Business

الآراء التربوية عند الإمام على بن أبي طالب

تربي عليٌ كرم الله وجهه في مدرسة النبوة وكانت آثارها في نفسه قوية، انطبعت على سلوكه، تعلم منها الإيمان والإخلاص والصدق، وتعلم منها تحمل المسئولية بصدق والتفاني من أجلها، اتخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى وقدوة، فكان قويًا في الله عادلًا تربويا من طراز رفيع، وكان هذا منطلق اهتماماته التربوية إلى جانب أنه كان لديه الاستعداد الكافي لتحمل هذه المسئولية التربوية وساعدته ثقافته على ذلك، فقد كان من نخبة المتلقين للعلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من نخبة المثقفين في العربية وكان وافر السهم في ثقافة قومه وعصره.

إلا أن الجانب العملي في ثقافته كان أغلب وأظهر من جوانبها النظرية لما خلفه من آثار علمية في شتى العلوم تجسدت فيما نسب إليه من آثار في الآتي:

  1. شعرا: نسب إليه ديوان شعري يحتوي على نحو 1500 بيت في الزهد والابتهالات والأقوال.
  2. نثرا: فقد تميز الإمام علي كرم الله وجهه بنبوغه في هذا الجانب تاركًا مجموعة من الآثار.

وهناك كثير من خطب الإمام علي كرم الله وجهه وأقواله متفرقة في كتب الأدب كالمخلاة والكشكول لبهاء الدين العاملي.

إن الاهتمامات التربوية لعلي تنبع من إحساسه بعبء المسئولية التي أعلن عنها في توجيهاته التربوية ونصائحه في وصيته لابنه الحسين، حيث أوصاه بقوله: «وتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب رغبته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة، وأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه» وتتبين أهمية الرجوع إلى الخبرات السابقة إذا علم أن الوجود المادي للإنسان محدود في هذه الحياة الدنيا.

ويرى الإمام علي أن التربية من الحقوق الإنسانية التي يجب على الحاكم أداؤها للناس كافة قال الإمام علي: «إن لي عليكم حقا ولكم على حق، وأما حقكم فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، ونعلمكم كيلا تجهلوا» وقد أدى الإمام علي هذا الحق على خير وجه فحلقته العلمية بمسجد الكوفة دليل واضح على ذلك، كما أنه مارس تعليم أصحابه وهو في ساحة القتال، عن الأصبغ بن بناتة، أن رجلا سأل عليًا وهو مسيره للقاء معاوية، عن وضوء رسول الله– صلى الله عليه وسلم- فدعا بمخضبٍ قد ناصفه الماء، قال علي: «من السائل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم – فقام الرجل فتوضأ على ثلاثة ومسح برأسه واحدة، وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ».

وكان الإمام علي يطلب من ولاته على الأقاليم أداء هذا الحق للرعية، فمن كتاب له لأحد عماله (أما بعد، فأقم للناس الحج وذكرهم بأيام الله، واجلس لهم العصرين فأفت المستفتي، وعلم الجاهل).

فالاهتمامات التربوية عند الإمام علي كانت حقًا مكفولًا لكل أفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم، حتى لمن هم في ساحة القتال، وجسد هذا الأمر تطبيقًا وتوجيهًا عبر رسائله للولاة، مثل: كتابه إلى زياد بن النضر الذي قال فيه كرم الله وجهه: (فإني قد وليتك هذا الجند، فلا تستطيلن عليهم وإن خيركم عند الله اتقاكم، وتعلم من عالمهم وعلم جاهلهم).

فالاهتمامات التربوية عند الإمام علي تجسدت فيما نادت به التربية الحديثة في الآونة الأخيرة وقد أصبح هذا الحق منصوصًا عليه في مواثيق المنظمات الدولية، وهذا ما بينه الإمام علي من حق الرعية في التعليم يوضح أن مهمة الحاكم في الدولة إنما هي مهمة تربوية في المقام الأول ولم تكن مجرد اهتمام بالتعليم، فقد اتسعت تلك الاهتمامات لتضم التعليم وغيره لتتسع لمدلول التربية الواسع فهمًا وتطبيقًا.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم