Business

وكان ضحكه ومزاحه ﷺ.. تربية

كان الرسول ﷺ معلمًا ومرشدًا تربويًا، يهدف من أفعاله توجيه رسالة لأبناء المجتمع ليهتدوا بهديه ويقتدوا بسنته ويتمسكوا بنهجه، فكان يداعب أهله وأصحابه ويمازحهم مزاحًا محمودًا، فيه محبة لهم وتوددًا إليهم؛ ليذهب عنهم السآمة والملل، ويرفع عن كاهلهم الجهد والتعب، حتى يتجدد النشاط في نفوسهم، وتعلو هممهم، وتقوى عزيمتهم، فيقبلوا على العبادة والطاعة بقلوب صادقة، وعقول متفتحة ناطقة، وإرادة قوية ساطعة، مستبشرين مسرورين، لأن الأرواح تمل كما تمل الأبدان.

 

ضحك النبي ومزاحه مع أهل بيته

على الرغم من كثرة ما كان يكابده رسول الله ﷺ من أعباء النبوة وأثقال الدعوة، وشدة ما يعانيه من أزمات وأحزان إلا أنه لم يتخلى عن دوره الأبوي وواجبه الأسري في رعاية حقوق أهل بيته ومعاشرتهم معاشرة حسنة ترفع عن كاهلهم التعب والجهد، فتريح قلوبهم، وتسر نفوسهم، فيلقاهم مستبشرًا ضاحكًا، فعن السيدة عائشة رصي الله عنها قالت: «كان إذا خلا في بيتهِ؛ ألْينَ الناسِ، وأكرمَ الناسِ، ضحَّاكًا بسَّامًا».

 

ضحك النبي ومزاحه مع أصحابه

كان الرسول ﷺ قريبًا من أصحابه يتواضع لهم، ويتسامر معهم، ويتودد إليهم، ويحنو عليهم، ويرأف بهم، يسمعهم من الكلام أطيبه، ويريهم من الفعل أحسنه، فكان لهم أبًا رحيمًا، ومعلمًا كريمًا، ومربيًا فاضلًا، يضحك لضحكهم ويفرح لفرحهم.

وكان ضحكه ومزاحه ﷺ تربية لمن حوله، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه ﷺ أنه قال: «يا رسولَ اللهِ، إنك تُداعِبُنا! قال: إني لا أقولُ إلا حقًّا».

ويقول عنه عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: «ما رأيت أكثر تبسمًا من رسول الله ﷺ»، وفي رواية أخرى عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «جالست رسول الله ﷺ أكثر من مئة مرة، فكان أصحابه يناشدون الشعر، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية، وهو ساكت وربما تبسم معهم».

 

ضحك النبي ومزاحه مع الصحابيات

وكان للصحابيات نصيب من الضحك والبشاشة لما يجلسن إلى النبي ﷺ يسألنه عن أمور دينهن، فكان يطيب لهن القول فيعطف عليهن ويأمر المسلمين بحسن معاشرتهن ويقول: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان عندكم».

ومن آثار ضحك النبي ﷺ مع نساء الصحابة ما روت عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أتت سلمى مولاة رسول الله ﷺ أو امرأةُ أبي رافع مولى رسول الله ﷺ إلى رسول الله، تستأذنه على أبي رافع قد ضربها! فقال رسول الله ﷺ لأبي رافع مالك ولها يا أبا رافع؟ قال: تؤذيني يا رسول الله! فقال رسول الله ﷺ: بم آذيته يا سلمى؟ قالت: يا رسول الله ما آذيته بشيء، ولكنه أحدث– أي خرج منه ريح– وهو يصلي فقلت له: يا أبا رافع إن رسول الله ﷺ قد أمر المسلمين إذا خرج من أحدهم الريح أن يتوضأ، فقام فضربني، فجعل رسول الله ﷺ يضحك ويقول: «يا أبا رافع إنها لم تأمرك إلا بخير».

 

ضحك النبي ومزاحه مع الأطفال

لقد مازح رسول الله ﷺ أصحابه صغارًا وكبارًا، نساءً ورجالًا، فكان بذلك يؤنسهم ويذهب الحزن عنهم، قال عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: «ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله ﷺ»، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: «إن رسول الله ﷺ ليخالطنا حتى أنه كان يقول لأخ لي صغير: يا أبا عُمير ما فعل النغير»، والنُغير: طائر يشبه العصفور منقاره أحمر كان يلعب به.

من الضروري أن نوضح أن المزاح وإن كان للمؤانسة والملاطفة، إلا أن الرسول ﷺ قد يكون في بعض الأحيان يريد من خلاله توجيه رسالة تربوية؛ لتنشئة الأبناء على الحياء، واحترام الكبار وتوقيرهم، كما جاء عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: «أن النبي ﷺ أتى بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء، فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، قال: فتله رسول الله في يده، ملاطفًا وممازحًا ليفهم أن تصرفه هذا غير مقبول دون أن يجرح حياؤه وكبرياؤه».

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم