يحتاج الطفل إلى ممارسة أنواع من الرياضة المناسبة لعمره وحالته الجسمانية واستعداده البدني والنفسي، إلا أن الطفل في العالم العربي لا يمارس الرياضة بشكل مدروس أو منهجي إلا بعد دخوله المدرسة، حيث تخصص المدارس حصصًا للتربية البدنية التي تختلف من مرحلة إلى مرحلة حسب ما تحدده منهجيات تخصص التربية البدنية لكل مرحلة وفق أسس علمية.
وتحتل التربية البدنية مكانه متقدمة في حياة الشعوب والأمم وتلعب دورًا هامًا أساسيا في الحياة اليومية للإنسان حتى أصبحت من أقوى أسلحة الدولة لتربية أبنائها وإعدادهم لحياة سعيدة هانئة.
وتولي الدول المتقدمة هذا الجانب أهمية خاصة لإدراكها هذه الحقائق واستيعابها لها بأفق جديد يهدف إلى تحقيق سعادة حقيقية للمواطنين ورعايتها في مراحل مبكرة وبناء الشخصية الناضجة المتكاملة للمواطن.
والتربيّة الرياضيّة هي فنّ من فنون التربية العامّة، تهدف إلى تنمية الفرد من الناحية العقليّة والبدنيّة والنفسيّة، بناءً على أهداف تربويّة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياة الفرد الاجتماعيّة وحاجاته الضروريّة.
وفي دراسة خاصة «للمنتدى الإسلامي العالمي للتربية» للباحثة حنان عطية حول «التربية البدنية وأثرها في تربية الطفل» تناقش فيها أهمية الرياضة واللعب في حياة الأطفال، وما الرياضات والألعاب المناسبة لكل مرحلة عمرية.
مصطلح التربية البدنية
ظهر مصطلح التربية البدنية لأول مرة في رسالة الدكتوراة للباحث الفرنسي باليكسير، وكان يعنى الطريقة التي تكفل الصحة والسلامة للأطفال من خلال العناية بالغذاء والملبس وممارسة التمارين البدنية، ومع تطور المفهوم لم تعد التربية البدنية تقتصر على الناحية اللياقية والصحية فحسب بل تعدت لتشمل الجوانب المهارية والعقلية والمعرفية والجمالية إضافة إلى الجوانب الخلقية والسلوكية.
وللتربية البدنية فوائد عدة تعود على الإنسان بشكل عام سواءً كان كبيرًا أو صغيرًا؛ شاملة مناحي تمس حياة الإنسان منها:
الناحية البدنيّة؛ حيث تعمل على زيادة وتنمية الكفاءة البدنيَة للفرد، من خلال تعلّم مهارات وتمارين رياضيَة جديدة، تنعكس بشكل إيجابيّ على صحّة الفرد البدنيَة والنفسيّة، وتعويد الفرد على عادات صحيّة سليمة تعود عليه بالنفع، كالاحتفاظ بالصحة والقوام البدنيّ السليم، ومساعدة الفرد على تطوير بعض الصفات البدنيّة مثل السرعة والقوّة، فالتمارين تجنبك الأمراض وتعالج السكري والاكتئاب وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب المفاصل؛ وهناك كثير وكثير من الكتب والبحوث التي تتكلم وتبحث في العلاقة ما بين العلاج بالتمارين من الأمراض المزمنة والسرطانية.
الناحية الاجتماعيّة؛ تقوية روح المنافسة الاجتماعية، وتشجيع الفرد على التعاون مع الآخرين.
الناحية العقليّة: بناء وتكوين شخصية الفرد عن طريق إكسابه المعرفة وبعض القيم والمفاهيم والاتجاهات التربوية، وإكساب الفرد المعرفة النظرية والصحيّة والجماليّة.
الناحية الاقتصاديّة: تحسين الوضع الاقتصادي؛ فالفرد الذي يتمتع بقوة جسميّة جيّدة تكون له الأولويّة في العمل وفي الإنتاج، حيث في الأساس الرياضة تشجيع الفرد على حبّ العمل واحترامه وتقدير قيمته.
الناحية النفسية: تعمل على تعزيز الجانب النفسيّ والمعرفي للفرد من خلال تعويد الفرد على الصبر، والتخفيف من حدّة العنف لديه عن طريق تفريغ طاقته في الألعاب الرياضيّة والتغيير من الروتين اليوميّ الذي يشعر به الفرد، وتنمية الاتجاهات الإيجابيّة من خلال ممارسة الأنشطة الرياضيّة.
التربية البدنية للطفل
لعل قلة النشاط البدني بين الأطفال أصبحت ظاهرة شائعة، لأنهم يقضون معظم يومهم في مشاهدة التلفزيون ولعب ألعاب الكومبيوتر والتحدث بالهاتف. والمؤسف أن التطور التكنولوجي الهائل، أدى إلى آثار جانبية سلبية، إذ أن المزيد والمزيد من الأطفال والكبار يفضلون الجلوس والاسترخاء، ولا يبذلون أي نشاط بدني يُذكر. وفي دراسة أجرتها مؤسسة القلب البريطانية، أظهرت أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 و7 سنوات لا يبذلون الحد الأدنى من المستويات الموصى بها من الرياضة البدنية؛ وعند 15 سنة، فان ثلثي عدد الفتيات لا يمارسن الرياضة البدنية. ووفقًا لأكاديمية طب الأطفال الأميركية، فإن الأطفال يشاهدون التلفزيون حوالي 3 ساعات يوميًا. أما في المملكة العربية السعودية، فإن نتائج الدراسة التي أجراها مختبر الرياضة البدنية بجامعة الملك سعود، حول ممارسة الرياضة بين الأولاد قبل سن المراهقة بينت أن 57% منهم لا يمارسون الرياضة البدنية. والنتائج مماثلة في معظم دول منطقة الخليج. كما تشير مؤسسة القلب الأميركية إلى أن قلة النشاط البدني هو من أخطر مسببات الأمراض غير المعدية، مثل مرض القلب وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات الكولسترول ومرض السكري. ولذلك توصي بأن على الأطفال والمراهقين القيام بما لا يقل عن 60 دقيقة يومًا من النشاط البدني بين معتدل إلى شاق.
أهمية ممارسة الرياضة
أكدت الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية تحقق الكثير من الفوائد البدنية والنفسية والاجتماعية للطفل تمامًا مثل ما هو الأمر مع الكبير، فمزاولة النشاط البدني يمكن أن يساعد الأطفال والشباب على تحقيق التناسق، وسلامة بناء العظام والعضلات والمفاصل، ما يساعد على السيطرة على وزن الجسم والتخلص من الوزن الزائد.
كما أن ممارسة الأنشطة الحركية تزيد من قدرة الطالب على التعلم، وذلك من خلال تأثيراته في القدرات العقلية فطبقًا لما تشير إليه كثير من الدراسات، فإن الطلبة الذين يشاركون في المسابقات الرياضية المدرسية، يكونون أقل عرضة لممارسة بعض العادات غير الصحية، كالتدخين أو تعاطي المخدرات، وأكثر فرصة للاستمرار في الدراسة وتحقيق التفوق الدراسي وبلوغ أعلى المستويات الأكاديمية.
إن موضوع الرياضة المدرسية وتفعيلها والاهتمام بها، مسؤولية تقع على عاتق الجميع كأولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم، فالبلدان المتقدمة تمنح التفوق الرياضي أو المتفوق رياضيًا علامات تساعده على دخول الجامعات أو المعاهد أو المدارس الخاصة، أو تقدم له المنح الدراسية.
وهناك دول تولي الرياضة اهتمامًا بالغًا في المدارس والجامعات، وتهتم وتساعد المتميزين رياضيًا، معنويًا وماديًا وأكاديميًا.
أهمية اللعب والرياضة للأطفال وفوائدهما
يعتبر من السهل نقل إجماع أكثر رجال التربية على أهمية اللعب والحركة ودورهما الهام في تنمية قوى الطفل، الجسمية، والعقلية، والخلقية، والاجتماعية. ففي مجال التنمية الذهنية للطفل: أثبتت الأبحاث أن الأطفال الذين تكون لديهم الإمكانات والفرص للعب تنمو عقولهم نموًا أكثر وأسرع من غيرهم ممن لم تتح لهم هذه الفرص وتلك الإمكانات.
وفي مجال تنمية القوى الجسمية وتنشيطها، فإن لعب الأطفال يكسبهم مهارات حركية، فالقفز، والجري، والتسلق، والتسابق وغيرها من النشاطات الجسمية يكتسب منها الطفل قدرات حركية، إلى جانب أن اللعب يساهم مساهمة كبيرة مع الغذاء في زيادة وزن الطفل وحجمه ويساعد على نمو أجهزته الجسمية المختلفة. أما من الجانب الاجتماعي والخلقي فإن ممارسة الطفل للعب وسط مجموعة من الأقران، يساعده على التكيف الاجتماعي وقبول آراء الجماعة، وإيثارها على النفس، والتخلص من الأنانية وحب الذات، إلى جانب ظهور القيادات بين الأولاد، وتعلم أساليبها وطرق ممارستها. كما أن المباريات المختلفة بين الأطفال تعتبر مجالًا جيدًا لصرف المشاعر العدوانية عندهم.
وقد أشار إلى أهمية اللعب الإمام الغزالي، وتنبه إلى ذلك من جهة حث الولد على طلب العلم، وعدم التنفير منه فقال رحمه الله: «وينبغي أن يؤذن له بعد الانصراف من الكتاب أن يلعب لعبًا جميلًا يستريح إليه من تعب المكتب بحيث لا يتعب في اللعب، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعليم دائما يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش، حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأسًا»؛ وهذه لفتة هامة من الإمام الغزالي تبين أثر اللعب في النشاط الفكري للولد، وأن فيه راحة للعقل من كثرة التلقين كما أن في إهماله إيذاء للولد وتضييقًا عليه في عيشه، ودفعًا له لاتخاذ الحيلة غير المشروعة. وقال رحمه الله حول أهمية الحركة والرياضة للولد: «ويُعَوّد في بعض النهار المشي والحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل».
وقال بعض الحكماء: «الخلق المعتدل، والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة»، ولقد أثبتت التجارب ما أشار إليه الغزالي من أن هناك علاقة بين حركة الجسم والعقل؛ فالتمرينات العضلية التي تسبق العمل الفكري تؤدي إلى تحسينه غالبًا وزيادة نشاطه، كما أنها في الجانب الآخر تنمي كتلة العضلات وتزيد من قدرتها على المقاومة، كما تزيد ضخامة العظام، وتيسر سرعة الحركات ورشاقتها، ومما تقدم نجد أن الرياضة البدنية ضرورية لإعداد الأفراد اللائقين بدنيًا، وعقليًا، واكتساب القامة المعتدلة، وإعطاء الجهاز الدوري والدورة الدموية كفاءة جيدة مع حماية الجسم من الأمراض؛ ولقد نصّ الميثاق الدولي للتربية البدنية والرياضية في مادته الأولى على أن الرياضة حق أساسي للجميع، وأنه يجب توفير برامج للتربية البدنية والرياضية للأطفال في سن ما قبل المدرسة. وهذه أدلة كافية وواضحة على أهمية هذا الجانب في حياة الولد، حيث يتحمل الأب المسؤولية الكبرى في إعداد وتكوين الجو المناسب لابنه، لاستغلال طاقاته وقدراته الجسمية في ممارسة الألعاب والنشاطات البدنية المختلفة التي تعود عليه بالنفع.
ويؤكد طلبة المدارس أن النشاط الرياضي هو المفضل لديهم ضمن جميع الأنشطة المدرسية، وأن يحظى النشاط الرياضي باهتمام إدارات المدارس، التي يقع على عاتقها توفير المرافق المناسبة لممارسة هذا النشاط، وخاصة ملاعب كرة القدم المزروعة، إذ تفتقر كثير من المدارس لهذه الملاعب؛ فيضطر العديد من الطلبة للعب في ملاعب رملية تعرضهم للإصابات، وطالب العديد من الطلاب أن تكون حصة الرياضة يومية ورئيسية، وألا تكون حصة احتياطية للمواد الأخرى، وأن يكون لكل مدرسة صالة رياضية مفتوحة الأبواب حتى في الفترة المسائية.
