كان رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - أفضل القدوة التى يجب أن يحتذى به المربون فى أسلوبه وفى تربية أصحابه؛ فكان مربى تهوى إليه الأفئدة، واستطاع إيجاد تغيير جوهرى فى سلوكيات أصحابه فى سنوات معدودة، وعلى المربيين قراءة سيرته -صلى الله عليه وسلم- الوقوف على مدرسته فى تربية أصحابه على المنهج الإسلامى أخذين منها العبر والدروس وتحويلها إلى واقع عملى. "لقد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" (الأحزاب،21).
ومن الجوانب التي يحتاج المربون تعلمها من مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم- هي تنمية مهارات المتربين المختلفة ليكونوا أفرادا نافعين لأنفسهم ومجتمعاتهم وأمتهم، ومن أمثلة ذلك في السيرة:
أسرى بدر (التعليم مقابل الفداء)
قال ابن عباس: كان ناس من الأسارى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، وبذلك شرع الأسرى يعلمون غلمان المدينة القراءة والكتابة، وكل من يعلم عشرة من الغلمان يفدي نفسه. وقبول النبي - صلى الله عليه وسلم- تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء في ذلك الوقت الذي كانوا فيه بأشد الحاجة إلى المال يوضح سمو الإسلام في نظرته إلى العلم والمعرفة، وإزالة الأمية .
توجيه زيد بن ثابت لتعلم لغة اليهود سنة 4هـ
ولما قدم المدينة ذُهب بزيد إلى رسول الله، وقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك رسول الله وقال: «يا زيد تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتاب» قال زيد: فتعلمت له كتابهم, ما مرت خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب.
إن الاهتمام بتنمية مهارات المتربى منذ صغر سنه وصقلها لأمر هام للغاية، ولذا لابد للمربى أن ينظر دائما فى مدى تحلى الأفراد بالمهارات التى تساعدهم على كسب الرزق، وكذلك المهارات التى تساعدهم على توصيل الدعوة بكفاءة وفعالية أعلى، بالإضافة إلى وضع الخطط والأهداف للأفراد لكى يحدث تطور فى مهاراتهم تساعدهم على زيادة فرص العمل وزيادة الدخل. ولا يجب أن يقتصر نظر المربي على الأداء الحركى والعبادى للمتربى.
.