ابني في المرحلة الإعدادية وقد كان من الأطفال شبه المتفوقين في الابتدائية ولكن بعد انتقاله إلى المرحلة الإعدادية تراجع مستواه بشكل كبير، لدرجة رسوبه في بعض المواد مما يجعله مضطرًا لمذاكرتها في الصيف وإعادة الامتحان فيها.. وابني يأخذ دروسًا خصوصيةً في كل المواد ولكنه لا يتقدم وأخشى أن يصل إلى المرحلة الثانوية بنفس المستوى ويضيع مستقبله.
تعتبر مشكلة التأخر الدراسي من أكثر المشكلات التربوية شيوعًا والتي يعاني منها المعلم وولي الأمر وتشكل عبئًا ثقيلًا على الفرد والمجتمع، ومشكلة ابنك ربما ليست معقدة لأن له سجلًا سابقًا في الاستيعاب الجيد ودنيا التفوق؛ ومن ثم لن يتم إخضاعه لفحوصات نسب الذكاء وبحث ما إذا كان لديه مشكلات كصعوبات التعلم او أي نوع من الإعاقات التي تعتبر عائقًا في التواصل الجيد داخل الفصل مما يؤثر على استيعابه للدروس.
ومن الواضح أن ثمة متغير ما قد حدث في حياته أدى إلى التراجع ولا بد من دراسة الأسباب المتوقعة والمتغيرات الطارئة من خلال مراجعة السنوات التي شهدت تراجعه لمعرفة ما الذي قد أحدث تأثيرًا في نفس الابن وفى طريقة تعامله مع المنظومة التعليمية.
وأيضًا لا بد أن ننظر ما إذا كانت المشكلة عامة أي تشمل كل المواد، أم مشكلة خاصة أي تخص مادة بعينها، ونسأل عن مستوى معلم المادة لمعرفة ما إذا كان مستواه التدريسي هو السبب أم أن المعاملة القاسية أو أي شيء في جوانب شخصية المعلم هي السبب الذي يكمن في خلفية الحالة.
وقد تكون العوامل متغير اجتماعي في محيط الأسرة، أو حتى محيط الأصدقاء حيث أن جو الأصدقاء يؤثر بدرجة كبيرة خاصة وأنه أحيانًا تكون بعض شخصيات الرفاق غير الموفقين دراسيًا مليئة بالشجاعة أو الفكاهة مما يجعل منه نموذجًا محببًا وفى الوقت نفسه مروجًا جيدًا للداء فيميل أصدقاؤه إلى تقليده حُبًّا في شخصيته وتقربًا إليه.
إن معرفة أسباب المشكلة هي مسئولية الأسر بنسبة 90% حيث يكون بمقدور الأسرة وحدها تحديده، بينما يقع نسبة 10% على المدرسة سواء معلم الفصل أو المرشد النفسي في المدرسة.
وفى كل الأحوال لا بد من بذل كل الجهود لحل المشكلة؛ لأن التحصيل كسلوك مؤشر للنجاح الذى يعتبر فرصة غير متكررة ولا تعود مرة أخرى إلا على حساب عمر الطالب، كما أنه يؤدي إلى سجل دائم للطالب لا يُنسى مع الزمن بل يحاسب عليه الطالب في أي مناسبة قد تستدعي ذلك في المستقبل، كما أن التحصيل يتحكم في نوع المستقبل الذي ينتظر الطالب في الحياة العلمية والواقعية. فإذا كان الطالب متفوقًا كان المستقبل أمامه باهرًا، وإذا كان متأخرًا فإن المستقبل غالبًا ما يكون معتمًا وصعبًا.
وبصرف النظر عن النتائج التي سوف تسفر عنها عملية بحثكم عن الأسباب لاستبعادها من طريق ابنكم الدراسي؛ فإنه من الأمور البديهية حتى تضح الصورة فيما بعد علينا مشاركة الابن بصورة أو بأخري لأداء فروضه المدرسية أولًا بأول، وعدم تأجيل المذاكرة إلى نهاية العام وتكوين مفهوم إيجابي لديه بأنه ذكيٌّ وله سجل سابق ممتاز؛ والإيحاء بأن المواد وأسلوب التدريس قد يكون جديدًا عليه ولكنه سوف يستطيع بإرادته القوية التأقلم والتعامل؛ وحذارى من الرسائل السلبية المحبطة مما يؤدى إلى يأس التلميذ وانخفاض الأمل عنده في قدرته على تجاوز المشكلة؛ وفى النهاية فإن جو النظام والهدوء واستعداد البيت للمذاكرة يوفر جوًّا جيدًا للاستيعاب، ولا باس من الاستعانة بمعلمين لمساعدة الابن على تعويض ما فاته أو صَعُبَ عليه، ونتمنى أن تتجاوزوا ذلك المنعطف وترسلون لنا بأخبارٍ جيدى عن درجات ابنكم وعن نتائج بحثكم في المشكلة والحلول التي اتبعتموها، وسوف نقوم بنشرها لتستفيد باقي الأسر من تجربتكم.. وفقكم الله.