Business

منهج الإسلام في تربية الشباب

إن الشباب المسلم المتمسك بدينه، علي ضوء القرآن والسنة، هم الأمل في إعادة كرامة وعزة وأمجاد الأمة الإسلامية إليها، كما كانت في عهد الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من القرون الثلاثة الأولى الفاضلة.

وفى هذه الدراسة التي أعدها الباحث صلاح نجيب الدق، يرصد كيف يحاول أعداء الإسلام توجيه فكر الشباب المسلم نحو الثقافة العلمانية والمادية التي تسود المجتمع العالمي، بعيدا عن تعاليم الشريعة الإسلامية المباركة، وذلك لكي ينشأ الشباب المسلم، وهو مقطوع الصلة بدينه القويم، مفتونا بالحضارة الغربية، المادية، ولذا فإن حماية هذا الشباب المسلم، تقع على الآباء، ورجال التربية في البلاد الإسلامية.

ولقد ظهر أثر هذا الغزو الثقافي الغربي السلبي على كثير من الشباب المسلم، الأمر الذي يدل بوضوح على تقصير الآباء ورجال التربية في القيام بواجباتهم ومسئولياتهم التربوية نحو الشباب المسلم.

 

عوامل تكوين شخصية الشباب

هناك مجموعة من العوامل التي تعتبر سببا كبيرا في تكوين شخصية الشباب، ومنها الوالدان، والأصدقاء، والمدرسة، والمجتمع:

أولًا: الوالدان:

يعتبر الوالدان هما المؤثر الفعال في شخصية الشباب، فكلما كان الوالدان على تقوى من الله؛ كلما انعكس ذلك على أولادهما في مرحلة الشباب.

ثانيًا: الأصدقاء:

للأصدقاء تأثير على من في سنهم من الشباب، فالصديق الصالح له أثر طيب، والصديق السوء له أثر سيئ على صاحبه، قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-: «ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب».

وفعن أبي موسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة».

 

عناية الإسلام بالشباب

أولًا: القرآن الكريم:

اهتم القرآن الكريم بالشباب من حيث تربيته وحسن معاملته، فقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أمثله لشباب تربوا على مائدة الرحمن، ولم يؤثر فيهم فساد عقيدة المجتمع الذي عاشوا فيه، واعتزلوا عن كل انحراف مستعينين بتأييد الله تعالى لهم، فكانوا مشاعل ضياء في مجتمعاتهم الفاسدة، وسوف نذكر بعض أمثلة لهؤلاء الشباب.

يوسف بن يعقوب صلى الله عليه وسلم: تربي يوسف صلى الله عليه وسلم في بيت عزيز مصر، حتى إذا أصبح شابا يافعًا ابتلاه الله تعالى بامرأة العزيز في مجتمع اعتاد على الرذيلة، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، فاستعان بالله عليها ورد الله كيدها في نحرها وعصم الله تعالى يوسف الفتن.

فتيه أهل الكهف: ذكر الله تعالى فتيه أهل الكهف ليكونوا نبراسا لمن يعيش في مجتمع يموج بالمعاصي والذنوب وفساد العقيدة. فقال سبحانه: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [الكهف: 13-14].

ثانيًا: عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب:

تتجلي عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب في كثير من أحاديثه الموجهة إليهم، وإرشادهم إلى ما ينفعهم وتصحيح عقيدتهم. ومن ذلك ما يلي:

روي الشيخان عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

وروي الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله تعالي في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله».

وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك».

 

وسائل تربية الشباب

هناك وسائل عديدة تؤثر تأثيرا كبيرا في تربية الشباب وهي: التربية بالقدوة، والتربية بالموعظة الحسنة، والتربية بالقصص الواقعية الهادفة، والتربية بالملاحظة، والتربية بالعقوبة. وسوف نتحدث عنها بإيجاز.

أولًا: التربية بالقدوة:

القدوة في التربية هي أفضل الوسائل المؤثرة في تربية الشباب، فينبغي أن نضع أمام الشباب شخصا قدوة يسيرون على نهجه في جميع أمور حياتهم. وخير قدوة للشباب هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وضع الله تعالى في شخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الصورة الكاملة للمنهج السليم القويم ليسير الشباب علي منهجه.

ثانيًا: التربية بالموعظة الحسنة:

والقرآن الكريم مملوء بالآيات التي تتخذ أسلوب الوعظ أساسا لمنهج الدعوة منها موعظة لقمان لابنه؛ حيث قال سبحانه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 16-18].

ثالثًا: التربية بالقصص الواقعية الهادفة:

القصص الهادفة لها أثر تربوي في نفوس الشباب، وهي من أهم وسائل التربية؛ وذلك لأن النفس البشرية تميل إلي الأسلوب القصصي. وقد ذكر الله تعالي كثيرا من القصص في القرآن الكريم من أجل تربية الناس. فيمكن للمربي أن يقص على الشباب قصص الأنبياء والصالحين؛ ليقتدي بهم الشباب في حياتهم الدنيا. وقد استخدم نبينا صلى الله عليه وسلم الأسلوب القصصي.

والقرآن يستخدم القصة لجميع أنواع التربية والتوجيه، التي يشملها منهجه التربوي: تربية الروح والعقل والجسم، لترسيخ المعاني الإيمانية، وغرس الفضائل في نفوس أصحابه.

رابعًا: التربية بالملاحظة:

المقصود بالتربية الملاحظة، هو ملاحظة الشاب ومراقبة تصرفاته، والسؤال عن أحواله باستمرار. ولا شك أن هذه الوسيلة من التربية تعتبر من أقوى الأسس في إعداد الشاب المتوازن، الذي يستطيع أن يقوم بمسئولياته نحو مجتمعه على الوجه الأكمل والإسلام بمبادئه الشاملة، حث الآباء والأمهات والمربين، جميعا على أن يهتموا بمراقبة أبنائهم من جميع الجوانب.

خامسًا: التربية بالعقوبة:

حين لا تفلح التربية بالقدوة ولا الموعظة، فلابد من علاج حاسم يضع الأمور في وضعها الصحيح، والعلاج الحاسم هو العقوبة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم