التربية عملية مستمرة يعيشها الإنسان من بداية حياته حتى وفاته متعلما ومعلما، فيتعلم الآداب من تلاميذه ومحبيه ويعلمهم إياها.
يقول صاحب الحكم العطائية:
1- من جهل المريد أن يسيء الأدب فتتأخر العقوبة عنه، فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الإمداد وأوجب الإبعاد، فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر، ولو لم يكن إلا منع المزيد، وقد يقام مقام البعد وهو لا يدري، و لو لم يكن إلا أن يخليك وما تريد.
2 – لا تطالب ربك بتأخر مطلبك، و لكن طالب نفسك بتأخر أدبك.
3 -ما الشأن وجود الطلب، وإنما الشأن أن ترزق حسن الأدب.
ما فاز من فاز إلا بحسن الأدب، ولا سقط من سقط إلا بسوء الأدب: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا، فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث).
إن أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره.
قال صاحب المدارج: فانظر إلى الأدب مع الوالدين كيف نجا صاحبه من حبس الغار حين أطبقت عليهم الصخرة؟، والإخلال به مع الأم –تأويلا وإقبالا على الصلاة- كيف امتحن به جريج الراهب بهدم صومعته وضرب الناس له، ورميه بالفاحشة؟!..
وتأمل كل شقي ومغتر ومدبر كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان؟
وانظر أدب الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، أن يتقدم بين يديه، فقال: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. كيف أورثه مقامه، من الإمامة والقيادة والريادة؟ فكان ذلك التأخر إلى خلفه. وقد أومأ إليه أن: اثبت مكانك.. سعيا إلى الأمام ....!!..
ويقول صاحب كتاب العوائق.. ورسالة فضائح الفتن:
من أهلها مَن تستفزه كلمة ينسى معها قاموس التآخي، فيَخرج إلى عدوانَ، ويجرد أصحابَه من كل فضل، كأنْ لم تكن بينه وبينهم مودة وخبز وملح.
ومن أهلها من إذا جُهل عليه لا يحلم، ولا يعفو، ولا يصبر، ولا يرجو ما عند الله، بل يجهل فوق جهل الجاهلينا.
وقال في منهجيته: فأصل أمرنا الدعوي وشعورنا قائم على محبة الناس والعطف على العصاة والفساق ومحاولة انتشالهم مما هم فيه.. لا الشماتة بهم، ولا تركهم لشيطانهم.!.
أما محمد الحسن الندوي فيقول: (إن سر نجاح الإمام الشهيد حسن البنا هو الحلم والصفح والغفران والعرفان بالجميل والأخوة الندية العذبة، وأيم الله إنها الناحية الوحيدة التي فقدناها وفقدنا معها الخير كله والبركة كلها، كان العدو اللدود والخصم العنيد يأتي حسن البنا لا يريد به إلا شرا أو لا يضمر له إلا الكيد ثم يعود محبا مأخوذا بجمال إيمانه ونور وجهه وحسن سريرته).
وهاهو حسن البنا يؤكد شهادة الندوي بقوله: (إن من عيوبي أنني لا أعرف كيف أعادي، وأخاصم وأقاطع!).هو لا يعرف كيف يكسب الأعداء، ويتقن فن كسب الأصدقاء، وكيف يؤثر في الناس؟!
ومدار حسن الأدب على حرفين، ذكرهما عبد القادر الكيلاني فقال: كن مع الحق بلا خلق ومع الخلق بلا نفس: قال ابن القيم: ما أجمل هاتين الكلمتين مع اختصارهما، وما أجمعهما لقواعد السلوك، ولكل خلق جميل؟ وفساد الخلق إنما ينشأ من توسط الخلق بينك وبين الله تعالى، وتوسط النفس بينك وبين خلقه، فمتى عزلت الخلق –حال كونك مع الله- وعزلت النفس – حال كونك مع الخلق- فقد فزت بكل ما أشار إليه القوم، وشمروا إليه، وحاموا حوله!.
والمحاضن التربوي وسائل تربوية كبرى للتعلم والتدريب على:
التعلق بالرمزيات والمثاليات والقيم الرفيعة التي هجرها الناس من أخلاق الإيثار والتعاون واحترام حقوق الآخرين والنجدات الخيرية، وشيم الفرسان والأحرار.
.