Business

الرومانسية في سيرة النبي ﷺ وصحابته

رغم ما كُتب عن النبي ﷺ ومدرسته التربوية التي أقام أركانها على الحب والوفاء ومعاني الرجولة الحقيقية التي تحققت في جيل عايش حياة النبي وانتشر في ربوع الكون لينشر هذه الأخلاق دون تغير، وحرص على أن يؤثروا ولا يتأثروا بالسوء، فأصبحت مدرستهم التربوية أروع المدارس التي خرجت تلاميذ وطلاب، وهي المدرسة المحمدية التي– ورغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا عليها– يظهر منها المتجدد كل يوم، والتي تؤكد أنها صالحة لكل مكان وزمان– على السواء– ومع عناصر التقدم والرقي تظل تعاليمها راسخة في الوجدان.

لقد اعتبرت المدرسة المحمدية وتعاليمها النساء شقائق الرجال، لها ما له من الحقوق، وعليها من الواجبات ما يلائم تكوينها الفطري.

ولذا كانت القاعدة القرآنية لغرس معاني الحب بين الرجل والمرأة– الزوجين– من أسمى المعاني التي تناولها القرآن، وحرص على تطبيقها النبي العدنان ﷺ مع زوجاته، وغرسها نبتة طيبة في قلوب صحابته، يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21).

ولذا نجد هذه التربية التي أتقنها كل صحابي تظهر في التعامل اليومي مع شريكته وقرة فؤاده التي اختارها الله له.

فالمرأة بطبيعتها تحب من يدللها، وقد فطن الحبيب المصطفى ﷺ لهذا الأمر وراعاه في تعاملاته مع زوجاته، فقد كان يدلل السيدة عائشة رضي الله عنها ويقول لها: «يا عائش، يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام». وكان يقول لها أيضا: «يا حميراء». والحميراء: تصغير حمراء، يراد بها المرأة البيضاء المشربة بحمرة الوجه.

وهذا على بن أبي طالب رضى الله عنه يقول بعد زواجه من السيدة فاطمة بنت النبي ﷺ: «أحببتها حبًا عظيمًا، فوالله ما ناديتها يومًا يا فاطمة ولكن كنت أقول يا بنت رسول الله، وما رأيتها يومًا إلا وذهب الهم الذي كان في قلبي، ووالله ما أغضبتها قط، ولا أبكيتها قط، ولا أغضبتني يومًا ولا آذتني يومًا، ووالله ما رأيتها يومًا إلا وقبلت يدها».

وبلغ به الحب مداها حتى بعد وفاتها حينما وقف على قبرها منشدًا:

ما لي وقفت على القبور مُسَلِّمًا                 قبرِ الحبيبِ، فـلـَم يــرُدَّ جوابي؟!

 أحبيبُ، مـا لـك لا تـرُدُّ جـوابَـنـا                أنسيتَ بعدي خُلـَّةَ الأحبابِ؟

وهذه قصة حب العاص بن الربيع للسيدة زينب، وهي قصة من أرقى قصص الحب التي يمكن لشخص أن يسمعها، حب لم يمتْ عبر السنين الطويلة، حتى إنه يوم وفاتها بكاها بكاءً شديدًا، وقال لرسول الله ﷺ: والله ما عدت أطيق الحياة بعد زينب، ثم مات بعد موتها بسنة.

ونختم بفعل رومانسي عن رسول البشرية- وأفعاله في ذلك كثيرة- مع السيدة عائشة– رضى الله عنها- وكيف كان بتعبيرنا «رومانسيًّا» حينما يشرب من نفس إنائها، ويضع شفتيه مكان شفتيها.

إنها حقًا مدرسة محمد الرومانسية التي تخلى كثير من المسلمين عنها، فأصبحت بيوتهم كغابة متوحشة من الهجران، حتى أصبح الزوج في وادٍ، والزوجة في وادٍ لا يلتقون إلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

فالإسلام دين يحافظ على الحبِّ ويثمره، ولا يعتبره شيئًا يخجل المرءُ منه، وبالتأكيد لا يُحرّمه، فإنه شعور كأي شعور لا يمكنُ أن يُمنَع، بل يوجّه إلى طريقه الصحيح.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم