لقد أجمع الجميع (مؤيدون وخصوم) أن الأستاذ عمر التلمساني كان بحق رجلًا بأمة، أجمع الجميع على حسن خلقه وتصرفه في المواقف، وشخصيته العملية كداعية وقائد.
فهو المرشد الوحيد الذي خرج في جنازته آلاف من البشر اصطفوا في ميدان التحرير، كانت تتقدمهم الوفود الرسمية، على رأسهم الشيخ الشعراوي، وإبراهيم شكري، وممثل الكنيسة المصري، ورفعت المحجوب؛ وغيرهم من ممثلي الدولة والوفود الإسلامية، هذا غير محبيه من كل الطوائف والفئات، ومواقفه العملية خير شاهد على شخصه، ومنها:
وصل الأستاذ عمر التلمساني يومًا مكتبه الكائن في 1 ش سوق التوفيقية، ليجد عددًا من الإخوان ثائرون على مقالة كتبتها السيدة/ أمينة السعيد، تنال فيها من الإخوان المسلمين، وكان المقال هو الأول لسلسلة مقالات تعتزم أن توالى كتابتها في مجلة روزاليوسف الأسبوعية المصرية، وعندما جلس الأستاذ وعرف سبب هذه الثورة، أخذ المقال وقرأه كاملا، ثم اتصل هاتفيا وسمعه الإخوان يقول لمن على الطرف الآخر- السيدة أمينة- أنا عمر التلمساني، هل وقت سيادتك يتسع لأشرب معك فنجان قهوة؟ أين؟ متى؟ وما هو الوقت المسموح لهذا اللقاء؟ أشكرك أشكرك. وثارت ثائرة الإخوان وصاحوا قائلين: السيدة أمينة! تريد أن تذهب إليها أنت! وأنت رمز الإخوان!، لكن الأستاذ أصر على موقفه وأنه على استعداد أن يذهب لمناقشة أي منتقد للإخوان وتوضيح الصورة له مهما كلفه ذلك. وبالفعل ذهب وقابلها وتناقش معها.. وكانت نتيجة هذا اللقاء هو المقال الثاني للسيدة أمينة السعيد بعنوان (مقابلة كريمة مع رجل كريم) وصفت فيها علم وخلق وثقافة الأستاذ عمر ثم أوقفت السيدة أمينة سلسلة المقالات التي كانت تعتزم كتابتها ضد الإخوان.
حدث نفس الموقف مع الأستاذ إبراهيم سعده حين كتب مقاله الافتتاحي في أخبار اليوم عام 1984م تعليقا على دخول الإخوان المسلمون انتخابات مجلس الشعب في هذا العام على قوائم حزب الوفد وكان العنوان (أعداء الأمس أصدقاء اليوم) حمل فيه على الإخوان أنهم تخلو عن خطهم الديني بتعاونهم مع حزب علماني.
كما حمل على الوفد أنهم تناسوا خطهم العلماني بتحالفهم مع جماعة دينية واصفا هذا الموقف منهما أنه تغليب للمصالح على المبادئ الأصيلة. بعد نشر المقال مباشرة اتصل به الأستاذ عمر التلمساني وقام بزيارته في مكتبه بمبنى الأخبار، حيث استقبله الأستاذ/ إبراهيم سعده خير استقبال وبعد حوار ونقاش طويل. خرجت جريدة أخبار اليوم السبت التالي ومقالة الأستاذ إبراهيم سعده تحمل عنوان (مقابلة كريمة مع رجل كريم).. ليعطي بذلك أ/ التلمساني الإخوان درسا في التعامل مع الآخر.
- أمينة السعيد (مواليد أسيوط بصعيد مصر، 20 مايو 1910م، توفيت 13 أغسطس 1995)، كاتبة مصرية ومفكرة وروائية ومناضلة، ترأست تحرير مجلة حواء، والمصور، ومجلس إدارة دار الهلال، وكانت عضوة في مجلس الشورى في البرلمان المصري، وسكرتيرة للاتحاد النسائي، وكانت تسير على منهج هدى شعراوي في تحرير المرأة ومساواتها بالرجل وظلت تدافع عن هذا الحق حتى آخر حياتها، وكانت تطالب المرأة بالخروج من الثوابت عن طريق التحرر والمساواة في كل شيء.
- وُلد إبراهيم علي سعده في 3 نوفمبر عام 1937 في مدينة بورسعيد، بعد حصوله على الشهادة الثانوية، سافر إلى سويسرا حيث درس الاقتصاد السياسي هناك، وعاش 12 عامًا في أوروبا، وعمل مراسلا لصحيفة أخبار اليوم في جنيف، وعين رسميا في الجريدة من 24 إبريل عام 1962م، وظل يعمل صحفيا فيها بعد عودته للقاهرة حتى أصبح رئيسا لتحرير أخبار اليوم وصحيفة مايو.
.