الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

ابني الشاب الجامعى ينفر منه زملاؤه بسبب قلة النظام والنظافة
الإستشارة

 ابنى شاب متفوق أنهى تعليمه الثانوي بتفوق، والتحق بكلية من كليات القمة واضطر للعيش في المدينة الجامعية التي تتبع لجامعته، ورغم أنه شاب هادئ ومثالي ومتفوق إلا أن كل من يسكن معه في الغرفة لا يستطيع الاستمرار معه هربًا من قلة النظام والنظافة في الغرفة نتيجة إهماله هذه الناحية في حياته، ورغم أننا كنا ندرك هذه المشكلة معه لكننا كنا نتجاوز عنها نظرًا لتفوقه واجتهاده في المذاكرة، وكنا نحاول جميعنا أن نسدد وراءه وننظم وننظف بدلًا منه، لكننا لم نكن ندرك أن الأمر قد يؤثر على حياته إلى هذا الحد  باعتباره ولدًا.. لكنه بدا متأثرًا بها لدرجة أنه الآن يفكر في التخلي عن دراسته بسبب ذلك الأمر؟


 

الإجابــة

للأسف كثير منا ينظر إلى تفوق الابن دراسيًا بأنه غاية ما يتمناه الآباء في تربية أبنائهم، وهي رؤية قاصرة جدًا حيث تختصر الإنسان في ورقة ومجموعة درجات لا تعتبر مقياسًا نهائيًا لنجاح الإنسان في الحياة، ومن المفترض أن يكون نصب أعيننا أن الحياة متعددة وأكبر وأشمل من قضية التعليم، حيث من اللازم علينا أن ننظر إلى التعليم باعتباره مسارًا من مجموعة مسارات حتمية لا بد من السير فيها لمن اختار العيش بطريقة طبيعية.

تنجح التربية كلما نجح الابن في الاعتماد على نفسه رويدًا رويدًا، فسعادتنا عندما يتمكن الطفل من المشي بمفرده ودخول دورة المياه وتناوله طعامه بنفسه تكاد لا توصف وكلما ازدادت المهام التي يمكنه القيام بها بمفرده ازدادت سعادتنا لأن الابن سار مهيئًا إلى خوض غمار الحياة بدون احتياج لمساعدة أسرته على الدوام، إذ أن استمرار الاحتياج إلى مساعدة الآخرين في المهام الطبيعية الموكل إلى الابن القيام بها وفق المرحلة العمرية نعتبره نوعًا من الإعاقة و التأخر في النمو المعرفي والإدراكي والسلوكي وهو ما يصيبنا بالقلق والانزعاج.

وعندما يكون الابن طبيعيًا لكنه يعاني عجزًا في مساعدة نفسه سواء في نظافة مكانه أو ترتيب أشياءه الخاصة فإن المتهم الرئيسي هنا هي التربية، وقد يكون فعلًا هناك ميل لدى الطفل إلى عدم الترتيب وقلة النظافة، وإصرار على الاستمرار ذلك، ولكن التربية لا يمكن تغافل قدرتها على التغيير أو التقليل من حدة الأمر إذا استهدفت ذلك، ومسألة العناية بالنظافة والنظام هي جزء من تشكيل وعي الإنسان وإحساسه بالتمييز بين الغث والثمين وبين القبيح والجميل وهو جزء من تشكيل الذوق العام لدى الابن وهو من الدين فقد قال الرسول ﷺ: «إن الله جميل يحب الجمال»، وقال أيضًا: «الطهور شطر الإيمان»، لكننا نحن الشرقيين نهمل هذا الجانب في تربية الولد بينما ندقق فيه مع البنت، وهذا قصور في اتجاهات التربية، وهذا ليس من الدين، فقد كان النبي ﷺ يعمل في مهنة أهله، وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه، وهو أكثر الناس انشغالًا، وكان سلمان الفارسي يعجن العجين شفقة بالخادم، وكان خليفة المسلمين أبو بكر الصديق يخدم العجوز فيحلب الشاة ويجهز لها الطعام.

إن شمول التربية يكفل لها النجاح ويكفل للمتربي السعادة والسير على طريق الحياة بسهولة وسلاسة ومشاكل أقل، وفى المشكلة الحالية ربما نكون قد تأخرنا في ملاحقة المشكلة التي كان الأولى والأيسر ملاحقتها في وقت مبكر عن ذلك، لكن علينا ألا نيأس وأن نضغط على الابن أن يغير من سلوكه ونقنعه بأن تلك المشكلة قد تسبب إزعاجًا في حياته الاجتماعية مستقبلًا مع زوجته ومع أبنائه وأنه من الضروري مجاهدة النفس نحو التغيير ولو حتى بشكل تدريجي، وعليه أن يعرف أن هناك أساسيات في النظافة والنظام لا بد أن يتحلى بها إذا أراد حل تلك المشكلة التي يعتبرها التربويون مشكلة أكبر بكثير من مشكلة التأخر الدراسي.

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت