في الثاني والعشرين من مارس كل عام، تمر علينا ذكرى الشهيد العظيم أحمد ياسين الذي أيقظ الأمة، فكان روحا سرت في قلب أمتنا الحبيبة فأحيت فيه معانٍ كثيرة وعظيمة نلتمس منها هنا، دوره وأثره في تربية الطفل المسلم كنموذج رائع، ومدرسة عظيمة يتعلم منها الكبار والصغار.
نشأ الشهيد في طاعة الله تبارك وتعالى منذ نعومة أظافره وهو طفل مطيع لربه حريص على دينه، يحب الالتزام بأوامر الله وتعليمات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتميز الشيخ أحمد ياسين بحب الوطن والحرص عليه والعمل على أن يكون الوطن الإسلامي هو خير الأوطان وتخليصه من كل عدوان وتطهيره من تدنيس المحتل، فلم يعش أنانيًا يفكر في نفسه فقط بل اهتم بشان بلده الحبيب (فلسطين) المحتلة، وكان يفكر ليل نهار في تخليصه من دنس اليهود.
الارتباط بالمسجد وحسن الصلة بالله
كان المسجد رمزًا لحياة الشهيد العظيم ورمزًا لمماته أيضًا، فطوال عمره كان المسجد محور حياته يُصلي فيه كل الفروض رغم شلله الرباعي ويجتمع فيه يرشد الناس في حلقات العلم ويخطب الجمعة وينظم من خلاله المظاهرات وقيادة الانتفاضة المباركة، وينطلق منه لجمع التبرعات وكفالة الأيتام وتنظيم العمل الخيري فكان المسجد طوال حياته ميدان عبادة وتعليم وجهاد وتعاون وفعل للخيرات، وكان المسجد العظيم أيضًا رمزًا لممات واستشهاد شيخنا العظيم الذي أحسن الله تعالى خاتمته بعد خروجه من صلاة الفجر وفاضت روحه الطيبة التي عاشت تعانق المسجد.
كان -رحمه الله- مجتهدًا صاحب همة عالية في تحصيل العلوم والتفوق فيها، وقد أبدع في اللغة العربية وعمل بالتدريس في المدارس والمساجد، واهتم بتعليم شعبه ومحاربة الجهل والتخلف الذي يمهد لسطوة الاحتلال.
وحرص على تعليم الأطفال القرآن الكريم في الكتاتيب وربَّى أطفال الانتفاضة (انتفاضة الحجارة أو انتفاضة المساجد) العظماء الذين أذلوا اليهود من خلال الكتاتيب والمساجد.
مدرسة في الابتكار والتخطيط
تعلمنا من أحمد ياسين الأخذ بالأسباب والتدريب والإعداد من أجل تحرير الأوطان، فكان يلتحق بمعسكرات التدريب على الجهاد في سبيل الله لتحرير القدس الشريف والأقصى المبارك، وذلك قبل إصابته بالشلل الرباعي.
وتعلمنا منه كذلك الابتكار والإبداع: فحركة المقاومة الإسلامية حماس التي أسسها الشيخ علمت المسلمين الابتكارات الرائعة في مقاومة أعداء الإسلام بدءًا بالحجارة ثم السكاكين ثم العمليات الاستشهادية ثم الصواريخ (القسام 1، القسام 2، البنا) وغيرها، في نماذج رائعة للتطوير والابتكار والاختراع.
مدرسة في الأمل ونبذ اليأس
تميز أحمد ياسين بروح الأمل العظيم وعدم الاستسلام لليأس: فالإعاقة لم تكن سببًا لقعوده في منزله أو الإصابة بالاكتئاب والحزن؛ لأنه مصاب بشلل رباعي كامل لا يتحرك من جسده سوى رأسه فقط.
وعلمنا الشهيد تجاوز الإعاقة: فالطفل المعاق غالبًا ما ينظر إليه الأطفال غير المؤدبين نظرة غير طيبة؛ لكنه لم يتأثر بهم ولم يحزن في نفسه بل تحدى الإعاقة وبدلًا من أن ينشغل بنفسه راح يأخذ بالأسباب التي تمكنه من نصرة الإسلام.
أحمد ياسين مدرسة في القوة ونبذ الضعف
إنَّ رجولة الرجال لا تقاس بقوة الأجسام بل بقوة الإيمان وفضائل الأخلاق، فقد كان الشيخ نموذجًا للقوة في كل شيء فلم يضعف أمام شيء على الإطلاق بل كان قويًّا يهز العالم بكلماته ويبث الرعب في قلوب اليهود والمجرمين.
مدرسة في الاعتماد على النفس وعدم الخديعة بوعود الغير
فقد صرَّح الشيخ الشهيد المجاهد الرمز أحمد ياسين قبل استشهاده بأيام قليلة إنه خرج من النكبة بدرس أثَّر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد وهو أنَّ الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على الغير سواء أكان هذا الغير الدول العربية المجاورة أم المجتمع الدولي.
مدرسة في الحرص على رضوان الله وحب الشهادة في سبيل الله
فقد كرَّس الشيخ حياته كلها لله تبارك وتعالى ومن كلماته: «أملي أن يرضى الله عني»، وقد كان يتمنى الشهادة في سبيل الله وكان يقول: «يخوفوننا بالموت.. نحن طلاب شهادة.. ونحن ننتظرها»، وقد أخبرت زوجته الفاضلة أنه اجتمع مع أسرته قبل يوم من استشهاده وقال لهم: «أشعر أنني سوف استشهد وأنا أطلبها، أبحث الآخرة ولا أريد الدنيا»، وكان نموذجًا للشجاعة النادرة لم يجلس في بيته رغم التهديدات والملاحقات الدائمة من اليهود المجرمين بل انطلق أسدًا شجاعًا يقوم بواجبه نحو وطنه العزيز.
كيف نحتفل بالشهيد العظيم أحمد ياسين؟
الحرص على إحياء ذكرى استشهاده كل عام في الثاني والعشرين من مارس عن طريق:
- عمل جلسة أسرية لمدارسة سيرة الشهيد.
- عمل حفلات وندوات ومعارض وأسابيع نشاط عن الشهيد.
- تشجيع الأولاد على عمل بحوث عن حياة الشهيد.
- عمل مجلات حائط ومسابقات ثقافية ومسابقات شعرية.
- إطلاق اسم الشيخ (أحمد ياسين) كرمز عظيم على الفرق وجماعات النشاط والشوارع وقاعات الدروس والدورات الرياضية.
- تدريس نموذج الشيخ أحمد ياسين في المدارس والمؤسسات التي تتعامل مع المعاقين.
- إحياء أنشطة المقاومة والمقاطعة ضد أعداء الشيخ ياسين وأعداء الأمة والاهتمام بكل أشكال الدعم للقضية وجمع التبرعات.
.