبنوا أنفسهم بناءً على قناعات وليس تبعيات. لذلك خرجت الجامعات مجاهدين مثل محمد صبحية رئيس مجلس الطلبة في جامعة النجاح الذي اعتقل 15 سنة، ومحمد الحنبلي، ورائد مسك.. وغيرهم الكثير.
- وجود الأحزاب والتنظيمات المتعددة وحاجة الجميع للشعب أورث له شيئًا من الاحترام والتنافس عليه- شعب مؤطر- تنافس على الإنجاز، وهذه حريته في فكره أدت إلى التنافس في الدفاع عن تلونه.
- إحساس الدعوة بأهمية الجيل، أورث اهتمامًا به وتقديرًا له وإحساسًا بضرورة استيعابه.. ومن ذلك قول الشيخ أحمد ياسين لليهود: «بيننا وبينكم الجيل القادم، فإن غلبتمونا عليه هُزمنا، وإن غلبناكم عليه أخرجناكم من أرضنا».
- لم يتمكن نظام استبدادي من الهيمنة عليه غزة طويلًا، لو استمرت السلطة بما كانت تريده لهدمت كل أسس الثبات والصمود في نفوس الناس.
- بناء الغيرة على العرض وهو ضرب من ضروب الحرية، ومن مظاهر ذلك حماية العائلات الصغيرة من العائلات الكبيرة.
.