إن غياب الدين عن واقع المسلمين ومجريات حياتهم في كثير من المجالات في معظم البلدان إن لم تكن كلها؛ يُذهب الأمل، ويزرع اليأس من عودة الدين إلى الحياة، فضلًا عن أن يعود إلى القوة والغلبة والتمكين في الأرض.
ولولا نصوص ثابتة وآيات محكمة في الكتاب والسنة لقال قائل: لا عودة للدين بعد اليوم؛ لذلك تتأكد الحاجة إلى تعاهد غرس اليقين في قلوب المؤمنين بعودة الدين وبتحقق ما وعد الله به عباده المؤمنين من الاستخلاف والتمكين، وإن لم يتحقق في زماننا، إلا أنه وعد ممن لا يخلف وعده، فالوعد متحقق لا شك في ذلك، لكن إذا تحققت شروطه، وانتفت موانعه.
وفى هذه الدراسة، يرى الباحث نبيل بن عبد المجيد النشمي أنه مع الضعف والهوان والذل والاحتلال يحتاج المسلم إلى ما يقوي يقينه ويثبته عليه؛ فإنه يتعرض في كل ساعة بل في كل لحظة لما يزعزعه ويزلزله من مكانه؛ فيحتاج إلى من يذكره بوعد الله وبنصره لأوليائه
أسباب ضعف اليقين
1- ضعف الإيمان:
فهو سبب كل بلية، وخاصة الأمور القلبية؛ فإذا ضعف الإيمان فالنتائج مدمرة في جميع مناحي الحياة، ومن ذلك: ضعف اليقين في القلوب؛ إذ إن دافع اليقين الرئيس ووقوده هو قوة الإيمان كما قال الصحابي –رضي الله عنه- الذي امتلأ قلبه يقينًا بوعد الله وبالجنة، فقال وهو يرمي تمرات كانت بيده متجهًا إلى ساحة القتال: «إنها لحياة طويلة حتى أكل هذه التمرات».
2- الجهل:
وخصوصًا الجهل بسنن الله في الكون أو الغفلة عنها، وبسنة الله في نصرة عباده وتمكينهم، والجهل بالمنهج الرباني في نصرة الأولياء وخذلان الأعداء؛ فنصر الله لأوليائه لا يأتي إلا بسنن وشروط وضعها الله في مثل قوله – سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد : 7].
3- البعد الظاهر عن القرآن:
القرآن يزرع اليقين وينميه كما يفعل اللبن في الرضيع، والمطر في الزرع؛ فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، وهو المعين الصافي الذي يمد الروح بما تحتاج إليه من قوة، وينبت زرع اليقين في القلب كما ينبت الماء البقل، بما فيه من آيات بينات، ومواقف وعبر من قصص الأنبياء ومواقفهم مع أقوامهم، إلى ما في منهج القرآن أصلًا من تربية أصيلة ومتينة على قوة الصلة بالله سبحانه وتعالي.
وسائل رفع درجة اليقين
لابد من بذل الأسباب والبحث الجاد عن كل وسيلة ترفع درجة اليقين في قلوب المؤمنين بعودة الدين وبتحقق وعد رب العالمين، وعلى الدعاة تقع المسؤولية فهم المرتجى في زماننا –بعد الله- فاليقين يثمر: الثبات على الحق، والبذل في سبيله، والعمل المتواصل لنصرة الدين، واستصغار الدنيا، وتخطي الصعاب، والصبر على المصائب، والتعلق بالآخرة، واستصغار الأعداء، وعزة النفس، والثقة بالمنهج، والاعتزاز بالحق
ومما يعين على ذلك:
1- قراءة التاريخ والوقوف عند فواصله:
تاريخ أمتنا مليء بفواصل مهمة مرت فيها الأمة؛ من عزة وتمكين وقوة وظهور، إلى ضعف وهوان، وفى كلا الحالتين هناك عوامل وأسباب وآثار، وهناك طرق خروج من الهوان، وطرق وصول إلى النصر، بأمثلة وحوادث واقعية؛ فالوقوف مع التاريخ للعبرة والإفادة والتعلم وأخذ الدروس يعيد من حالات العزة والتمكين أملًا، ويبعث طموحًا، ويرسل من حالات الهوان عبرة وموعظة حتى لا تتكرر.
2- التذكير بوعد الله:
ومن ذلك الثقة بوعده الذي سجله في كتابه وعلى لسان رسوله أنه ولي الذين آمنوا والمدافع عنهم، والمنجى لهم، وأنه ناصرهم على عدو الله وعدوهم، وأنه معهم بتأييده وعنايته، وأنه لا يخلف الميعاد، وأنه يملي للظالمين ثم يأخذهم أخذ غزيز مقتدر، وأنه يمهل ولا يهمل، وأنه للفراعنة والطغاة بالمرصاد.
3- التربية على الصبر:
الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، والصبر على جهاد المشاقين لله، والصبر على الكيد بشتى صنوفه، والصبر على بطء النصر، والصبر على بعد الشقة، والصبر على انتفاش الباطل، والصبر على قلة الناصر، والصبر على طول الطريق الشائك، والصبر على التواء النفوس وضلال القلوب.
4- اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في زرع اليقين:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم بزرع اليقين في قلوب الاتباع؛ وذلك لما تقتضيه المرحلة وتحتمه الأوضاع التي كان يمر بها أصحابه –رضوان الله عليهم– فقد كان يبعث عناصر الثقة في قلوب رجاله، ويفيض عليهم ما أفاضه الله على فؤاده من أمل رحيب في انتصار الإسلام، وانتشار مبادئه، وزوال سلطان الطغاة أمام طلائعه المظفرة في المشارق والمغارب.
ومن الوسائل النبوية في ذلك:
- ضرب الأمثلة من الأمم السابقة.
- الوعد بالجنة والفوز بالآخرة.
- ربطهم بالقرآن المعجز بذاته.
.