Business

جوانب وأبعاد التربية الاقتصادية للشخصية المسلمة

 

يسعى كل مجتمع إلى تبنى نموذج مثالي للشخصية المعيارية التي يجب، ويحب أن يكون عليها غالبية أو كل أفراده، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، بحيث تصبح هذه الشخصية، بلغة علماء الإحصاء هى الشخصية المنوالية أي الأكثر شيوعا فيه، وهو ما يعد حينئذ، مؤشرا على نجاحه.

ومن المفترض أن تنجز هذه المهمة من خلال عملية يطلق عليها علماء النفس الاجتماعي التنشئة الاجتماعية ومن المتوقع في حالتنا كأمة إسلامية أن يشكل الإسلام الملامح الرئيسة لهذا النموذج المثالي، ومع اعترافنا بأنه ثمة بعض الفروق الثقافية غير الجوهرية عبر مجتمعاتها في هذا النموذج، والناتجة عن جوانب التفرد فى كل ثقافة فرعية فيها إلا أنها فروق تسعها المرونة المعروفة للحضارة الإسلامية، والتي جسدها فيما سبق، مدى تفهمها، بل وتقبلها، للاختلاف بين المجتهدين.

وفى دراسة للدكتور طريف شوقى فرج، بعنوان: (الأبعاد النفسية للتنشئة الاقتصادية) -23-، يطرح إطارًا تصوريًّا حول عملية التربية الاقتصادية للشخصية المسلمة من خلال مجمل مؤسسات التربية الاجتماعية، وتتمثل أهمية إلقاء مزيد من الضوء على تلك العملية فى أن القيام بها بصورة فعالة يعد شرطا أساسيا لحدوث التنمية فى أقطار أمتنا الإسلامية.

 

التنشئة الاجتماعية

و يعرف علماء النفس الاجتماعي التنشئة الاجتماعية بأنها: تلك العملية التي يكتسب الفرد من خلالها أنماطا معينة من الخبرات والسلوك الاجتماعي الملائم (معرفة، قيمًا، مهارات اجتماعية) أثناء تفاعله مع الآخرين، بهدف جعل الشخصية المعيارية التي يرتضيها المجتمع هي الشخصية الأكثر شيوعا فيه، أي أنها كما يشير سلامة، وعبد الغفار: تلك العملية التي يتحول بموجبها الفرد من كائن بيولوجي يعتمد على غيره متمركز حول ذاته لا يهدف فى حياته إلا إشباع حاجاته الفسيولوجية إلى كائن اجتماعي ناضج يدرك معنى المسئولية، وكيف يتحملها، ويعرف معنى الاستقلال، وإقامة علاقات متوازنة، ومتوافقة مع الآخرين.

ويشير الباحثون إلى وجود مؤسسات اجتماعية عديدة تقوم بأداء تلك المهمة الكبرى تتمثل فى الأسرة والأقران والمؤسسة التعليمية، والدينية، والسياسية والإعلامية، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن ثمة تفاوت فى الأهمية النسبية لدور كل منها، ومدى نجاحه في إتمام المهام المنوطة به عبر الأفراد فى مراحلهم الارتقائية المتنوعة فالأسرة، على سبيل المثال، أكثرها تأثيرا فى المراحل الارتقائية المبكرة، بيد أن تأثير المؤسسة التعليمية يزداد إبان مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة، فى حين يصبح الأقران أكثر تأثيرا أثناء مرحلة المراهقة، أما المؤسسات الأخرى، الدينية والإعلامية والسياسية، فإن تأثيرها يتراوح صعودا وهبوطا كنتيجة لعوامل متعددة عبر هذه المراحل. ولكن وعلى الرغم من اعترافنا بأهمية دور عملية التنشئة الاجتماعية فى صياغة شخصية الإنسان بشكل عام، والإنسان المسلم بشكل خاص، إلا أن لنا تحفظا رئيسا على أسلوب تناول الباحثين النفسيين لذلك الدور، حيث تعامل معظمهم معه بصورة إجمالية انصب فيها اهتمامهم على دراسة أبعاد عملية التنشئة الاجتماعية فى الأسرة، بشكل خاص، فى محاولة للكشف عن أساليب تعامل الوالدين، أو كل منهما منفردا، مع الأبناء وتوصلوا إلى مجموعة من الأبعاد القطبية قوامها: التقبل - النبذ، والتشدد - التساهل، والاتساق - عدم الاتساق، على الرغم من أن التنشئة الاجتماعية تتضمن عناصر فرعية أكبر بكثير من مجرد تلك الأبعاد الخاصة بتعامل الوالدين مع الأبناء، وهو ما لم يهتم به الباحثون النفسيون كثيرا.

ويرى الباحث أن التنشئة الاجتماعية كعملية كلية، بغض النظر عن المؤسسات التي تقوم بها، مثل المجموع الكلي للطالب محصلة لدرجاته فى مواد نوعية كثيرة، أى أنها نتاج لعمليات تنشئه فرعية متنوعة يشكل محتواها مجمل أبعاد عملية التنشئة الاجتماعية الإجمالية، ومن ثم فإن عدم فحص وتناول تلك العمليات الفرعية بشيء من التفصيل سيجعل من الصعب علينا فهم تلك العملية العامة بصورة دقيقة. ويفترض أن تتمثل تلك العمليات الفرعية فيما يلى:

- التنشئة المعرفية: ويتم فيها العناية بتنمية القدرات الإبداعية للفرد، ومهاراته الناقدة، والاستدلالية حتى يحسن استخدام قدراته المعرفية بكفاءة.

- التنشئة الوجدانية: وتهدف إلى حث الفرد، وتدريبه، على التحكم فى انفعالاته، وتوجيهها الوجهة المرغوبة.

- التنشئة الدينية: وتُعنى ببث الوعي الديني والتشجيع على الالتزام بالشعائر الدينية.

- التنشئة السياسية: ومناط اهتمامها تزويد الفرد بمعلومات عن الحياة السياسية وتبنى اتجاهات معينة حيال الأنشطة السياسية.

التنشئة الصحية: حيث ينصب التركيز فيها على صقل الوعي الصحي وتعويد الفرد على العادات الصحية والممارسات الكفيلة بالحفاظ على صحتة العامة، والتي لن تتأتي بطبيعة الحال إلا بعد تزويده بمعلومات كافية عن العمليات الفسيولوجية والحيوية داخل جسمه.

- التنشئة القانونية: وتهدف إلى تبصير الشخص بطبيعة القانون، وأهم قواعده، وسبل التعامل مع الآخرين وفقا لضوابطه.

- التنشئة البيئية: وتهدف إلى غرس الوعي البيئى لدى الفرد، وبيان أساليب التعامل الرشيد مع مفردات البيئة الطبيعية.

- التنشئة الاقتصادية: وتعنى بكيفية تعليم الفرد إدارة إمكاناته وموارده الاقتصادية، والتعامل مع الجوانب الاقتصادية فى حياته بكفاءة.

 

الأبعاد النفسية للتنشئة الاقتصادية:

1- إدارة الاستهلاك الرشيد:

من مظاهر الاهتمام بعملية التربية الاستهلاكية أن علم النفس أصبح يضم من بين فروعه فرعا جديدا يسمى (علم نفس المستهلك)، ومبعث ذلك الاهتمام أننا إزاء ثورة جديدة ارتبطت بالثورات التقنية، والمعلوماتية، والمالية قد لا تقل عنها عمقا وتأثيرا، ألا وهى ثورة التطلعات (الاستهلاكية) فالمجتمع يتطلع إلى مستويات المعيشة الأفضل، وما ينطوي عليه من أنماط استهلاكية ذات طبيعة ترفية، ومن المتوقع أنه بقدر ما فتحت ثورة التطلعات الأمل نحو المستقبل بقدر ما أثارت- وخاصة فى معظم الدول النامية- شعورا بالإحباط واليأس نتيجة العجز عن ملاحقة هذه المستويات العالية لظروف المعيشة.

وحري بالذكر أن الإسلام قد حرص على مساعدة الفرد المسلم على تبنى استراتيجية تيسر عليه التحكم فى تلك الفجوة وتقليل قوامها بالحض على الإنفاق المنضبط بمكوناته الثلاثة: الاستهلاكي، والاستثماري، والصدقى؛ ومما يبرز عناية الإسلام بقضية الاستهلاك المعتدل قوله تعالى فى سورة الفرقان (آية 67) فى وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا}، ونهى رسول الله الكريم عن الإسراف فى استخدام المياه حتى ولو كان المسلم يتوضأ على نهر جار، كما روى عن ابن ماجة وكذلك أمره إيانا أن نسلت القصعة (أي نتتبع ما فيها من الطعام بحيث لا يبقى فيها فضلة تُرمى)، ولا عجب فى هذا فإن الإسراف والترف، كما يقول عماد الدين خليل، ممارسة مدمرة سواء للجماعة كلها، التي تسكت وتغض الطرف عنه، أو للمترفين أنفسهم، ويروى يحيى ابن عدى فى هذا المقام فى كتابه تهذيب الأخلاق: «إن من الأخلاق السيئة الشره، والانهماك فى الشهوات، والبخل»، ويحدد الغزالى فى إحياء علوم الدين: «المنجيات العشر ويذكر منها: الزهد فى الدنيا، والرضا بالعطاء؛ أما المهلكات فمنها: البخل، وشره الطعام، وشره الوقاع، وحب المال، وحب الجاه».

حين نعرض بصورة مفصلة لبعد إدارة الاستهلاك الرشيد والذي يعد أحد العناصر المركزية فى عملية التربية الاستهلاكية سنجده يتضمن الجوانب الأساسية التالية:

أ- التعريف بدور الاستهلاك فى العملية الاقتصادية والاجتماعية:

تمارس طبيعة الاستهلاك آثارا اقتصادية ملحوظة فى المجتمع على أساس أن الاستهلاك يعد الهدف النهائي للإنتاج، إذ يؤدى انخفاض معدلات الاستهلاك- على حد قول شولتز- إلى تقويض أشد المؤسسات رسوخا، ذلك أن استمرار أى مؤسسة مرهون بمدى نجاحها فى تسويق منتجاتها، أى بقدرتها على إقناع الجمهور بشراء منتجاتها، ومن ثم فإن الإفراط فى الاستهلاك يخل بعملية التوازن بين الطلب والعرض مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما يؤثر سلبا على مستوى المعيشة، ونمط الحياة.

أما فيما يتصل بالآثار السلبية الصحية والنفسية من جراء المغالاة فى الاستهلاك أو تدنيه فهى متعددة منها، على سبيل المثال، إن عجز الفرد عن التحكم فى إيقاف عمليات الاستهلاك عند الحد الآمن لسلعة ما قد يصيبه بأمراض بدنية معينة فضلا عن أنه سيقلل من قدرته على التحكم فى الجوانب الأخرى من سلوكه، وهو ما سيهدد جانب أساسي فى شخصيته، واستقراره النفسي ألا وهو القدرة على إدارة الذات والتحكم فيها، وقد جاء فى الأثر فى معرض التدليل على ضرورة حث الناس على البعد عن السرف، وإن من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت، فالخوف من أن يصبح الإنسان كلما أجاب نفسه إلى واحدة من الطيبات المباحة دعته إلى غيرها فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه من هوى قط، وينسد باب العبادة دونه، وفى المقابل فإن تدنى الاستهلاك، الغذائي خاصة، سواء لأسباب إرادية (بخل - نظام غذائي)، أو لا إرادية (فقر - عدم وعي استهلاكي)، قد يصيب الفرد بمشكلات صحية كسوء التغذية أو نقصها، أو مشكلات نفسية كالشعور بالتشبع، والملل، أو الإحباط.

ب- اتخاذ قرار شرائي:

إن شراء سلعة يعد قرارًا يخضع لمتطلبات ومراحل عملية اتخاذ قرار مثلما الحال فى أي مجال آخر كاختيار مهنة أو إنهاء علاقة، ومع الاعتراف بوجود بعض أوجه الاختلاف فى تلك العملية كدالة لطبيعة موضوع القرار، لذا فإن تبصير الفرد، وتدريبه، على اتخاذ قرار شراء سلعة سيساعده، بحكم انتقال أثر التدريب، على اتخاذ القرارات فى المجالات الأخرى سواء العملية أو الاجتماعية بصورة أكثر كفاءة، ومن هنا يجب على الأسرة، مثلا، بوصفها إحدى مؤسسات التنشئة الاقتصادية توعية وتدريب أفرادها على كيفية اتخاذ قرار شراء سلعة ما، بصورة يراعى الفرد فيها القيام بالخطوات التالية:

  • تحديد رغباته واحتياجاته من السلعة المطلوب شراءها فحين يريد ثلاجة، مثلا، عليه أن يحدد العناصر الأساسية المطلوبة من قبيل: المتانة، استهلاك الكهرباء، ملاءمتها للمناخ، السعر، سهولة الصيانة، الحجم، وتصميمها الداخلي، وهكذا.
  • الحصول على خبرات شخصية ممن سبق لهم شراؤها واستخدامها بالفعل.
  • جمع البيانات حول النوعيات المتاحة فى الأسواق من خلال سؤال الآخرين أولا.
  • القيام بجولة ميدانية للمقارنة بين الأنواع المتاحة فى ضوء الأبعاد السابقة.
  • اتخاذ قرار بالشراء كنتيجة لتلك المقارنة.

