مقالات وبحوث

توظيف الطاقات البشرية في الدعوة.. خطوات عملية

 

أوضحنا في الجزء السابق من هذا المقال أن الداعية الناجح يحتاج لطاقة ربانية حتى يستطيع أن يكون على قدر المسئولية الموكلة له، ونكمل الكلام بأن الداعية لا بد أن يكون على دراية ومعرفة أساسية بعوامل نجاح رسالته الإعلامية؛ حتى يحقق هدفه السامي، وهو وصول دعوته إلى الناس كافة.

 

عوامل النجاح

يمكن تلخيص أهم عوامل نجاح رسالة الداعية الإعلامية في إطار بُعدها التأثيري على المستقبل فيما يلي:

1- التناغم أو التشابه والمشاركة في الخبرات والصور لدى كلٍّ من المرسل (الداعية) والمستقبِل (الجمهور) بما يكفل فهْم الرموز ومعرفتها والاستجابة لها.

2- استثارة انتباه المستقبِل، واستعمال رموز مفهومة.

3- ربط الرسالة الإعلامية بحاجات المستقبل مع اقتراح حلول مشبعة لها، بشرط ألا تتنافى مع العادات والتقاليد والقيم والمعايير الاجتماعية.

4- مراعاة الحالة النفسية للمستقبِل، ومراعاة الدقة في اختيار الوقت المناسب والمكان الملائم والوسيلة المجدية حسب نوع وقدرة المستقبِل.

5- الاهتمام باستعمال الألفاظ وتقديم الصور التي يستطيع المستقبِل فهْمها والاستجابة لها حسب إطاره المرجعي وخلفيته الاجتماعية والاقتصادية.

6- التخلص من عوامل التشويش التي تقف في سبيل التفاهم بين المرسل والمستقبِل (ومن أمثلة ذلك صعوبة فهْم رسالة الداعية الإعلامية أو سرعة تقديمها أو انعدام وسيلة نقلها.. إلخ).

وممارسة الدعوة إلى الله- تعالى- من خلال التقنيات الحديثة والإنترنت خاصةً لا تحتاج لشهادات أو دورات معقدة؛ فلقد تعلَّم الكثيرون من الدعاة أصحاب الشهادات الشرعية الكثيرَ من وسائل وأساليب استغلال هذه الشبكة في الدعوة إلى الله في أيامٍ قليلة، واهتدى على أيديهم خلق كثير لا يعلمهم إلا الله.

فالإنترنت مثلاً في أحيان كثيرة ليس وسيلةَ احتكاكٍ مباشر بالناس، وهذا الأمر يعطي قدرًا كبيرًا من المرونة للدعاة؛ فالناس سيستفيدون من موقعك الدعوي والمعلومات المتوفرة فيه، وهذا أمر يختلف عن الشيخ الذي يجلس في المسجد ويعلِّم الناس؛ فإنه في حال سفره أو مرضه تنقطع الاستفادة من علمه، ثم أيضًا لو سألك إنسان بطريقة مباشرة عن حكم من أحكام الإسلام ولا تعرفه فتجيبه بعدم المعرفة، أما عبر الإنترنت والاحتكاك غير المباشر فإنه ينفع في إعطائك وقتًا كافيًا للبحث أو سؤال العلماء ثم الرجوع إلى السائل بالإجابة، وهكذا.


 

حقائق مهمة

هناك بعض الحقائق المهمة التي ينبغي أن نتَّفق عليها:

1- إنَّ المتأمِّل للواقع الحاليِّ يجد صراعًا حضاريًّا وثقافيًّا وإعلاميًّا يدور على الساحة لم يسبق له مثيل، وهذا الصراع لا يقلُّ خطورةً عن الصراع الاقتصاديِّ والعسكريِّ والسياسيِّ إن لم يزد عليه.

2- إنَّ الدعوة الإسلامية تحتاج بشكلٍ ملِحٍّ إلى داعية متميِّزٍ ومتعدد الوسائل والأساليب، وبرغم أهميَّة الوسائل التقليدية كالمسجد والدعوة الفردية في التأثير إلا أنَّ وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت والأقمار الصناعيَّة والفضائيَّات أصبحت ضرورةً مهمَّةً من أجل خدمة أهداف وغايات الدعوة الإسلاميَّة، وبالتالي فإنه لا غنى عن الوسيلتين معًا: (التقليدية- الحديثة).

3- إنَّ رسالة الإسلام عامَّةٌ إلى كلِّ الخلائق، وهذا يفرض على الداعية الشمول التامَّ في فهْم رسالة الإسلام أوَّلا، ثمَّ فهْم الوسيلة المستخدمة والمناسبة، ثمَّ فهْم مَن تُوجَّه إليهم هذه الرسالة.

4- إنَّ الإسلام دين متحرِّكٌ سيَّالٌ لا يعرف الجمود في مكانٍ ولا زمان، لكنَّ المشكلة في الأساس تكمن في المسلمين لا في الإسلام.

5- إنَّ الإسلام أعظم رسالة، ولا بدَّ أن تسُتخدَم من أجله أعظم الوسائل وأشدُّها تأثيرًا.

 

خطوات ومقترحات لا بد منها

أولاً: عقد دورات للدعاة حول استخدام التقنيات الحديثة، يكون من خلالها:

1- مسائل تأسيسية لا بد أن يتنبه لها الداعية وأن يمتلئ بها قلبه، مثل الإخلاص والصبر والاحتساب.

2- فهْم الواقع الذي يعيش به الداعية وطبيعة الناس الذين يدعوهم؛ حتى يكون خطابه ملائمًا لهم.

3- أن يتوفر لدى الداعية ثقافة جيدة واطلاع على ما يحدث في هذا العالم.

4- تدريب الداعية على المهارات والوسائل الدعوية خاصةً الحديثة منها، وكذلك استخدام مختلف التقنيات لتحقيق هدفه.

ثانيًا: التجديد في وسائل وأساليب الدورات من خلال آليات مقترحة، مثل:

1- إعداد مجموعات عمل في الدورة الواحدة، فيتم مثلاً توزيع بطاقات تحوي موقفًا تخيُّليًّا على كل مجموعة، ويتم مناقشة الأسلوب الأمثل للدعوة في مثل هذا الموقف، وحبذا لو كانت هناك إمكانية لتمثيل هذا الموقف بشكلٍ مبسط.

2- تدريب الدعاة على أن تكون لديهم خطة عمل دعوية واضحة في حياتهم، وألا يكتفوا برد الأفعال على المواقف التي تحدث أمامهم.

3- إعداد حلقات يتم من خلالها مناقشة قضايا مجتمعية وعالمية ودور الدعاة في معالجتها والتطرق إليها، وبخاصةٍ تلك القضايا التي لم يطرُق بابها إلا القليل؛ خوفًا أو حرجًا أو تناسيًا.

4- تنظيم ندوات يحضرها مجموعة من الدعاة العاملين أو المتخصصين في أحد العلوم، ويتحدثون عن ما يهمُّ المتدربين ويعرضون تجاربهم الدعوية.

5- تنظيم دورات تقنية مرافقة لهذه الدورة تهتم بتطوير مهارات الدعاة في استعمال التقنيات الحديثة في الدعوة، مثل الكمبيوتر، الإنترنت، الجرافيك، التصميم، وغيرها.

6- استثمار مواهب ومهن المتدربين في الدعوة إلى الله ومساعدتهم في ذلك، فتكون هناك جلسات بعنوان: كيف أدعو إلى الله من موقعي؟ أو كيف أوظف مهاراتي؟ ويمكن الاستفادة من المدونات على شبكة المعلومات الدولية.

7- يمكن اعتماد آلية “الرسائل المختصرة”- بالإضافة إلى قراءة الكتب- وهي رسائل تحتوي تلخيصًا لأهم النقاط التي يراد لفت نظر المتدرِّب إليها في الكتب المرشَّحة للقراءة، وفي مراحل متقدِّمة من الدورة يمكن أن يقوم المتدربون أنفسهم بإعداد هذه الرسائل وتبادلها.


الجزء الأول: توظيف الطاقات البشرية في الدعوة.. الوسائل

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم