يجيب عنها خالد حمدي
رزقني الله عز وجل أنا وزوجتي ولدا طيبا خلوقا بارا بنا وشقيقة له كذلك لا نزكيها علي الله ونحمد الله عليهما كثيرا.
وولدي الآن طالب في مرحلة الشباب وهو غير كثير من الشباب خاصة في هذه السن في أمر قبول النصح وعدم العناد وسماع كلامنا وتنفيذه وإن كان يخالف ما يريده.
لكن المشكلة يا سيدي في أنا وزوجتي فأنا أري أن استثمار أخلاق الولد في توجيهه نحو الأفضل وغلق أبواب التقليد في وجهه فهو يرتبط ببعض أصدقائه وكثيرا ما قلدهم في لباسهم وتسريحة شعرهم وطرائق كلامهم وكثير من سمتهم الذي نراه في كثير من شباب هذه الأيام، وأنا دائما أقول أن غلق الباب من البداية أولي من الإصلاح بعد الممارسة حتي لا نحمل هما قد ينتج عن هذه التصرفات من أخلاق قد تلتصق به مستقبلا.
أما زوجتي فتري أن إعطاءه حرية الحياة وممارستها وإفساح المجال له ليعيش كما يريد دون إحراج له أو تضييق عليه حتي يقتنع هو بنفسه بالمسلك الخاطئ فينصرف عنه والمسلك الصواب فيقبل عليه.
وبين هاتين الطريقتين احتار دليلنا وكل منا يري صواب ما يعتقد أنه الأصح في تربية ولدنا، والعجيب أن الولد يستمع لرأي أحدنا فينفذه حياء منه، ثم يميل للرأي الآخر فيفعله وإن كان عكس ما فعل حياء أيضا من الطرف الآخر.
وابننا الآن يا سيدي في المرحلة الجامعية ومازلنا نختلف علي تربيته هو وشقيقته التي تقاربه في العمر، فبماذا تنصحنا؟.
الرد
أضحكتني رسالتك التي تأخرت في السؤال عن قضيتها عشرات السنين حتي أوشك الولد أن يستغني عن تربيتكما له أصلا وما زال كل منكما مصر علي رأيه.
يا سيدي بين المنع والمنح والترغيب والترهيب والسعة والضيق تأتي التربية، فليس كل ما يراه الولد نوافقه عليه وليس كل ما يرفضه نرفض، وإنما المصلحة التي نراها ورد الفعل المتوقع وانعكاس ما سيفعله عليه وعلي الأسرة المحيطة هي التي تحدد مسلك الشدة نختار أم مسلك اللين.
لكن هذا كله لا يكون إلا في جو من التوافق والتكامل بين عمودي الأسرة " الأب والأم" حتي لا يؤدي هذا لا قدر الله بأبنائنا إلي اللعب بنا والإستخفاف بعقولنا لما يرونه من خلاق بيننا علي الصغير والكبير من أمورهم.
إن التربية يا سيدي فن قبل أن تكون ممارسة والوالدان الفاهمان هما اللذان يتفننان في هذا الفن ويبدعان فيه حتي يتركا بصمتهما في نفوس وعقول الأبناء، والفن من سماته التناسق حتي تخرج اللوحة الفنية في قمة الروعة والجمال، وأجمل لوحة يرسمها الولدان هي لوحة الأبناء الذين نريد لهم سلامة نفسية ورصانة أخلاقية في عالم الناس في حراسة من القيم الأخلاق التي لا تنفك عنهم حتي وإن بعدوا عنا.
لذا أوصيك يا سيدي أن تعيد ترتيب وتنسيق الأمزجة – لأنني أظن أن المشكلة الحقيقية فيها – وليست في طريقة التربية، فإذا ما تصالحت الأمزجة وتنازل كل منكما لصاحبه ولو عن مسافة صغيرة مما يصر عليه فسوف يحدث التكامل الذي نريده في تربية أبنائنا او إدراك مما تبقي من تربيتهم، وفقكم الله لذلك.
.