Business

وسائل وأدوات حماية الأخلاق لدى الأطفال

 

تحتل رعاية الطفولة في المجتمع المسلم أهمية خاصة، ذلك لأن الطفل هو المستقبل، وأي جهد يوجه لرعاية وحماية الطفل المسلم هو في الوقت نفسه بناء لمستقبل الأمة الإسلامية وتدعيم لسلامتها.

ويرى الباحث هاشم يحيى الجندي، فى دراسة له بعنوان )التلوث الخلقى لدى الأطفال (-2004-، كلية الدراسات الإسلامية بجامعة طرابلس بلبنان، أن الأسرة المسلمة، تعاني من المشكلات السلوكية في تربية الأطفال، هذه المعاناة لها صور متعددة، وأسباب مختلفة لعل أبرزها التقصير في حمل الأمانة وأداء المسؤولية.

 ويستعرض الباحث فى هذه الرسالة ظاهرة من تلك الظواهر ألا وهي ظاهرة التلوث الخلقي لدى الأطفال، مبينًا الأسباب ومحاولًا اقتراح العلاج.

 

تعرف إلى طفلك:

إن معرفة طبيعة الطفولة وخصائصها تعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى سلامة التوجيه وحسن التربية لدى الآباء والأمهات، فمثلًا تجد في الأمور المادية (يحرص كل صاحب مهنة أو حرفة على معرفة المواد التي يتعامل بها؛ فالنجار يعرف جيدًا أنواع الخشب ومصادره وطريقة التعامل معه وكيفية تصنيعه وقدرة كل نوع من أنواع الخشب على الاحتمال..... الخ)، والمربي الناجح هو الذي يتعرف على طبيعة طفله في جميع المراحل التي يمر بها، إذ لكل مرحلة خصائصها وطريقة التعامل معها.

 فمثلًا الطفل في سن الثالثة يكثر من الأسئلة، ويكررها عدة مرات ليسمع الجواب، وبعد الجواب يسأل سؤالًا آخر.. وهكذا فالخطأ الذي يرتكبه بعض الآباء والأمهات إسكات الطفل وأمره بالالتزام بالأدب والصمت وهذا يؤدي إلى أمراض نفسية من الخوف والانطوائية.

بينما الإصغاء والانتباه إلى أسئلة الطفل الكثيرة والإجابة عنها تعطيه الثقة بالنفس وتكسبه الكثير من الألفاظ والأسماء عن العالم الذي يعيش فيه.

- وطفل الرابعة كثير الحركة يتسلق ويقفز.

- وطفل الخامسة مشغول بلعبه. فالعصا يركبها لتصبح حصانًا.

- وطفل السادسة يذهب إلى المدرسة فيجد أسلوبا مختلفًا من المعاملة فهو مسؤول عن الاستيقاظ باكرًا، وعليه حمل أدواته المدرسية– ومواجهة المعلم أو المعلمة– والاختلاط مع غيره من الأطفال.. وتنشأ المشاكل المتعددة؛ فهذا طفل يتجنّى عليه أنه أخذ أغراضه، وآخر ضربه، وثالث يعطله عن الرسم والكتابة.

فكيف يتم التعامل مع هذا الطفل بشكل صحيح دون مشاكل وأخطاء، لأن سوء التعامل يؤدي إلى بروز مشاكل أخلاقية وانحرافات أخلاقية عند الأطفال.

 

مسؤولية التربية الإسلامية

هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كليًا في حياة الفرد والجماعة.

من هذا التعريف تظهر مسؤولية المربين اتجاه أولادهم الذين هم أمانة عندهم، ولا شك أن عملية التربية عملية متنوعة السبل مختلفة الاتجاهات والمفاهيم والأهداف والغايات.

وتمتاز التربية الإسلامية عن غيرها بأنها تحمل صفة الاستمرار والشمول لجميع جوانب الشخصية الروحية والعقلية والأخلاقية والجسمية والاجتماعية.. وفق معيار الاعتدال والتوازن. فلا إفراط في جانب دون غيره ولا تفريط في جانب لحساب آخر.

وتقديم هذا التعريف من باب توضيح الرؤية، وجلاء الصورة كي تأتي بعد ذلك حركة التربية مضبوطة وناجحة لأن الرؤية والتصور يسبقان الحركة والفعل.

والله عز وجل يقول: «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة...»، وقال: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها...».

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

 

عناية الإسلام بالطفولة:

لقد أولى الإسلام الطفولة عناية كبيرة واهتمامًا زائدًا مسجلًا بذلك السبق على غيره من التشريعات والقوانين. حتى تلك التي تسمى بوثيقة الطفولة، اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة.

وقد ظهر اهتمام الإسلام بالطفولة من خلال الآتي:

1- حق الحياة: حيث أعطى الإسلام حق الحياة للطفل وحرم القتل والوأد الذي كان في الجاهلية بحجة الفقر والعار؛ «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ». «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئًا كبيرًا».

2- تحريم الإجهاض واعتبار ذلك جريمة قتل سواء حدث بفعل المرأة الحامل أو بالاعتداء عليها بالضرب.

3- الرضاعة: أوجب على الأم رضاعة طفلها، وإذا امتنعت لعذر شرعي وجب على الأب استئجار ظِئر (مرضع) لوليده الطفل إبقاء على حياته.

4- كفالة اليتيم: الذي مات أبوه وتركه صغيرًا، فهو ضعيف يحتاج إلى رعاية وحسن معاملة. فالله تعالى قال: «فأما اليتيم فلا تقهر».

وأمر بالمحافظة على أمواله: «ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن»، وفي الحديث الصحيح قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة» وأشار بالسبابة الوسطى.

توجيهات نبوية في تربية الأطفال من الناحية الأخلاقية:

 لا عجب أن تولي الشريعة الإسلامية اهتمامها البالغ بتربية الأطفال من الناحية الخُلُقية. فمن ذلك:

1- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما نَحًل َوالدٌ ولدًا من نحل أفضل من أدب حسن».

2- وقوله صلى الله عليه وسلم: «من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه».

3- وفي تعليم عمر بن أبي سلمة، وكان غلامًا في حجر1 رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يده تطيش في الصحفة فقال له الرسول: «يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك».

4- وفي أدب السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه: «يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك».

 

فانطلاقًا من هذه الأحاديث وغيرها كثير وجب على المربين- ولا سيما الآباء والأمهات- تربية أطفالهم على مبادئ الخلق الحسن، مثل: الصدق – الأمانة – الاستقامة – احترام الكبير – الإحسان إلى الجار – والسلام – الاستئذان - وحفظ ألسنتهم عن السبب والشتم والكلام القبيح.

 

التربية الأخلاقية:

إذا كانت التربية الإسلامية توصف بالشمول لجميع جوانب الشخصية إلا أنها ركزت على الناحية الخلقية لأهميتها ومكانتها، ونتناول ذلك من خلال عدة نقاط:

  • أهمية الأخلاق في الإسلام

فقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته بقوله: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق».

وإذا تأملنا العبادات التي أوجبها الله تعالى على عباده، نرى مدى ارتباطها الوثيق بالأخلاق فالعبادة لا بد أن تترك أثرها على العبد، إما أن يفعل أمرًا محمودًا أو يترك سلوكًا منحرفًا.

وللدلالة على هذا الكلام نقول إن الله سبحانه وتعالى حين فرض الصلاة على عباده قال فيها: «وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر...». فالابتعاد عن الرذائل وترك الأقوال السيئة هو حقيقة الصلاة.

ويقول تعالى في الزكاة: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها...» فهدفها تطهير النفس من الشح والبخل والذنوب ونشر المحبة في المجتمع.

