Business

خطوات تربوية لعلاج مشكلة الخجل عند الأطفال

مسألة الخجل ليست جديدة بل قديمة قدم كثير من المشكلات النفسية والتربوية، وتعتبر الآثار المدمرة التي تحدث نتيجة الخجل هي من أهم الأسباب التي دفعت إلى طرح هذه المشكلة، والسؤال الأهم يكمن في: هل نستطيع التدخل للتخلص من الخجل؟
 

الباحثتان فاطمة سالم وزهرى سالم، أعدّتا دراسة "كيف نعالج الخجل عند الأطفال"، لمحاولة إيجاد حلول لهذه المشكلة بهدف فهم الطفل الخجول والتعامل معه بطريقة مختلفة، ومساعدته على التخلص من العوامل التي تسبب له معاناة نفسية وتربوية قد تؤدي به إلى إحباط وبؤس وتعاسة.

 

علاج الخجل يبدا من الطفولة

 

النمو الطبيعي السليم لشخصية كل إنسان يقتضي استثمار الطاقات الخلاقة التي حباه الله عز وجل بها، لكن قد يعرقل النمو جهله بهذه القدرات أو بعض الاضطرابات كالخجل، هذا الأمر يحمله الخجول منذ طفولته وهو ما قد يعرقل تواصله في مختلف علاقاته الاجتماعية.

 

الحاجة إلى العلاقات الإنسانية تنمو عند الخجول كما تنمو عند الإنسان العادي ولها أهمية عظمى في التأثير على الحالة النفسية للفرد، وتؤكد الأبحاث والدراسات النفسية والتربوية أن عدد الأطفال الذين يعانون من الخجل في تزايد كبير نظرًا للتحولات التي نشهدها على الصعيد الاجتماعي ومن أهمها ازدياد الفردية وتقلص الجوانب الاجتماعية.

 

 مفهوم الخجل
 

إن الأطفال الخجولين دائما يتجنبون الآخرين وهم دائما في خوف وعدم ثقة ومهزومين، مترددين يتجنبون المواقف وينكمشون من الألفة أو الإتصال بغيرهم، وهم يجدون صعوبة في الاشتراك مع الآخرين، وشعورهم المسيطر عليهم عدم الراحة والقلق، وهم دائما يتهربون من المواقف الاجتماعية.

والخوف من التقييم السالب عندهم غالبا ما يكون مصحوبا بالسلوك لاجتماعي غير المتكيف، وهم لا يشاركون في المدرسة، أو في المجتمع، ولكنهم ليسوا كذلك في البيت، والمشكلة تكون أخطر إن كان هؤلاء الأطفال خجولين في البيت أيضا.

 

لم تتوصل الدراسات النفسية  والتربوية لتعريف محدد للخجل رغم الأبحاث الأخيرة المتزايدة والتي توليه اهتماما بالغا، لكن نكتفي بتعريف يتفق عليه أغلبية علماء النفس وهو أن الخجل نوع من" القلق لاجتماعي" (COTTRAUX) والذي يتصف بنقص في الجرأة وفي قوة القرار وفي تقدير الذات، وحين نقول بأن الفرد خجول يكون الخجل ملمحا رئيسيا من شخصيته.

والخجل: هو انكماش الطفل وانطوائه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين، أما الحياء: فهو التزام الأطفال بمنهاج الفضيلة وآداب إلاسلام.

 

 مظاهر الخجل

1- أعراض سلوكية: وتشمل قلة التحدث والكلام بحضور الغرباء، والنظر دائما إلي شيء عدا من يتحدث معه، وتجنب لقاء الغرباء أو الافراد غيرالمعروفين له، ومشاعر ضيق عند الاضطرار للبدء بالحديث أولاً، وعدم القدرة على الحديث والتكلم في المناسبات الاجتماعية والشعور بالإحراج الشديد إذا تم تكليفه بذلك، والتردد الشديد في التطوع لأداء مهام فردية أو اجتماعية مع الآخرين.

 

2- أعراض جسدية: وتشمل زيادة النبض، ومشاكل وآلم في المعدة، ورطوبة وعرق زائد في اليدين والكفين، ودقات قلب قوية، جفاف في الفم والحلق، الارتجاف والارتعاش اللاإرادي.

 

3- أعراض انفعالية داخلية: وتشمل الشعور بالإحراج، والتركيز على النفس، والشعور بعدم ألامان، ومحاولة البقاء بعيدا عن ألاضواء، والشعور بالنقص.

 

أسباب الخجل
 

1- الشعور بعدم الأمان: فالذين يشعرون بقلة الأمان من الأطفال لا يستطيعون المغامرة، لأن الثقة تنقصهم، وكذلك الاعتماد على النفس، وهم مغمورون مسبقا بعد الشعور بالأمن وبالابتعاد عن المربكات، فلا يعرفون ما يدور حولهم بسبب موقفهم الخائف، ولا يمارسون المهارات الاجتماعية ويزداد خجلهم بسبب قلة التدريب والحاجة إلى التغذية الراجعة من الآخرين.

 

2- الحماية الزائدة: حيث إن الأطفال الذين تغمرهم الحماية الزائدة من الوالدين يصبحون غير نشيطين ولا يعتمدون على أنفسهم وذلك بسبب الفرص المحدودة لديهم للمغامرة كونهم قليلو الثقة بأنفسهم، لا يتعاملون مع بيئتهم أو مع الآخرين، ولذلك يتولد الشعور بالخجل والخوف من الآخرين.

 

3-عدم الاهتمام والإهمال: يظهر بعض الآباء قلة اهتمام بأطفالهم فيُشعر هذا النقص الأطفال بالدونية والنقص، ويشجع على وجود الاعتمادية عندهم، إن عدم الاهتمام بالأطفال يولد شخصية خائفة خجولة، ويشعرون حينئذ أنهم غير جديرين بالاهتمام.

 

4- النقد: فإن انتقاد الآباء علانية لأطفالهم يساعد على تولد الخوف في نفوسهم، لأنهم يتلقون إشارات سالبة من الراشدين، فيصبحون غيرمتأكدين وخجولين، وبعض الآباء يعتقد أن النقد هو الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء، لكن النتيجة للنقد المتزايد هي طفل خجول.

 

5- المضايقة: فالأطفال الذين يتعرضون للمضايقة والسخرية ينطوون على أنفسهم خجولين، وأصحاب الحساسية المفرطة تجاه النقد يرتبكون ويخجلون لو تعرضوا لسوء معاملة من إخوانهم ألاكبرسنا، والشيء الأكبر خطورة هو نقد الأطفال لمحاولتهم لاتصال بالعالم الخارجي.

 

6- عدم الثبات: فأسلوب التناقض وعدم الثبات في معاملة الطفل وتربيته يساعد على، الخجل، فقد يكون الوالدان حازمين جدا وقد يكونا متساهلين في أوقات أخرى، والنتيجة يصبح الأطفال غير آمنين وفي هذه اللحظة يصيبهم الخجل في البيت والمدرسة.

 

7- التهديد: وقت أن يهدد الأباء ألاطفال، وينفذون تهديداتهم أحيانا، ولا ينفذونها آحيانا أخرى، يصبح لدى ألاطفال رد فعل على التهديدات المستمرة بالخجل كوسيلة لتجنب إمكانية حدوث هذه التهديدات.

 

8- أن يلقب بالخجل: حتى لا يتقبلها الطفل كصفة لازمة له ويحاول أن يبرهن أنه كذلك، بحيث يصير التحدث السلبي مع النفس شيئا مألوفا.

 

9- المزاج والإعاقة الجسدية: هناك أطفال يبدون خجولين منذ ولدتهم، وبذلك يكون الخجل وراثيا، كما أن بعض الأطفال يكونون مزعجين والآخرين هادئين، وهذا النمط قد يستمر سنين من حياته، والإعاقات الجسدية غالبا تسبب الخجل ومنها ماله علاقة بصعوبات التعلم أو مشاكل اللغة التي تؤدي إلى انسحاب الطفل اجتماعيا.

 

10-عدم تعويد الطفل على الاختلاط بالآخرين: إن جعل الطفل تابعا للكبار وفرض رقابة شديدة عليه، يشعره بالعجز عند محاولة الاستقلال واتخاذ القرارات التي تخصه.

 

12- الشعور بالنقص: يعد شعور الطفل بالنقص من أقوى مسببات الخجل، ويتولد هذا الشعور بسبب وجود عاهات جسمية لديه (كالعرج، أو ضخامة الجسم، أو ضعف السمع أو البصر، أو قصرالقامة أو طوله الشديد..الخ).

 

وقد تعود مشاعر النقص عند الطفل نتيجة قلة مصروفه مقارنة بزملائه، أورداءة ثيابه مقارنة بالزملاء أو عدم تمكنه من دفع ما يترتب عليه من اشتراكات تطلب منه من قبل المدرسة، أو اقتنائه أشياء لفترة طويلة ولا يستطيع تغييرها نظراً لفقره.

 

11- الخلافات بين الوالدين: تسبب الخلافات مخاوف غامضة لدى الطفل وتجعله يشعر بعدم الأمان مما يؤثر في نفسيته ويؤدي الى الانطواء ويلوذ بالخجل.
 

12- أسلوب معاملة الوالدين للأبناء: قد يكون لقلق الأم الزائد على طفلها ومراقبتها المستمرة لتصرفاته بهدف حمايته من الأسباب التي تحول دون انطلاقه وعدم استمتاعه باللعب أوالتواصل والتفاعل مع الأطفال الأخرين.

 

خطوات تساعد على علاج الخجل

 

- ليس مهما أن يحمل الفرد سمات من شخصية الخجول بقدر ما هو مهم كيف يديرها وكيف يعيشها في شخصيته.

 

- الكبت الاجتماعي ينتج عن الخوف من النقد ومن الأحكام وبالتالي من أن لا يكون الإنسان محبوبا... قلل إذن من حساسيتك لنظرة الناس لك فإنها تعيق من تقديرك لذاتك وتجعلك غير قادر على استقلالك وتشل مواهبك.

 

- لا تبحث عن الإتقان في أي شيء إذا كان هو حالك فأنت تخاف أن تخيب آمال الآخرين، ولن تأخذ الكلمة إلا إذا كان لديك ما ستقوله شيء جيد ولكن حذار هذه الطريقة تنقص من الثقة بالنفس الإنسان يخرج دائما مخيب آمال نفسه. أعط إذن لنفسك الحق في الخطأ لكي تصل إلى الاتقان وهناك مراحل وتدرج لكي يتم التعلم.

 

- حاول أن تتقبل ملاحظة ونقد الآخرين بصدر رحب بل استثمر ذلك النقد لتقوية شخصيتك.

 

- اعلم أن أغلب الناس يشعرون بالخوف أو بالانفعال مع الآخرين لأول مرة، لا تتردد في خلق علاقات واكتشاف أوساط وتجارب جديدة.

 

- اعمل في الأول على اختيار رفقاء يتميزون بحسن المعاشرة ويبتعدون عن النقد غير البناء والتهكم.

 

- من الصعب أن تواجه نظرة الآخرين لك إن لم تستطع مواجهة نظرتك لنفسك، واعلم أن كثيرا من الناس في التاريخ برزوا وكانوا يعانون من الخجل: منهم نابليون.

 

- بالتدرج ستتعلم كيف تتأقلم مع سياقات وبيئات جديدة، اختر أهدافا تستطيع تحقيقها، قسم هدفك إلى مراحل فالنجاح في تجاوز المراحل يساعدك على تحقيق ما تبتغيه لكن شرط أن تبقى في حدود المعقول.

 

- كن واقعيا، هذه من مفاتيح الثقة بالنفس: تعرف على نقاط قوتك، قدراتك ونقاط ضعفك، وتعرف على أخطائك لكي تعدلها، أي قيم خبراتك السلبية أو إخفاقاتك في التواصل مع ذاتك ومع الآخرين في كل مجالات حياتك: الدراسية والعملية والأسرية.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم