Business

التربية على حقوق الإنسان في الإسلام

بعد أن انتشر الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وعم نوره معظم البقاع العربية في القرون الهجرية الأولى، أخذ الدعاة ينشرون مبادئ هذه الشريعة السمحة في شتى الأمكنة والبلاد، وحملوا معهم راية هذا الدين الحنيف إلى كل مكان استطاعوا الوصول إليه، وكل أرض عرفوا أن فيها أشخاصًا لم تبلغهم دعوة الإسلام ولم يعلموا بأمرها.

وفى هذه الدراسة، ترصد الباحثة رابعة حسن، أن سعي الإسلام لتربية أبنائه على حقوق الإنسان واضح جلي، فالإسلام لم يكن مجرد عقيدة سماوية روحية خلاقة فحسب، بل كان ومازال يشكل منهجًا فكريًا خلاقا يشتمل على منظومة من الأنساق التربوية والفكرية والاجتماعية للوجود الإنساني، إنه منهج عمل ومنطق حياة ورسالة إنسانية تتميز بأسمى عطاءات الخلق والإبداع. وفي نسق هذه العطاءات الربانية تأخذ تربية الإنسان مركزًا جوهريًا في نسق العقدية التربوية الإسلامية. ولا يمكن أبدًا الفصل بين الجوانب التربوية والجوانب العقائدية في الإسلام، لأن الفكر التربوي ينبثق من صلب العقيدة ويبلورها حقيقة إنسانية مسكونة بأسمى التوجهات الروحية الخلاقة.

 

حقوق الإنسان فى الإسلام

لقد كان الإسلام سباقًا إلى الإقرار للإنسان بحقوقه، وإلي الحث على صون هذه الحقوق وحفظها، وإلى إحاطتها بالرعاية وشمولها بالعناية من أولى الأمر.

وهذه الحقوق هي من الثوابت التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي، فهي ليست حقوقًا سياسية ودستورية فحسب، وليست حقوقًا طبيعية كما يعبر عنها في القانون الوضعي، لكنها في الإسلام واجبات دينية يُكلف بها الفرد والمجتمع، كل في نطاقه، وفي حدود المسئولية التي ينهض بها.

وبذلك فإن الفرد في المجتمع الإسلامي يتشرب هذه الحقوق، ويتكيف معها، بحيث تصبح جزءًا من مكوناته النفسية والعقلية والوجدانية، ويحافظ عليها، لأن في المحافظة عليها أداء لواجب شرعي، وليس من حقه أن يفرط فيها، لأن التفريط فيها تقصير في أداء هذا الواجب.

 

مفهوم التربية على حقوق الإنسان

إنه من الجوهري بهذا الصدد استحداث رؤية جديدة للتعليم تنطلق من توسيع التعريف التقليدي للتعليم لكي يعالج تحديات جديدة مثل ارتباطه بالاحتياجات، والقيم العالمية لحقوق الإنسان واتخاذ القرارات على أساس من المعرفة.

وهذا يعني أن التربية على حقوق الإنسان لا تتعلق بتوفير المعارف والمهارات فحسب، وإنما تتعلق أيضًا بتعزيز الاتجاهات والمواقف والسلوكيات التي تسمح للناس بالمشاركة في حياة مجتمعاتهم المحلية والوطنية بطريقة بناءة يحترمون بها أنفسهم والآخرين، وينبغي للأجيال أن يتعلموا حقوق الإنسان من خلال معايير ومبادئ حقوق الإنسان وهي تنفذ في الواقع العملي، وفي قاعة الدرس، وفي المنزل، وباقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية.

وتشمل التربية على حقوق الإنسان مجموعة من البرامج التربوية الفعالة، في القطاعات الرسمية وغير الرسمية، التي تنفذها بعض المنظمات الدولية، وبهذا الصدد فإن التربية على حقوق الإنسان وفقًا لهذه المنظمات تركز على الأمور الآتية:

  • شمولية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.
  • زيادة المعرفة بحقوق الإنسان وتفهمها.
  • تمكين الأشخاص من المطالبة بحقوقهم.
  • تساعد الأشخاص على استخدام الصكوك القانونية التي وضعت لحماية حقوق الإنسان.
  • تطوير المهارات اللازمة للدفاع عن حقوق الإنسان.
  • دمج مبادئ حقوق الإنسان في الحياة اليومية.
  • التشجع على الاحترام والتسامح.

 

مبادئ حقوق الإنسان في الإسلام

الإسلام لم يكن مجرد عقيدة روحية خلاقة فحسب بل يشكل منهجا فكريا يشتمل على منظومة من الانساق التربوية والاجتماعية والتربية على حقوق الإنسان في الإسلام تستمد مبادئها وأسسها من المصادر الرئيسية لهذا الدين الحنيف وتنطلق من المنطلقات الأساسية التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية، وعمل بها السلف الصالح، باعتبار أن التربية في حياة الأمة هي تعبير صريح عن عقيدتها وفلسفتها، وتنعكس من خلالها تصوراتها وأهدافها من الإنسان، وتعكف على تحقيقي غايتها منه.

ومبادئ حقوق الإنسان في الإسلام، هي:

  • المبدأ الأول: أهمية ربط الحقوق الإنسانية بمرجعية تراعي المعتقدات والقيم الدينية التي أوصى بها الله سبحانه وتعالى.
  • المبدأ الثاني: ضرورة ربط الحقوق بالواجبات من خلال مفهوم يرتكز على قاعدة التوازن بين وظائف الإنسان واحتياجاته في بناء الأسرة والمجتمع وعمارة الأرض، على نحو لا يتعارض مع إرادة الله تعالى.
  • المبدأ الثالث: اعتبار إسهام المنظمات غير الحكومية في الجهود المبذولة في إعادة صياغة المواثيق والمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان، عاملًا إيجابيًا في تحقيق الشمولية المطلوبة ومساعدتهم لتكامل الرؤى والجهود الإنسانية الساعية لحماية الإنسان وضمان حقوقه.
  • المبدأ الرابع: تشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات بما يساعد على تفهم أفضل لحقوق الإنسان، وبما يجنب المجتمعات البشرية ويلات الصراع والنزاع المسلح وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على الإنسان والبيئة.
  • المبدأ الخامس: العمل على توفير الأسباب والوسائل التي تحقق نبذ التمييز بين أفراد المجتمع البشري على أساس من الجنس أو اللون أو اللغة أو الانتماء الوطني.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم