من نعم الله تعالى علينا أن مواسم الخير يتبع بعضها بعضًا، فبعد أن انقضى موسم رمضان جاء موسم الحج، وموسم العشر من ذي الحجة.
وفى هذه الدراسة، يقف الباحث أيمن ديـاب، عدة وقفات مع أيام العشر من ذي الحجة؛ لتصور فضل هذه الأيام حتى نعرف قيمتها، ونقدرها حق قدرها.
الوقفة الأولى: فضل عشر ذي الحجة
- أن الله تعالى أقسم بها: فقال: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) [الفجر 1-3]، والصحيح الذي عليه جمهور المفسرين أن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة.
- أقسم الله تعالى بيوم عرفة وذلك في قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج: 1-3]، قال ﷺ: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة».
- وهي الأيام المعلومات: لقوله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) [الحج: 27- 28].
- وهي أعظم أيام السنة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر».
- وهي أفضل أيام الدنيا كلها، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «أفضل أيام الدنيا العشر» –يعني عشر ذي الحجة-.
- فيها أعظم الأيام، يوم النحر: عن النبي ﷺ قال: «إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر».
- فيها يوم عرفة: وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدين وصيامه يكفر آثام سنتين، قال ﷺ: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده».
- وهي أيام يتضاعف فيها ثواب العمل: فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه». قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء».
- ومن فضل هذه الأيام أيضًا: ما أشار إليه الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه».
الوقفة الثانية: بعض الأعمال الواردة في هذه الأيام
ندب الحديث إلى العمل الصالح مطلقًا في هذه الأيام ، ومن الأعمال التي ينبغي العناية بها:
- الحج: لمن استطاع إليه سبيلاً قال النبي ﷺ: «من حج لله فلم يرفت ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».
- العمرة: فقد شرع النبي ﷺ العمرة في أشهر الحج، مخالفًا بذلك المشركين.
- الاعتناء بالفرائض: إذ لا أحب إلى الله منها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله قال: من عادى لي وليا؛ فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه».
- ومنها كثرة النوافل: من تلاوة القرآن، والتنفل بالصلاة، وإدامة الذكر، والصلة، والصدقة، وإعانة المحتاج، وهذا باب لا يحصى أفراده، ولله الحمد.
- كثرة الذكر: لقول الله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [الحج: 28].
- الصيام : فعن هنيدة بن خالد عن امرأتـه قالت: «حدثتني بعض نساء النبي ﷺ أن النبي ﷺ كان يصوم يوم عاشوراء، وتسعًا من ذي الحجة، وثلاثة أيام من الشهر».
- قيام ليلها: فقد استحبه الشافعي وغيره، وقال سعيد بن جبير: «لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر».
- دعاء يوم عرفة: قال ﷺ: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
الوقفة الثالثة: أحكام ومسائل
التكبير: لقوله ﷺ: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد».
صلاة العيد: وهي واجبة في الراجح من قول العلماء، وصلاة العيد ركعتان، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد ﷺ»، يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة الانتقال.
ويستحب بين كل تكبيرتين أن يقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويصلي على النبي ﷺ»؛ لما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل، وثناء على الله».
الأضحية: والأضحية من خير القربات في يوم العيد، واختلف العلماء في حكمها، والصحيح أنها سنة مؤكدة «يكره تركها مع القدرة»، والله أعلم. فعن أنس رضي الله عنه قال: «ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما».
.