الأطفال هم زينة الحياة الدنيا الذين يشيعون البهجة والسرور داخل كل بيت، ويسعد بوجودهم الوالدان، ويعملون من أجل توفير سبل الحياة الكريمة لأولادهم، غير أن كثيرًا من الآباء يخشون تدريب أطفالهم على تحمل المسئولية أو مواجهة المشاكل ومن ثم ينبروا لحل وتذليل كل ما يواجه أطفالهم من مشكلات سواء كانت كبيرة أو صغيرة، مما ينتج للمجتمع طفلًا لا يستطيع الحركة أو فعل شيء دون والديه.
فعمليّة تعليم الطفل مهارة حل المشكلات التي يواجهها أمرًا في غاية الأهميّة، فهذه المهارة تُساعد الطفل في تخطّي الكثير من العقبات وتحقيق النجاح، حيث إنَّ الأطفال الذين تنقُصهم مهارات حل المشاكل قد يكونون أكثر عُرضة للإصابة بالاضطرابات النفسيّة.
ولربما يخطئ الأهل بمبالغتهم في رعاية الأطفال عندما يمرضون ويتعاملون معهم بجزع؛ فيزرعون داخلهم الخوف أو الشعور بالحاجة للرعاية.
تقول نجلاء محفوظ: من أهم الأخطاء الشائعة وأخطرها المبالغة بحماية أولادنا وكأننا نقوم بوضعهم في صُوبات ونصنع عوازل تبعدهم عن رؤية أي شرور بالواقع، ونقدم لهم صورًا وردية لا وجود لها بالحياة عن الناس، وكيف أن الجميع يتمنون لنا الخير ولا يقصدون أي إساءة، ويفعل البعض ذلك حتى لا يصدم الأطفال خاصة، والمؤكد أن الواقع لن يرأف بهم، ولن يجنبهم المشكلات وعندئذ ستكون الخسائر أكبر.
ولذا نوصي بإخبار الطفل منذ بداية وعيه حقيقة أن الحياة بها خير وشر، وأن يكون ذلك بجرعات قليلة وعلى فترات، كما نوصي بالتفرقة بين الحنان والجزع؛ فالأول مطلوب ويفيد الطفل، والثاني مرفوض ويؤذيه، ونزرع داخله أنه دومًا يستطيع –بعد الاستعانة بالله- أن يصنع ما يفيده ويسعده.
كما يجب أن لا تبالغ بالتعاطف أثناء مروره بأزمة؛ فيشعر بالرثاء لنفسه ويعطله عن البحث عن حل ويضعف ثقته بنفسه، ولا تتجاهله فيشعر بخذلانك له، ولا تتسرع بتقديم الحلول له، واطلب منه التفكير في حلول، واستمع إليه جيدًا، وإذا لم تعجبك فلا تنتقده وقل: جيد أنك تحاول التفكير، واطرح الحل الذي تراه مناسبًا، واذكر البدائل المتاحة أمامه، مع توضيح إيجابيات وسلبيات كل خيار، وتشجيعه على التعبير عن مخاوفه وعدم السخرية منه بسببها أو المبالغة بالتهوين منها.
وعليك أن تعلّمه الاعتدال عند الأزمات؛ فلا يبالغ بها وكأنها مسألة حياة أو موت أو كارثة لا يمكنه تحملها، ولا يتعامل معها بلا مبالاة وكأنها غير موجودة.
خطوات حل المشكلات
الأطفال ليسوا مؤهلين لحل المشاكل التي تواجههم في بداية حياتهم، فوجب على الوالدين ومن يرعاهم أن يعلمهم بطريقة محببة طريقة التعامل مع المشاكل دون قلق أو فزع أو خوف من الفشل ومنها كما تذكرها خلود العتوم:
أولًا: تحديد المشكلة التي تُواجه الطفل:
ينبغي أولًا أن يقوم الطفل بتحديد نوعية المشكلة التي تُواجهه، وذلك خلال سؤال الطفل عن الأسباب التي تضايقه، وبهذا يتمكّن الطفل من تحديد طبيعة المشكلة.
ثانيًا: وضع بعض الحلول الممكنة للمشكلة:
ينبغي تعليم الطفل بأن يقوم بوضع حلول ممكنة للمشكلة التي يُواجهها، مع ضرورة التأكيد على أنَّ جميع الحلول لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون جيدة في الأفكار، كما يتوجَّب مساعدة الطفل على تطوير هذه الحلول وذلك من أجل التوصُّل إلى أفكار جيدة قد تساهم في حل المشكلة. وحتى الأفكار البسيطة أو بعيدة المنال قد تُصبح هي الحل الممكن، المفتاح هو مساعدته على رؤية أنَّه مع القليل من الجهد، يمكنه العثور على الحل المحتمل للمشكلة.
ثالثًا: تخمين نتائج كل حل:
يتوجّب على الأهل والمعلمين في رياض الأطفال والمدارس، القيام بمساعدة الطفل في تحديد النتائج الإيجابية والسلبية المحتملة لكل حل محتمل قام بتحديده.
رابعًا: اختيار أحد الحلول:
بمجرد أن يُخمّن الطفل النتائج المحتملة لكل حل من الحلول، ينبغي تشجيعه على اختيار الحل الأفضل.
خامسًا: اختبار الحل:
ينبغي أن يقوم الطفل بتجريب الحل الذي قام باختياره ويرى ما سيحدث، فإذا لم ينجح الأمر، يمكنه تجربة حل آخر من القائمة التي حددها سابقًا.
سادسًا: عدم التسرع في حل المشكلة:
عندما يُواجه الطفل مشكلة معيّنة، يجب على الأهل أو المعلم بأن لا يتسرعوا في حل المشكلة مباشرةً، وبدلًا من ذلك يجب مساعدة الطفل على اجتياز خطوات حل المشاكل، مع ضرورة تقديم التوجيهات اللازمة عندما يحتاج إلى المساعدة، كما يجب تشجيعه على حل المشاكل بمفرده.
سابعًا: امدح طفلك عندما يمارس مهارات حل المشكلات.
ثامنًا: علّمه شكر الله سبحانه وتعالى بعد انتهاء المشكلة لأنه من وفقه لحلها أو الصبر عليها.
مهارات صنع القرار
لا يجب على الوالدين أغفال أهمية غرس الصفات في وجدان أطفالهم ليستطيعوا التعامل مع المشاكل بشكل إيجابي، مثل:
احترام الذات: وهو شعور الطفل بالرضا عن نفسه حتى وإن كان من حوله يعارضونه.
الثقة بالنفس: وهي أن يكون الطفل قادرًا على طلب ما يحتاجه من المعلومات، بالإضافة إلى قدرته على الرفض، أو التعبير عمّا يرديه.
التفكير: إنّ اتخاذ القرار يحتاج إلى قدرة على التفكير والتخطيط، وهذا يأتي من خلال الممارسة والخبرة.
الاتصال والتواصل: وذلك من أجل أن يكون قادرًا على التعبير عما يريد، والاستماع للآخرين وفهمهم.
.