ولا يكاد يخلو أي نظام تربوي على وجه الأرض من أشكال النشاط الرياضي، فالتربية البدنية أضحت تُمثل توظيفًا تربويًا عال القيمة والفعالية.
التربية البدنية في الإسلام
1- تعليم السباحة والرماية وركوب الخيل:
تحقيقًا لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} (الأنفال: 60).
وعن النبي ﷺ قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».
وأُثر عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: «علموا أولادكم السباحة، والرماية ومروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثبًا».
وهناك بعض الحدود لمثل هذا النوع من الرياضة في الإسلام منها:
- إيجاد التوازن، أن يكون الارتباط الرياضي للولد في حدود الوسط والاعتدال والتوازن مع سائر الواجبات الأخرى دون أن يطغى جانب على آخر.
- مراعاة حدود الله في أن يكون اللباس ساتر للعورة، ومراعاة حدود الله في جميع التصرفات.
- تحرير النية الصالحة، أن يكون هذا التدريب كله بنية التقوية الجسمية في الحق والخير.
- ألا تشغله الرياضة عن واجباته الدينية.
2- إجراء المسابقات الرياضية بين الأطفال:
وهذا الأسلوب من الأساليب المشجعة لإجراء التنافس المحمود بين الأطفال لما فيه من الفائدة لأجسامهم النامية، فقد كان رسول الله ﷺ يُجري المسابقات في الجري بين الأطفال.
3-لعب الكبار مع الصغار والأطفال
إذا أراد الأطفال اللعب مع الكبار؛ وجب على الكبار تلبية ذلك، وأثناء اللعب يجب أن الخضوع لزعامة الصغار، وتقبل الفكرة أو الخطة التي يرسمونها، ولا نفرض عليهم ما نريده نحن في اللعب، وفي أثناء اللعب معهم نستطيع أن نوجه لعبه ونشاطه في لباقة وفهم، ونحاول غرس وتوجيه الطفل إلى ما نريده، وكان الرسول ﷺ حريصًا على اللعب مع الصغار ونَوَّع في اللعب معهم فمرّةً لعبهم بالجري ومره بالحمل على الظهر وغير ذلك.
4- لعب الأطفال مع الأطفال
عندما ينهمك الوالدان في خضم الحياة، ويبتعدون عن التعايش مع رغبات أطفالهم أو يكونون غير منتبهين لتلبية رغبة أطفالهم، في هذه الحال ينصرف الأولاد للعب، غير أن الوالدين يختاران لأولادهم من يلعبون معهم كي لا يتأثروا بأولاد غير مهذبين.
لكل مرحلة عمرية رياضة تناسبها
والرياضة بصفة عامة مفيدة، حيث تساعد هذه النشاطات البدنية على النمو المتكامل للطفل لأنها تزيد من إمكاناته الحركية وتحسن توازنه العاطفي وثقته بنفسه، كما أنه تعلمه الحياة الجماعية وتطور علاقاته بالأطفال الآخرين، وتخرجه أحيانًا من عزلته ووحدته، وبعض الآباء يخافون على أطفالهم من تعلقهم بالرياضة وأنها تشغل معظم وقتهم وأنها قد تؤدي إلى فشلهم في الدراسة، وقد وجد أن ممارسة الرياضة بشكل متوازن ولمدة ساعة تقريبًا يوميًا تحسن النتائج المدرسية بالنسبة للأطفال، ولكن هل هناك مكان أو وقت مناسب وما نوع الرياضة التي يجب ممارستها؟
لا بد أن يتلاءم النشاط الرياضي مع عمر الطفل، فالرضيع مثلًا لديه حب اكتشاف السيطرة على الجسم والمحيط به، فيما بعد تصبح الرياضة ألعابًا جماعية لها قوانينها وتقنياتها، وقبل ممارسة أي نوع من الرياضة يجب علينا مراقبة الطفل والتأكد من صحته بشكل عام
ويمكن أن تحفّزي طفلك ابتداءً من سن 3 سنوات على ممارسة الرياضة البعيدة عن المنافسة كركوب الدراجة أو الرقص أو الجري أو القيام ببعض تمارين الجمباز. أما في سن 5 سنوات فغالبًا ما سيكون طفلك قادرًا على القذف والجري والقفز، ولكنه سيجد صعوبة في متابعة الأشياء وتقدير المسافات أو حتى التقاط الكرة جيدًا. وهذه السن مناسبة أيضًا لكي يبدأ طفلك في تعلّم السباحة.
وحتى لو كان طفلك صغيرًا، يمكنك التعرّف من خلال بعض الدلالات إلى الرياضة التي تمتعه، ومن ثم ملاحظة كيف يقضي وقت فراغه في البيت: هل يستمتع بالقفز والتسلّق أو الحركة بواسطة يديه أو رجليه أم يفضّل الأنشطة التي تمارس خارج البيت كالسباحة واللعب بالكرة؟
وفي هذا الإطار، يجب على الأبوين أن يتركا الطفل يجرّب أنشطة عدّة إلى أن يستطيع تحديد النشاط الذي يفضّله. ومعلوم أن الطفل لا يولد محبًا للرياضة، ولكنّه بالطبع يتمتع بمهارة معينة يجب أن نحاول اكتشافها. لذا، دعي طفلك يجرّب وكوني صبورة إذا ما وجد صعوبة في اختيار رياضة معينة أو الالتزام بها، فكثيرًا ما يحتاج الأمر لتجارب عدّة.
وفي سن صغيرة، لا يمكن التمييز بين رياضة خاصّة بالصبيان وأخرى خاصة بالبنات، فإذا أرادت طفلتك أن تلعب كرة القدم أو إذا رغب ابنك في لعب الجمباز اتركيهما يفعلان ما يريدانه، واجعليهما يشعران أنك تسانديهما مهما كانت الرياضة التي يختارانها. إن إسهام التربية البدنية شرط أساسي لمواكبة المسار الدراسي لأنها التربية القاعدية الملازمة للطفل والتي تساهم بقدر كبير في تطوير الجانب المهاري بكل أبعاده «إدراك، تحكم، تنسيق، توازن، استجابة» زيادة إلى العوامل الأخرى مثل «السرعة، المقاومة، المداومة، المرونة، القوة».
ما هي أنواع الأنشطة التي يمكن أن يمارسها الأطفال؟
الأنشطة التي يمكن للطفل أن يمارسها كثيرة جدًا، فخلال كل مرحلة من مراحل النمو يتعلم ويكتسب حركات وأنشطه جديدة. وكمثال على هذا فالطفل بعمر عامين يمكن أن يقفز، يجري، يمشي كما يستطيع التدحرج بالإضافة إلى الحركات الأخرى. الرياضة البدنية لا تعني الرياضية المنتظمة، يمكن أن تكون مشيًا أو جريًا، أو سباحه، أو التسلق أو حتى مجرد لعب الألعاب مثل الاستغماية وألعاب الكرة. إن هذه الأنشطة ليست متعبة وتحسب فوائدها كثيرة جدًا من أجل صحة الطفل.
تعتقد الدكتورة جوان ويلزمان، نائبة مدير مركز بحوث الأطفال، وخبيرة صحة الأطفال في جامعة إكستر البريطانية أن الأطفال الخاملين هم أكثر عرضة ليصبحوا خاملين عند الكبر، ولذلك فإن غرس عادة النشاط عند الصغر أمر حيوي وضروري. ولهذا السبب، عليكِ أن تحددي وقتًا لتمارسي الرياضة مع طفلك، ويفضل كل يوم. وبالنسبة للأطفال أقل من 5 سنوات فالرياضة غير النظامية لفترة ساعة أو ساعتين ستكون كافية تمامًا.
نصائح لتحفيز طفلك ليكون نشيطًا:
- من الطبيعي أن يقلدك طفلك، لذلك كن نشطا لتصبح له قدوة حسنة.
- قلل الوقت الذي ينفقه طفلك في مشاهدة التلفزيون واستخدام أجهزة الكومبيوتر.
- ضع روتينًا يوميا لتمارس أنت وطفلك المشي أو ممارسة الرياضة معًا.
- شجع النشاط، من خلال اللعب مع طفلك وقضاء وقت ممتع مع الأسرة.
- اسمح لطفلك بمساعدتك في المهام الروتينية اليومية، فهذا يعلمه أيضًا المسؤولية ويجعله يتحرك داخل المنزل.
- إذا كانت لدى طفلك أي حالة يمكن أن تؤثر على التمارين البدنية، يجب عليك استشارة طبيبك أولًا.
- اسمح لطفلك بممارسة الرياضة بالوتيرة التي تناسبه، لا تستعجله أو ترغمه على القيام بشيء إذا لم يكن على استعداد للقيام به.
- شجع طفلك في المشاركة في الأنشطة التي تناسب عمره.
- تأكد من أن طفلك آمن أثناء التريض، لا تدعه يقترب من أية معدات، ولا بد أن يكون تحت إشراف شخص كبير أثناء السباحة، وان يرتدي خوذة عند ركوب الدراجة.
- تذكر أن تجعل الرياضة مرحة حتى يستمتع بها طفلك.
الرياضة وبعض المخاطر على الطفل
جميل أن يمارس الطفل لعبة رياضية يحبها، ولكن يجب ملاحظته من تأثير هذه اللعبة على مذاكرته أو سلامته، ولا شك أن الرياضة ضرورية للطفل منذ الصغر ولكن هناك بعض المخاطر التي قد تؤثر على طفلك بالسلب ويجب على الأم الانتباه لها لعلاجها وتقويمها وتتمثل في الآتي:
- ربما يتعلق الطفل برياضة ما ويشغل وقته بها كثيرًا مما قد يؤدي إلى آثار عكسية على دراسته.
- عدم وجود الأهل أو المدربين بالقرب من الأطفال قد يؤدي إلى حوادث متنوعة حسب نوع النشاطات الرياضية التي يمارسها الطفل.
- بعض الأطفال لديهم تشوهات في العمود الفقري أو الأطراف أو غيرها أو أمراض مزمنة في الصدر أو القلب أو المخ، وهذا يحتاج إلى عدم ممارسة بعض الأنشطة الرياضية التي قد تزيد من حجم المشكلة.
- الاختلاط ببعض الزملاء في المحفل الرياضي قد يؤثر إيجابًا أو سلبًا على الطفل.
لكل طفل رياضة تناسب طبيعته
يختلف الأطفال عن طباعهم وسلوكهم وهذا يرجع في الوقت نفسه إلى طبيعة البيئة الاجتماعية التي ينشئون فيها وإلى العوامل الوراثية التي يولدون بها وهذه الاختلافات تتطلب من الآباء والأمهات إلى توجيه أطفالهم ورعاية رغبات كل طفل بما يضمن تبلور شخصيته على الشكل الأمثل، ومن أحدث الدراسات المتخصصة في مجال رعاية الأطفال ومساعدتهم على بلورة شخصيتهم الخاصة بهم التي قام بها العالم كريستان موندال الفرنسي، وهو متخصص بمجال رياضة الأطفال وهذه الدراسة تمكن الوالدين من اختيار الرياضة المناسبة لطفلهم على حسب ميوله وطباع كل طفل فمثلا:
- كرة القدم للطفل الودود
لمن لديهم طفل ودود ويحب مصادقة الناس بسرعة تُنصح الأم بتوجيه نحو كرة القدم بدءا من سن 7 سنوات لأنها تساعده على بلورة ميوله الطبيعية في وضع خيارته ومميزاته الشخصية في خدمة الجماعة، ولكنها في الوقت نفسه تحول دون سقوطه في فخ التقليد الأعمى.
- الجودو للطفل العنيد وسريع الغضب
ينصح بتوجيه إلى رياضة الجودو بدءًا من سن السادسة لأنها تعلمه أن مقياس القوة ليس فيمن يهاجم ولكن القوة في ضبط الأعصاب وحين تحين اللحظة المناسبة لإثبات قدرته وقوته.
- ركوب الخيل للطفل المتمسك برأيه
إذا كان طفلك عنيد يحب التسلط والتمسك الشديد بآرائه أو بمعنى آخر إذا كان رأسه صلبًا، فينصح بتوجيه نحو رياضة ركوب الخيل بدأ من سن الثامنة لأنها تعلمه الانضباط والمنهج دون أن تكبح تطلعاته نحو القيادة والرغبة دائما بزمام الأشياء.
التربية البدنية للأطفال المعاقين
والرياضة كما هي مهمة للطفل الطبيعي فهي أكثر أهمية للطفل المعاق، فلا شك أن الإعاقة تؤثر على صاحبها سواء كان مولودًا بها أو ظهرت في حياته فجأة نتيجة حادث أو مرض تعرض له فهي تقلل من قدرته وتؤثر على نفسيته وتجعل صاحبها غير قادر على الاندماج مع المجتمع فهو يشعر دائما بالعجز والضعف من داخله وهذا يؤثر عليه بالانطواء والهدوء والانزواء عن مجتمعه ومن حوله، ولكن كل هذا كان بالماضي أما الآن فاختلفت نظرة المعاق إلى نفسه وبذلك استطاع أن يغير نظرة العالم إليه وهذا أثر عليه بالإيجاب فاستطاع أن يكتشف في نفسه ما يدفعه الأمام.
ومن هنا يأتي دور الرياضة فقد كان الدكتور جوثمان من مؤيدي الفكرة القائلة: «أن باستطاعة الرياضة أن تساعد أصحاب العاهات على استعادة توازنهم الجسدي والمعنوي وتجعلهم يندمجون في المجتمع وتنمي قدرتهم البدنية والعقلية» وكان هذا أثناء الحرب.
وكثير من مشاكل المعاقين تتعلق بالجانب النفسي والاجتماعي بدرجة كبيرة جدًا حين يمارس الطفل الرياضة فإن هذا يعطيه القدرة على الاندماج مع الآخرين ويستطيع من خلالها أن يثبت لمن حوله أنه قادر على أن يبرع في شيء قد لا يستطيع غير المعاق أن يقوم أو يبرع فيه وأن لديه من القدرات والإمكانيات التي إن استُغِلت ستجعله ينال إعجاب الآخرين وأن يقدروه ويشعروه بالتقدير والاحترام، وبذلك يستطيع أن يتغير من حالة الضعف واليأس والإحساس بعقدة النقص والعجز وبأنه لديه ما يعوضه ويجعله يبرع ويبدع فيه.
ولقد أثبتت التجربة أن التربية البدنية تترك أحسن الأثر في الأطفال غير الأسوياء– سواء كانوا مصابين بالعجز الحركي أو كانوا ضعاف العقول- فلدى الطائفة الأولى تتحقق من عدم الاستقرار ونقص الدقة في الحركات، وتتيح في الوقت نفسه تيسير تربية هذه الوظائف، ولدى الطائفة الثانية تُيَسِّر تنسيق الاستجابات الحركية التي يتم بها التعبير عن الانفعالات، وتوفر لها الانتظام وتمكن من السيطرة عليها شيئًا بعد شيء.
وحتى من وجهة النظر الفكرية المحضة نجد أن تعلم حركة وتنمية المهارات الحركية يؤديان إلى تربية شكل خاص من أشكال الانتباه كما يعودان المثابرة- وإرادة النجاح في الوقت نفسه. وتمرينات الجرأة والمهارة تنمي رباطة الجأش وسرعة العزم والثقة في النفس بل يخلق ضربًا من الذهول يمكن أن يكون عنصر قوة في الشخصية.
والتربية التي تقوم مع الجماعة تستلزم النظام والتنسيق الجمعي للحركات، وذلك التنسيق الذي تيسره غريزة التقليد التي هي عامل هام من عوامل اندماج الطفل بالتهيؤ لمطالب العمل المشترك يضاف إلى هذا أن المتعة التي يجدها الطفل والمراهق في التمرينات الجسدية والتي تنمي لديها تذوق المتع السليمة والطبيعة.
.