أقبلت العشر بكل خير، تحمل البشرى للبيوت بموسم العام الأكبر، وتنادي: هل من مشمر لاستباق الخيرات، واغتنام النفحات؟!
حياة المسلم مليئة بمواسم الخيرات والأجور ومضاعفة الحسنات، لذا كان لزاماً عليه التخطيط لها والاعداد والاستعداد لاغتنام أيامها بل وحتى ساعاتها، ومن فضل الله علينا أن مواسم الخير في العام الواحد متقاربة، ومن أقربها اليوم إلينا العشر من ذي الحجة.
فلا يكاد يخفى على أحد فضلها وما لها من عظيم الشأن فقد أقسم الله بها في كتابه الكريم لما فيها من خير، لذا وجب على كل مسلم أن يستثمر تلك العشر فيما يقربه إلى الرحمن، وحتى يكتمل البناء نتناول في هذه الأسطر التخطيط الأسري؛ فالأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع وهي أساس بناءه وهي من تُربينا وتُعلمنا وتُرشدنا لما فيه سعادتنا في الدنيا والآخرة.
وعند الحديث عن التخطيط الأسري لابد أن نؤكد بداية أن التخطيط من الأمور السهلة والممكنة لكل أسرة، ففي الحقيقة التخطيط ما هو إلا تصميم برنامج علمي وعملي ومنظم ومحدد بزمن تنفيذ لما ستقوم به الأسرة في المستقبل، سواءًا كان هذا المستقبل قريب أم بعيد.
والهدف العام من هذه العشر هو أن يجمع كل فرد في الأسرة أكبر قدر من الحسنات، وأن يستثمر كل الساعات في العبادة والطاعات ليصل إلى رضا الله، وزمن التنفيذ هو تلك الأيام العشرة التي ستنقضى سريعاً، لذا نحتاج لتحديد قائد يضمن لنا بعد الله استثمار تلك اللحظات، وقد يكون هذا القائد هو الأب أو الأم أو أحد أفراد الأسرة ممن اتفق الجميع على قبول قيادته.
بعدها يجتمع هذا القائد مع جميع أفراد الأسرة لوضع الخطة قبل أن يبدأ موسم العمل، فيقسم القائد المهام ومنفذيها من أفراد الأسرة وزمن تنفيذها من خلال خطة مكتوبة يشترك الجميع أثناء إعدادها، ومن المهام المقترح تنفيذها استعداداً للموسم:
1- إعداد إهداءات ونشرات تحتوي معلومات عن أعمال عشر ذي الحجة بحيث يتم توزيعها على الأقارب والجيران وفي مسجد الحي والمراكز التابعة له.
2- إعداد البطاقات الملونة المليئة بعبارات الفرحة والشوق لهذا الموسم العظيم وحث الجميع على استثماره وحسن استقباله، والبدء بتثبيتها في أركان المنزل وعلى مداخله.
3- إعداد جداول متابعة ذاتية لكل فرد من أفراد الأسرة يتابع من خلالها نفسه، من حيث قراءة الورد اليومى من القرآن، ومن حيث ترديد أذكار الصباح والمساء، مع التوضيح للأبناء أن هذه الجداول الهدف منها هو المتابعة وليس المراقبة لأن الله هو الرقيب على الجميع.
4- إعداد جدول تطوير الذات وتغيير العادات، حيث يحدد كل عضو ما هي العادة التي يريد أن يكتسبها والعادة التي يريد أن يغيرها والطريقة التي سيصل إلى التغيير بواسطتها وذلك من خلال ممارسات يومية مجدولة يتابع من خلالها كل فرد ذاته وما حصل فيها من تطوير.
5- إعداد إعلانات المسابقة الأسرية، حيث ستوزع تلك الإعلانات في أول يوم من الأيام العشرة، وينبغي أن تشتمل تلك المسابقة على قيمة معرفية أو مهارية في أي مجال من المجالات التي يحبها الأبناء ويفضلونها لأنهم هم من سيشتركون فيها ويتنافسون على جائزتها التي ستوزع في يوم عيد الأضحى.
6- التهيئة النفسية للأبناء وتحفيزهم وحثهم المستمر على استثمار تلك الأيام القلائل، وتشجيع الصغار والكبار على صيام التسعة أيام كاملة لما فيها من الأجر العظيم، وخصوصاً يوم عرفه فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.
7- اتل على أهل بيتك من الآيات والحكم والقصص ما يجعلهم يبتدرون العشر قبل أن تتفلت أيامها، ويتسابقون في دعوة غيرهم؛ لمضاعفة أجورهم.
8- اقصص من أحوال السلف ما يرفع هممهم، ومنها أن التابعي الجليل سعيد بن جبير كان يجتهد في هذه العشر اجتهادا حتى ما يكاد يُقدر عليه!!
9- فإذا تمت الموعظة الطيبة المشوّقة، تعاهد جذوة الحماس الناشئة برعاية يتم بها النفع، طوال العشر؛ فإن النفوس بعد الموعظة تحتاج إلى تعاهد ومتابعة.
10- ومن خير ما تذكرهم به عملياً، التكبير والتهليل، والجهر به؛ ونشر ذلك في البيت؛ فيكون إظهارا للشعيرة وتذكيرا في الوقت نفسه باغتنام الأوقات في سائر أنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وبر وصلة.
11- فإن لم يكن سفر للحج، ففي أداء الأضحية وإظهار الشعائر وسائر العبادات متسع للتزكية والتربية؛ بالقدوة والمشاهدة والمشاركة.
.