وفي الصيام قوله سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون». فليس المقصود من الصيام تعذيب النفس بالجوع والعطش، وإنما الارتقاء بها عن الشهوات لتصل إلى درجة التحكم والسيطرة على نزوات النفس وهذه هي التقوى.

وفي الحج قوله سبحانه وتعالى: «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج».  فالحج مدرسة الأخلاق، رغم التعب والسفر.

من خلال هذا العرض لعبادات الإسلام نرى مدى الارتباط العميق بينها وبين الأخلاق.

 

  • ضعف الأخلاق دليل ضعف الإيمان.

فالعقيدة الإيمانية الصحيحة هي المنطلق للأخلاق الحسنة، فقوة العقيدة وصحتها تثمر أخلاقًا حسنة وسلوكًا مستقيمًا كما أن انحراف السلوك يدل على ضعف الإيمان.

يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» رواه الطبراني عن ابن مسعود.

ويقول أيضًا: «الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر» رواه مسلم.

ويقول: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن؛ قيل من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» رواه البخاري.

وإذا تتبعنا آيات القرآن الكريم التي جاءت بلفظ الإيمان. نجد ارتباطها بالأخلاق الإسلامية ارتباطًا وثيقًا.

فالله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا...» ثم يأتي بعدها:

«اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» التوبة / 119

«اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا» الأحزاب / 70

«كونوا قوامين بالقسط شهداء لله...» النساء 135

«إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه...» المائدة / 90

«لا يسخر قوم من قوم...» الحجرات /11

«اجتنبوا كثيرًا من الظن...» الحجرات / 12

فربط القيم الأخلاقية وفضائل الأعمال بالإيمان الصادق سمة للتربية الأخلاقية الإسلامية، ويلخص هذه الحقيقة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا» رواه أحمد والترمذي.

 

فضل الخلق الحسن:

  • مدح الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم فقال: «وإنك لعلى خلق عظيم» القلم. وجعل سبحانه أحب الخلق إليه أحسنهم خلقًا.
  • فعن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه ناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله؟ قال: «أحسنهم أخلاقًا» رواه الطبراني.
  • وما من عمل أثقل في ميزان الإنسان يوم القيامة من حسن الخلق، قال عليه الصلاة والسلام: «ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من خلق حسن» رواه الترمذي.

ومن هنا يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية حسن الخلق للصحابة الكرام رضي الله عنهم، ويحضهم على التجمل به فيقول لأبي ذر رضي الله عنه: «يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: «عليك بحسن الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما».

 

ولو جمعنا أقوال صاحب الرسالة في التحلي بالأخلاق الفاضلة لخرجنا بسفر لا يعرف مثله، ومن أراد الاطلاع على المزيد فليرجع إلى كتب الزهد والرقائق.

 

مظاهر من التدهور الأخلاقي:

إن نظرة سريعة إلى واقع المجتمع في العصر الحالي، ترينا وبكل سهولة مدى التدهور الأخلاقي، وانعدام العديد من القيم التي كانت تميز مجتمعنا في عصر الالتزام حيث نرى انتشار الكذب بصورة كبيرة، والسباب والشتائم واللعن والكفر، وانتشار الرذيلة وذهاب الحياء وغياب التوقير والاحترام، وتفشي السرقات.. الخ من المظاهر التي تعبر عن مدى التدهور الأخلاقي.

وليس من المبالغة القول إن هذا التلوث هو أخطر ما يصيب الأمة اليوم، فليس القلق من الأزمة الاقتصادية ولا الصحية ولا التعليمية ولا البيئية رغم خطورتها وشدتها– إنما القلق من التلوث الخلقي لأنه أساس الأزمات ومسببها.

 1- الكذب:

 وهو من أقبح الظواهر المنتشرة اليوم بين الأطفال بما يسمعونه من المسؤولين والمربين وعبر كثير من وسائل الإعلام من الكذب الصريح الواضح أو الوعود الكاذبة.

ويكفي للدلالة على قبحه أن الله لا يهديهم: «إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب...»

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «...وإن الكذب يهدي إلى الفجور...»

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته وقد كذب كذبة.. لم يزل معرضًا عنه حتى يحدث توبة»

إذا كان الكذب بهذه المنزلة من القبيح فلماذا يكذب الأطفال؟

هل هناك أسبابُ تحملهم على الكذب؟

الجواب نعم ونذكر منها:

السبب الأول: الخوف من العقاب– سواء من الوالد أو المعلم في المدرسة.

فالطفل الذي عرف من خبرته السابقة مع الأب أو الأم أو المعلم أنه سوف يتلقى الجزاء القاسي لما فرط منه من تقصير أو خطأ– هذا طبيعي من الطفل– تجده يلجأ إلى انتحال الأعذار أو نسبة الخطأ إلى غيره.

فعلى الوالدين الابتعاد عن القسوة والشدة ومعاملة الأطفال باللين والرفق والمحبة.

السبب الثاني: السعي لإرضاء السلطة.

قد يلجأ الطفل إلى من يعمل له الواجب المنزلي ثم يقدمه للمعلم على أنه من إنتاجه وشغله هو، لماذا يفعل ذلك؟

ليحصل على تقدير المعلم ومكافأته، وهذا خطير جدًا لأنه يؤدي إلى تخريج جيل يحسن التزلف للسلطة وربما يصل إلى رشوتها لكي يحقق مآربه وأهدافه في الحياة.

السبب الثالث: الرغبة في الانتقام من الآخرين: عندما يشعر الطفل أن له خصمًا وغريمًا في البيت أو الصف محبوبا أكثر منه، فبدافع الغيرة يلفق له مخالفة أو فعلًا شائنًا.

وهذا ما يسمى بالكذب الانتقامي وهو موجود حتى بين الكبار الذين يتنافسون في العمل أو التجارة أو السياسة.

السبب الرابع: التربية السيئة.

إن أخطر ما ينطبع في سلوك الطفل تصرفات الأهل ممن يكذبون أمام أطفالهم بقصد الإلهاء أو الترغيب بعمل ما أو الممازحة. فينشأ الطفل على الكذب.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لصبي: تعال هاك أعطك، ثم لم يعطه فهي كذبة» رواه أحمد.

فالأب الذي يقول للطفل حين يدق الباب قل لهم: «أنني لست في البيت» يكذب ويعلم ابنه الكذب.

والأم التي تعتذر لجارتها أمام ابنتها عن إعارتها شيئًا من الأشياء التي تطلبها بعذر أن هذا الشيء غير موجود لديها.. على حين أنه موجود بالفعل.. أم تعلم ابنتها الكذب.

 

2- السباب والشتائم:

وهي من الظواهر المَرَضية المنتشرة بين الأطفال والسبب في ذلك يعود إلى أمرين أساسيين:

الأول: القدوة السيئة، فالوالد الذي يطلق العنان للسانه بالقذف واللعن والكفر، ماذا ينتظر من ولده إلا التلوث من هذا الداء الخطير.

الثاني: البيئة الفاسدة في الشارع أو المدرسة أو أمام الشاشة حيث يسمع الطفل الألفاظ السيئة والأخلاق القبيحة. والعلاج في ذلك تعزيز نفسية الطفل عن طريق ذكر الأحاديث التي نفرت من السباب والفحش كي يصل الطفل إلى مرحلة النفور والكراهية من سماع الكلام البذيء والسب وغيره، ومن هذه الأحاديث.

  • «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» متفق عليه.
  • «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله: كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه» البخاري وأحمد.
  • «إن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء» الطبراني.
  • (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا لعانًا ولا سبابًا) البخاري.

ويحرص المسؤول عن الطفل، حرصًا كبيرًا على ترداد قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والكلمة الطيبة صدقة» متفق عليه.

حتى يعتاد الطفل على قول الصدق والحق والخير.

 

3- ذوبان الشخصية واضمحلالها:

وقد عمت هذه الظاهرة في المجتمع الإسلامي بشكل كبير بين الرجال والنساء والشباب والفتيات حتى الصغار لم يسلموا من هذه العدوى، في عصر الثقافة الواحدة أو عصر العولمة.

فأنت ترى أمًا محجبة تسير في الشارع وبجانبها ابنتها التي تخلت عن حيائها قبل حجابها، وإن سألت الأم بدهشة عن السبب أجابتك بأنها ما زالت صغيرة! أو غير ذلك. هذا تلوث خلقي تساهم فيه الأم مباشرة بامتياز.

وإذا نظرت إلى الأطفال الذكور وكيف تفننوا في قص شعر رأسهم بطرق غريبة، أحدثوا فيه شوارع لا لشيء إلا انسياقًا وراء الموضة والتقليد.

عجبًا لأولياء الأمور كيف ارتضوا ذلك. أما سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم يقول «ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى» الترمذي.

وقال: «من تشبه بقوم فهو منهم» أبو داوود.

فعلى المربين وخصوصًا الآباء والأمهات حفظ أولادهم من الضياع لأنهم صفحة بيضاء تنكت ما أردت فلا تدع غيرك ينكت فيها الفساد والتلوث.

وعليهم أن يعلموا أولادهم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو القدوة والأسوة فقد رأى صبيًا قد حلق بعض شعر رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: «احلقوه كله أو اتركوه كله» رواه أبو داوود.

وبهذه الطريقة يتربى المسلم متميزًا حتى في شعر رأسه فلا يلهث وراء الموضات الغربية مبتعدًا عن توجيه الحبيب محمد صلى الله وسلم.

هذه بعض مظاهر التلوث الخلقي وغيرها كثير تحتاج إلى بحث أكبر ولا بأس بذكر مفرداتها مثل السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب وعدم احترام الكبير وإفشاء الأسرار وقلة الأمانة والغش والاحتيال.... الخ.

 

الأسباب:

بعد هذا العرض لمعنى التلوث ومظاهره، يأتي السؤال لماذا هذا التلوث، من الذي سببه؟ وهل هناك سبب واحد أم عدة أسباب؟

1- الأسرة:

لا شك أن عملية التلوث الأخلاقي تساهم بها عدة مؤثرات غير أن المسؤولية الكبرى الأولى تقع على الأسرة التي هي الحصن الأول للطفل، فالأسرة للطفل كالقلب للجسد وكثيرمن المشاكل السلوكية والأخلاقية مرجعها إلى الأسرة؛ فالإسلام بمبادئه التربوية يضع أمام الآباء والأمهات والمربين المنهج القويم في توجيه الأبناء وتربيتهم والقيام بواجب رعايتهم وحفظ حقوقهم.

ومن مبادئ هذا المنهج: منع الضرر الذي يؤدي إلى انحراف عقيدتهم وأخلاقهم وسلوكهم.

وقد تعددت الوسائل التي تلحق الضرر بالأطفال منها وسائل الإعلام المختلفة (الرأي– الإنترنت– المجلة) وأسلوب الشدة والغلطة من الأهل – والدعاء على الأولاد بالهلاك – وبروز النزاع والشقاق بين الأبوين – والتهاون في المنكرات أمام الأطفال ومعاملة الأطفال بالسخرية والاحتقار.

فإذا نشأ الطفل في بيئة موبوءة مضطربة، الآباء يلهون والأمهات منشغلات فكيف تطلب السلامة للطفل بعد ذلك:

 ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له                                  إياك إياك أن تبتل بالماء.

أبدًا هذا لا يكون، وإنما سيجني الآباء الشوك والندم ورحم الله من قال:

ليس اليتيم من انتهى أبواه من                       هم الحياة وخلفاه ذليلًا.

إن اليتيم هو الذي تلقى له                             أما تخلت أو أبًا مشغولًا.                  

وعلى الآباء والمربين أن يسيروا في تربية أولادهم على هدي القرآن الكريم في تربية لقمان لابنه. فهو منهاج تربوي وتعليمي شامل يعتبر زادًا هائلًا للمربين زانته الحكمة وتربعت على عرشه.

 

2- وسائل الإعلام:

إن الإعلام جزء لا يتجزأ من حياتنا وحضارتنا، وهو من أكبر المؤثرات التي تغير بموضوعاتها وأساليبها العقولَ والقيم ومجرى الأحداث ووسائل الإعلام متعددة ومتنوعة من إعلام مقروء أو مسموع أو مرئي.

ولا بد أن نذكر جملة من الحقائق:

1- أن أثر التلفزيون سلاح ذو حدين.

2- وأنه جزء هام من بيئة الطفل ويشارك في تربيته.

3- وأن له الأثر البالغ لدى الأطفال، لأنه يشغل حاستين لدى الأطفال (السمع والبصر).

 

ويجب الانتباه وتوجيه الأطفال من خلال النقد الإيجابي البناء وقوة الملاحظة وسرعة الانتباه.

ولقد كان لإحدى الأمهات في هذا المجال تجربة. حيث طلبت من أطفالها تسجيل الأخطاء التي تمر عبر مشاهدتهم.

وهذا له فوائد جمة منها:

  • عدم التعامل مع البرنامج بأسلوب الإعجاب والدهشة.
  • تنمية الشخصية لدى الأطفال على النقد البناء.

 

العلاج:

إن معرفة الداء نصف العلاج، من هنا وجب وضع الحلول الواقعية والعملية لإنقاذ أطفالنا وتطهيرهم من هذا التلوث الخطير.

والعلاج يكون عن طريق التزام المنهج الإسلامي التربوي في التعامل مع الطفل وذلك عبر المراحل التالية:

أولًا، ضوابط لتكوين الأسرة:

المجتمع هو مجموع الأسر والتي هي عدد من الأفراد ولا بد من ضوابط إنشاء الأسرة كي تكون عضوًا نافعًا في المجتمع.

فأول ضابط لتكوين الأسرة وجود النية الصادقة الخالصة لدى الزوجين مرورًا بحسن الاختيار. بالنسبة للزوج يختار زوجة على أساس الدين للحديث: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» متفق عليه.

وبالنسبة للزوجة ترضى بصاحب الدين والخلق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» حديث حسن أخرجه الترمذي.

وما يتبع ذلك من عوامل استمرار واستقرار الحياة الزوجية: حسن المعاشرة– واختيار الاسم الحسن– وتقبيل الطفل وتأديبه– والرفق واللين في المعاملة معه.

 

ثانيًا، الصحبة والصداقة: «والمرء على دين خليله» الحديث.

وملء الوقت بالمفيد النافع وتعليمه السباحة والرماية وركوب الخيل «وارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا» الترمذي.

 

ثالثًا، تقوية الصلة بالله تعالى: وذلك عن طريق التربية على المراقبة والتوجه إلى الله تعالى وحده بالدعاء والحرص على تلاوة القرآن وتعليمه الصلاة والصيام.

 

رابعًا، وسائل الإعلام: الاهتمام بها عن طريق الترشيد والتوجيه ليختار الصحيح النافع ويرضى به ويترك الضار، مع إرشاده إلى الوسائل الهادفة ثم حسن اختيار المدرسة التربوية.

وبهذه الوسائل وغيرها يكون المربون قد أخذوا بأيدي أطفالهم إلى بر الأمان وأدوا الأمانة بصدق وإخلاص.

 

خاتمة:

يجب مراعاة التنبه إلى:

1- دور الأسرة المحوري في توجيه الأطفال وسلامة نشأتهم.

2- أهمية إيجاد البيئة الصالحة.

3- ضرورة الربط بالمسجد فهو المكان الموجه للخير والفضيلة.

4- ضرورة ترشيد متابعة وسائل الإعلام.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم