Business

تعليم الفتاة في ضوء التراث التربوي الإسلامي

تحسم النصوص الشرعية، والوقائع التاريخية النزاع في مبدأ تعليم الفتاة، وبناء شخصيتها الإسلامية المتكاملة، من حيث الأهمية الفردية والجماعية التي تتحقق من خلال تعليم الفتيات، وما يمكن أن يعكسه هذا التعليم من الإيجابيات الكبيرة على شخصيات الفتيات المتعلمات من جهة، وعلى نهضة الأمة الحضارية المنشودة من جهة أخرى، وما يمكن أن يحققه تعليم الفتيات من أهداف عامة للأمة، وأهداف أخرى خاصة بهن، بحيث تصب جميعها– بصورة مباشرة وغير مباشرة– في صالح الأمة ونهضتها.

وقد خلصت هذه الدراسة، التى أعدها الدكتور عدنان حسن باحارث، إلى أهمية تعليم الفتاة باعتبارها إنسانًا، وعضوًا اجتماعيًا له حقوق، فالإسلام بمنهجه الفريد يفرض على أتباعه بأعيانهم تعلم ما لا يسعهم جهله، ويفرض على الأمة في مجموعها التفوق العلمي في شتى العلوم والمعارف، إضافة إلى أن التراث الإسلامي يحوي منهجًا تربويًا متكاملًا لإعداد الفتاة المسلمة، وبناء شخصيتها المتكاملة.

 

الأهمية الفردية لتعليم الفتاة المسلمة

والمقصود: هو ما يحققه التعليم بمهاراته المختلفة من مقاصد حسنة لشخص الفتاة، وتظهر أهمية ذلك في الآتي:

أ- تحقيق التعليم لإنسانية الفتاة.

ب- استكمال الفتاة للتعليم شرط التكليف الشرعي.

د- تحقيق التعليم لحاجة الفتاة إلى النجاح والإيجاز.

هـــ- تخفيف التعليم من شعور الفتاة بالنَّقص.

 

الأهمية الجماعية لتعليم الفتاة المسلمة

والمقصود: ما يحققه المجتمع من مصالح عامة وشاملة من وراء تعليم الإناث، وما يجنيه من فوائد عاجلة أو آجلة من رفع مستواهن العلمي، وفتح أذهانهن للمعارف النافعة، وتظهر أهمية ذلك في الآتي:

أ- الاستفادة من تعليم الفتاة في المحافظة على التراث الإسلامي.

ب- إسهام تعليم الفتاة في الترقي الاجتماعي.

جـــ- الاستفادة من تعليم الفتاة في الاستقرار السياسي.

د- إسهام تعليم الفتاة في الحدَّ من الانحرافات الخلقية.

 

الأهداف العامة لتعليم الفتاة المسلمة

المقصود هو ما يرمي إليه تعليمهن من أغراض شاملة تحقق مصلحة الأمة في بنائها العلمي والحضاري، وفي تماسكها العقدي، بحيث لا يتدخل في تعليم أفرادها غيرها، إضافة إلى تمكين أفراد المجتمع– بما فيهم الإناث– من نيل حقوقهن التعليمية والتثقيفية، ويتضح ذلك في النقاط الآتية:

أ- قيام المجتمع المسلم بحق الفتاة في التَّعلُّم.

ب- إعادة بناء التفوق العلمي للفتاة المسلمة.

جـــ- كفُّ الأعداء عن المشاركة في تعليم الفتاة المسلمة.

 

الأهداف الخاصة لتعليم الفتاة المسلمة

والمقصود بذلك هو بناء شخصيتها الذاتية، بما يحقق مصلحة خاصة بها، تُمكَّن من الاستفادة من قدراتها العقلية بصورة أفضل، وتُدرَّب على منهج الحكمة العقلية في شؤون الحياة، مع تحذيرها من المفسدات العقلية: كالهوى، والتقليد الأعمى، ويتضح ذلك في النقاط التالية:

أ- تعويد الفتاة على استخدام قدراتها العقلية

ففترة الشباب من عمر الفتاة تمتاز بالقدرة على التفكير المستقل، إلا أن موهبتها هذه تتنازعها ثلاثة مؤثرات فكرية خطيرة، إذا تمكنت الفتاة من تجاوزها بسلام، فقد كمل لها استخدام قدراتها العقلية على النهج الصحيح:

الأولى:  إخضاع كل الأمور الدينية وغيرها على حدٍ سواء للقياس العقلي، وهذا التوجه عادة ما يفضي إلى الشك والتردد، فليس كل المسائل يمكن إخضاعها للعقل البشري.

الثانية:  تأثر الفتيات بالشعور والأسلوب في الأحكام أكثر من التأثر بالناحية العقلية المنطقية، وهذا يرجع عادة إلى غلبة العاطفة عندهن، ونهج التَّجهيل الذي تستخدمه بعض المجتمعات المنحرفة ليسهل عليها قيادهن وإغواؤهن، حتى أصبحن للأسف أكثر فئات المجتمع إيمانًا بالخرافة.

الثالثة:  تركيز تفكير الفتيات حول الذات، بحيث يحكمن على المواقف المختلفة بدلالة تأثيرها عليهن، فتبقى الفتاة أسيرة الذات، محصورة التوجه، ضيقة الأفق، لا يعدو نظرها العقلي موقع بصرها، بحيث تختصر الوجود كله في ذاتها، وهذا خطأ في النظر.

هذه المؤثرات الفكرية الثلاثة، لو تخلَّصت الفتاة من تأثيراتها السلبية عليها، وتجاوزتها بأمان، فإنها تستطيع أن تستخدم قدراتها العقلية التي وهبها الله– تعالى– بصورة أفضل، وتصل بها إلى أعلى المقامات بإذن الله.

ب- تدريب الفتاة على الأخذ بالحكمة العقلية.

جـــ- تحذير الفتاة من اتباع الهوى.

د- تنفير الفتاة من التقليد الاجتماعي الأعمى.

ومن هنا كانت أول دعائم التربية العقلية للفتاة المسلمة: تحريرها من التبعية العمياء، والحجْر العقلي، وذلك من خلال وسيلتين:

الأولى: طلب البرهان فيما يجب عليها اعتقاده والإيمان به، وفيما ينبغي لها أن تسلك، بحيث لا تخطو خطوة إلا تعلم يقينًا موقعها من الخطأ والصواب، كما قال المولى عز وجل: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (النمل: 64)، فلا تنطلق من مجرد دعوى الصواب بلا دليل.

الثانية: السعي في الحصول على المعرفة الصحيحة التي تحررها من الجهل، وتعصمها من تصور الأمور على غير حقيقتها، فإن الجهل هو اعتقاد الشئ على خلاف ما هو عليه، وليس هو مجرد عدم المعرفة، وهذا لا يكون إلا بإعطاء البحث العلمي حقه من الدعم والتشجيع، وتأديب الفتاة المتعلمة بألا تتصور، ولا تعتقد في شئ إلا عن يقين تدعمه المعرفة الصحيحة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم