ولدت المؤسسات القرآنية في تاريخ الأمة لدواعي شرعية وحضارية، فقد جعل الله تعالى أهل القرآن هم أهله وخاصته، وجعل نجاة البشر في الاعتصام بكتابه، وهلاكهم في هجره، ولما كان سبحانه قد وعد بحفظ كتابه، وجعل صدور أوليائه أوعية لذلك، فقد كان من الطبيعي أن تنهض الأمة منذ البداية بالقيام بشأن محاضن حفظ القرآن الكريم وعلومه.
وعززت التطورات الحضارية لدولة المسلمين التي ظهرت على الأمم بقيم وتعاليم مستمدة من القرآن الكريم، هذه الحاجة إلى حفظ هذا المصدر العظيم الذي به تحفظ هوية الأمة، وتستمر قيمها الإيجابية منقولة بالتربية القرآنية عبر الأجيال. فكانت تلك المحاضن القرآنية مراكز علمية عالمية أنجبت أجيالا من العلماء وحفظة القرآن وقرائه.
ولكن التحولات التاريخية التي عرفها العالم المعاصر بعد الغزو الفكري والثقافي الذي تعرض له العالم الإسلامي، وتدشين المدرسة الحديثة، وما تركه ذلك من أثر في مسيرة حفظ القرآن الكريم وعلومه، يدعونا اليوم إلى يقظة علمية ودينية تجدد تلك المسيرة القرآنية تجديدا شاملا: مضمونا وشكلا وطرقا تربوية وتعليمية، تستفيد من الإرث التاريخي والعلمي الإسلامي، ومما جَدَّ في علوم التربية دون انفلات عن المقاصد الشرعية التي توجه الفعل التربوي في المجتمعات الإسلامية.
وفى دراسة بعنوان: «تعليمية المؤسسة القرآنية: التكوين والتقويم والإشراف»، للأستاذ الدكتور إدريس نغش الجابري، رئيس مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية بالرباط، يرصد المقصود بتعليمية المؤسسة القرآنية؛ وكيف نجدد النظر فيها مستفيدين من التراكم الكبير الذي حصل في ميادين التعليم وفنونه، دون إغفال خصوصية هذا الفضاء المتميز في مواده وبرامجه ومقاصده وامتداداته التراثية العريقة.
أبعاد البحث التعليمي للمؤسسة القرآنية
ينظر المشتغلُ بالتعليمية الموادَّ التعليمية المبرمجة في المؤسسة القرآنية في ثلاثة أبعاد:
أولها: البعد المعرفي: أي محتوى المادة العلمية المراد نقلها إلى التلميذ. فينبغي لمؤسسات تحفيظ القرآن الكريم أن تربط التلميذ بالأصول المعرفية الكبرى للحقيقة، وهي القرآن والسنة، فهما مصدر المعارف الأساسية، وأساس مكارم الأخلاق في حياة الأفراد والمجتمعات، وتنفتح على المواد المرتبطة بهما لتوسيع مدارك المتعلم الشرعية.
كما ينبغي لها أن تجعل مادة حفظ القرآن وتعلمه ضمن نسق من المواد الدراسية المساعدة: كاللغة والخط والحساب؛ فهي تعين على تطوير قدرات الطفل في الفهم والتذكر والربط والتذوق. وليس هذا من البدع في القول، فقد كان الحساب مثلا منذ فترة مبكرة من تاريخ الإسلام جزءًا من البرنامج التعليمي الذي يتلقاه المتعلم.
فنحن نعلم أن محمد بن عبد السلام سحنون (ت 256هـ= 870 م)، أحد كبار مؤسسي الفقه المالكي بالغرب الإسلامي، في النصف الأول من القرن الثالث الهجري (ق9م)، نص في رسالته «آداب المعلمين» على استحباب تعليم الحساب للأطفال. ومن المحتمل أن يكون في ذلك شيء من تأثير شيخه الفقيه الرياضي شقران بن علي القيرواني (ت:186هـ = 802م).
وهكذا فإن الباحث في مجال المؤسسات والمراكز القرآنية لا بد أن ينظر إلى هذا التكامل والانفتاح المعرفيين في عقل حامل القرآن، لكنه من زاوية نوعية اشتغاله لا يهتم بتنويع المواد فقط، بل ينظر في كل مادة مع مراعاة ثلاثة أمور هي:
* التناسب بين الكم (أي عدد المعلومات) والكيف (الوسائل المستعملة).
* المستوى (السن والمرحلة الدراسية).
* التداول (الوضعية الكلية للخطاب البيداغوجي، أعني: أحوال المدرس والتلميذ والبيئة الثقافية).
وثانيها: البعد البيداغوجي: ابتداء بالمشروع المنهاجي الدراسي العام curriculum الذي يضع المقصد العام من المادة ضمن الأهداف والقيم الوطنية العليا، ثم الأهداف العامة والنوعية المقصودة من المادة عينها. وأخيرا البنى التحتية التي تتطلبها، أعني: الجوانب المؤسسية التي تتم فيها العملية التربوية.
ويحتاج تفصيل هذه الأهداف إلى بحوث مفصلة، وقصارى ما يمكن قوله في هاهنا: أن المؤسسة القرآنية ينبغي أن تكون أفضل معبر عن المشروع المنهاجي العام للأمة، فهي الأقدر على صنع المواطن الصالح المنتج الفعال، القادر على ترسيخ منظومة القيم الثقافية في نفس حامل القرآن، لأنه المكلف بتفعيلها في أمته؛ فهما وتطبيقا ونشرا بين الناس. وفي ذلك حماية لبيضة المجتمع من الانكسار أمام القيم الوافدة عليه والغريبة عن مفاهيمه المعتدلة الوسطية المتسامحة. ولهذا فإن صياغة الأهداف النوعية للمواد المقترحة داخل المؤسسة القرآنية لا بد أن تتميز بالدقة العالية، وأن يكون للمشرفين عليها تصورات واضحة عنها، وخطط استراتيجية لتنفيذها.
وثالثها: البعد النفسي: ويتجلى ذلك في أمرين، أولهما: بناء المادة العلمية المدرسة بناءً يراعي الخصائص النفسية للمتلقي التي تختلف حسب السن والقدرات النفسية والعقلية؛ فمقدار المادة المقررة للحفظ يوميًا أو أسبوعيًا أو شهريًا يتناسب طرديًّا مع تلك الخصائص والقدرات. والأمر الثاني: تحديد كيفية تحقيق «التحتية الوجدانية» أعني: التفاعل العاطفي الإيجابي بين المدرس والتلميذ.
وهو ما يمكن الاستفادة فيه من كتب آداب العالم والمتعلم الكثيرة في تراثنا التربوي التعليمي، فقد بينتا كثيرًا من الممارسات السلوكية والتقنيات التعلمية اليومية داخل مجلس التعليم، ويمكن للباحث في ديداكتيك المواد الدراسية في المؤسسات القرآنية تجديدها وتنزيلها في المدارس القرآنية، ودعمها بما جد من تقنيات في مجال التنشيط وعلوم التواصل.
التخطيط التعليمي للمؤسسة القرآنية
إن نقل تلك الأبعاد من مستوى التنظير إلى مستوى التحقق الفعلي في المؤسسة القرآنية يقتضي وضع تخطيط محكم من ثلاثة مستويات:
الأول: التخطيط الخارجي:
وهو عبارة عن مجموعة من الأسس المنهجية العامة التي تضعها الجهة الرسمية المشرفة على المؤسسة التعليمية؛ أعني: الوزارات أو الهيئات العليا الوصية على المؤسسات والمراكز القرآنية، حتى لا تكون عملية نقل المادة المدرسة مهددة بتدخلات طائشة تتعارض مع المشروع المنهاجي التربوي العام.
ولا يقف هذا التخطيط عند حد صياغة كتب البرامج الدراسية داخل المؤسسة القرآنية، بل يتعدى ذلك إلى نشر كتب توجيهية تساعد الأطر الإدارية المشرفة على المركز القرآني، وتضبط مجال عمل الفاعلين التربويين داخل حلقات التحفيظ والتدريس، وكذلك وضع اللوائح التنظيمية الأساسية للمراكز بشكل يتميز بقدر من الثبات النسبي، بحيث يضمن استقرار المؤسسة تنظيميًا مع إعطاء قدر من حرية الاقتراح والتطوير لإدارة المركز ضمن تلك الأسس العامة.
الثاني: التخطيط المدرسي:
وهو مجموعة الشروط المادية التي تضعها المؤسسة رهن إشارة المدرس لتسهيل عملية النقل البيداغوجي دون عوائق كبرى تفشل العملية التربوية. وهنا تظهر فاعلية المسؤولين على إدارة المركز القرآني؛ أي: كيف يتمثلون فنون الإدارة التربوية في عملية التسيير، بما لا يصطدم مع اللوائح القانونية المنظمة، ولا مع البنية التحتية الوجدانية للفاعلين التربويين. ثم كيف يطورون الأداء الإداري داخل المؤسسة القرآنية ليرتقوا بها إلى مستوى المنافسة، وكيف يستثمرون كل الوسائل المادية المتاحة، وكيف يبحثون عن ابتكار الوسائل الجديدة الفعالة، وكيف ينسقون بين الصرامة التي يقتضيها القانون، والحرية التي تقتضيها الأبعاد النفسية والبيداغوجية للعملية التربوية داخل حلقات التحفيظ ومجالس التدريس.
الثالث: التخطيط المباشر:
وهو الصياغة التنفيذية لعملية النقل من قبل المدرس؛ أعني: التخطيط للدرس؛ تكوينا وتشخيصا وتقويما، ليكون الدرس مؤثرا وفعالًا؛ والنظر في كيفيات تنزيل ذلك في المؤسسات القرآنية نظر ذو شجون كبيرة جدا. ويمكن القول على سبيل التعميم: إن الإمام المحفظ والشيخ المدرس سمي في تاريخنا التربوي بالمعلم والمؤدب. وفي هذا من المعاني العميقة ما لا يدركه إلا أهل الاختصاص؛ لأن شروط مزاولة هذه المهنة التي ترفع صاحبها إلى منزلة أهل الله الموصوفين بالخيرية على لسان أشرف خلقه، ليست بالشروط الهينة.
وليس كل حامل للقرآن يستحق مزاولة هذه المهنة الشريفة، بل لا بد أن يكون متخلفا بأخلاق العلماء المؤدبين، وخبراء المربين، الذين جمعوا بين قوة الحضور المعنوي، ومهارات التواصل، والدراية بالتقنيات الحديثة المناسبة للمادة التي ينقلها إلى المتعلم. ولما كان الديداكتيك يعني حسب كثير من الدارسين ممارسة ميدانية تتمثل في عملية التدريس التي تطبق فيها مجموعة من المعايير والقواعد التربوية، وتشتمل على المجالين النظري والتطبيقي.
فإن ديداكتيك أي مادة دراسية في المراكز القرآنية ليست له صورة نمطية واحدة، ولا وسائل تنفيذ ثابتة، بل إنه سيرورة تنمو وتتطور بنمو المعارف العلمية والتقنيات التواصلية. وهذا يزيد من صعوبة عمل هذا المعلم المربي، ولا يمكنه التغلب عليها إلا بأن يلازم متابعة ما يجذ في ميدان عمله، وينفتح على زملائه في الميدان ليستفيد من خبراتهم، ويستعين بالسابقين في العلم منهم. وعليه أن يقتنع بأنه ناقل أمين، ومربٍ فعال بواسطة منهجيات منضبطة، وتقنيات مؤثرة، تقوم على أفعال كلامية وتجريبية يومية، وقدرة على المراجعة الذاتية، وعلى الفعالية في تجاوز العوائق النفسية والمعرفية لدى التلميذ.
جوانب الانشغال التعليمي للمدرس
إن العلاقة التعليمية هي فعل تواصلي يتضمن أمورا أبرزها: المرسل والمتلقي والقناة. وإن أي خلل في أي مكون منها يبطل الفعل التواصلي. ولذلك فلا بد من مراعاة أمور في عمل المعلم:
- اختيار الوضعيات التعلمية:
والمقصود بها لحظة الانطلاق في حلقة الدرس، فلا يدخل في الدرس رأسا لما في ذلك من ثقل على نفسية المتعلم غالبًا، بل ينتقي بعناية وضعية تنشيطية تتوجه إما إلى الذاكرة لاسترجاع وضعيات سابقة، أو إلى الفهم باستحضار وضعيات معرفية أو اجتماعية تنشط الذهن أو تعصف به أحيانا لتقاوم سباته الدوغمائي، أو تتوجه إلى الحس الذوقي والجمالي باستماع مقطع قرآني أو رؤية مشهد مصور يوقظ الحواس ويعدها لاستقبال المادة العلمية المقررة. وتختم الوضعية التعلمية بانتقال سلس نحو المادة المقررة للحفظ أو الدرس، على أن يتم الشروع فيها بتوعية المرسل بالهدف المقصود من الحصة.
- التسهيل والتنويع والبسط:
يتعلق الأمر هنا بالقناة أو قل بالمادة وكيفية نقلها إلى المتلقي. فلا بد من تسهيل المادة بالشرح والتشخيص والاستدلال، وتنويعها أداء، فلا يسلك المحفظ ولا المدرس مسلكا واحدًا في طرق التحفيظ والتدريس. بل ينوع ذلك بحسب المادة وأحوال المتلقي، فيمزج بين الطرق الفردية التي تراعي الفوارق الفردية، والطرق الجماعية التي تقوي روح التعاون والتنافس الإيجابي بين المتعلمين، وينوع بين الوسائل المادية (السمعية والبصرية) والوسائل اللفظية (الكتاب التعليمي المقرر). ثم لا بد من الاختصار لدرجة الحد الأدنى من العدد المحتمل حفظه أو تعلمه بيسر من قبل المتلقي العادي، لكن مع بسطه بالأمثلة، وتقريبه بالتشخيص، وتثبيته بالأسئلة والمناقشات؛ لأن البسط أساس التعلم في الصغر، والاختصار شأن الفحول من أهل العلم.
- التكامل والترابط:
لقد كان التكامل في العقلانية العلمية الإسلامية الأصيلة جوهرًا لا عرضا طارئا عليها. وتمثل ذلك في المؤسسات التعليمية حيث كانت الجسور موصولة بين العلوم بمختلف تخصصاتها. واليوم نشأ وعي جديد في البلاد الأوروبية بضرورة التمسك بالمناهج التكاملية في الميدان التعليمي خاصة وفي نظرية المعرفة عامة.
ويقصد بالمناهج التكاملية في المجال التربوي التعليمي: المناهج التي يتم فيها طرح المحتوى المراد تدريسه ومعالجته بطريقة تتكامل فيها المعرفة، من مواد أو حقول دراسية مختلفة سواء كان هذا المزج مخططا ومجدولا بشكل متكامل حول أفكار وقضايا وموضوعات متعددة الجوانب، أم تم تنسيق زمني مؤقت بين المدرسين الذين يحتفظ كل منهم بتخصصه المستقل أم بدرجات بين ذلك.
وتبين من هذا حاجة المؤسسة التعليمية القرآنية إلى أن تضع نسفا منضبطا للمواد المدروسة يجعل من المادة دائرة غير مغلقة، بل مفتوحة ومتقاطعة مع المواد الأخرى، لكي نصلح الشرخ الذي أقامته المنهجيات الحديثة بين العلوم الدينية والعلوم الإنسانية والطبيعية، ثم بين العلوم الإنسانية نفسها وبين العلوم الطبيعية التي سموها «علوما دقيقة»، فأصبحت العلوم الشرعية الدائرة على القرآن الكريم في التعليم الحديث خارج دائرة العلوم الدقيقة.
فلا بد من تقاسم الهم «التعليمي» في المؤسسة القرآنية بين كل الفاعلين التربويين فيها، ومن جهة أخرى يلزم أيضا توسيع الفضاء التربوي ليشمل الأسرة والمجتمع؛ لأن المؤسسات التعليمية القرآنية تعاني بالفعل من هذا الفصل بينها وبين الفضاءات التربوية الخارجية، وفي مقدمتها المجال التعليمي العام.
- التقويم:
وهو جزء من عملية التعلم، من حيث كونه وسيلة للتصحيح والتثبيت والتطوير. ولذلك يقسم إلى ثلاثة مستويات:
1- التقويم الجزئي القصير ويسمى أيضا بالتقويم التشخيصي:
وهو يعقب كل محور جزئي من محاور الحصة الواحدة، أو في بدايتها، بقصد التأكد من مستوى تحصيله من قبل المتعلم. فيتم التصحيح والمراجعة بقصد التثبيت.
2- التقويم الجزئي المتوسط وقد يسميه البعض بالتقويم التكويني:
وهو يعقب كل وحدة جزئية من وحدات المقرر الدراسي، ويكون عقب نهاية تلك الوحدة التي قد تستغرق عدة حصص تعلمية. فيتم فيه مراقبة المكتسبات في تلك المرحلة.
3- التقويم الإجمالي:
وهو يتم في نهاية دورة أو فصل أو سنة دراسية، ويمكنه من الحكم على المستوى التحصيلي النهائي للمتعلم.
والواقع أن التقويم تتقاطع فيه عدة علوم تربوية، وليس له مسلك واحد في التطبيق. فالواجب أن تنوع المؤسسات التعليمية القرآنية طرق التقويم الفردية والجماعية، لكي ترقى بأدائها التعليمي إلى أحسن المراتب. وأن تضع دفترا للمراقبة المستمرة لأنشطة الحفظ والتعلم، يشتمل على بيانات المراقبة المستمرة بما فيها أوراق التنقيط، ومدارج المراقبة يتم فيها تشخيص مستوى القسم وتصنيف المتعلمين تبعا لمستوياتهم التعلمية وفروقاتهم الفردية أو الفئوية، والتقارير التربوية الدورية والسنوية، وعلى الفروض الجزئية والاختبارات المجملة وعلى مرجع تقويم الدروس الذي يسجل ما يعترض المدرسين من مشكلات وعوائق مادية وبشرية ومعنوية، وما يتم وضعه من حلول واقتراحات وتوصيات.
التكوين التربوي للمشرفين على حلقات التعليم القرآني
1- الإشراف وأنواعه:
يعرف الإشراف على حلقات التعليم القرآني بأنه: (متابعة جهود العاملين وتوجيهها بما يحقق أهداف المؤسسة على أحسن وجه)، وهو نوعان: إشراف إداري تتكفل به إدارة المركز أو المؤسسة، وإشراف تربوي أو تعليمي يتكفل به المعلم نفسه. والاعتناء بالإشراف ضروري للخروج بالتعليم القرآني من الارتجال في المناهج والتدريس إلى التنظيم الفعال.
2- إعداد المشرفين الإداريين والتربويين:
لما كان المشتغلون في الإدارة أو التعليم في مؤسسات ومراكز التعليم القرآني في العالم الإسلامي هم من قليلي الأهلية والخبرة في المجال التربوي غالبا، فإن الحاجة ماسة إلى الاعتناء بالتأطير الإداري للمشرفين الإداريين، ليكتسبوا المهارات المطلوبة في فن الإدارة التربوية، كما ينبغي الاعتناء بالتأطير التربوي للمحفظين والمعلمين في تلك المؤسسات. وهناك عدة توصيات في طرق هذا الإعداد:
- دورات تكوينية يستدعى لها الخبراء والمختصون في فنون الإدارة التربوية وديداكتيك التربية الدينية.
- فتح المجال للمشرفين ليلتحقوا بمؤسسات تكوين الأطر وكليات علوم التربية لفترات محدودة لتلقي الأسس النظرية والعملية لفنون التربية: إدارة وتعليما.
- إنشاء مركز لتأهيل وإعداد المشرفين على المؤسسات والمراكز القرآنية.
ختامًا:
ما زال الاشتغال بموضوع مناهج التعليم والإشراف في المؤسسات القرآنية بكرا في المكتبة الإسلامية، رغم عمقه التاريخي، وأهميته في واقع المسلمين ومستقبلهم. وأما البحث الدقيق في الجوانب الديداكتيكية منه فيكاد يكون معدوما. ويبدو أنه واجب علمي على الجهات الوصية على تلك المؤسسات أو المراكز أن تخصص لهذا الأمر الاهتمام الأكبر، ارتقاءً بهذا التعليم إلى أفضل المراتب، وحفظا له من كل الآفات. ويبدو أن التراكم الحاصل في عدد المراكز والمؤسسات القرآنية في العالم الإسلامي يحفز جميع الباحثين في علوم التربية والمسؤولين والأوصياء على تلك المراكز ليحملوا هذا الواجب العلمي، نيابة عن الأمة جمعاء.
.