الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

الابن الوحيد.. الرجولة تصنعها التربية
الإستشارة


أنا أم لطفل عمره خمسة أعوام.. وقد رزقنا الله به بعد غياب الإنجاب لفترة عشرة سنوات، وقد أكد الأطباء لي أنه لن يكون بإمكاني إنجاب أطفال آخرين، ولكن رغم فرحتي بطفلي الوحيد إلا أنني خائفة عليه ألا يكون رجلًا يستطيع تحمل المسئولية التي يتحملها الرجال، خاصة وأن زوجي يدلله جدًا، وكذلك جده وجدته لأبيه.. فبماذا تنصحونني كي أتخلص من مخاوفي تلك؟

 

الإجابــة

 

أولًا: عليك أن ترضي بما قسمه الله لك، ولا تجعلي أي هواجس أو مخاوف أو ظنون تشغلك عن شكر الله، فهناك أناس لم يظفروا بنعمة وجود ولد في حياتهم، أما بالنسبة لمخاوفك من كونه لن يكون رجلًا لأنه وحيد، فكلنا نحن العرب مثلك في ذلك التفكير حيث يوجد لدى العديد منا انطباع أوليّ عن الابن الوحيد بأنه طفل مدلل وغير متحمل للمسئولية، وأيضًا انطوائيّ لقلة فوزه بفرصه في العيش بصورة تشاركية مع أطفال في مثل عمره، وقد توجد فعلًا تلك الصفات في الطفل الوحيد أو بعض منها، وهذا لا يعود إلى كونه وحيدًا أو لصفات ذاتية في الطفل نفسه وإنما يعود إلى طريقة تعامل الوالدين معه، فطريقة التربية هي التي قد تكرس وجود تلك الصفات غير المرغوب فيها أو تنفيها.

وقد أثبتت الأبحاث الحديثة في علم النفس أن الطفل الوحيد قد تتاح له الكثير من الفرص التي تُميزه عن الأطفال الآخرين إذا وعى والداه أصول توجيه، وحَرِصَا على إحاطته بألوان الاهتمام الصحيح دون مبالغة.

وعلى عكس ما هو شائع فقد أكدت الدراسات النفسية أن الطفل الوحيد لأسرته يتمتع بفرص عديدة للنضج وحسن التكيف مع من حوله، كما أنه أكثر استقرارا في مرحلة المراهقة من الناحية الانفعالية وأقل توترًا من طفل الأسرة الكبيرة. كما قد يسبقه أيضًا في خبراته ونضجه بسبب احتكاكه دائمًا مع من يكبرونه في العمر.

ورغم الفرضيات التي تتحدث عن المزايا التي يمكن أن يتمتع بها الابن الوحيد إلا أن أخطاء الوالدين في التربية هي التي تحقق عكس تلك الميزات، ولعل أهم خطأ يقع فيه الوالدين تجاه الطفل الوحيد هي الحماية الزائدة والخوف عليه من أن يفقدوه لسبب أو لآخر، وهذه الطريقة تخلق من الطفل شخصية جبانة وخائفة وغير قادرة على مواجهة الحياة بمفردها وحتى بعد أن يبلغ مبلغ الكبار.

الخطأ الثاني هو التدليل المفرط كنوع من التعويض عن الوحدة التي يعانيها الطفل وأيضًا بسبب الحب الشديد والشفقة من الوالدين على الطفل بسبب وحدته والتدليل بهذا الشكل يجعل من الطفل إنسانًا أنانيًا استحواذيًا يطلب ويأخذ ولا يعطى؛ لأنه تعود في التربية على الأخذ ولم يتقاسم نصيبه في ما يمتلك مع طفل آخر ولم يعتد ذلك.

الخطأ الثالث هو تربية العزلة حيث يستسلم الوالدين لكون الطفل وحيدا ويعكفان على تربيته بمفردهما فلا يختلط بأطفال آخرين ولا يتعايش مع أقران مثله، يُخطؤون ويُصِيبون ويقعون ويقفون وهو ما يترك آثاره على التطور الإدراكي والعاطفي والسلوكي؛ حيث يؤكد علماء النفس أن الإنسان لو لم يعش كل مرحلة من مراحله العمرية بمحدداتها الطبيعية، فإن ثمة خلل يحدث في نفسه يصعب ترميمه في المراحل التالية.

لذا يجب على الوالدين أن يتجنبا  تلبية كل مطالب طفلهما الوحيد، وبخاصة المادية، وأن يعلماه أن ليس كل شيء متاح في واقع الحياة التي نعيش فيها، وأن يعلماه أيضًا أن يتقبل الفشل والرفض أو الاخفاق كما يتقبل الموافقة والنجاح، فهذا ضروري لتربية الشخصية السوية، وألا يتدخلا في كل صغيرة وكبيرة في حياته بقصد حمايته، وأن يتيحا له الفرصة في التعود على اتخاذ قراراته، ومن الضروري أيضًا أن يعلماه منذ طفولته مبدأ الأخذ والعطاء تجاه أسرته ومجتمعه الذى يعيش فيه، وأن يتيحا له فرصة الاختلاط بمن هم في مثل عمره قبل ذهابه إلى المدرسة حتى يعتاد التعامل مع الصغار مثله.

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت