أيتام لا تمر عليهم الأيام بل والأعياد كالآخرين، ولم يتمكنوا من أن يعيشوا لحظات كالآخرين في أحضان أمهاتهم وآبائهم بالرغم من أنهم –ربما- محاطون بحنان واهتمام ورعاية أمهات بديلات، لكن البديل لا يمكن أن يغنيهم عن مشاعرهم واحتياجهم لأسرهم.
فأطفال دور الرعاية الاجتماعية هم الأكثر حزنا وألما لحرمانهم من آباءهم وأمهاتهم ونشأتهم في بيئة لا تعاملهم كأبناء بل كمنبوذين في المجتمع، بل ربما يستخدمهم في أغراض، ويظلون دائما وهم يتوقون للعودة إلى أسرهم وألعابهم ومحيطهم الذي ابتعدوا عنه دون أن يكون لهم خيار بذلك، مع علم بعضهم أنهم ربما لا يعودن لذلك أبدا، فهؤلاء الأطفال يفقدون الصف الأول للحماية – والمتمثل في والديهم.
وتشمل أسباب الانفصال عن الوالدين الاختطاف أو الاتجار أو الهجرة أو العيش في الشوارع، أو النزوح، أو التجنيد على يد القوات المسلحة؛ أو العيش في مؤسسات الرعاية البديلة بسبب أسباب صحية أو تعليمية أو بسبب العنف المنزلي أو الفقر أو وفاة الوالدين أو وصمة العار.
فخلف أبواب المؤسسات الاجتماعية –بل والبيوت- قصص مؤلمة لأطفال تطل عليهم الأعياد، وتمر بهم الأيام وهم بعيدين عن أمهاتهم وآبائهم يخفون تحت أسرتهم صور أمهاتهم، كل ما يحلمون به وجوه هؤلاء الأمهات وأحضانهم ولمساتهم لهم؛ ليشعروا بأن الحياة لا تزال تحمل لهم الفرح الغائب.
إن الدراسات الاجتماعية على حالات الاطفال بدور الرعاية تبين أنه في حالات عديدة عندما يقع الطلاق بين الزوجين يتم ترك خمسة وستة أطفال بدور الرعاية لعدم وجود مكان لهم وبعد رفض أقاربهم إبقاءهم، والأمر الملفت للانتباه أن أسرهم البيولوجية لا تعود في حالات عدة للمطالبة بهم أو استعادتهم، ما يعني أن بقاءهم بدور الرعاية هو الخيار الأفضل لهم.
كما تشير هذه الدراسات إلى أن الاوضاع المادية للأسر والمترافقة مع ضغوطات الحياة وقلة الدخل لرب الاسرة تشكل أسبابا لرب الأسرة لانتهاج أساليب تربية سلبية بحق أطفاله، كأن يقوم بإجبار زوجته وأطفاله للخروج من البيت أو عدم تحمل مسؤولياتهم المادية؛ فيتوقفون عن الذهاب للمدرسة أو الخروج للشارع للتسول.
وربما نعتبر ظاهرة أطفال الشوارع يدخلون تحت صفة الأيتام؛ لأنهم فقدوا حنان ورعاية الأب والأم، وظاهرة أطفال الشوارع تكتسب أهميه خاصة بوصفها تعكس فشلا واضحا في أجهزة وأساليب التنشئة من خلال مؤسساتها المختلفة، وتعكس بكل واقعية وحدق من مشاكل عدم التكيف الاجتماعي والنفس ومشاكل الأسرة والبيئة في كل مظاهرها وعواملها تؤدي في النهاية إلى تربية هؤلاء الصغار على وجودهم بلا هدف أو ارتباط أسري، يتغذون من الشارع ويتخذونه مأوًى لهم أو مجالًا لكسب يومهم، وقد تتلقاهم أيدي المنحرفين ليستغلوا طاقتهم ويدفعونهم إلى ارتكاب الأفعال الإجرامية.
ولذا وجب على الدولة والمجتمع أن تسعى إلى رعاية اليتيم من خلال تربيته تربية سليمة وصالحة، وهذه التربيّة سوف تغرس في قلب اليتيم الأخلاق الإيمانيّة الحميدة، وتكون التربية من خلال قراءة القصص القرآنيّة، وتوضيح عظمة الخالق سبحانه وتعالى، كما تكون التربية أيضًا من خلال عرض القصص النبويّة؛ وذلك من أجل الاقتداء بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وهناك العديد من الطرق لرعاية الطفل اليتيم، مثل: الحنان والعطف عليه، وتعليمه النظام، وإشغال وقته بالأنشطة والأعمال المختلفة والمفيدة، وأيضا العناية به، والصبر عليه وتحمله، وعدم مقارنته بغيره، والذهاب معه في نزهة بالخارج، والإكثار من الدعاء له بالهداية والتوفيق، والاستماع إليه، وإعطائه فرصة للتعبير عن رأيه، وعدم الاستهزاء منه أو توبيخه، وإدخال الفرح والسرور إلى نفسه، والحديث معه بإحسان ولين.
.