Business

حنان عطية تكتب: التربية الإعلامية والطفرة الاتصالية

التربية الإعلامية هي عملية تستهدف صناعة التعرض الواعي وتحديد قواعد الانتقاء من قبل الأفراد العاديين وليس العاملين في مجال الاعلام والميديا ، وأيضا خلق الوعي التواصلي بين الفرد ووسائل الاعلام.

قبل بداية الألفية الثانية لم يكن هناك وعي كبير ، او إدراك لدي الأفراد حول الفروق الكبيرة بين وسائل الاعلام ، أو حتي إدراك لأهمية  الاعلام نفسه ، إلا أن التطورات السياسية  جعلت الناس تنتبه فجاة الي دور الاعلام في نقل تطلعاتهم نحو حياة أفضل، ونقل صوتهم وآرئهم الي العالم .

وقد كانت االأحزاب والقوي السياسية والمدنية أول المدركين لأهمية وسائل الاعلام في نقل حراكها وتدافعها مع الأنظمة السياسية  ، ومن ثم كانت تحقق تواصلا جيدا مع وسائل الاعلام الخارجي ، حيث كانت مساحة النشر تكاد تكون معدومة في وسائل الاعلام المحلية .. ونظرا لهذا الادراك الواعي كانت تلك  المكونات السياسية والمدنية تجهز أفرادها من خلال التربية الإعلامية ، بحيث يصبحوا على قدر من الجاهزية على التواصل الفعال مع وسائل الاعلام الخارجي وقليل منه في الداخل .. وكان الارشاد والتربية الإعلامية يوجه بحصول كافة الأفراد على وسائل الاتصال المختلفة لنشر القضية التي يريد إخبار العالم بها

بعد دخولنا ثورة الهاتف النقال من حيث إمكانية التصوير والبث المباشر ونقل الصورة والكلمة الي ملايين الناس علي الأرض غدا للتربية الإعلامية أبعادا جديدة أذ لم تعد تمارسها الأحزاب والمكونات البشرية التي لها رسالة تريد أن توجهها ، بل أصبحت سلوكا لحظيا تمارسه الأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء.

نمارس التربية الإعلامية دون قصد أو دون معرفة بالقواعد والأسس العلمية ، فنحن نمارسها عندما نصطحب أطفالنا وندشن لهم حساب على موقع التواصل الاجتماعي .. ونبين لهم قواعد وقيم وأسس وأهداف التواصل .. اذ بهذه الطريقة قد حددنا قيم التواصل .. ومارسنا التخطيط الإعلامي الذي يقول انه ليس هناك ثمة اتصال بدون اهداف .. وحددنا معا نوع الرسالة المؤدية لأهدافنا والخادمة لقيمنا وقضايانا

حينما نطالب ابناءنا او تلاميذنا بعدم تناقل خبر دون التأكد من مصدره ومصداقيته فاننا نمارس التربية الإعلامية مع من نوجههم.

فالتربية الإعلامية  نجحت في تجهيز الأفراد للشراكة الإيجابية في الاتصال ، و القضاء علي فكرة احتكار المعلومة الحدثية أو مبدأ الفلترة أو القوامة علي الاخبار والمعلومات التي تشهد تدفقا سيليا غير مسبوق .. وهي أيضا تعمق فكرة الصحفي الموطن الذي يثرى التغطية الحدثية والاخبارية ، بحيث اصبح ذلك المواطن اهم مصادر الخبر .

بسبب التربية الإعلامية لم نعد ننتظر الصحف والقنوات ترسل صحفييها ومصوريها لينقلوا الحدث ليخضع لقيم النشر وخلفياتها لديهم ثم يراه الناس بعد ساعات طويلة .. الأمر قد أصبح بسيطا بسبب التربية الإعلامية الارتجالية التي يخضع لها الكثيرون .. فقد تربي عند الكثيرين الحس الخبري الذى يحدد أهمية الخبر .. وتكون عنده معرفة بأهمية النقل السريع للخبر .. العملية بسيطة ..مجرد صورة وبضع كلمات واصفة تحتاج الي معرفة بديهية أو حتى متخصصة بسيطة ليعرف كيف تكون كلماته شارحة للخبر.

منذ عام حدث حادث تصادم علي المحور ..فى نفس الوقت كانت ابنة صديقة لي كانت تمر من هناك راكبة ميكروباص يقلها الي الجامعة .. علي الفور قامت بتصوير الحادث قبل وصول الشرطة والاسعاف .. كتبت مع الصورة .. قالت حادث كبير في مدخل المحور من عند الشيخ زايد .. نجونا منه باعجوبة ..كاد يطالنا .

ثورة الاتصال خلقت مناخا للتربية الإعلامية لم نكن نحلم به .. تليفون وكاميرا  ومواطن يحلل الخطاب الإعلامي جيدا ويصنفه ويحلله .. واصبح يتكلم عن مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية وأهدافها .. اصبح لديه انتقائية إعلامية فيحدد في ايهم يثق ؟.. اصبح يعرف انه له دور في صناعة الحدث وفي نقله ايضا .. أصبح غالبية أفراد المجتمع شركاء اعلاميين لا يمكن تجاهل او تجاوز أهمية دورهم في انتاج واستهلاك آلاف الرسائل الإعلامية اليومية .. كشريك في صناعة الوعي الجديد.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم