2- التفكر:
التفكر عبادة منقرضة من حياة المسلمين الآن، وما أحوج المسلمين إليها في الفترة الراهنة، وقد حث عليها القرآن الكريم، كما دعت إليها السنة المطهرة. وللتفكر أنواع متعددة؛ أهمها:
أ- التفكر في مخلوقات الله:
فالقرآن الكريم يدعو إلى ذلك في مواضع كثيرة؛ منها على سبيل التمثيل ما ورد في سورة آل عمران؛ حيث يقول سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} (آل عمران ).
ب- التفكر في آي القرآن الكريم:
ولا نقصد بالتفكر هنا التعبد بتلاوة القرآن الكريم جزءًا كل يوم على الأقل، ولكن المقصود هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه ظل ليلة كاملة يردد قوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) } (المائدة)، فإذا كانت هذه هي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القرآن الكريم الذي أنزل عليه، فما أحوجنا نحن إلى تدبر آياته والتفكر فيها؛ إذ حثنا المولى سبحانه على ذلك؛ فقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} (محمد).
جـ- التفكر في أحوال الموتى:
إن من المعينات للمسلم على تربية نفسه أن يكثر من التفكر في أحوال الموتى، وخاصة هؤلاء الذين كانت بهم علاقة قرابة أو صداقة، وسار معهم كثيرًا، وحدثهم طويلًا، فليسأل نفسه: ماذا كانوا؟ وكيف أصبحوا؟ أين حديثهم؟ أين أصواتهم؟ أين قوتهم؟ فمثل هذه الخواطر والتأملات تعين الفرد على نفسه الأمارة بالسوء، وتذكره دائمًا بمصيره؛ فتعينه على الشيطان؛ كي يسلك الطريق السوي إلى ربه، مهما كلفه ذلك من جهد ومشقة وتضحيات.
د- التفكر في أحوال الأمم:
فتفكر المسلم في أحوال الأمم وسنة المداولة: {... وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ...} (آل عمران). فهذه أمة تُرفع، وتلك أخرى تُخفض، وهذه تصبح غنية قوية، وتلك تعدو فقيرة ضعيفة.. فمثل هذا النمط من التفكر يحمي المسلم من الافتتان بقوة الأمم ونسيان أن القوة لله جميعًا.. إنه نمط من التفكر يحيى في قلب الإنسان دائمًا هذه الحقيقة الناصعة الواضحة التي لا لبس فيها ولا غموض: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)} (آل عمران).
تطبيق أسلوب التفكر
مثال تطبيقي في البيت:
دعوة الوالدين الأبناء للتفكر في مخلوقات الله، والآيات القرآنية؛ فعند الخروج في رحلة يمكن لولي الأمر أن يلفت نظر طفله إلى إبداع خلق الله وجميل صنعه؛ في الشجر، والحيوان، والإنسان، والنبات والماء، والأرض، والسماء... وغير ذلك كثير.
مثال تطبيقي في المدرسة:
بدلًا من تدريس درس في العقيدة مثلًا عن (قدرة الله) بالفصل الدراسي، يمكن للمعلم أن يخرج بتلاميذه إلى حديقة المدرسة، ثم يلفت نظر تلاميذه قائلًا: «انظروا إلى السماء.. ماذا ترون فيها؟ هل لها أعمدة؟ نستطيع أن نقيم بناءً عاليًا دون أعمدة؟ من الذي رفع السماء بلا عمد»، وهنالك ينطلق التلاميذ مجيبين: «إنه الله القادر على كل شيء... سبحانه الله».
.