5- الإكثار من ذكر الله:
إن ذكر الله من أفعل أساليب التربية الذاتية؛ فبه تربى القلوب وتطمئن، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد) وبه يجدد الإيمان؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جددوا إيمانكم. قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول الله؟ قال: بذكر الله».
ونظرًا لأهمية هذا الأسلوب وتأثيره في تربية الشخصية المسلمة، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى ليس بذكر الله فحسب، بل بالإكثار من ذكره سبحانه وتعالى، وهذا ما نلحظه في معظم الأوامر الربانية القرآنية؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً} (الأحزاب). وأثنى سبحانه وتعالى على المكثرين من ذكره فقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب). وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} (الأحزاب). وقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة). وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال). وذم المنافقين قبل أن يوضح مصيرهم البئيس؛ حيث قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء)؛ وذلك بعد أن أثبت لهم صفة مذمومة؛ وهي قلة ذكره سبحانه تعالى؛ فقال: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء).
تطبيق ذكر الله تعالى
حرص الأب على أذكار الصباح والمساء، ويمكن أن يقدم لابنه كتيبًا صغيرًا به هذه الأذكار؛ ليتلوها من الكتيب مع الأسرة؛ حتى يحفظها. ويمكن للأب أيضًا أن يعود أبناءه أذكار الطعام والشراب، وأذكار الخروج من البيت ودخوله، وغير ذلك من الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك وسائل كثيرة؛ منها الترديد، ومنها لصق الأوراق المتضمنة لهذه الأذكار في أماكنها المناسبة؛ فدعاء دخول المنزل يمكن أن يوضع على الباب من الخارج، ودعاء الخروج من المنزل يمكن أن يوضع على الباب من الداخل، وهكذا؛ حتى نهيئ لأبنائنا جوًا إسلاميًا يعيشونه، ويألفونه ويشبون عليه.
يمكن للمعلم أن يعود تلاميذه الترديد خلف المؤذن عندما يؤذن للصلاة، فإن كان ذلك في أثناء الحصة توقف المعلم عن التحدث، وردد خلف المؤذن كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنالك سيقتدي به التلاميذ ويرددون هم أيضًا. كما يمكن له أيضًا أن يستثمر الأنشطة الحرة لخدمة هذا الهدف؛ فيضمن الإذاعة المدرسية ذكرًا مأثورًا، أو يعلق هذه المأثورات في المسجد، أو يبين فضل الذكر في صحيفة المدرسة أو صحيفة الفصل، ووسائل ذلك كثيرة كثيرة.
.