Business

لقمان الحكيم.. الأب المربي

 

  • كم نستمتع بقراءة سورة لقمان؟
  • وكم نحب سماعها من صاحب صوت رخيم يتلوها بأحكامها وقواعد تجويدها
  • لكن من منا حاول استخلاص العبر من آياتها، والاستفادة من وصاياها؟
  • ومن منا حاول الاقتداء بالأب لقمان في منهجه الذي سار عليه في أجل تربية ابنه؟

وفي دراسة للباحث عبد الحكيم خلفي، نقرأ ما تتضمنه هذه الوصايا من:

  • مناهج تربوية وتعليمية كفيلة بتقويم سلوك أبنائنا.
  • وزرع القيم الإسلامية السامية في نفوسهم وقلوبهم.

 

ترسيخ التوحيد

  • قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13)
  • إنه أول درس يلقنه الأب لابنه.
  • إن أصدق وصف يمكن أن يوصف به الشرك هو أنه ظلم عظيم.
  • فالإشراك بالله يجعل الإنسان يعيش في ضنك من العيش، لا يستقيم له حال، ولا تطمئن له نفس، ولا يرتاح له بال، ولا يرى غاية من وجوده.
  • فالله خلق الإنسان على فطرة التوحيد، ليأتي دور الآباء في التربية، إما ليرسخوا هذا التوحيد أو ليحيدوا بأبنائهم عنه.
  •  لذا كان ترسيخ عقيدة التوحيد في قلوب أبنائنا أول درس نتعلمه ونعلمه.

 

بر الوالدين

  • قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14)
  • إن اقتران بر الوالدين بوحدانية الله وعدم الشرك به في القرآن الكريم لإشارة قوية على قدر مكانتهما وعظمها.
  • وتنبيه للغافل إلى أن عقوقهما أكبر خطيئة بعد الشرك بالله.
  • كيف لا! وهما سبب وجود الإنسان، وقد عانا ما عانياه من المشقة في تربيته وإطعامه وكسوته وتطبيبه والإنفاق عليه.
  • لذا عد الرسول -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر حين قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟». قلنا: بلى يا رسول الله. قال: «الإشراك بالله وعقوق الوالدين».

 

اختيار الصحبة

  • قال تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (لقمان: 15).
  • إنه حرص الأب على اختيار الصحبة الصالحة لابنه، وتجنيبه رفقاء السوء، نظرا لتأثير الصحبة الكبير على سلوك الابن.
  • إن اختيار رفقاء الخير والصلاح لأبنائنا إنما هو اختيار للقيم التي نريد غرسها فيهم، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق الآباء ليضمنوا أمن سلوك أبنائهم.

 

مراقبة الله

  • قال تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 16).
  • ولينتقل به إلى درس في بيان عظمة الخالق وعجز المخلوق.
  •  وليرسخ في نفسه وعقله أن الأمر مهما كان حقيرا فقدرة الله تحيط به، يأتي به متى أراد.
  • ودقة هذا التعبير القرآني لا يصلها أي تعبير آخر.
  • فانظر إلى حبة الخردل وهي في صخرة قاسية، أو في صحراء شاسعة، أو في سماء واسعة، ثم انظر إلى قدرة الله تعالى على الإتيان بها متى شاء.
  • فكذلك يأتي بمن عصاه ليحاسبه ويعاقبه.
  • فإذا استحضرنا هذا فإننا نستحضر في أي عمل نقوم به مراقبة الله لنا.
  • وتربية الطفل على استحضار مراقبة الله تعالى في أعماله كفيلة بأن تجعله يتقي الممنوعات والمحرمات، لعلمه أن كل ما تكسبه يداه سيسأل عنه يوم القيامة.

 

إقامة الصلاة

  • قال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان: 17).
  • ينتقل الأب لقمان بابنه إلى العبادة والدعوة والإصلاح، ليحثه على إقامة الصلاة التي تعد من أعظم العبادات المؤثرة في سلوك الفرد والمجتمع، كما قرن بينها وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • فإقامة الصلاة بشروطها وآدابها وخشوعها وفي وقتها، تنهى النفس عن الوقوع في براثن الفحشاء وظلمات المنكر.
  • وتحثها على فعل الخيرات والاستزادة بزاد التقوى.
  • وهي في الوقت نفسه تهيئ المسلم كي يصير داعيا إلى الله تعالى؛ يأمر بالمعروف ويرشد إليه، وينهى عن المنكر ويحذر منه.
  • وكل من الصلاة والدعوة إلى الله بحاجة إلى صبر، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (طه: 132).
  • والداعي إلى سبيل الله لابد أن يجد في طريقه من المعوقات والأذية وإعراض بعض القلوب ما يحتاج معه إلى الصبر.
  • وإلا ييأس من الناس ويفقد الأمل في هدايتهم.
  • قال ابن كثير: «علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى فأمره بالصبر»، وهذا من عزم الأمور.

 

حسن الخلق

  • قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} (لقمان: 18-19).
  • إن زرع الأخلاق الفاضلة والآداب الرفيعة، ونبذ كل خلق ذميم، من أهم الأمور التي تجب مراعاتها في التربية.
  • ولا يكون هذا إلا بمراقبة سلوك الابن وتصرفاته، مع محاولة تقييمها وتقويمها.
  • فلا يمكن للداعي إلى الله أن يكون متكبرا ومتعاليا على الناس، بدعوى أنه ينير لهم طريق الخير وأنه صاحب فضل عليهم.
  • ولكل خلق ذميم علامات، فمن علامات الكبر صعر الخد، والإعراض بالوجه عمن يكلم، تكبرا واستحقارا.
  • ومن علاماته أيضا المشي في الأرض مرحا وعجبا.
  • وتخلية القلب من هذه الرذائل لابد أن تصاحبها تحلية بالفضائل، وهو ما قام به الأب لقمان عندما قال لابنه: { وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}.
  • فبدل أن يتعجرف الماشي ويتبختر في مشيته كان الأولى أن يمشي مقتصدا متواضعا.
  •  وبدل من أن يرفع صوته كان الأولى أن يخفضه، إذ لا يرفع الصوت إلا من كان خلقه سيئا، أو من كان مرتابا في قيمة ما يقول ، وقد شبه لقمان هذا الصوت بصوت الحمير الذي ينكره الجميع.
  • لا ينال المسلم مرتبة الخيرية إلا بالأدب وحسن الخلق ، ولا تكون أخلاقه حسنة إلا إذا كانت تربيته مبنية على عقيدة صحيحة، ويؤدي ما فرضه الله عليه من عبادات، ويستشعر مراقبة الله له، وله صحبة تعينه على الخير ويصبر نفسه معها.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم