خلق الله تبارك وتعالى آدم عليه السلام وخلق منه زوجه ليسكن إليها وجعل بينهما مودة ورحمة، وهدف الباري من خلقه للزوجين إعمار الكون، وليكونوا خلفاء الله في الأرض، فإذا فقدت المودة والرحمة بينهما انهارت الأسرة، ونتج عن ذلك العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية، التي تؤثر بدورها على الأسرة بما فيها الأولاد.
ومن هذا المنطلق توجه الدكتور براءة علي اليوسف - جامعة اليرموك، اسطنبول، للبحث في المعنى الحقيقي للخلافات الزوجية وأثرها على الأسرة عمومًا، وعلى تربية الأولاد وسلوكهم خصوصًا، وانعكاسات تلك الخلافات على المجتمع الإسلامي.
أسباب الخلافات الزوجية
- الجهل، إذا أردنا حياة زوجية ناجحة لابد من العلم بشؤون الحياة الزوجية.
- العامل الجنسي: له أهمية كبرى في تحقيق التكيف وعدم وجود الشقاق.
- المرض: فإصابة أحد الزوجين بعاهة جسدية تؤدي إلى الشعور بالنقص وإظهار الضعف والعدوان ضد الطرف الآخر.
- النقد اللاذع المتواصل والغيرة الحاسدة التي يملؤها الشك بين الزوجين.
- عدم عناية الرجل بمظهره وعدم عناية المرأة بمظهرها إلا في بداية الحياة الزوجية.
- البطالة: وتؤدي إلى عدم الاحترام للزوج أو زيادة العدوان الموجه نحوه.
- الإسراف فى الأمور المادية.
- اتخاذ القرارات الأسرية بطريقة فردية.
- التكبر، أحيانًا يتعالى الزوج على زوجته، أو تتكبر الزوجة على زوجها، والتكبر معول يهدم السعادة الزوجية.
- الغياب الطويل، ما دامت الزوجة بحاجة لزوجها كي تسكن إليه، وما دام الزوج بحاجة إلى زوجته كي يسكن إليها.
- سوء الظن.
- نشوز المرأة، بأن تظهر المرأة الكراهية لزوجها وتعلن عصيانها لأوامره وتمردها على قوامته وتجنح إلى معاملته بأسلوب سيء.
الآثار الخطيرة للخلافات الزوجية على الأبناء
- اختلال عملية الانضباط: عندما يحصل النزاع بين الوالدين، فإنه يؤثر على انضباط الأطفال وعدم اكتراثهم بأوامر الوالدين.
- تشتت الأبناء: يتشتت الأطفال بين الأب والأم، حيث تنقسم الأسرة إلى معسكرين أو صفين؛ حيث سيتبنى كل طفل موقفًا معينا فيكون إلى جانب أمه أو أبيه، ويدافع عنه، وهذا ليس في صالح أي من الوالدين.
- توقف عملية النمو: أشارت بعض الدراسات في المجتمعات الغربية إلى أن نزاع الوالدين في محيط الأسرة يؤدي إلى توقف عملية نمو الطفل وظهور مشاكل جديدة في هذا المجال، وقد تقل شهية الطفل للطعام، أو يحصل تباطؤ في عملية الهضم بسبب حدوث خلل في إفرازات بعض الغدد، وهذا كله بسبب شعور الطفل بالغم والحزن، ويؤدي نزاع الوالدين أيضا في حال مرض الطفل إلى تباطؤ عملية شفائه واستعادته لصحته وسلامته.
- السلوك الاجتماعي المنحرف: يؤدي نزاع الوالدين وعدم توافقهما؛ إلى تمهيد الأجواء؛ لأن يسلك الطفل سلوكًا اجتماعيًا منحرفًا فيلجأ إلى الجريمة.
- تحطيم المعنويات: يؤدي النزاع إلى تحطيم معنويات الأولاد ويجذر في نفوسهم حالات القلق والاضطراب، فيصاب الأطفال بعدة أمور؛ منها:
- التشنج.
- عقدة الانطواء.
- نظرة السخط لما حولهم.
- عدم شعور الأطفال بالأمان: في الوقت الذي تكون فيه الحاجة للشعور بالأمن من أهم الحاجات النفسية التي ينبغي توفيرها للطفل نجد أن الخلافات الزوجية تتعارض مع إشباع هذه الحاجة فالطفل نتيجة للخلافات سيفقد من يرعاه ويهتم به.
- تشويه صورة الأبوين أو أحدهما عند الطفل: إن الشجار بين الوالدين يؤذي الطفل ويشوه الصورة التي يحملها عنهما؛ مما يجعل لها آثارا سلبية على حياته.
- ضعف الثقة في النفس: ينشأ هذا نتيجة لضعف الروح الاستقلالية عند الطفل، والشعور بالعجز والنقص.
- زيادة عصبية الأبناء وتمردهم في المنزل: إن كل الانفصالات تفرض الحزن والاكتئاب عندما يكون الطفل ضحية الآباء الذين تساءُ معاملتهم، وينغلق على نفسه في الاكتئاب.
- بقاء الأبناء الأكبر سنًا، خارج المنزل لأطول وقت ممكن: إن استمرار الخلافات الزوجية بين الزوجين يجعل الأطفال وخصوصا المراهقين يعمدون إلى محاولة قضاء أكبر وقت ممكن خارج البيت حتى لا يعودوا إلى الأجواء الخلافية المشحونة، وهذا قد يدفعهم إلى مرافقة أصحاب السوء.
التوصيات
- الاختيار السليم للزوج أو الزوجة عند بدء الحياة الزوجية.
- دعوة أولي الأمر، والمسؤولين إلى توجيه أبنائهم وبناتهم، وتوعيتهم دينيا وأخلاقيا وثقافيا لتحقيق السعادة لهم.
- الدعوة إلى تحكيم شرع الله كمنهج حياة طاعة لله ولرسوله لتحقيق سعادتنا كأفراد وكمجتمع.
- توعية المقبلين على الزواج بمسؤولياتهم وحقوقهم وواجباتهم التي تصون الحياة الزوجية.
- تفعيل مكاتب التوجيه والإرشاد الأسري للقيام بدورها في حل النزاع الأسرية.
.