ج- حقوق المستهلك:

يحسن أن يكون الفرد واعيا منذ الصغر بحقوقه كمستهلك، يعرف حدود ما يمكن قبوله، وما لا يمكن القبول بأقل منه، كأن يحرص على معرفة تاريخ إنتاج السلعة، والمنشأ، ومدى صلاحيتها، وأن يعترض على ما يعتقد أن فيه إساءة له كمستهلك بصورة مؤكدة لذاته لا تنطوي على إهانة البائع، وألا يرضخ للضغوط الأدبية التي يمارسها البائع عليه لدفعه إلى شراء سلعة خجلا منه، وأن يكون لديه القدرة على إرجاعها إذا وجدها معيبة، وأن يمارس دورا إيجابيا فى تحديد سعر سلعة ما بوصفه كمستهلك، أحد آليات السوق المتحكمة فى ذلك السعر، وبطبيعة الحال يمكن أن يشترك مع غيره، إذا تيسر ذلك، فى تنظيم جمعيات أهلية لحماية حقوق المستهلك، وثمة واقعة تراثية مفيدة فى هذا المقام بطلها سيدنا عمر بن الخطاب حيث قيل له: إن الشيء الفلانى غلا، فقال: أرخصوه، قالوا: وكيف نرخصه؟ قال: بالترك (أى خفض الطلب). ويقول توفيق الشاوي فى هذا السياق أيضا معليا من دور المستهلك على كافة الأصعدة بما فيها السياسي؛ بعد أن جردت اتفاقية (الجات) الدول من سلاح الدعم والحماية الجمركية، إلا أنها لا يمكنها تجريد الجماهير من سلاح المقاطعة الشعبية.

د- التعامل النقدي مع حملات التحريض الاستهلاكي:

بما أن كل ما يقال له غاية، لذا يجب على الفرد أن يعمل قدراته الناقدة للوقوف على الغايات التى ترمى إليها حملات الدعاية والتحريض الاستهلاكي، وتقييمها حتى لا ينجرف وراءها، ويتسرع فى إتخاذ قراره الشرائي بحيث يكون قراره فى اختيار سلعة ما ليس راجعا لتأثير الحملات بل لعوامل موضوعية تتعلق بمدى ملاءمتها لاحتياجاته، وتوافقها مع نتيجة معالجاته للبيانات الخاصة بالسلع الأخرى المشابهة.

 

2- إدارة الدخل:

سيتمحور اهتمامنا فى هذا المقام حول قدرة الفرد على إدارة إنفاق دخله سواء كان مصروفا، أو راتبا، أو منحة، أو إرثا، وهو ما يتطلب تنمية مهارات معينة لديه حتى تكون تلك الإدارة فعالة، ويتمثل أول هذه المهارات فى التخطيط، وتحديد الأولويات الإنفاقية، وتقليل سقف التوقعات والطموحات الاستهلاكية لتتناسب مع موارد الفرد، وإدارة الموازنة الشخصية حتى يجنب نفسه حدوث عجز فيها.

ومن الأمثلة البارزة على دور تلك القدرة فى تحقيق التوازن النفسي للفرد أن نمط إعطاء الأسرة المصروف لأفرادها (يومي - أسبوعي - شهري) يحدد قدرته مستقبلا على إدارة أمواله بصورة رشيدة، ومن المتوقع أن تكون العلاقة إيجابية بين المدى الزمني للمصروف والرشد الإنفاقى بحيث أنه كلما زاد المدى (شهريا) أصبح الفرد أكثر قدرة على التحكم فى إنفاقه والعكس صحيح، ويفترض موسن Mussen فى هذا الخصوص أن ابن الطبقة الفقيرة الذي يعيش رزق يوم بيوم، لن يهتم بصياغة أهداف تعليمية أو مهنية بعيدة المدى، وكذلك فإن حجم المصروف الذي تمنحه الأسرة يرتبط أيضا بالرشد الإنفاقى.. فعلى سبيل المثال أشارت بحوث تعاطى المراهقين للمخدرات أن الإفراط فى حجم المصروف للابن سيشجعه فى حالة ضعف الرقابة الأسرية، ونقص التدين، ووجود أصدقاء سوء، على الانخراط فى التعاطي، فلديه ما يكفى وزيادة لتمويل التعاطي بيد أن هذا لا يحول دون انخراط الفرد فى أنشطة تعاطى فى حالة الانخفاض الشديد فى هذا المصروف حيث أن شعوره بالإحباط نتيجة عجزه عن إشباع حاجاته الأساسية قد يشجع آخرين على استغلال تلك الحالة فى دفعه لإتيان أنشطة مخالفة قد تصل إلى ممارسة بعض الفواحش للحصول على مواد يتعاطاها للتغلب المتوهم على ذلك الإحباط  ومن هنا يمكننا القول أن المصروف المناسب فى ظل المتابعة الأسرية، التدين، يساعد الفرد على وضع خطط ذات أولويات واضحة لإشباع احتياجاته الأهم، وتأجيل إشباع الأقل أهمية تجنبا لحدوث اختلال فى موازنته المالية الشخصية.

 

3- الوعي بالمفاهيم الاقتصادية:

إن وضع الجوانب المعرفية فى الاعتبار لتفسير السلوك الاجتماعي أسهم بدرجة كبيرة فى تطوير علم النفس، وجعله أكثر اقترابا من فهم السلوك بصورة واقعية، وانطلاقا من أن الفكر يسبق السلوك ويوجهه، لذا فإنه من شأن تقديم جرعة معرفية ضافية للفرد حول المفاهيم الاقتصادية المتنوعة أن يسهم فى صياغة سلوكه الاقتصادي بصورة ملائمة فى الوجهة المرغوبة، ومن بين تلك المفاهيم الأصول المالية من أسهم وسندات، وأوراق مالية، والمديونية، وحقوق الملكية، والناتج القومي، والنقود السلعية، والائتمانية، والإلكترونية، والبورصة، والمنفعة، والقيمة الحدية، وتعويم العملة، والميزان التجاري، والموازنة العامة، والتضخم، وسلة العملات، وتتمثل أهمية الوعي بتلك المفاهيم فى أن العديد من أوجه الضعف أو الخلل فى السلوك الاقتصادي للفرد قد يعزى إما إلى ضآلة وعيه بالمعلومات الاقتصادية، أو فهمها بصورة قاصرة أو منحرفة، فعلى سبيل المثال: إن عدم وعى الفرد بمفاهيم من قبيل اختلال الميزان التجاري بين دولته وبعض الدول الأخرى سيجعله غير متحمس لتشجيع منتجه الوطني، أو تجنب شراء سلع تلك الدول حتى لا يتسع هذا الاختلال، وكذلك فإن وعى الفرد بأن انكماش الطلب على سلعة معينة يقلل سعرها سيجعله يقدم على شراء بدائلها حتى ينخفض سعرها وإذا كان مدركا أن حصيلة الضرائب والجمارك تمول الإنفاق العام (بناء المدارس والمستشفيات، وتشييد الطرق) فإن هذا الإدراك قد يقلل ميله للتهرب منها ومن هنا يمكننا القول بأن تزويد الفرد، من خلال مؤسسات التنشئة الاقتصادية، بمعلومات كافية حول المفاهيم، والنظم الاقتصادية الرئيسة من شأنه التأثير إيجابا فى تشكيل سلوكه الاقتصادي الرشيد ولا يفوتنا فى هذا المقام الإشارة إلا أنه إذا كان ذلك الوعي لازم للمواطن العادي فى العالم الغربي فإنه أكثر لزوما للمواطن المسلم نظرا لأن بعض الأركان الأساسية فى دينه، والذي لن يستقيم إسلامه إلا بالوعي بها وممارستها، هى ذات طبيعة اقتصادية كالزكاة مثلا.

 

4- تنشيط الادخار والاستثمار الفردي:

مع وعينا بصعوبة الأوضاع الاقتصادية فى أقطارنا الإسلامية، وانخفاض احتمال وجود فوائض مالية لدى عموم الناس فيها إلا أن هذا لا يحول دون حدوث عمليات إدخار بها، حتى لو كانت على مستوى متواضع ماليا (كالادخار النملي)، ذلك أن الادخار اتجاه عقلي، فالمهم أن تدخر وليس كم تدخر، وحري بالذكر أن هناك أشكالًا متعددة للادخار الفردي، والجمعي، فالفرد: مثلا، قد يدخر مصروفه فى حصالة، أو فى وعاء مصرفي آخر، والأسرة قد تدخر فى جورب صوف كما كانت تفعل الأسرة الريفية الفرنسية وقد يشترك أكثر من فرد للادخار فى صورة مجموعة مشتركة بنظام الأقساط الشهرية التي يحصل المشتركون على مجملها تباعا  وعلى أية حالة فإن هذا النمط من الادخار يعد أسلوبا تدريبيا على ضبط الذات، وحسن إدارة الأموال، وتأجيل الرغبات، والتخطيط متوسط المدى، والعمل الجماعي، وإنكار الذات.

ومن هذا المنطلق فإن على الأسرة مثلما الهيئات الأخرى، أن تشجع أفرادها على الادخار بطرق شتى حتى على مستوى الطعام، فعلى سبيل المثال، لا داعي لأن يأكل الفرد كل نصيبه من كمية الفاكهة الكبيرة التي أحضرها والده حالا، وإنما يدخرها إلى المدى الذي تسمح به طبيعتها، وأن يدخر من فائض مصروفه، إن أمكن، لشراء هدية لصديقه فى مناسبة سعيدة، ولا مانع من أن تعطيه الأسرة فى هذه الحالة مبلغا مماثلا للذي ادخره، أو أن يشترى بأقساط يدفعها من مدخراته سلعة مهمة له (موسوعة مثلا أو جهازًا يحتاجه) على أن تدفع له الأسرة مقدم السعر تشجيعا له على الادخار، وثمة جانب آخر لتلك المسألة قوامه أن الوجه الآخر للادخار هو الاستثمار وقد أصبح من الضروري أن تعتمده الأمة الإسلامية كسلاح لكسب معركة التنمية الذاتية، بدلا من الديون الخارجية المورطة، ومن المفترض أن من يدخر قد يكون من بين المستثمرين، وحتى إن لم يحدث هذا فإنه سينفق ما ادخره، حينئذ، إنفاقا أكثر رشدا، لأنه حصل على ذلك المال بصعوبة، ومن ثم لن ينفقه بسهولة، أما إن استثمر ما ادخره، وكان لديه الرؤية الواضحة، والعقلية الناضجة، فمن المحتمل أن يحسن أوضاعه، وأوضاع مجتمعه  ومن هنا فإن التنمية القائمة على الادخار والاستثمار تعد استراتيجية ضرورية للاستقلال الوطني.

 

5- الاتجاه نحو الاقتراض:

من ألف شيئا اعتاد عليه، ومن هذا المنطلق فإن شيوع الاقتراض فى ثقافة معينة، وتبنى اتجاه متسامح، بل ومحبذ، أحيانا، نحوه سيشجع الفرد على الإقدام على إتيانه، وحينئذ سيكون آفة على مستوى الشخص الآن، وفيما بعد، فضلا عن الأسرة والمجتمع العام كذلك؛ ذلك أن اعتياد الاقتراض من الآخرين سيضعف قدرة الفرد على تأجيل رغباته، أو ترويض نفسه على التخلي عن غير الضروريات ما دامت ميزانيته الشخصية لا تسمح، فضلا عن أن الاعتياد على الاقتراض سينتقص من صورته الإيجابية عن نفسه فى عيون الآخرين، وكتدريب بسيط لتأكيد تلك القضية يمكن للمقترض أن يضع نفسه موضع المقرض وينظر كيف يرى ذاته، وكيف أنه سينفر من صورة المقترض حينذاك ويتمنى ألا يقف ذلك الموقف ثانية.

كذلك فإن الاقتراض سيقلل من مساحة استقلاليته أمام مقرضيه، ولا غرو فى هذا، فمن يدفع يحكم، ومن ثم يجب على الأسرة أن تغرس، مبكرا، اتجاها سلبيا نحو الاقتراض فى شتى صوره لدى أبنائها، سواء كان اقتراض لعبة من ابن الجيران، أو حاجيات منزلية، اللهم إلا عند الضرورات الشديدة فقط، وحبذا لو كان هذا بمبادرة من الآخرين، لأن هذا الميل للاقتراض سيتفاقم ويستمر لدى الفرد عبر مراحله الارتقائية التالية حيث يستمرئ الاقتراض من الأصدقاء، والزملاء في العمل، وينتهى الأمر بالبنوك، وقد يعجز عن السداد مما يعرضه لإجراءات قانونية قد تودى بمستقبله  ولعل شيوع نماذج لمقترضين كبار من البنوك العامة، وما يواجهونه، أو يسببونه، من مشاكل يعد نهاية المطاف لمقترض صغير مثل الذى نتحدث عنه.

وعلينا حتى ندعم هذا التوجه السلبي نحو الأقتراض ان نبرز توجيهات الإسلام الحاضة على تجنبه، والتي تنفر الإنسان المسلم منه، فالرسول عليه الصلاة والسلام، على سبيل المثال، نهانا عن الدَّيْن ففي الصحيح أنه: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّيْن»، ولا ننسى مقولة سيدنا عمر الشهيرة: الحمد لله الذي جعلني مسئولا ولست سائلا.

 

6- المرونة الإنفاقية:

تعتبر المرونة من المفاهيم النفسية المفيدة فى فهم سلوك الإنسان، وهى تعنى قدرة الفرد على أن يغير من تصوراته وسلوكه فى مواقف وظروف معينة كدالة للتغير الحادث فى تلك المواقف، مثلما يعدل مرءوس مرن من تصوراته السلبية عن سلوكه مع المرأة عندما تصبح قائدته امرأة، ومن يفشل فى ذلك يسمى متصلبا وهو ما يعسر عليه مهمة التوافق مع الآخرين، والتكيف مع البيئة، وبالتالي سيصبح غير مستقر نفسيا وحين ننتقل لمجال الاقتصاد سنجد أن مسألة المرونة الانفاقية تعد عنصرا ضروريا للتوافق النفسي للفرد، ومن شأن تدريبه عليها مبكرا ترسيخها لديه مما يجنبه العديد من الصعوبات الناجمة عن تدنى مقدار ما يحوزه منها، وثمة نماذج وصور عديدة يمكن للأسرة، وهيئات المجتمع الأخرى بواسطتها تنشئة تلك المهارة لدى أفرادها، والمنطق الكامن خلف ذلك أن الفرد القادر على أن يعدل مستوى إنفاقه ليواكب الظروف المحيطة به، سيتمكن من ضبط موازنته المالية، حيث يقلص من إنفاقه حين ينخفض دخله، ويوسع هذا الإنفاق فى حالة ارتفاع دخله بصورة متوازنة، أما من يعجز عن خفض نفقاته حين يتضاءل دخله سيقع فى ورطة مالية، فإما أن يقترض أو أن يقع فريسة الإحباط الذى قد يولد، بدوره، أمراضًا أخرى، وثمة صور شائعة فى الثقافة لمن يتسمون بالتصلب الإنفاقى حيث نجد، على سبيل المثال، العائدين نهائيا من العمل بالخارج يستمرون فى الإنفاق بنفس المعدل مما يعجل بتبدد مدخراتهم ووقوعهم فى مشكلات مالية وأسرية واجتماعية متعددة، ونجد ذات الظاهرة لدى من يتقاعدون. 

ومن فضل القول أنه من شأن تحلي هؤلاء بقدر مرتفع من المرونة الإنفاقية أن ييسر عليهم التكيف مع هذه الأوضاع، ومن ثم يجنبهم تلك المشكلات، وفى المقابل فإن من يتحسن دخله، ويستمر على الوضع السابق، نظرا لتصلبه الإنفاقى، سيثير حفيظة أسرته، ويكبح طموحاتهم المشروعة التي تتدرج تحت مقولة (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده)، وهى أوضاع غير مرغوب فيها أيضا، وبناء عليه فنحن فى حاجة لتدريب الفرد فى إطار الأسرة، أولا، على ممارسة هذا التوازن المرن بين دخله وظروفه الراهنة فى ظل الحرص، بنفس القدر، على الادخار والإنفاق الرشيد.

 

7- التعبير عن المشاعر الدينية والقومية اقتصاديا:

يتميز الإنسان بقدرته على التعبير عن مشاعره وآرائه بكافة الوسائل المتاحة، والممكنة، والتي يضع حدودها قدراته الإبداعية والتزاماته الأخلاقية، ومن بين تلك الوسائل العناصر الاقتصادية، حيث يمكن للفرد التعبير عن رضاه على أوضاع معينة كأداء ابنه فى اختبار بمكافأته ماليا، وكذلك يستطيع أن يعبر عن سخطه وتذمره من دولة بعينها اقتصاديا بأن يقاطع منتجاتها كما حدث فى أوج الانتفاضة الفلسطينية حين عبرت الجماهير العربية عن استيائها من الموقف الأمريكي المتحيز لإسرائيل بمقاطعة منتجاتها، وهو تعبير يتسم بالنضج، ويتوقع أن يصبح أكثر تأثيرا إذا استخدم بصورة أكثر حكمة. 

وفى هذا الإطار فإننا نتوقع أن يتم التركيز فى تنشئة الفرد المسلم على الارتقاء بتلك المهارة فالتعبير الاقتصادي عن الموقف الأخلاقي أو الاجتماعي أو السياسي تعبير بليغ، فعلى سبيل المثال، يحسن بالأسرة أن تعود الفرد على ذلك من خلال بيانات عملية متنوعة من قبيل حث الأبناء عقب صلاة الجمعة على تقديم تبرع فى صندوق التبرعات لحساب هيئة قومية أو قضية إسلامية كإغاثة ضحايا كارثة وطنية أو مناصرة شعب مضطهد على أرضه كالشعب الفلسطيني، أو إرسال شحنة ملابس شخصية لملجأ أيتام، أو التبرع بالدم للأطفال المصابين بالسرطان، أو تشجيع الطفل على اقتطاع جزء من مصروفه لدعم الجمعيات المعنية بأمورهم.

وحري بالذكر أنه يمكن تشجيع الفرد بواسطة تلك الممارسات الاقتصادية على أن يجعل المال وسيلة للتعبير عن والارتقاء بخاصية اعتبار الآخر واستشعار آماله وآلامه، والفهم العميق لمشاعر الآخرين وظروفهم ومحاولة تقديم العون لهم لتقليل تلك الآثار الفسيولوجية غير السارة الناجمة عن التأثر بما يعانونه من بؤس ومشقة، وهو ما ينمى لدى الفرد روح العطاء، والسخاء. وحري بالإشارة إلى أن المولى سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثلة عديدة على ذلك، فهو يطالبنا بالصيام لتنمو لدينا القدرة على استشعار جوع الفقير وشعوره الخانق بالحرمان، ويأمر الغنى منا بالزكاة لإظهار التعاطف مع ذوى الحاجات، فضلا عن إشعاره بحلاوة العطاء، فليس منا، كما يقول الرسول الكريم، من بات شبعان وجاره طاوٍ، وحري بالإشارة أن التراث النفسي المعاصر يكشف عن أن مسيرة الارتقاء الإنساني تختزلها المعادلة القطبية التي يبدأ قطبها الأول من عند التمركز حول الذات وينتهي قطبها الثاني عند اعتبار الآخرين، فالطفل يبدأ متمركزًا حول ذاته لا يرى إلا نفسه، ويتوقع أن الآخرين يرون فقط ما يراه، فطالما هو شبعان فلماذا إذن يأكل الآخرون، أما حين يجوع فيجب أن يتوقف الجميع عن أعمالهم حتى يفرغ من طعامه، بيد أنه حين يصعد سلم الارتقاء يميل شيئا فشيئا إلى أن يراعى مشاعر الآخرين بنفس قدر مراعاته مشاعره، أو يزيد، فإذا كان سعيدا فقد يكون الآخر حزينا لذا عليه عدم الإفراط فى التعبير عن مشاعره السعيدة تلك مراعاة للآخر، وهكذا..

 

8- الاتجاه نحو المال والثروة:

إن الاتجاه نحو المال إذا كان إيجابيا سيشجع الفرد على الإكثار منه، والسعي الحثيث للحصول عليه بكل وسيلة، أما إن كان سلبيا سيحثه على النفور منه وتجنب حيازته، وبطبيعة الحال فإنه يخشى فى ظل تبنى اتجاه يتسم بالحب الشديد للمال كالذي يصوره القرآن بقوله: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، أن يتحول المسلم إلى جامع ومكتنز للمال، وهو ما لا نرغبه، فالمال وسيلة لتحصيل حاجات أساسية، وغايات نفسية وشرعية، وفى المقابل فإن كراهية المال وتجنبه ستدفع به نحو أطراف وجهات أخرى تسيطر عليه، فنحن فى حاجة لأن ننمى لدى أبناء المسلمين اتجاها متوازنا نحو المال قوامه أنه مشروع فى ذاته، ومن ثم فلا حرج فى السعي إليه بحقه، وضوابطه الشرعية اكتسابا وإنفاقا وحفظا، وفى هذا الصدد يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» (الترمذي)، وأنه يمكن توظيفه لخدمة وحماية الدين، والارتقاء بالحياة على المستوى الخدمى والإنساني، وتعدد الأوقاف، والهبات، والتبرعات دليلا قاطعا على ذلك، فضلا عن كونه أداة للتوازن السياسي، والارتقاء الشخصي والاجتماعي من منطلق أن المال يعد جزءًا مقوما لوجود الإنسان، وقوة مضافة تسهم فى تكوين شخصيته وتعظيم نفوذه الاجتماعي، ولكن يجب أن يكون واضحا للفرد، وهو ما يسعى الإسلام لإقراره، أنه وسيلة، وعلى الفرد أن يضعه تحت تصرفه لتحقيق الغايات الإسلامية الإنسانية، وهو ما يلفت سبحانه وتعالى نظرنا إليه بقوله: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم ٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (سورة المعارج: 24-25).

 

آليات عملية التنشئة الاقتصادية

عرضنا فيما سبق لأبعاد عملية التنشئة الاقتصادية، والجوانب التي يجب التركيز عليها لتنشئة الفرد المسلم تنشئة اقتصادية تيسر له تحصيل قدر مناسب من الخبرات والمهارات الملائمة فى هذا المجال على نحو يدعم جوانب شخصيته الأخرى ليصبح فردا متكاملا قادرا على نفع نفسه، والارتقاء بأمته فالأمة المتميزة هي محصلة أفراد متميزين.

 بيد أن ثمة سؤال محوري يثور فى أذهاننا فى هذا المقام قوامه: كيف نبلغ هذا الهدف، أو بِلُغَةٍ أخرى، ما هي الآليات والإجراءات التي ستمكننا من تحقيق هذا الهدف فى الواقع؟

إجابة عن هذا السؤال نود الإشارة إلى أن العلماء فى سعيهم لمواجهة، وحل المشكلات التي يعانى منها المجتمع فإنهم يوجهون الأسئلة، ويجمعون الوقائع، ويختبرونها، ويدفعهم إلي ذلك رغبة قوية فى أن يكونوا نافعين لمجتمعهم، وقادرين على اكتشاف مناطق جديدة من المعرفة المفيدة لإثرائه، واتساقا مع هذا التصور فإن من معالم التقدم فى علم النفس المعاصر أنه أصبح علمًا تطبيقيا يرفع شعار (نحن نعلم لنعمل بما نعلمه)، ويتطلب هذا تبنيه استراتيجية تعتمد على قدرته أن يحول أفكاره، وما يتبناه من مقولات وآراء، إلى مجموعة من الإجراءات العملية التى يلزم عن اتباعها تحويل تلك الأفكار إلى واقع معاش يستفيد منه طالبوا الخدمات النفسية.

ووفقا لهذا التصور فإننا نفترض وجود عدد من الآليات التى تلجأ إليها الهيئات والمؤسسات القائمة على التنشئة الاقتصادية لتتمكن بواسطتها من إنجاز هذه العملية بقدر مرتفع من الكفاءة والتي تتمثل فى:

1- تعديل البنية المعرفية:

من المعروف أن أفكار الناس توجه سلوكهم، ومن ثم فإن المعارف الموجودة فى ذهن الفرد حول الجوانب الاقتصادية إن كانت ذات طابع سلبي من قبيل اعتقاده أن المال وُجد لينفق فإنها ستدفع به فى اتجاه الإسراف ومن ثم ستنعدم مدخراته، أو أن القيمة الاجتماعية للفرد تتحدد وفقا لقدراته المالية، وبذا نخاله يعامل الفقراء بصورة غير لائقة، أو أن المال والإسلام لا يجتمعان فلا يهتم بمراعاة الأحكام الإسلامية المتعلقة بالمال وهكذا، وفى المقابل فإن تلك المعارف إن كانت إيجابية ستطبع سلوك الفرد فى تلك الجوانب بذلك الطابع فإذا نظرنا للمال، على سبيل المثال، بوصفه وسيلة للتقرب إلى الله، ستزداد قائمة تبرعاته للهيئات الخيرية، وإذا اعتُقد أن الاقتصاد يؤثر فى مكانة أمته الإسلامية بين الأمم سيعمل على تحسين موقف أمته الاقتصادي.

 وتبعا لهذا الطرح فإنه بمقدور الأسرة أو غيرها من مؤسسات التنشئة أن تعمل على فحص، ومن ثم تعديل، البنية المعرفية للفرد حول الجوانب الاقتصادية لاستبقاء الإيجابي منها، واستبعاد وتغيير السلبي كأن تستبعد مقولة أن المال لا وطن له، وتضع بدلًا منها مقولة قوامها أن المال يجب أن ينمي الوطن الإسلامي، وبذا يجب عودة الأموال المهاجرة، وبدلا من مقولة (إن السلعة الأجود فقط هى التى تشتريها بغض النظر عن جنسية صاحبها)، ترفع شعار (اشترِ سلعة من إنتاج بنى جلدتك تنقذ فردًا من العطالة)، أو (اشترى سلعة من الخارج تغلق بيتا فى وطنك).

 

2- الاقتداء، وهو نوعان:

- واقعي وبموجبه يلاحظ الفرد نموذجًا فعليًا يؤدى سلوكا معينا ويسعى إلى الاقتداء به.

- متخيل. وفيه يتخيل الفرد سلوك القدوة ثم يسعى لممارسته.

ويفترض العلماء أن تأثير رؤية الآخرين، أو تخيلهم، يمارسون سلوكا معينا يصبح كبيرا وخاصة إذا كانوا هؤلاء من ذوى الأهمية، والمقام المرموق لدى الفرد، وممن يوثق بهم، ويحترم شخصهم  ومن ثم فإنه نظرا لكثافة التفاعل فى أقطارنا بين الأفراد بعضهم البعض فمن المتوقع أن يستخدم أسلوب الاقتداء بالنماذج الإيجابية المحيطة، حين يمارسون سلوكيات ذات طابع اقتصادي، فى عملية التنشئة الاقتصادية على نطاق واسع، فنحن نرتدى ملابس وطنية حين نرى زعماء الأمة، أو كبار أفراد العائلة، أو الأصدقاء يرتدونها، ويدخر الأطفال حين يروا لدى أقرانهم حصالات أو دفاتر توفير، ولا تلقى ربة الأسرة بقايا الخبز فى سلة المهملات حين ترى جارتها تقطع رغيف الخبز إلى أربع قطع حتى لا يأخذ الفرد إلا احتياجاته منه فقط، وبذا لا يتبقى فضلات لإلقائها فى تلك السلة، وهكذا  ويمكن بالطبع أن تمتد تلك الدائرة الاقتدائية إلى كافة القطاعات فحين يغلق بطل المسلسل أنوار حجرته حين الخروج منها فهذا يشجع الأفراد العاديين على الاقتصاد فى استهلاك الكهرباء، وهكذا الحال مع صنبور المياه، وبنفس المنطق سيتعامل التلاميذ بصورة رشيدة مع الأدوات المدرسية اقتداء بالمدرس، والعمال فى المصانع تأسيًا بالمشرف.

 

3- التدريب الذاتى المواجه:

يُعَرَّف التدريب الذاتي الموجه بأنه العملية التى يأخذ فيها الأفراد المبادرة فى تشخيص حاجاتهم، وتحديد أهدافهم التعليمية، والتعرف على الموارد البشرية، والمادية المتاحة للتعلم، واختيار وتبنى الاستراتيجيات التعليمية المناسبة، وتقييم نواتجها، وتعد هذه الآلية من بين الطرق المتبعة لتنمية وتدريب الأفراد على سلوك معين من خلال حثهم على ممارسته فى الواقع، ولكن تحت إشراف وتوجيه مصدر خبير حتى يقوم بتوعية الأفراد بالممارسات السلبية، وتبصيرهم بأضرارها أثناء قيامهم بالسلوك المرغوب، ومن ثم يستبعدونها، وبذا يبقى السلوك المرغوب فيه فقط، وكنموذج تطبيقي فى مجال التنشئة الاقتصادية يمكن أن تشجع الأسرة، مثلا، الأبناء على اتخاذ قرار شرائي بأنفسهم فى المتجر مع تقديم المشورة غير الملزمة، ثم تقوم بعد ذلك بمراجعتهم، وبيان عدم الصواب فى هذا القرار بعد اتخاذه، من قبيل توضيح أنهم اهتموا بسعر السلعة دون متانتها، أو بشكلها دون ملاءمتها للمرحلة العمرية للفرد أو احتياجاته، وهكذا.. أو السماح للفرد بإنفاق مصروفه كما يشاء فى فترة معينة، ثم يوضحون له بعد ذلك مواطن الخطأ التى وقع فيها من قبيل إنفاقه جل المصروف الشهري فى الأسبوع الأول من الشهر فقط، واضطراره للاستمرار بقية الشهر فى حالة كُمُون إنفاقي حتى يأتى مصروف الشهر القادم، وهو تصرف غير مأمون العواقب فالأيام حبلى بالمفاجآت، ومن ثم تدعوه لعدم الوقوع فى نفس هذا الخطأ مرة تالية.

 

4- المماثلة:

يعرف علماء البلاغة المماثلة بأنها (القدرة على عقد مقارنات بين الأشياء على أساس أنه إذا كان هناك شيئان يشبهان بعضهما من بعض الوجوه، فإن القضية التى تصدق على أحدهما تصدق على الآخر)، وتعد تلك المهارة أحد أشكال الاستدلال التمثيلي وتكمن أهميتها فى أنها تعمل على امتداد معرفتنا بالأشياء من خلال ربط ما نفهمه بما لم نفهمه بعد، بوصفها وسيلة لنقل المعرفة من مجال معروف إلى مجال غير معروف وتتمثل أهميتها وفقا لهذا التصور فى أنه يمكن بمقتضاها للفرد أن يفهم نظامًا أو يحل مشكلةً فى مجال ما من خلال مضاهاتها بنظام مشابه تم حل مشكلة مماثلة فيه. ومن هنا يمكننا القول بإن تدريب الفرد بتلك الآلية كفيل بتزويده بطرق إضافية لجعل سلوكه الاقتصادي أكثر كفاءة.

 

5- التحليل الناقد لسلوك الآخرين:

يتضمن التفكير الناقد مهارات متعددة منها تحليل والتعرف على المتغيرات المسئولة عن حدوث مشكلة أو موقف معين وتقدير الأوزان النسبية لإسهام كل منها فيها، وتحديد طبيعة العلاقات بين المتغيرات أيها سبب أو نتيجة، والوعي بالثغرات والفجوات فى المعرفة المطروحة، والاهتمام بتعريف المفاهيم المستخدمة بصورة دقيقة، والتوصل إلى استخلاصات، واستنتاجات من البيانات المقدمة للفرد، واستخدام محكات عقلانية لاتخاذ قرارات والقراءة المتأنية الثاقبة، وتقبل وفحص الأفكار المخالفة. وبناء على هذا التعريف للتفكير الناقد وطبيعة ما يتضمنه من مهارات فإنه يمكن توظيفها فى القيام بعملية التنشئة الاقتصادية من زوايا عديدة منها تبصير الأفراد موضع التنشئة بأوجه النقد سواء لسلوكهم أو سلوك نماذج محيطة تتسم بالإسراف والإفراط الاستهلاكي، وبيان العواقب السلبية بدنيا ونفسيا من جراء ذلك كالبدانة أو الحاجة للاقتراض حتى يتجنبوا التورط فى مثل هذه الأنماط، وكذلك بيان أوجه قصور وضعف النماذج التى تقبع على القطب الآخر- التقتير وكيف أنها تعانى من الحرمان وتتشوه صورتها أمام الآخرين، يضاف إلى ذلك تدريبهم على تقييم القرارات الادخارية والاستثمارية لهم، وللآخرين، والحكم على مدى كفاءتها كجزء من خطة لتنمية قدرتهم على اتخاذ قرارات رشيدة فى تلك المجالات، فضلا عن حثهم على تحليل وفهم الظواهر الاقتصادية الحادثة فى المجتمع، ومحاولة توظيف هذا الفهم على صعيد تحسين الموقف المالي للفرد، أو تلافى الأضرار الناجمة عن تلك الظواهر من قبيل تجنب استثمار أمواله فى مجال العقارات فى ظل وجود ظاهرة انخفاض السيولة النقدية، أو زيادة المعروض من العقار فى الأسواق.

 

6- المباريات الحجاجية:

إن الموقف الذي يتبناه الفرد حيال مسألة ما يعتمد على وجهات نظر وقناعات فكرية معينة، وبما أن الآخر قد يتخذ مواقف قد تكون مختلفة إزاء نفس المسألة؛ لذا من المتوقع أن ينخرط الأفراد فى عمليات حجاجية حولها قد تنتهي إما بدحض أفكار طرف، أو الاقتناع بأفكار الطرف الآخر، أو تمسك كل طرف بما لديه، ويمكن توظيف هذه المهارات الحجاجية توظيفا إيجابيا لإثراء عملية التنشئة الاقتصادية بصور متنوعة منها، على سبيل المثال، تبنى الفرد أو تخليه عن نمط معين من الادخار (شراء سندات بدلا من وضع وديعة فى بنك) كنتيجة لتعرضه لعمليات محاجة من هذا القبيل، ويمكن أيضا توظيف تلك المهارة فى تعديل النمط الاستهلاكي للفرد (تجنب تناول الوجبات السريعة فى المطاعم والاقتصار على الطعام المنزلي قدر المستطاع) أو الحد من اقتناء المزيد من السلع الرأسمالية الإضافية (سيارة فارهة - أجهزة منزلية معمرة) الرامية للإمتاع الشخصي طالما أنها غير ضرورية، والتى قد يعزى اقتنائها إلى أسباب نفسيه أو اجتماعية من قبيل سعى أبناء الطبقة العليا إلى البحث عن نماذج راقية من الاستهلاك إما بدافع التقليد للنمط الغربي أو لبحثهم عن وسائل تميزهم وتظهرهم اجتماعيا على من دونهم من طبقات.

 

7- الجزاء الاجتماعي والذاتي:

(إن السلوك الذي يُدعم يميل للتكرار، أما الذي يُعاقب فإن معدل صدوره سينخفض).. هذا قانون نفسي أصبح ذائعا، وحين نسعى إلى تطبيق منطوقه فى سياقنا، فلنا أن نتوقع أن ممارسة مؤسسات التنشئة الاقتصادية بالمجتمع، أو الفرد ذاته، لأساليب التدعيم أو العقاب المتاحة سواء إيجابية أو سلبية من شأنه تشجيع سلوكيات معينة على الاستمرار، واستبعاد أخرى.

ولكن قبيل أن نعرض لكيفية حدوث ذلك حري بنا تعريف أنواع التدعيم والعقاب الشائعة فى الثقافة النفسية بصورة إجرائية، والتي تتمثل فيما يلي:

- التدعيم الإيجابي: وبموجبه يكافئ المجتمع من يلتزم بقوانينه، ونظمه، ويقترب من النموذج المعياري الذي يحدد ما يجب أن يكون عليه سلوك أفراده، وذلك من خلال أساليب مادية تتمثل فى تقديم امتيازات عينية أو من خلال أساليب معنوية من قبيل مدح الفرد أو منحه مكافأة رمزية كشهادة تقدير ويجب ألا يغيب عن أذهاننا فى هذا المقام أن العديد من المعايير (كرم الضيافة) التى توجه سلوكنا نشأت وترسخت من خلال سلوكيات صدرت وكوفئت مرارا إما مباشرة أو حين شاهدنا مكافأة من يصدرها.

- التدعيم السلبي: ويعنى إيقاف المنبهات المؤلمة التى يتعرض لها الفرد، واستبعادها بهدف تعليمه إصدار السلوك المرغوب مثل: إعفاء طفل من العقاب حين يصدق القول لتعليمه سلوك الصدق.

- عقاب إيجابي: أى إعطاء منبه مؤلم للفرد يتمثل فى إنزال أحد أشكال الأذى البدني أو المعنوى به حين يأتى سلوكا غير مرغوب.

- عقاب سلبي: وفيه يتم وقف تقديم الإثابة أو المكافأة التى اعتاد عليها الفرد بهدف خفض تكرار حدوث السلوك غير المرغوب مثل أن يحرم أحد الوالدين الطفل من مصروفه الخاص، أو منع الفرد من الاشتراك فى أنشطة جماعية معينة كلعب الكرة مع أقرانه حين يأتى سلوكًا غير مرغوب.

وبطبيعة الحال يمكن للمؤسسة أو للفرد ذاته الاستعانة بتلك الأساليب التدعيمية والعقابية لتثبيت سلوك معين أو إخماده، فعلى سبيل المثال تستطيع الأسرة ممارسة العقاب السلبي للابن الذي تكتشف أنه استدان من أصدقائه مبلغا من المال من خلال حجب بعض المزايا عنه من قبيل امتناع والده، مثلا، عن توصيله بالسيارة للمدرسة لمدة يوم أو يومين، ومن الممكن أن يمارس الفرد العقاب السلبي على نفسه إذا شعر بندمه على ارتكاب هذا السلوك بأن يحرم نفسه من الخروج فى نهاية الأسبوع مع أصدقائه، ولا ننسى أن بعض العارفين كان يتصدق بقدر من المال كلما شعر أنه ارتكب ذنبا معينا كوسيلة لمساعدته على التوقف عن إتيانه فيما بعد.

ويمكن للأسرة كذلك أن تمارس التدعيم السلبي بمعنى رفع عقوبة أو استبعاد وضع غير مريح عن أحد أفرادها حين يأتى سلوكا مرغوبا كأن يعتذر لأخيه عن استيلائه على الحلوى الخاصة به، التى كان يحتفظ بها فى الثلاجة، دون استئذانه وذلك برفع عقوبة الحرمان من الخروج عنه، ويمكنها أيضا تدعيمه إيجابيا، بمدحه، حين يقدم معلومات اقتصادية مفيدة لبقية أفراد الأسرة وهم يتناقشون على مائدة الطعام.

 

8- تحليل المنافع والأضرار:

إن اتخاذ قرار يجب أن يتم فى ضوء عملية موازنة فى عقل متخذه بين ما يترتب عليه من منافع، وما ينجم عنه من أضرار، ومن شأن هذه العملية أن تجعل الفرد أكثر ترويا، وثقة من قراره، بيد أنها تحتاج إلى دربة، وخبرة، حتى تتم بصورة واقعية ومنطقية، وبالتالي تصبح فعالة، وهو ما يمكن تدريب الفرد عليه بشكل متدرج منذ الصغر، فعلى سبيل المثال، حين يريد الطفل شراء لعبة نوضح له المنافع المترتبة على شرائها من قبيل أنها ستسليه، وتجذب الأصدقاء إليه، وتزين حجرته، وفى المقابل نكشف له عن المضار المتوقعة أيضا، فهي غالية الثمن مما يستنزف مدخراته، وقد تفسد بسرعة ويصعب إصلاحها، ونترك له فى ضوء ذلك أن يتخذ قرارا بشرائها أم لا.

أما الشخص الأكبر الذي يريد أن يقرر هل يشترى بمدخراته قطعة أرض أم يضعها فى صورة أسهم فى مؤسسة مالية فعليه أيضا أن يمارس تلك العملية حيث يضع فى قائمة الإيجابيات العناصر الرئيسة المشجعة على اتخاذ قرار بالبديل الأول والثاني مقابل سلبيات كل منهما، وبذا يستطيع اتخاذ قراره بصورة أفضل، وبطبيعة الحال فإن هناك صورًا أخرى متعددة تجسد الممارسة الحكيمة لتلك العملية سواء فى مجال الاستهلاك السلعي أو الترفيهي أو الاستثماري.

 

ختام الدراسة

حاول الباحث فى هذه الورقة تقديم إطار تصوري ذات طبيعة أولية لدراسة الأبعاد النفسية للتنشئة الاقتصادية كأحد محاور عملية التنشئة الاجتماعية التى تهدف إلى تنمية وصياغة شخصية فعالة متوافقة مع المعايير الإسلامية، وأشار إلى بعض النقاط الواجب بيانها حتى تكتمل تلك المحاولة وتصبح قادرة على التجسد فى الواقع لتحقيق هذا الهدف السامي وتتمثل تلك النقاط فى:

1- نحن بحاجة إلى وضع هذا التصور النظري موضع التحقيق الواقعى فى الميدان بمعنى ضرورة دراسة عملية التنشئة الاقتصادية فى الأسرة، أو المؤسسات الاجتماعية الأخرى.

2- علينا رصد وتحديد تلك الفجوة بين الواقع النفسي الاجتماعي لعملية التنشئة الاقتصادية فى المجتمعات الإسلامية، وبين المأمول وفق التصور الإسلامي لهذه التنشئة.

3- الشروع فى محاولة تصميم برامج تدريبية للأسرة والهيئات الأخرى المسلمة تشمل أفضل السبل لتوضيح المفاهيم المطلوب بثها، والمعارف الواجب تزويد الأفراد بها، والآليات التي يجب استخدامها للقيام بتلك العملية بكفاءة.

4- تصميم وتنفيذ بحوث ميدانيه عبر المجتمعات الإسلامية تُعنى بالجوانب المتعددة للأسس النفسية لعملية التنشئة الاقتصادية.

5- إلقاء المزيد من الضوء على عمليات التنشئة الفرعية الأخرى فى الأسر والهيئات الأخرى فى المجتمعات الإسلامية.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم