إعداد: محمد الغنام
لم يكن الفكر التربوي الذي ينطلق من المنهج الإسلامي حكرا على القدماء من المفكرين وعلماء التربية، فقد حظي هذا المجال برجال وضعوا له أصولا وطرحوا له أطروحات تركت بصماتها الواضحة على الجهود التربوية سواء في مجال النظرية أو في مجال التطبيق.
وكان الدكتور ماجد عرسان الكيلاني واحدا من هؤلاء الرجال الذين تركوا من خلفهم علما واسعا وفكرا رصينا كان له أثره على واقع التربية المعاصر، كما ترك تراثا علميا ضم عددا من الكتب التي تميزت بالرؤية التربوية ولم تقتصر على نقل الأفكار والآراء من المذاهب التربوية المختلفة، بل ساهمت بشكل بارز في طرح نظرية متكاملة تنطلق من المنهج الإسلامي، وإن كان برؤية معاصرة.
ويحسن بنا أن نقف على تعريف واف بالدكتور الكيلاني قل أن ندلف إلى قراءة كتاباته والوقوف على محدداتها ومكوناتها، حيث ولد بالأردن في عام (1932)، وأحد كبار علماء التربية الإسلامية في العصر الحديث، حصل على الليسانس في علم التاريخ من جامعة القاهرة في عام (1963)، ثمّ حَصل على الدبلوم الخاص في أصول التربية من الجامعة الأردنية في عام (1969)، ودبلومٌ آخر في القياس والتقويم من الجامعة الأمريكية في القاهرة في عام (1970)، كما حصل الدكتور الكيلاني على شهادة ماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكيّة في بيروت في عام (1974) عن رسالة بعنوان (نشأة المدرسة القادرية)، وشهادة ماجستيرٍ أخرى في أصول التربية من الجامعة الأردنية في عام (1976) عن رسالةٍ بعنوان (تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية)، وأخيراً حصل على شهادةِ الدكتوراة في أصول التربية من جامعة بتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، إحدى ولايات الولايات المتحدة الأمريكية في عام (1981) عن رسالةٍ بعنوان (الفكر التربوي عند ابن تيمية).
وتبوّأ الدكتور الكيلاني العديد من المناصب؛ حيث عمل في وزارتي التربية والتعليم، والأوقاف الأردنيتين، كما ترأس إدارةَ مركزِ البحوث والدراساتِ الإسلامية في الأمم المتحدة، وعمل أيضاً في سلك التدريس الجامعي في العديد من الجامعات العربية، وشارك في العديد من الأعمال المختلفة على رأسها ما يتعلّق بالمناهج التعليمية في الأردن، ودولٍ عربية أخرى، كما كانت له مشاركات في مؤتمرات عربية وعالمية مُختلفة ومُتعددة.
وقد انصب اهتمام الدكتور ماجد الكيلاني على التأليف في مجال التربية الإسلامية وله مؤلفات عديدة، أشهرها (سلسلة التربية الإسلامية) التي تشتمل على أهداف التربية الإسلامية وأساليبها وأدواتها، وكتابه "فلسلفة التربية"، الذي اعتبرته منظمة اليونيسف أفضل كتاب في مجال التربية الإسلامية، وله العديدَ من الأبحاث والمقالات المُختلفة والهامة وباللغتين العربية والإنجليزية.
وقد حصل الدكتور الكيلاني على عشرات الجوائز العالمية عن أعماله وإنجازاته العظيمة، كان آخرها "جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية الأولى".
وتوفي الدكتور الكيلاني 24 أكتوبر 2015 عن عمر يناهز 83 عاما، نذر فيها نفسه وحياته لبيان أصول التربية الإسلامية، ودورها في بناء الأمة.
تمثل النظرية التربوية عنصرا هاما في تركيبة المجتمع فهي تمثل شبكة العلاقات الاجتماعية التي يرغب بها المجتمع لتنظيم سلوك أبنائه والمؤسسات التي يعملون بها حتى يتم تأهيلهم وتنسيق جهودهم لتلبية حاجاتهم ومواجهة التحديات التي تواجههم.
وقد كان لكثير من علماء التربية على مدار التاريخ الإسلامي مدارس تربوية أسهمت كلا منها في إعادة قراءة المبادئ التربوية الإسلامية العامة واستخلصوا منها كثيرا من الأفكار والأدوات التربوية، وكان للدكتور ماجد الكيلاني إسهامات كبيرة في هذا المجال حيث تمخضت قراءاته ودراساته التربوية في عدد من الكتب والإصدارات التي وضع من خلالها أسسا لنظرية التربية الإسلامية.
وعبر حلقات نتعرض لملامح الفكر التربوي عند الدكتور ماجد الكيلاني نبدأ فيها ببيان مفهوم النظرية التربوية ومكوناتها وتطبيقاتها، ثم نتحدث عن فلسفة التربية الإسلامية مقارنة بالفلسفات التربوية المعاصرة، ثم نتحدث عن نظرية المعرفة في التربية الإسلامية، ثم نتناول مناهج وأهداف التربية الإسلامية، وفي الختام نتناول دور التربية في تنمية الفاعلية عند العربي المعاصر.
تقرأون في الملف:
.