Business

لهذا.. عودوا أولادكم ارتياد المساجد

للمسجد في الإسلام مفهوم شامل، وهو ليس مفهومًا ضيقًا ينحصر في المكان المعد للصلاة وقراءة القرآن، فالمساجد في الحس الإسلامي كلها مراكز للدعوة والنضال والتعليم، ويعتبر المسجد عاملًا أساسيًّا ومهمًّا لنشر التربية الإسلامية، ويكمن أثر المسجد التربوي في أنه لا تحده مرحلة عمرية معينة، فهو للكبير والصغير على السواء.

وقد كان المسجد دومًا منذ عهد الرّسول - صلى الله عليه وسلم - الموجّهَ لحياة المسلمين، والمديرَ لشؤونهم، والمدبّرَ لأمورهم، فقد كان المدرسة والمعهدَ، والجامعةَ والثّكنة، والنّاديَ وكلَّ ما يحتاج إليه المسلم في التّكوّن، أي كان الملاذ والحصن للمسلم في تنظيــم شؤون معاشه ومعاده.

للمسجد أثر كبير على النشء وخاصة إذا تعودوا منذ صغرهم على ارتياد المساجد بصحبة آبائهم، فالمسجد محضن تربوي ذو أثر عظيم يحافظ على الفطرة، وينمي الموهبة، ويربط النشء بربه من أول ظهور الإدراك وعلاقات التمييز، ويطبع فيه المثل والقيم، والصلاح بتأثير من الصالحين والخيرين ورواد المساجد من خلال المشاهدة والقدوة. كما يقوم المسجد بتدريب الطفل على النظام، ويعلمه كيف يتعامل مع الآخرين من خلال المشاركة الاجتماعية، والاختلاط بفئات المجتمع، فينشأ على الأخلاق الفاضلة، والمبادئ السامية والشجاعة لأنه يختلط بالكبار، ولا يهابهم، ويتعلم الاطمئنان النفسي، ويتربى على النظام من خلال الصفوف المتراصة للصلاة، فيكون انطباعها في نفسه الترتيب، والنظام، ويشهد طاعة المأموم لإمامه، ويرى احترام الصغير للكبير، فتكبر هذه المفاهيم، وتشب معه. وكانت صلة الأطفال الصغار بالمسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده صلة قوية وثيقة نماها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من خلال أفعالهم وتوجيهاتهم.

إن تردد الناشئ على المساجد منذ نعومة أظفاره يجعله ينمو نموًا لا مشاكل فيه، ولا تعقيد أمامه، ولا اضطراب في نفسه، ويثبت قلبه على الإيمان لأن مرحلة المراهقة من أخطر المراحل في حياته، وعند بلوغه يكون قد حُصن فؤاده، وثبت يقينه فلا قلق، ولا اختلال، ولا أوهام لأن في المسجد يجد المناخ الطيب، والجو الديني، والمجتمع الطاهر، فتتأصل في نفسه أمور العبادة، وآداب التعامل، وشدة المراقبة لله فيكون عضوًا سليمًا في مجتمعه، ويصدق فيه الحديث الشريف: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم القيامة، منهم شاب نشأ في عبادة الله».

وما أن أعلنت الحكومات عن عودة فتح المساجد حتى تلقفتها القلوب المؤمنة بفرح غامر سواء الكبار والصغار لما استشعروا في هذه المساجد المحضن التربوي الحصين الذي قد يعصمهم وسط هذه الفتن الكثيرة التي لا نهاية لها.

وبإعادة فتح المساجد بعد ما يقارب ثلاثة أشهر من إغلاقها ووقف أداء الصوات فيها، يشعر الجميع، براحة نفسية وطمأنينة كبيرة، فالمساجد مرتبطة بالدين والإيمان، وهي بالإضافة لكونها مكان الصلوات فهي ملتقى أهل الخير ومنطلق الدعاة، ومحضن للتربية والتوجيه، وفيها يشعر الإنسان بالقرب أكثر من الله، وإعمارها فيه تعظيم لشعائر الإسلام.

ومن هنا فالواجب أن نستعين بكل وسيلة من شأنها أن تشوق الطفل إلى المسجد، وتحببه إليه، ونحذر من كل أسلوب من أساليب التنفير من المسجد، ولا عبرة للذين يرون إبعاد الأطفال، وأبناء المصلين عن المساجد، وخاصة إذا وجد من يهتم بهم وينظم وجودهم، ويعلمهم ويربيهم ويرشدهم، وذلك لأن مفسدة انحراف الأطفال بإبعادهم عن المساجد أخطر من مصلحة الحفاظ على أثاث المسجد أو الهدوء فيه.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم