ابنتي في الخامسة من عمرها وكانت قد اعتادت مصّ إصبعها منذ الشهر الثالث، لدرجة أنها رفضت الرضاعة الطبيعية منذ الشهر الثامن مكتفية بمص إصبعها، والآن تقوم بمصه بِشَرَهٍ ليلًا ونهارًا.. ورغم أني أبلغتها أن ذلك سوف يؤذي شكلها وأسنانها وهي مقتنعة بضرورة التوقف، لكنها لا تستطيع التوقف وتختبأ مني لكي تتناوله.. فهل من حل لذلك؟!
المصّ بشكل عام هو مجرد سلوك طبيعي؛ كأن يكون وسيلة لعب مثلًا، أو ردة فعل طبيعية عندما يجوع الطفل وليس مرضًا.
يبدأ مص الأصابع عندما يكون الطفل جنينًا في بطن أمه وليس بعد الولادة. يستمر بشكل آلي وطبيعي لمدة 6 أشهر ويبدأ يقل تدريجيًا في عمر ستة أشهر ولكنه قد لا يتوقف تمامًا، وفي الغالب يختفي سلوك مص الأصابع لوحده في سن الثالثة إلى السادسة دون تدخل من أحد.
ويلجأ الطفل إلى مص الأصابع لأسباب عدة، فالمص يساعد على النوم أو كوسيلة طمأنة عند الخوف والقلق التفاعلي البسيط، وقد يكون مجرد علامة على الجوع او الملل وعدم الرغبة في اللعب بما لديه من ألعاب، وقد يكون علامة على الإهمال أو عدم رضا الطفل عن عناية الوالدين به كغيابهم عنه طويلًا مثلًا أو ضربه أو توبيخه. وقد يبدأ الطفل بمصّ إصبعه بعد أن يتوقف عن ذلك لفترة طويلة كحالة نكوص عندما يولد طفل جديد في الأسرة، أو عندما تحصل مشكلة حول الطفل تؤدي إلى قلقه وخوفه.
وتبقى عملية مص الأصابع غير مقلقة ما لم تبدأ الأسنان الدائمة بالظهور، حيث تبدأ ظاهرة مص الأصابع بأخذ منحى آخر؛ إذ قد تتسبب في تشوه الأسنان، وربما لا تتضرر الأسنان وحدها وإنما تمتد المشكلة لتشمل سقف الحلق الذي قد يتغير شكله ودرجة تقعره أيضًا، وغالب التشوهات التي تحصل لأسنان الطفل قد تشفى ويتم تصحيحها بعد أن يتوقف عن الطفل عن المص ودون تدخل طبي.
كما أننا نعتبر مص الأصابع مشكلة أيضًا عندما يقترن بعادة أخرى غير مستحبة، مثل شد الشعر أو نتفه أو ظهور مشكلة في النطق أيضًا، كمضاعفات لتشوهات غير ملحوظة أو غير منتبه لها.
ولتجنب مشكلة مص الإصبع يمكننا من البداية توفير عدد رضعات كافية مشبعة للطفل ووضع مواعيد لوجبات ثابتة أساسية له ووجبات خفيفة بينهما، مع أهمية إعطاء الطفل الحب والحنان وعدم الانشغال عنه بالعمل أو الذهاب به إلى الحضانة في سن يحتاج فيه الاهتمام والعناية، مع ضرورة عدم استخدام العنف والتوبيخ في محاولة لصرف الطفل عن هذه العادة، لأن ذلك يكون له تأثير عكسي حيث في الغالب يثبت السلوك ويدعمه بشيء من العناد والتمرد.
ويمكننا محاولة صرف انتباه الطفل باللعب والأنشطة المستمرة مع وضع مادة مُرة أو لاذعة على إصبع الطفل أو ربط الإصبع بشاش أو ارتداء الطفل للقفاز، ومكافأة الطفل وتعزيزه عندما يكف عن هذه العادة.