باتت مهمة المذاكرة للأبناء ومساعدتهم على أداء الواجبات المدرسية مؤرقة للعديد من الأمهات، وأصبح من الصعوبة المواءمة بينها وبين أعمالهن داخل المنزل وخارجه، خاصة مع تهرّب بعض الأزواج من هذه المسؤولية وإلقائها كاملة على عاتقهن.
تتمنى العديد من الزوجات أن تكون هناك مساعدة من زوجها على الأقل في المذاكرة لأحد الأطفال، لحين الانتهاء من أعمال البيت، بخاصة إن كانت أم عاملة، تعود إلى بيتها مساءً، وتكون هناك ساعات عدة تذهب بدون أي إنجاز في حل الواجبات المدرسية، كون الأطفال يكونون في مرحلة الانتظار ما بعد المدرسة، ولا يمكن أن يقوموا بأي نشاط "دراسي".
وفي دراسة تربوية نُشرت مؤخرًا، تَبين من النتائج أن "غياب دور الأب داخل الأسرة لوجوده المستمر خارج المنزل بسبب العمل أو غيره، وترك المسؤولية كاملة ملقاة على عاتق الأم، من أسباب فشل الأبناء في الدراسة".
وهنالك العديد من الأخصائيين والتربويين الذين يؤكدون أهمية دور الأب وتأثيره في الأبناء أكثر من الأم، كما أظهرت دراسة أخرى كذلك بأن "اهتمام الآباء بدراسة أبنائهم وتمضية الوقت معهم يساعدهم في الحصول على علامات أفضل وأعلى في امتحاناتهم المدرسية ويحسن من تصرفاتهم". كما تشير الدراسة إلى أن الأطفال يحبون ويفضلون أن يقوم الأب بالتدريس لهم، ومذاكرة الآباء لأبنائهم غاية في الأهمية لتنمية القدرات العقلية لهم.
إلا أن سناء أبو ليل _الأخصائية الأسرية والتربوية_ ترى أن مهمة تربية الأبناء بشكل عام ومن ضمنها التدريس هي مهمة تشاركية، لا يمكن أن يتم فصلها وتحديدها على طرف واحد فقط، وأنه لا يجب أن يتخلى الأم والأب كلاهما عن متابعة أبنائهما في الدراسة وأداء الواجبات اليومية، فدعم الوالدين يساعد الطفل على المثابرة والتحصيل العلمي، حتى يرضي نفسه ووالديه، ويُشعر الطفل بالأمان والاستقرار، ويساعده على تطوير نفسه وإظهار قدراته في المدرسة، لذا عليهما أن يكونا الركيزة الأساسية في التدريس وعدم الاعتماد على الآخرين.
كما ترى أبو ليل أن وجود نماذج سلبية من الآباء على هذا الصعيد، سيولد لدينا نماذج مكررة مستقبلًا تعيد التجربة ذاتها لآباء يتخلون عن مهمتهم في التربية والتدريس، الذي يعد الأساس لدى الأسر التي لديها أطفال، وهي مهمة "غير سهلة وتحتاج إلى متابعة"، ولا تقتصر فقط على التدريس بل على التوعية والوعظ لهم في أمور الحياة المختلفة.
وتشدد أبو ليل على ضرورة وجود تثقيف وتوعية لدى الشباب المقبلين على الزواج ،أو المتزوجين من خلال استشارات ودورات تربوية تبين لهم مدى أهمية وجودهم في حياة الأبناء في مختلف مراحل الحياة، ليكون هناك عملية وقائية، وأن هذا الاهتمام للابن هو "حق مشروع من حقوق الأبناء على الوالدين"، والأب والأم سواء، محاسبان عليه أمام أنفسهما والمجتمع وأمام الله.
.