تكمن أهمية الأم في إعداد الإنسان وبنائه بناء إسلاميًا سليمًا متصلًا بتراثه وثقافته، متفاعلًا مع عصره، وملتزمًا بقضايا مجتمعه وأمته.
والدراسة التي أعدها الباحثين: علي بن محمد الربابعة جامعة القصيم، وزينب زكريا معابدة الجامعة الأردنية، سعت إلى التعرف على دور الأم في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها، والتقدم بجملة من التوصيات ذات العلاقة في تنمية البنية العقلية لدى الأبناء.
دور الأم في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها
تقوم التربية الإسلامية على احترام العقل وتكريمه، ويقدر الإسلام العقل بناء على شواهد وبراهين منها:
- إن العقل أحد المقاصد الخمسة التي أوجبت الشريعة الإسلامية المحافظة عليها، وجرمت من يعتدي عليها.
- الإسلام قد فتح أمام العقل باب التفكير فيما يمكن الوصول إليه بالعقل، كالاجتهاد والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع.
- الإسلام فتح أمام العقل باب الشورى والتشاور، والشورى والمشاورة كلها أعمال عقلية.
- لقد اهتم الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بتربية الجانب العقلي في الإنسان.
- وقد جعل الله عز وجل العقل مناط تشريف وتكليف وتكريم الإنسان، بأن جعله سببًا لتميزه عن سائر الحيوانات، وجعله المعول الأساسي في فهم أحكام الشريعة، والمرشد لكيفية تنزيلها وتطبيقها في واقع المجتمعات، يقول العز بن عبد السلام: «والعقل هو مناط التكليف بإجماع المسلمين».
- و اهتم الإسلام بالجانب العقلي بما يتفق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأحاطه بسياج من العناية والرعاية، فالإسلام إذن هو دين العقل، ودين البحث والنظر والفكر، وعقيدته تعد أن العقل مع نصوص الوحي أساسان لبناء الجانب الإيماني ولا تعارض بينهما.
- ومن مزايا هذه العقيدة الكبرى أنها أطلقت العقل البشري يعمل في أوسع نطاق متاح على الأرض، ولم تغلق عليه الأبواب، أو تجمده في قوالب مصبوبة لا فكاك منها.
- ولقد شدد الوحي في الدعوة إلى نبذ الجمود والتقليد والتبعية في التفكير التي يأسر الإنسان نفسه فيها متمسكًا بإرث الآباء والأجداد.
الأسس التي تتبعها الأم لتنمية البنية العقلية لدى أبنائها
الأم هي الألصق والأقرب لأبنائها وهي المزود بأسس التعليم والتدريب، ولكى يكون التعليم صحيحًا فلابد من أسس تتبعها الأم لتنمية البنية العقلية لدى أبنائها كالآتي:
- تزويد العقل بالعلم الموثوق والمعرفة الصحيحة- كتاب الله والصحيح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
- حث العقل على التفكير والتدبر.
- دعوة العقل إلى ترك ما يتوصل إليه بالظن والتخمين، وذلك بتعويد العقل النظر في الأدلة والبراهين واعتماد ما يتوصل إليه بهذه الأدلة والبراهين لأن ذلك معناه الاهتداء إلى الحق ومعرفة الحقيقة.
يعد تعلم وتعليم عادات العقل ذا فوائد جمة يمكن بيانها في التالي:
- الشمولية: تعني النظر إلى الأمور بعدة مناظير، ومن عدة زوايا، بمعنى أن لا تنظر للأمر من منظور المصلحة الخاصة، بل لا بد من النظر إلى مصالح الآخرين وطبيعة تكوينهم، وإلى طبيعة البيئة، وطبيعة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا تحسب الأمور بحسابات مالية فقط.
- تدعم التفكير النقدي: عادات العقل هي سلوك فكري يدعم التفكير النقدي الذي يفيد الأبناء والمجتمع في الوصول إلى الإبداع واكتشاف ما وراء الواقع.
- تنشط العقل: هو النشاط والعمل والإخلاص والمشاركة، مما يجعل العقل فعالا، وتصرفه عن الخمول.
- تقوي الروابط الاجتماعية: فهي تنقل العقل إلى حالة النشاط والتساؤل، مما يدفعه إلى المشاركة في الأعمال الاجتماعية والخيرية، وتشحن العقل بروح نقدية فاعلة في ميدان العمل والإنتاج والإبداع.
- الحيوية والاستمتاع: تُبقي العقل يعمل، وتُبعده عنه الملل، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، مما يقوي القيم والأخلاق عند الأبناء، وتشعره بالإنتاجية والفاعلية، مما يقوي لديه الشعور بالحيوية والاستمتاع.
- الاقتصاد المعرفي: مفهوم الاقتصاد يعني تقوية النواحي التجارية والزراعية والسياحية والصناعية والمعدنية والرعي، ويمكن إضافة المعرفة والثقافة، إذ تحول عادات العقل لدى الأبناء إلى أسرة منتجة وفعالة، كونها تغير بعض المفاهيم الخاطئة، وتقوي مفاهيم التطور والنماء.
- صفات من يمتلكون عادات العقل
- الميول: أي الميل إلى التفكير فيحل المشكلات وفق الإمكانات المتاحة، وفق استخدام استراتيجيات تفكير جيدة وليس تغليب الأهواء والعواطف.
- الالتزام: الالتزام بالتفكير العميق والرصين، لتحقيق أهداف فكرية.
- الحساسية: الحصول على تفكير فعال ومناسب، وما يفيض عنه من امتلاك مهارات وإستراتيجيات.
- القدرة: إتاحة الفرصة لاتخاذ قرارات التفكير المناسبة في الوقت المناسب وعقد المقارنات وإظهار الفروق بين الأفكار، واستخدام الحجج المنطقية لإقناع الآخرين.
- القيمة: القيمة هنا تعني التفكير الذي خضع للنقد من قبل الخبراء، والبحث عن البيانات والسعي وراء الأجزاء، والإصغاء لوجهات النظر المعارضة، والتفكير الممحص الخاضع للأخلاقيات التي تستحق الاهتمام بها، ليأتي التفكير صالحًا للتنفيذ بقيمة عالية.
كيف تُعلِّم الأم عادات العقل لأبنائها؟
وينقسم دور الأم في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها بالتعلم والتعليم إلى قسمين:
أولًا: تعليم الأبناء الآداب النبوية.
ثانيًا: تعليم الأبناء مهارة قراءة القرآن والسنة النبوية المطهرة.
نتائج الدراسة ومناقشتها
أولًا: تعد الأم محور العملية التربوية، والعنصر الأكثر فاعلية وأثرًا لدى أبنائها خاصة وهم في مرحلة الطفولة.
ثانيًا: إن اهتمام الوالدين بمرحلة الطفولة لدى أبنائهم وقرب الأم منهم يصقل شخصيتهم ويعزز من ثقتهم بأنفسهم.
ثالثًا: قدرة الأم على توجيه طاقات أبنائها وتنميتها وفق الأصول التربوية الإسلامية، وملاحظة الفروق الفردية بينهم.
رابعًا: التأكيد على دور الأم في تنمية البنية العقلية لدى أبنائها، ومراقبة اتجاهاتهم الفكرية، ودورها في صياغة عقل أبنائها في المراحل العمرية الأولى، التي يتم فيها بناء الركائز العقلية السليمة.
خامسًا: التأكيد على تطبيق مفهوم التدرج في تعليم العبادات وتلاوة القرآن والصلاة والصيام والزكاة والحج، وربطه بالمراحل النمائية للطفل، وتطبيق التدرج الكيفي والنفسي.
سادسًا: التأكيد على أن دور الأم في التربية الإسلامية مستمر لا ينتهي بفترة زمنية معينة، بل يمتد طيلة حياة الإنسان.
سابعًا: اقتداء الأم بالسلف الصالح وبعلماء الإسلام- الذين وعوا وأدركوا مفهوم التربية الإسلامية ونادوا بها- في تربيتها لأبنائها وفي بنيتهم العلمية.
طالع النص الكامل للدراسة
http://montdatarbawy.com/upload/38czw77kw3288woso0.pdf
.