التربية والتعليم.. من الموضوعات التي تعني بها الأمم كافة، وجدير بأمتنا العربية والإسلامية العناية بها بصورة خاصة؛ لأنها معقد الرجاء ومحط الأمل لتقدم الفرد والمجتمع، فالتربية تطور الحضارات والمجتمعات وتصنع الأجيال، و هي أول الأمور التي تحتاج إلى مراجعة حين تصاب الأمم بالنكبات، أو حين تكثر في طريق تقدمها العقبات والعثرات.
ويرى محمد الأمين كمال، الباحث بجامعة أبي بكر بلقايد تلمسان- في دراسته: «مناهج التربية والتعليم في الإسلام»، أن التربية لا تأتي من فراغ، بل هي وعاء وأساليب وإجراءات ينقل بها تراث الأمة من الآباء إلى الأبناء، وبواسطتها تتطور الحضارة. وديننا الإسلامي الحنيف هو منهاج حياة يعني بالفرد ويعني بالمجتمع، يعني بالناحية المادية والروحية معًا، يوضح معنى العبادة ويؤكد قيمة العمل، يعني بشؤون الحياة وينظم شؤون الدنيا جميعها، لذلك لا يمكن أن تفهم التربية والتعليم في الإسلام دون معرفة موقعها في إطار التصور الإسلامي الكامل للكون والإنسان.
خصائص مرتبطة بمحتوى التربية الإسلامية
- تربية إيمانية: فالتربية الإسلامية لا تنحصر في تنمية الإيمان بالغيبيات فقط، والظواهر الروحية والعبادات، بل إن كتاب الطبيعة المفتوح والظواهر الكونية والعلوم المختلفة والممارسة العملية في الحياة كلها تعزز هذا الإيمان، وترتبط به.
- تربية عملية: لقد أكدت التربية الإسلامية على الناحية العملية تأكيدًا عظيمًا، ويربط الإسلام بين صدق الإيمان وبين ثمرة هذا الإيمان، ألا وهو العمل الصالح.
- تربية علمية:ومن أهم محتويات التربية الإسلامية، المعارف والمعلومات ابتداءً من القراءة والكتابة، ونظرة الإسلام إلى اكتساب المعارف والعلوم توصل عملية التربية والتعليم إلى درجة العبادة والقداسة.
- تربية خُلقية: فالقرآن الكريم يعتبر أهم مصدر في الأخلاق بالنسبة للفرد المسلم، والتربية الأخلاقية في الإسلام تتلخص في التمسك بالخير والمعروف، والبعد عن الشرك والمنكر وصولًا إلى تقوى الله وخشيته وحسن عبادته.
- تربية اجتماعية: تهتم بــــ:
- الفرد: الذى تنمي فيه روح المبادرة والمسؤولية الفردية التي هي أساس للمسؤولية الجماعية، حتى لا تضيع المسؤولية بين فرد وآخر.
- الأسرة: في الإسلام هي من أهم المؤسسات التربوية التي يوازي تأثيرها تأثير المدرسة الرسمية، وتماسك الأسرة في الإسلام من الأمور التي تفخر بها التربية الإسلامية.
- المجتمع الكبير، الذي يشتمل على مجتمعات صغيرة للأصحاب والأصدقاء.
أساسيات نجاح المنهج الإسلامي
أولًا: المجتمع المسلم
إن وجود المجتمع المسلم الساعي لقيام مجتمع إسلامي يمثل الأرضية التي تبذر فيها بذور المنهج الإسلامي ليؤتي ثماره المرجوة، وهو الأداة الموصلة إلى تثبيت المفاهيم الإسلامية وتنشئة الأفراد عليها، ففي غياب الإيمان بهذا المجتمع أو السعي إلى وجوده، فإن هذه الجهود لا قيمة لها، ولن تتعدى مجال الفكرة إلى الواقع، كما أن وجود المجتمع الذي يعادي الفكرة، أو يقف دونها سيجعل تلك الجهود ضائعة.
ثانيًا: القيادة التربوية الرشيدة
فالقيادة تعمل على توجيه التعليم وقيادته إلى الهدف المنشود، كما تعمل على المراقبة والمحاسبة من أجل الوصول إلى عملية التنفيذ العملي للمنهج التربوي في الإسلام، ومهما توفرت الإمكانيات المادية والبشرية فهي عديمة الجدوى بغير قيادة تؤمن بفلسفة المنهج وتنظيماته.
ثالثًا: المربي المسلم
ينبغي إعداد المعلم وفقًا لمنهجية تجعله متقبلًا ومؤمنًا بالتنظيم المنهجي الإسلامي، الذي يراعى فيه الأسس النفسية لعملية التعلم والمتماشية مع مبادئ الإسلام وعقيدته، والتي تناسب روح العصر وتربط بين الحياة العملية والنواحي الأكاديمية.
من طرائق ووسائل التربية والتعليم في المنهج الإسلامي
يستخدم منهج التربية الإسلامية مجموعة كبيرة ومتنوعة من الطرق والأساليب في التربية، أهمها:
- التربية والتعليم بالقدوة والإلقاء
القدوة هي أعظم طرق التربية وفق المنهج الإسلامي؛ فلابد للطفل من قدوة ممثلة في والديه ومدرسيه، كي يتغذى بالمبادئ الإسلامية ويسير على نهجها.
منهج التربية الإسلامية يدرك الميل الفطري إلى القصة ويدرك ما لها من تأثير ساحر على القلوب، فيستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتعليم.
ويشترط المنهج الإسلامي في التربية عند استخدام القصة، أن تكون نظيفة، بمعنى أن تعرض النفس البشرية بيضاء من غير سوء، فالقرآن يعرض النفس البشرية في القصة كاملة بكل ما فيها وما يعتريها من لحظات ضعف بشري.
- استثمار الجهد والوقت الفائضين
في الإسلام لا يوجد وقت فراغ خاصة لدى المكلفين من الناس، فالعبادة بمعناها الشامل الذي يشمل الحياة كل الحياة: أي التوجه إلى الله بكل الأعمال والأفكار لغرض عمارة الأرض وترقيتها على هدى من منهج الله، كل هذا لا يترك فراغًا أبدًا ومع ذلك إذا وجد وقت فراغ فانه يجب ان يستغل في الذكر والعبادة التطوعية بعد أداء الفرائض وفي حفظ القرآن وتدارسه وفهمه وفي زيادة الأصحاب والأحباب وعيادة المرضى من المعارف والأصدقاء وفي المرح النظيف مع الزوجة والأولاد وممارسة الرياضة التي تقوي الجسم والعقل والوجدان وتعين على حسن الأداء وتحمل مشاق الكدح في عمارة الأرض والقيام بأعباء الخلافة فيها.
وطريقة المناقشة تنمي المهارات العقلية عند الطفل أو المتعلم، وتنقل له خبرات الآخرين.
.