افتتاحية ندوة «الإسلام والحرية» باسطنبول

افتتحت منذ قليل ندوة «الإسلام والحرية» التي ينظمها موقع المنتدى الإسلامي العالمي للتربية بمدينة اسطنبول، وذلك بمشاركة العديد من الخبراء والأكاديميين التربويين والمفكرين الإسلاميين.

وقد ألقى نص كلمة الافتتاح الكاتب والإعلامي الأستاذ/ عادل الأنصاري، رئيس تحرير الموقع.

 

نص كلمة الافتتاح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

لقد جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

بتلك العبارات الحاسمة والألفاظ الدقيقة المنتقاة وبهذه الرؤية الواضحة خرج فرد من بين المسلمين ليعلن مهمته ويلخص رسالته ويؤكد طريقته ومنهجه.

فهو يرى أن الإسلام لم يأت ليمكث الناس في الزوايا والمساجد وإن فعلوا،

ولم يأت ليقوم الناس الليل ويصوموا النهار وإن فعلوا،

ولكنه جاء في الأساس برسالة تحرر البشرية من العبودية لغير الله ومن الانقياد لغيره.

لقد لخص ربعي بن عامر الذي لم يذكره التاريخ من قبل ولا ذكره من بعد الرسالة التي جاء بها محمد بن عبد الله ﷺ وفهم محتواها وأدرك أهدافها ووعى مغزاها وأدرك منتهاها.

لقد أدرك كما أدرك غيره من المسلمين الأوائل أن هذا الدين جاء لينقل الناس من عبادة العباد إلى عبادة إله واحد نذل له ولا نذل لسواه، نسجد له ولا نسجد لغيره، نركع له ولا نركع لما دونه.

لقد أدرك ربعي كما أدرك كل المسلمين الأوائل أن بلال الحبشي أكرم عند الله وفي نظر المسلمين من أبي جهل ومن أبي لهب.

لقد أدرك ربعي ومن معه من المسلمين الأوائل أن سمية وياسر أحب إلى المؤمنين ممن ظنهم الناس سادة وكبراء وأغنياء.

لقد تربى ربعي ومن معه من المسلمين الأوائل على مائدة القرآن الكريم التي حذرت من فرعون وعمله ومن سانده وأيده من القوم الظالمين.

لقد أدركوا جميعا أن آيات القرآن الكريم تنزلت عليهم لتنصر المستضعفين حيثما كانوا وأينما وجدوا، وتدعوهم لمقاومة الظلم ومجابهة الفساد والاستبداد.

ولم تكن هذه الروح الإيجابية التي غرسها الإسلام الحنيف في نفوس أتباعه وجبل نفوسهم عليها وصاغ قلوبهم بها لتكون بعيدة عن استهداف المستكبرين ومكر المستبدين في كل عصر ومصر، فبذلوا جهدهم واستنفذوا طاقتهم في إضعاف هذه الروح وصرفها عن مرادها طمعا في أن يستعبدوا الشعوب ويستكرهوا الناس على عبادتهم من دون الله.

لقد بذل هؤلاء المستبدون جهودا مضنية لتغيير معالم الدين الحنيف ومحاولة تحجيمه وتقزيمه في أركان المساجد بعيدًا عن تلك الروح الوثابة التي تقاوم الظلم وترفض الاستبداد، ولكن بحمد الله تعالى ظلت الأمة على عهدها بدينها وإدراكها لحقيقته التي فهمها بها الأوائل من المسلمين لم يفرطوا ولم ينزلوا على رأي الفسدة والمستبدين ولم يهادنوا ولم يغيروا ولم يبدلوا: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} (آل عمران: 146).

وفي العصور المتأخرة مكر المستبدون مكرًا كبارًا، وعَتَوا عُتُوًّا كبيرًا، وبذلوا من الجهود الكثير وسعوا في صرف الأمة إلى مفاهيم محدودة للدين الحنيف، فتصدت لهم ثلة من المؤمنين حاربت الاستعمار تارة وقاومت الاستبداد تارة، حسبة لله واتباعًا لنهج المصطفى ﷺ وعملًا بصحيح الدين.

السادة الحضور الكرام

في ضوء هذه المعاني الربانية وتلك المفاهيم الواضحة الجلية نفتتح على بركة الله ندوتنا الأولى لموقع المنتدى الإسلامي العالمي للتربية حول موضوع الإسلام والحرية نستجلي خلالها تلك العلاقة الراسخة وذلك الارتباط الوثيق بين مفاهيم الإسلام ومقاصده عقيدة وعبادة وممارسة، وبين تحرر الإنسان من العبودية لغير الله والانعتاق من أسر البشر ومن حمأة الجاهلية.

ويشرفنا بالحضور في هذه الندوة نخبة من السادة العلماء والمختصين في مجالات الفكر الإسلامي والتربية والعلم الشرعي نقف معهم وقفات متأنية حول تلك العلاقة المفصلية بين الإسلام والحرية.

ويطيب لنا أن يكون معنا اليوم سعادة الدكتور عمر الفاروق قورقماز، مستشار رئيس الوزراء التركي.  وسعادة البروفسور أوزجان خضر. وسعادة الأستاذ صلاح عبد المقصود، الكاتب الإسلامي ووزير الإعلام الشرعي في جمهورية مصر العربية. وفضيلة الشيخ عبد الخالق الشريف، رئيس أكاديمية الشريف وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. والدكتور طلعت فهمي، رئيس مجلس إدارة مدارس الأقصى الدولية. وفضيلة الشيخ نواف تكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج. والدكتور الليث سعود، أستاذ التاريخ بجامعة صباح الدين زعيم. والدكتور توفيق زبادي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم. وفضيلة الشيخ سامح الجبة، رئيس قسم الدعوة بجمعية الحكمة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. والأستاذ محمد الفقي، البرلماني والكاتب المصري.

آملين أن تكون هذه الندوة باكورة لندوات أخرى تستجلي صفحات مشرقة من هذا الدين العظيم مما يتوجب أن نتربى عليها ونربي أنفسنا وغيرنا عليه

سائلين الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم