Business

التربية المتكاملة وأثر الإيمان في تربية النشء

الثروة البشرية أغلى وأثمن ما تملكه الأمم والشعوب، وأهم من الثروات الموجودة في الحياة، فرأس المال البشري هو العامل الأساسي، والمرتكز الرئيسي، والقاعدة الصلبة للتنمية الثقافية، والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية.

وهذا ما حدا الدول المتقدمة على أن توليه عناية فائقة لتحقيق أهدافها العامة والخاصة فهي تعمل على استغلال ما لدى الإنسان من طاقات وقدرات، واغتنام ما عنده من أفكار وإبداعات، لتسخرها في البرامج العلمية والعملية المسطرة من أجل حاضر سعيد، ومستقبل مشرق.

وفي هذه الدراسة، يتناول الباحث دالسعيد بو خالفة، أثر التربية الكاملة وأثر الإيمان في تربية النشأ.

 

التربية المتكاملة

 قدمت التربية المتكاملة المناهج العلمية، والأسس والمبادئ والنظريات التربوية وربطت ذلك ارتباطا وثيقا بالصحة العامة أولا، ثم بالصحة النفسية ثانيا. وهيأت إنجاح مخططاتها كل ما يحتاج إليه الفرد والمجتمع من خلال التربية، وأي تربية؟ التربية الكاملة المتكاملة الشاملة لجميع الميادين الجسمية والروحية، وشتى المجالات الفكرية والعقلية.

وبذلت الجهود المعتبرة التي سخرت لها مختلف النفقات المادية والإمكانات الفكرية والمعنوية، وانصب اهتمامها بشكل مؤكد بعد تربية الأطفال على المراهقين والشباب لتحقيق ذواتهم من جهة، وتعرفهم على ما يواجههم في الحياة من تطورات، وما يلامس أحاسيسهم ومشاعرهم من انفعالات وتفاعلات، حتى يستطيع أولئك الشباب معرفة مشكلاتهم والتحدث عنها مع المربين والاختصاصيين، ليوجهوهم إلى الحل الصائب، بحيث لو بقيت هذه المشكلات من غير حل، لأفرزت عديدا من الأمراض النفسية التي إن تأصلت في النفس الإنسانية نخرت قوى الشباب الجسمية والفكرية.

وما هذا الاهتمام بالناشئة والرعاية لهم عن الدول المختلفة ببعيد، فهي تعير اهتمامها، وتقدم وافر إمكاناتها من أجل التنمية والحضارة، وتربط هذه الأهداف التنموية والإصلاحية بالعنصر الإنساني رأس المال البشري، لتربيته وإعداده على أيدي علماء ومربيين يؤمنون بالقيم الاجتماعية والروحية والخلقية، والتراث القومي الإنساني بروح متفتحة، وأخلاق سامية، وطموح كبير للحاق بركب الدول المتقدمة، حتى لا يقفوا مشدوهين أمام التقدم العلمي والانفجار المعرفي، والتسارع التكنولوجي.

وبات من الواضح أن أمتنا التي وعت ذاتها، وأدركت مسؤوليتها، واستفاقت من غفوتها لهي اليوم أكثر من أي وقت مضى تسير بعقلانية نحو التقدم، بل إن التقدم روح تعصف في ضمير الأمة فتدفعها إلى العطاء لتعي أنه طريق الخلاص لها وللإنسانية، المرتبط بالإيمان بالله تعالى، ثم بالإنسانية العميقة، وإن أتى التقدم من دونها فلا كان التقدم.

ومنذ أمد ليس بالبعيد وضعت المؤسسات التربوية في أمتنا البرامج والمناهج والآليات التربوية، والقواعد السلوكية، ووفرت البيئة الصالحة على الرغم من المعوقات التي تواجهها بين الفينة والفينة، لإرشاد الناشئة، وتربيتهم على الإيمان والعمل الصالح، على نحو يضمن لهم تربية سليمة، وتنمية قوية، وتغذية فكرة صافية.

 

أثر الإيمان في تربية النشء

ولا يزال –من فضل الله علينا– الخير في أمتنا، ولا تزال النساء اللواتي أنجبن القادة الأبطال والعلماء العظام والمربين الأفذاذ والدعاة الأكفاء يقدمن للمجتمع الرجال الذين أخلصوا لله تعالى وللإسلام: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب: 23)، ومنهم من اتصف بالصفة الكريمة التي وصف الله عز وجل بها عباده المؤمنين بقوله: {ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} (الحشر: 9)، فأخذوا على عاتقهم بناء المجتمع على الوحدانية والإخاء والمحبة والمساواة، والمحافظة على الأمة بجميع ممتلكاتها البشرية والمادية للسير بها قدما نحو الأمام؛ لإرساء القواعد والمبادئ الإنسانية التي نادى بها الإسلام.

وفى المجتمع الإسلامي المعاصر يقع على عاتق كل المؤسسات الرسمية والشعبية، الدينية والاجتماعية، التربوية والتعليمية، مهمة الاهتمام بمشاكل كل الشباب بصورة أكثر جدية وفعالية، وأن تعمل على إزالة ما يعترضهم من معوقات، وما يعتريهم من مشكلات، وفي الوقت نفسه إشباع ما لديهم من حاجات ليتمكنوا من تأدية دورهم في الحياة.

وعلى الشباب أيضا أن يحسنوا العلاقة بالله رب العالمين بالتقوى وحسن الخلق، وأن يعتمدوا عليه في تسيير أمورهم، ثم إبصار ورؤية الطريق السوي المستقيم الذي يوصلهم إلى الغاية والهدف، وتقرير العبور إلى القصد والغاية مهما كانت الصعوبات، وإدراك الحقيقة التي تقول إن النجاح ليس مرتبطا بتحقيق الأهداف ولكن ببذل الجهد واتخاذ الأسباب، وكما قال الله تعالى: {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (الطلاق: 2)، {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (الطلاق: 4).

ولا تزال التربية العامة قائمة إلى جانب التربية الإسلامية للأخذ بيد الشباب نحو شاطئ الأمن والأمان والسلم والسلام وبناء المستقبل السعيد لتحقيق الخلافة الإنسانية في الأرض.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم