أبرز المحاور الفكرية والتربوية في احتفالية الإخوان بالذكرى التسعين لتأسيسها

أحيت جماعة الإخوان المسلمين، الأحد 1/4/2018، الذكرى التسعين لتأسيسها، تحت عنوان: «تسعون عامًا من العطاء»، بمركز أمير أفندي الثقافي، بالطرف الأوربي لمدينة إسطنبول، وشارك في الاحتفال العشرات من قيادات الإخوان المسلمين في العالم، بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، ورئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل.

وقال إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة لم تتأخر عن القضايا الإنسانية والعالمية، ومنها قضية القدس والمسجد الأقصى، والتي وضعتها الجماعة على رأس أولوياتها، وتابع، أن هذه الاحتفالية تأتي بالتزامن مع يوم العودة في فلسطين، وسط عجز القريب والبعيد عن تقديم العون لفلسطين، مشددًا على المسؤولية التامة للجميع تجاه مدينة القدس والقضية الفلسطينية.

 

التربية وسيلة الإخوان لدعم قضايا الأمة

وتابع، إن الإخوان لم تنشأ لتكون منافسًا لغيرها من الجماعات، ولكنها جاءت كصوت إصلاحي، يعمل على عودة الوعي لكل طوائف الأمة، فنادى الإمام المؤسس بروح الداعية وأمانة المرشد الجميع حكامًا ومحكومين وأصحاب فكر وعموم الناس.

وأضاف، أن الامام البنا أوضح منهاج الجماعة كما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم، من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ في الدعوة إلى صحيح الإسلام، ومعلنًا أمام العالم أن السياسة كدين تشمل حياة المسلم كلها، كما جاء في التوجيه الرباني للنبي ﷺ: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الأنعام: 116).

ولهذا جاء إعلان الإمام المؤسس أن فهم جماعته للإسلام عقيدةً وعبادةً، ووطنًا وجنسيةً، ودينًا ودولةً، وروحانيةً وعملًا، وجهادًا وتعاونًا. وبتوفيق من الله تعالى انفتح قلب وعقل الإمام لثوابت كتاب الله عز وجل والصحيح من سنة نبيه ﷺ.

وأكد أن منهج الإخوان في الإصلاح والتغيير منهج سلميّ، وهو ما أكد عليه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع حين قال: «سلميتنا أقوى من الرصاص».

واستكمل أن الإخوان سيستمرون في تنمية وبناء القدرات التربوية للجماعة في المجالات المختلفة، والعمل على تماسك بنائها الداخلي، للاستمرار في دعم قضايا الأمة والدفاع عن حقوق شعوبها الشرعية.

 

البنا وقاعدة النشء الذهبية

من جانبه، قال المتحدث باسم شباب الجماعة «صهيب عبد المقصود»، أن الجماعة نجحت في تربية أجيال على مراعاة الإسلام في شئونهم الخاصة والعامة، ولم تحطهم أحوال أمة قد استولى عليها غيرها، واستبد بشئونها خصمها، بل انصرفوا إلى أمتهم أكثر مما ينصرفون إلى أنفسهم، راجين الفوز بالخير العاجل في ميدان النصر، والخير الآجل من مثوبة الله سبحانه وتعالى.

وأضاف، أن الإمام البنا رحمه الله خط قاعدة النشء الذهبية، فأحسِنوا دعوته وجِدُّوا في تكوينه، وعلموه استقلال النفس والقلب، واستقلال الفكر والعقل، واستقلال الجهاد والعمل، واملأو روحه الوثابة بجلال الإسلام وروعة القرآن، ستجدون منه في القريب الحاكم المؤمن، الذي يسعد أمته ويُرضِي ربه.

وقال النائب بالبرلمان التركى ياسين أقطاي: «إن الإمام البنا أنشأ الإخوان بعد أربع سنوات فقط من سقوط الخلافة العثمانية، استشعارًا منه بمسئوليته تجاه دينه ووحدة أمته، فكان هذا البناء الذي انتشر في وقت قصير في جميع دول العالم.

 

«الإخوان» دعوة تربوية

قال الدكتور همام سعيد، المراقب العام السابق للإخوان المسلمين بالأردن، أن الإمام البنا أدرك ضرورة قيام جماعة من المسلمين تهدم باطل الجهل والتبعية والاستعمار، وتعيد الإسلام إلى قواعده الأولى، فعملت جماعة الإخوان المسلمين على امتداد تاريخها على بناء فكر إسلامي منظم، جمع بين الشمول والتكامل والوضوح والعالمية.

وقدّم الإسلام في أنظمته وتشريعاته، وفق برامج عملية، واستخرج من القرآن والسنة وسير الخلفاء ونتاج الفقهاء، هذه المنظومة الفكرية التي سبق بها الإخوان، جميع من فكروا ودبروا لاستئناف الحياة الإسلامية.

ولا عجب أن يبدأ الإخوان دعوتهم بهذا الفكر المنظم، لأنهم وجدوا أنفسهم في لحظة مفاجئة عقب سقوط الخلافة الإسلامية، وغياب المؤسسة العملية التي كانت تحكم بالإسلام وتمارسه على شعوب العالم الإسلامي.

ولم تكتفِ هذه الدعوة المباركة بتقرير المبادئ النظرية لفكر التجديد هذا، بل وضعت مع الفكرة أسباب تنفيذها ومعالم الحركة بها، فجمعت مع الفكرة الحركة، وجعلت للحركة نظامًا، وللنظام برنامجًا وخطةً، واعتمدت مبدأ الشمول في الحركة، والتدرج في الخطوات.

وقال أن الإمام البنا حدّد في رسائله أهداف جماعة الإخوان المسلمين، وتتلخص في إنشاء الفرد الصالح والأسرة الصالحة والجيل الصالح، ثم المجتمع الصالح، ثم الحكومة الصالحة، ثم الأمة الصالحة، ثم الدولة الصالحة، ثم المجتمع الإنساني الصالح.

ولتحقيق هذه الأهداف، سارت التربية في جميع هذه المراحل، وهذا ما ميز دعوة الإخوان المسلمين عن غيرها من الحركة، أنها دعوة تربوية تنبت زرعها كما تنبت أشجارها.

وجعل التربية الصالحة الوسيلة الأهم في تحقيق هذه الأهداف، وقد كان الإمام يعلم أن هذا الطريق طويل، لا تصلح معه العجلة ولا العنف، ولذلك جاءت وسائل التربية في جماعة الإخوان المسلمين تُعنى بالإنسان منذ طفولته الأولى، وبالرجل والمرأة.

وشملت هذه التربية جميع أعضائها حتى القيادات، وجعلت الجماعة لكل فرد من أفرادها محضن تربية يتلقى فيه الإسلام وفكر الجماعة.

بل يتلقى السلوك الإسلامي والعمل المتواصل الدقيق والتضحية دروسًا من أسلافه، والتضحية التى لا تعرف الكلل ولا الملل، وقد نشأت على هذه التربية المتكاملة في نواحيها المختلفة العقدية والفكرية والنفسية والجسمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية- أجيالٌ تواصلت في حمل هذه الدعوة، والمحافظة على الصبغة العامة للإسلام.

وقد أسهمت هذه الدعوة المباركة في نقل الفكرة والتنظيم، من حالة الجماعة إلى حالة المجتمع، ولذلك غلب على الجماعة اليوم أنها ذابت في المجتمعات، وصبغت كثيرًا من المجتمعات بصبغتها الإسلامية، ولم تعد مجرد تنظيم هنا أو هناك.

 

أسباب بقاء الإخوان رغم المحن

وفى كلمته، قال خالد مشعل الرئيس الأسبق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن بركة إخلاص الإمام البنا هي التى أينعت وأثمرت وامتدت وتعمقت رغم العواصف والمحن، والشيء الثاني هو شمول الفكرة، فالشمول أقرب إلى طبيعة الإسلام، والحياة لا تستقيم بغيره.

فمن يختار فكرة شاملة فيها الدين والدولة والوطن والأمة، والعلم والتزكية، والدعوة والجهاد، والسياسة والاقتصاد، والعقيدة السلفية والحقيقة الصوفية في تزكية القلوب، هذا الشمول والتنوع هو من أهم أسباب بقاء هذه الدعوة.

أما السبب الثالث لبقائها فهو الوسطية والاعتدال، واللذان هما من طبيعة إسلامنا، وأقرب إلى الطبيعة البشرية، فالتطرف لا يدوم وإن كان مدويًا في الافاق.

أما الأمر الرابع، فهو العبقرية في تبسيط الفكرة، والمعاني العميقة التي تقدم في عبارات رشيقة، في جمل تسير سير الركبان حتى غدت شعارات: «الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا».

أما الأمر الخامس، فهو أن الإمام البنا لم يُنظّر فحسب، وإنما حوّل النظرية إلى واقع، وبنا من نظريته وفكرته أشياء عظيمة، تنظيمًا متينًا قائمًا على الشورى، بنى مؤسسات وواجهات، وبنى أنظمة عمل متعددة، ما زالت تعمل حتى اليوم.

أما الأمر السادس، فهو العالمية في دعوة الإخوان، والتي لم تكن تحولًا تلقائيًا مع الزمن فحسب، وإنما كانت إرادة مبكرة من الإمام البنا، لأنه يؤمن بأمته، ويعلم أن الامة يجب أن تنهض جميعًا. فبعث رسله ورسائله واتصل بالجميع.

وأما الأمر السابع فهو هذا العقل الذكي المتفتح المبدع، الذي يبحث عن الأفضل، فانفتح على الحركة الوطنية المصرية وانفتح على الأقباط وغيرهم.

ووجّه «مشعل» كلمة إلى أعضاء وأبناء الإخوان، قال فيها: «حرى بنا بعد تسعين عامًا أن نسير بالتجديد الدائم مع الاحتفاظ بروح المدرسة ونظامها، فالتجديد صنو الحياة، وضرورة الشجاعة في التقييم والتصويب والنقد الذاتي والاعتراف بالخطأ حين يقع، وهذا درب الواثقين بأنفسهم».

 

الإخوان والمرأة المسلمة

وفى كلمة لها عن دور المرأة، قالت النائبة بالبرلمان العراقي أسماء الدليمى: «أن الامام البنا بيّن مواصفات المرأة المسلمة فقال: فتاة عفيفة طاهرة، راجحة العقل، نبيلة العاطفة، سامية الغاية والمطمح، صحيحة الجسم والروح، وزوجة مخلصة، أمٌّ بارة صالحة، تقدّم للإنسانية رجالًا فضلاء، وذلك هو عمل المرأة الصحيح الذي إذا وجدت السبيل إليه فقد وفقت لكل خير».

وعبر تاريخ الجماعة، فقد تم تأسيس مدرسة أمهات المؤمنين، لتعليم المرأة وتأهيلها، لتقوم بدورها الحقيقي في معترك الحياة، ثم تم تأسيس لجنة المرأة داخل الجماعة في عام 1937م.

وفى ظل التغيرات المختلفة، خاضت المرأة في جماعة الإخوان الانتخابات البرلمانية، وأصبحت نائبًا في البرلمان، وعضوًا في مجالس البلديات والمحليات، وساهمت في كل الفاعليات ضد الظلم والطغيان، وتصدّت للاتفاقيات الدولية الخاصة بالتشريعات الأسرية، التى تسعى لهدم الأسرة وحرف المجتمع عن قيمه، وحققت الكثير من المنجزات التى عالجت قضايا مختلفة، مثل الزواج والعنوسة وأطفال الشوارع وغيرها من المشاكل المجتمعية الواسعة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم