تعد الإجازة الصيفية من الإجازات الطويلة التي يتحصل عليها الأبناء والأسر، ورغم أنها حدثٌ سنويٌ متكرر إلا أن كثيرًا منّا يتعامل معها كورطة سنوية يعجز عن استغلالها بشكل كامل، ورغم أن الأسر قد تملك الأفكار والرغبة في استغلال وقت العطلة استغلالًا مثاليًا إلا أنه على أرض الواقع تكون المحصلة غير مرضية، ويكون في الغالب مردودها أقل بالنسبة لما كان مخططًا له أو مأمولًا منه.
إن عدم استغلال العطلة الصيفية يترتب عليه آثارٌ سلبية كبيرة؛ إذ يُترك الأبناء نهبًا للفراغ الذي يُعتبر أصل كل داء أخلاقي وتربوي، وقد أكدت الأبحاث التربوية والنفسية أن الأطفال والشباب الذين يتم شغل أوقاتهم بأنشطة مفيدة أقل عرضة للانحرافات السلوكية التي تعاني منها الأسر مع أبنائها وتكثر الشكوى منها.
وكثير من المدارس والمؤسسات التربوية وقبل انقضاء العام الدراسي تبدأ في الإعلان عن برامجها الصيفية، وهناك أسر -خاصة تلك التي تكون الأم فيها عاملة- تسارع بالالتحاق بتلك البرامج بالرغم من شكوى الناس من ارتفاع أسعارها خاصة، بالنسبة للأسر التي لديها أكثر من طفل، إلا أنها لا تخلو من ميزات، تتمثل في: الثقة بالمؤسسة، وعدم بذل الأسر جهدًا في البحث عن أماكن جديدة والتعرف عليها؛ إلا أنها بالنسبة للأبناء لا تُعد الاختيار الأمثل؛ إذ تفشل في دفع الملل عن الطفل والذى يرى أنه لم يخرج من إطار الجو المدرسي مكانًا وروحًا ووجوهًا، ويشعر بعدم وجود تغيير ما بين الإجازة والموسم المدرسي، مما يقلل من شغفه وشعوره بالاستمتاع.
وعلى وتيرة المدارس، تتأهب أيضًا المساجد والنوادي والجمعيات الخيرية التي لها أنشطة تربوية للموسم الصيفي مجهزةً ببرامج تحفيظ القرآن، والمسابقات والرحلات والأنشطة، ورغم ذلك، فإنها من خلال التجارب السابقة لا تستطيع تغطية كافة احتياجات الأبناء في الإجازة الصيفية، أو حتى نصفها أو ربعها، وهذا ما يجعل الأسر مضطرة إلى التحرك ضمن برامج متعددة، وهذا ما يلقي عليها بأعباء تجعل الإجازة أقرب إلى الورطة منها إلى الفرصة، وما هذا إلا بسبب ضعف المطروح سنويًا، وقلة شموليته، وغياب التجديد والتطوير عنه.
ومهما كانت البرامج المطروحة: سواء الربحية، أو حتى غير الربحية، فإن العبء الأكبر والمتكرر دائمًا يظل على عاتق الأسرة، التى عليها أن تخطط لإجازة صيفية تحقق لأبنائها الاستفادة والمتعة معًا، وهما المستهدفان الرئيسيان اللذان يجب أن تتحرك بهما ولأجلهما أيُّ مخططات لقضاء العطلة الصيفية.
بعض الأسر التي لديها أبناء في سن المراهقة يفضلون أو يستسهلون إلحاقهم بعمل صيفي، وهناك أماكن عمل ترغب في عمل الطلبة كعمالة مؤقته، وفى السابق كانت الأسر تلحق أبنائها في الإجازة بأي عمل يحصل منه على أموال تكفيه لبعض نفقاته في الخروج أو السفر أو شراء الملابس أو بعض المستلزمات، لكن مؤخرًا بدأت بعض الأسر تنتبه إلى أنه بإمكانها أن تلحقه بمهنة يحقق منها المكسب، ويستعد كذلك لمهنة المستقبل، وهو نوع من التخطيط الاستراتيجي المثمر للواقع والمستقبل.
أما الأسر التي لديها أطفال صغار، فإن عليها أن تبحث لهم عن كيفية الاستمتاع بالعطلة، وكيف يمكن تطوير مهاراتهم، فتتحرك بهم بين الرحلات والمطاعم وزيارات الأهل والأقارب وزيارة البلدان، وبين إلحاقهم بالدورات المناسبة لمراحلهم العمرية، وبرامج تحفيظ القرآن وتحسين الخط أو تعلم الرسم والأشغال، إضافة إلى إلحاقهم بأندية رياضية لمزاولة نشاط رياضي ما.
ورغم كل ذلك، فإنه نادرًا ما نجد أسرة قد رضيت تمام الرضا عن طريقة استفادة أبنائها من العطلة الصيفية، وعدم مواجهتهم مشاكل الفراغ والتعطل، وهذا ليس تقصيرًا من الأسر، لا على مستوى التفكير ولا مستوى الجهد، ولكنه تقصير مجتمعي تغيب عنه الرؤية والخطط اللازمة لتحقيق الاستفادة المثلى والقصوى لأبنائنا خلال العطلة الصيفية.
خطوات للاستفادة من العطلة الصيفية
أولًا: التخطيط المبكر للعطلة، ويفضل أن يكون قبل امتحانات نهاية العام، وقبل بدء الإجازة حتى تتحقق الإفادة المرجوة دون تضييع الوقت.
ثانيًا: عمل اجتماع عائلي تشاوري، وأخذ آراء الأبناء في البدائل المطروحة على الساحة، مثل أنشطة المدارس والجمعيات والمساجد وباقى المحاضن التربوية.
ثالًثا: أن تختار الأسرة البدائلَ التي تناسب دخلها وميزانياتها، خاصة تلك التي لديها عدد من الأبناء الذىن يأخذون عطلة في الصيف.
رابعًا: يفضل أن تكون أماكن الأنشطة قريبة، وتقدم مواصلات آمنة لأخذ الأبناء وإرجاعهم إلى البيت آخر اليوم.
خامسًا: التباحث حول مستهدفات الأسرة من البرنامج الصيفى.. فهل مثلًا تريد أي برنامج لشغل أوقات فراغ الأبناء، خاصة إذا كان الأبوين يعملان وغير متفرغان للأبناء؟ أم المقصود من البرنامج هو تطوير قدرات الأبناء.
سادسًا: مراعاة مسألة التنوع، إذ يفضل أن يكون البرنامج به قرآن وثقافة إسلامية، وأن يكون به رياضات مناسبة، وأعمال فنية كالرسم والمسرح والإنشاد وغيره، وأن يكون فيه التعليم والتقيف.
سابعًا: من الضروري ألا تركن الأسرة بالكامل إلى البرنامج الصيفي الذى أودعته أبنائها، وأن تكون لها اجتهاداتها الخاصة لجعل العطلة الصيفية ممتعه، إذ يمكنها عمل جدول للخروج بحيث يشمل الاجتمعايات كزيارة الأقارب والأصدقاء، أو التعرف على معالم البلد من خلال زيارة المتاحف والأماكن الطبيعية، أو الترفيه والخروج إلى الحدائق والمنتزهات، أو السفر إلى بلدان أخرى للتعرف على دول العالم.
.