يقول الغزالي: "الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال إليه. فإن عوّد الخير وعلّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب. وإن عوّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيّم عليه والوالي له".
بهذه الكلمات لخص الإمام الغزالي مدى مسئولية الوالدين عن تربية الأبناء، لكن بعض الآباء يقول إنه قرأ العديد من المقالات، وشاهد بعض الفيديوهات، وحضر بعض الدورات التدريبية حول تربية الأولاد، ورغم ذلك استمرت مشكلته في عدم قدرته على التعامل مع أولاده بطريقة ناجحة، ويشعر بالعجز في تطبيق ما يعرفه.. فكيف السبيل؟
يحاول الأستاذ ياسر محمود الإجابة عن هذا السؤال وتبسيط عملية تربية الأولاد في عدة خطوات منها:
-
استحضار عظم المهمة: تربية الأولاد من أعظم المهام في الحياة، ويجب أن يستشعر الآباء ذلك، فربما ولد صالح يدعو له بعد موته.
-
استشعار المسؤولية: فكلنا رعاة وجميعنا مسؤول عن رعيته.
-
التفكير في الآثار السلبية: التي تنتج من عدم اتباع الأساليب التربوية الصحيحة مع الأولاد.
خطوات عملية
لابد من وضع بعض الخطوات العملية أمام نصب عينيك، مثل:
1-رفع الواقع: وذلك بأن تجلس مع نفسك وتحضر ورقة وقلماً، ثم تسجل المواقف التي لا تلتزم فيها بمبادئ التربية السليمة، ونقاط الضعف التي تنتابك في هذه المواقف، وكذلك تحدد الأسباب التي تدفعك لممارسة السلوكيات غير التربوية مع أولادك.
2-معالجات عملية وترتيب الأولويات: بعد أن تحدد السلوكيات السلبية ضع خطة متزنة لمعالجة كل سلوك، لتغييره في نفسك وفي أولادك على سواء، مع ترتيب أولويات المعالجة.
3-فترة زمنية: يجب أن تحدد فترة زمنية لعلاج كل سلوك وتصحيح مساره، ويجب أن تتقمص دور المربي الناجح وأن تكون قدوة أمام الأولاد.
4-لوحات تذكيرية: ربما تساعدك لو كتبت بعض اللوحات وعلقتها في أماكن بارزة في الشقة لتساعدك على التذكر.
5-الاستعانة بالصبر والمثابرة على تصحيح السلوك الخطأ: فلا تتعجل ولا تقنط ولا تيأس من تصرفات الأولاد لكونهم يواجهون سلوكيات خارج إرادة الوالدين عبر الشارع أو النت أو التليفزيون، فصبر جميل.
6- المتابعة وتقييم الأداء وقراءة التصرفات: احرص على أن تقيِّم أداءك بشكل مستمر؛ فالتقييم وتصحيح المسار عليه نسبة كبيرة من النجاح، وإن غضبت مرة أثناء العلاج اسأل نفسك لماذا غضبت؟ حتى لا تكرر أسباب الغضب، ومن المحبب أن تكافأ نفسك إذا أصابت أو تعاقبها إذا أخطأت.
لكن لابد من بعض الأمور التي لا غنى عنها في رحلة تربية الأبناء، ومنها:
1- استشارة أصحاب الخبرات.
2- تخفيف الضغوط وممارسة بعض الهويات المحببة لتفريغ الانفعالات السلبية.
3- عوِّد نفسك على استيعاب المشكلات اليومية التي تمر بك مع أولادك، وتذكر أن لكل جيل ظروفه.
4- تقبل إخفاقاتك مع أولادك بصدر رحب، وابحث عن أسبابها بكل حيادية وموضوعية، وبعيداً عن التأثر النفسي السلبي بنتائجها، فهذا يساعدك على تلافيها في المستقبل.
5- ابتعد عن المتشائمين وناشري الإحباط في تربية الأولاد؛ لأن كثرة كلامهم عن الإخفاقات ومصاعب تربية الأولاد تثير في النفس الشعور بالعجز، وعدم القدرة على تحقيق ما تهدف إليه مع أولادك.
6- يجب أن تتعرف على خصائص المرحلة العمرية التي يمر أولادك بها؛ لأننا في كثير من الأحيان نظن أننا فشلنا في تربيتهم ونصاب بالإحباط لصدور بعض السلوكيات منهم، رغم أن هذه السلوكيات ربما تكون من طبيعة المرحلة التي يمرون بها.
7-تعليم الأولاد القرآن الكريم والعبادات منذ الصغر حتى يحبوها ويألفوها إذا كبروا.
8- الاستعانة بالله: وفي النهاية، توجه إلى الله تعالى بالدعاء، وأَلِـحّ عليه سبحانه أن يعينك على تعديل سلوكياتك السلبية في تربية أولادك، وأن يكون لك عوناً في تربيتهم بشكل عام، واحرص على أن تدعو لهم بأن يجعلهم الله من الصالحين الموفقين.
.