أظهرت نتائج دراسة علمية حديثة أعدتها الباحثة منال الحميدة بجامعة الكويت وحملت عنوان «العنف لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية من وجهة نظر المعلمين: المظاهر والأسباب»، أن العنف داخل المدارس يشكل خطورة كبيرة على حياة الفرد والمجتمع، كما أنه أصبح هاجساً رئيسياً لجهات عدة منها أولياء الأمور والمسؤولون التربويون والمجتمع ككل، منوهة بأن للعنف المدرسي مخاطر كبيرة لأن المدرسة تعتبر المؤسسة الاجتماعية الثانية من بعد الأسرة.
وحول الأسباب التي تسهم في انتشار العنف داخل مدارس المرحلة الابتدائية وفقاً لعينة الدراسة البالغة 1012 معلماً ومعلمة، جاءت على رأسها وسائل الإعلام والترفيه، ثم المشكلات الاجتماعية والأسرية وأخيراً البيئة المدرسية، مشددة على ضرورة الاهتمام بها وأن تؤخذ بعين الاعتبار.
وبيّنت الدراسة أن سلوك العنف يعد من السلوكيات غير السوية والجانحة، لا سيما عندما يمارس في أحد مكونات المجتمع وهي المؤسسات التربوية، التي من أهدافها صقل شخصية المتعلم ليكون مواطناً صالحاً مشددة على أهمية توفير البيئة التربوية الآمنة.
وأكدت الدراسة أن للعنف أضراراً جسيمة داخل المدارس، تتمثل في كراهية التلاميذ للمدرسة وفشل العملية التعليمية، وانتشار الفوضى وقلة الشعور بالأمن.
وذكرت أنَّ للمعلم دوراً بارزاً في تحديد مظاهر العنف لدى التلاميذ، لأنه الأقرب إليهم في المدرسة ويلاحظ سلوكياتهم سواء داخل الفصل أو خارجه، ويمكنه كذلك تحديد أسباب العنف باعتباره جزءاً من المجتمع، كما يمكنه المساهمة في التخفيف من حدة انتشار العنف داخل المدرسة وخارجها، وذلك من خلال التوجيه والتربية ونقل الثقافة والقيم السليمة للتلاميذ.
وشددت الدراسة على أهمية زيادة الدراسات والتحليل لظاهرة انتشار العنف، نظراً لزيادة أعداد المدارس والاكتظاظ الموجود فيها، ومن المهم التركيز على هذه الظاهرة ومعرفة أشكالها وأسبابها، لاسيما في المرحلة الابتدائية التي تعتبر بداية الطريق في التعليم الأساسي وتمهيداً لباقي المراحل التعليمية، وهي المرحلة التي تتشكل فيها شخصية التلميذ وما سوف يكونه في المستقبل.
وأشارت إلى أن المؤهل العلمي للمعلم له دور كبير في مواجهة عنف تلاميذه، حيث احتلت فئة المعلمين الذين لديهم المؤهل العلمي (دراسات عليا) المرتبة الأولى في القدرة على التعايش والمواجهة، يليهم المعلمون ذوو المؤهل العلمي المتوسط (دبلوم)، ثم (بكالوريوس).
وشددت الدراسة على ضرورة إجراء بحوث ودراسات مستقبلية تستقصي مظاهر وأسباب العنف في الفئات العمرية الأخرى لا سيما مراحل رياض الأطفال والمتوسطة والثانوية إضافة إلى الجامعة، لمعرفة درجة انتشار العنف بها، مؤكدة أهمية معرفة العلاقة بين التحصيل العلمي والعنف لدى التلاميذ، والمقترحات والحلول التي تسهم في الحد من ظاهرة العنف لدى التلاميذ.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة اتخاذ الكثير من الخطوات لمعالجة ظاهرة العنف في المدارس وتحسين سلوك التلاميذ أبرزها:
1 – اهتمام وزارة التربية بمكونات النظام التعليمي.
2 – إقامة دورات تدريبية للمعلمين والإداريين وأولياء الأمور في فن التعامل مع المشكلات السلوكية.
3 – زيادة التواصل بين المدرسة والأسرة.
4 – التركيز على التنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية واحتواء الأبناء.
5 – اهتمام الأسرة أكثر بالطفل، وإبعاده عن المشكلات التي قد تكون بين الوالدين.
6 – غرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الأبناء وإرشادهم لحسن اختيار الأصدقاء.
7 – مراقبة أولياء الأمور لأبنائهم عند استخدامهم للأجهزة الالكترونية الحديثة، وتوجيههم للبرامج التربوية المفيدة.
8 – عدم استخدام العقاب البدني القاسي من قبل الوالدين أو الكبار.
9 – عقد الندوات والاجتماعات لمناقشة مشكلات العنف.
10 – زيادة الأنشطة الرياضية والترويحية في المدارس.
11 – إعادة النظر في السياسات والإجراءات المتبعة للردع، وتفعيل العقوبات في المدرسة وإجراءاتها.
12 – إقامة برامج إعلامية وتلفزيونية وحملات توعوية تؤدي لنبذ العنف، وغرس قيم النظام والتعاون والتسامح بين الأطفال.
.